الجمعة 4 آذار (مارس) 2016

هل تكون الحرب آخر الدواء ؟

الجمعة 4 آذار (مارس) 2016 par عوني صادق

يوم أمس دخلت الهبة الشعبية في الأراضي الفلسطينية المحتلة شهرها السادس، في وقت لا تزال فيه السجالات التي أثارتها في الكيان الصهيوني تعكس ارتباك القيادات «الإسرائيلية» وتخبطها إزاء ما يجب فعله لإخمادها، ما يمكن أن يجعل القيادة السياسية تلجأ إلى آخر الأوراق لديها وهي ورقة الحرب.
كان الانتقاد الذي وجهه رئيس أركان الجيش، الجنرال غادي إيزنكوت للوحشية المفرطة التي أظهرها الجنود في عمليات الإعدام التي يقدمون عليها في التعامل مع الفتيات والفتيان الفلسطينيين كرد فعل على عمليات الطعن والدهس، وعلى الشبهة أيضاً، سبباً في اتساع السجالات الدائرة حول التعامل مع الهبة الشعبية. لقد أعرب إيزنكوت عن «عدم رغبته» في أن يفرغ الجندي مشط رشاشه في صبية في الثالثة عشرة من عمرها، لكنه لم يجد غضاضة في أن يصدر قراراً يسمح للجنود أن يحملوا أسلحتهم أثناء قضاء إجازاتهم.
لقد سمحت تصريحات قائد الجيش «الإسرائيلي» بتوجيه مزيد من الانتقادات للمستويين، السياسي والأمني، وبالتأكيد على أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو «انتفاضة ثالثة»، والتحذير من تصاعدها إذا ما استمر «الأفق السياسي مسدوداً». وفي مقال له نشرته صحيفة (هآرتس 24/2/2016)، كتب المحلل العسكري للصحيفة عاموس هرئيل: «على الرغم من قوتها المحدودة، فإن عمليات الأفراد ظاهرة يصعب الاكتفاء بتعريفها بوصفها موجة إرهابية فقط». وبعد أن توقف عند تأثيراتها في «الأمن الشخصي للإسرائيليين»، قال: مشيراً إلى «التوتر» الذي تخلقه بين المستويين السياسي والعسكري «أحد الانعكاسات المحتملة التي بدأت مؤشراتها تظهر في الواقع هو بداية توتر بين المستوى السياسي وقيادة الجيش»، وأعاد هرئيل السبب في هذا التوتر إلى أنه «لا المستوى السياسي ولا المستويات المهنية في الجيش والمخابرات نجحت في بلورة رد على انتفاضة الفلسطينيين في شكلها الجديد». وأضاف هرئيل منهياً مقاله بالقول: إن إيزنكوت قال بطريقة ذكية، ولكن ليست صريحة، إنه لا يوجد حل عسكري للوضع، وإنه كلما طالت دورة العنف وتزايدت ضحاياها، فإن التوتر في العلاقات بين قائد الجيش والمستوى السياسي سيتصاعد.
من جانبه، جاء في مقال للمعلق في التلفزيون «الإسرائيلي»، أمنون إبراهيموفيتش، نشرته صحيفة (يديعوت): إن ما يجري في الأراضي الفلسطينية هو انتفاضة ثالثة، مؤكداً أن «الجيش الإسرائيلي لن ينتصر فيها»، مثلما لم ينتصر في حروبه الأخيرة في لبنان وغزة، ومشيرا إلى أن كل قادة الجيش «الإسرائيلي» البارزين في تاريخهم، توصلوا في أواخر حياتهم بأن «أمن إسرائيل يقتضي الانفصال عن الفلسطينيين».
وفي هذه الأثناء، تزداد عزلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو داخلياً وخارجياً. وبينما تتسع حركة المقاطعة، بالرغم من بعض الاختراقات التي يحققها نتنياهو وآخرها موقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي أعلنت أن الوقت غير ملائم للحديث عن «حل الدولتين»، وهي بذلك تردد كلمات نتنياهو نفسها، وموقف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون الذي أصدرت حكومته قراراً يجرم مقاطعة الكيان الصهيوني. وبكلمات الصحفي «الإسرائيلي» جدعون ليفي في (هآرتس- 28/2/2016)، فإنه لم يعد لدى نتنياهو ما يقوله للعالم «إلا الكذب والهذيان». في ضوء هذا الوضع، لجأ نتنياهو مؤخراً إلى قرار يسمح بإصدار (30 ألف) تصريح عمل جديد للفلسطينيين في الضفة وغزة، على أساس أن الهبة الشعبية سببها الضائقة الاقتصادية ولا علاقة لها بموضوع الاحتلال وإنهائه، وقد نقل عن وزير الدفاع موشيه يعلون قوله: إن «استمرار عمل العمال الفلسطينيين في «إسرائيل» خطوة يمكنها المساعدة في القضاء على الإرهاب ويقصد المقاومة»، وأضاف: «ويمنع انضمام آلاف آخرين إليه» (صحف- 16/2/2016).
في الوقت نفسه، كثر الحديث مؤخراً عن حرب ينتظرها ويتخوف منها «الإسرائيليون»، ورأى البعض أنها ستكون على الجبهة اللبنانية بينما رأى البعض الآخر أنها ستكون مع قطاع غزة، كذلك كان الحديث طويلاً وعالياً عن مخططات حركة (حماس)، وعن «إعادة ترميم الأنفاق» وبناء أنفاق جديدة، حتى قيل إن بعضها وصل إلى ما تحت تل أبيب، فضلاً عن الحديث المكرر عن تطوير أسلحة (حماس) و(الجهاد الإسلامي) لأسلحتهما الصاروخية. وبطبيعة الحال فإن المبالغة في قوة بعض الفصائل المسلحة في غزة، تكشف عن طبيعة التفكير الذي يسود المستوى العسكري «الإسرائيلي»، بالرغم من القول إن «إسرائيل وحماس لا تفكران في الحرب أو التصعيد»، وفي هذه الأجواء، بدأ الجيش «الإسرائيلي» يوم الأحد الماضي مناورات عسكرية في غلاف غزة، بقوات ما تسمى «فرقة غزة»، وذلك جنوب عسقلان وما يسمى مستوطنات غلاف غزة. وذكرت الصحف «الإسرائيلية» نقلاً عن تقارير أمنية، أن المناورات تحاكي سيناريوهات اندلاع حرب جديدة ضد القطاع، وأن التدريبات ستشتمل أيضاً على مناورة لهجوم بري في المنطقة.
بعض المراقبين يتوقع شن هذه الحرب على غزة في شهر أيار المقبل، إذا ما استمرت الهبة الشعبية الفلسطينية. ويبدو هذا التوقيت مناسباً لنتنياهو، فهو من جهة لا يفكر في تغيير مواقفه المعلنة، وأفضلها «استئناف المفاوضات من دون شروط مسبقة»، وهذا يعني أن «الأفق السياسي» سيظل مسدوداً، وليس أفضل من هذا الوقت لإشعال حرب جديدة ضد غزة بينما الإدارة الأمريكية في ربع الساعة الأخير من سباق انتخابات الرئاسة، وقد يعتقد نتنياهو أنه بشن هذه الحرب ينهي عزلته، ويفرض على «خصومه» في الداخل والخارج الانحياز إليه.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165601

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

2165601 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010