الجمعة 1 نيسان (أبريل) 2016

في يوم الأرض: الإنتفاضة الفلسطينية تدق أبواب مرحلة جديدة

الجمعة 1 نيسان (أبريل) 2016 par صلاح محمد

لقد شكل عنصر الإستيلاء على الأرض الفلسطينية الركن الأساسي لتحقيق مخطط المشروع الصهيوني الإستعماري، معتمدا في ذلك كافة الوسائل المتاحة له، وفي المقدمة منها:-المجازر المتنوعة في دمويتها، من أجل إفراغها من أصحابها الأصليين، كان ذلك قبل وبعد عام 1948.

إن يوم الأرض بكل ما يمثل يعتبر حلقة من حلقات الإشتباك مع مخطط دولة الإحتلال، كما إن مقاومة قانون برافر لمصادرة الأراضي في النقب جنوب فلسطين حلقة أخرى، كل ذلك في الإطار الأشمل، ألا وهو المصادرة المبرمجة والهادفة والمستمرة للأراضي في المناطق الفلسطينية المحتلة عام 1967، إلى التمدد الإستيطاني في الضفة الغربية. بالمقابل فإن ما يميز إحياء يوم الأرض في هذا العام يتجسد في الإنتفاضة الشعبية، بفعالياتها المتعددة ضد المحتلين دفاعا عن الأرض، ولإسترداد الحقوق الوطنية.

لقد دأب شعب فلسطين في كافة مناطق تواجده، في فلسطين التاريخية بأجزائها الثلاثة: المحتل منذ عام 48، الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي مواقع اللجوء والشتات...على إحياء يوم الأرض، الذي بات يشكل في شريط الذاكرة الجمعوية الفلسطينية محطة مفصلية في النضال الوطني التحرري والديمقراطي، إنه يوم الدفاع عن الأرض...كل الأرض..في هذا السياق وفي يوم 30/03/1976 قد إنتفض أصحاب الأرض الحقيقيون: في الجليل، المثلث، والنقب...فلسطينيو 48 الجزء ذو الموقع الخاص من حيث التقدير والجاذبية الوطنية وسط أبناء شعبهم في وجه دولة الإحتلال الإستعماري الإجلائي، رفضا لقراراتها في مصادرة ما تبقى من أرض الأجداد، ورفضا للإجراءات اليومية العنصرية التمييزية الممنهجة.

يوم 15/02/1976، أبلغت سلطات الإحتلال عدد من البلديات العربية “دير حنا، الرابة، سخنين، دير الاسد..” بقرار مصادرة الجزء الرئيسي من أراضيهم المزروعة والمشجرة والبالغة 20 ألف دنم..بالترافق مع إغلاق تلك المناطق ومنع أصحابها من دخولها، تلك الأراضي التي يعتمد أهالي المنطقة في حياتهم على محصولها، إنهم أهل الأرض وليس اولئك الوافدين لها من مختلف صقاع المعمورة في إطار المشروع الإمبريالي للمنطقة العربية، هكذا دخل أبناء فلسطين في مواجهات مع الإحتلال دفاعا عن الأرض، حيث استشهد العديد من شبابها وجرح المئات منهم، هذا وقد وصلت هذه الهبة الشعبية إلى ذروتها بإعلان الإضراب الشامل يوم 20/03/1976، الذي جسد التراكم النضالي لعقود طويلة وثقيلة من النضال الوطني والمطلبي، متعدد العناوين.. وفي ذات الوقت شكل نقلة لمرحلة نضالية جديدة، إنه أيضا ترجمة لإنعكاس مستوى الوعي لأهلنا خلف الخط الأخضر، الذين رسموا مع باقي مكونات شعب فلسطين مستقبل القضية الوطنية، لقد أسقط نضال أهلنا في 48 محاولات الصهاينة الدمج والأسرلة بالتالي تم المحافظة على الهوية الوطنية، وفي ذات الوقت تم تسطير خطوط التكيف مع الوضع القانوني ضمن معادلة صعبة مع دولة أستعمارية استيطانية تقود حروب عدوانية متواصلة ضد شعبهم وأمتهم، دولة ليست لكل مواطنيها.

بالرغم مما يتعرض له هذا الجزء من شعبنا، وتوالي القرارات الصهوينية التي تستهدف محاصرتهم، وعزلهم عن الإرتباط بقضايا شعبهم، والتعاطي معهم “كمواطنين” من أخر درجات السلم الإجتماعي، ومصادرة أراضيهم ليصحبوا لاجئين في وطنهم...إلا أنهم كانوا وسيبقوا شوكة في حلق قادة دولة الإحتلال حيث تمكنوا عبر كفاحهم الموحد وهم داخل بطن هذا الحوت المتوحش من إفشال تنفيذ مشروع برافر الإستيطاني الذي يتساوى من حيث خطورته ومضمونه العنصري مع تلك القرارات التي صادرت الأراضي في شمال فلسطين، والتي تسببت في إنتفاضة يوم الأرض، إنه القرار الذي أصدره الكنيست الصهيوني يوم 24/06/2013 بناء على توصية كانت مرفوعة من وزير التخطيط في ذلك الوقت “اياهود برافر”، من أجل تهجير سكان العشرات من القرى الفلسطينية في صحراء النقب جنوب فلسطين المحتلة، ومن ثم محاولة تجميعهم في شيء سماه هؤلاء الصهاينة “بلديات التركيز” أي فرض التهجير عنوة على أكثر من 70 ألف بدوي من النقب التي يبلغ تعداد سكانها من 250 ألف عربي فلسطيني، كل ذلك يدخل في إطار مصادرة أكثر من 70 ألف دونم من أراضيهم بهدف توطين 300 ألف صهيويني في 11 مستوطنة، ونقل مقرات للجيش الإسرائيلي إلى تلك المنطقة.

لقد تصدى الفلسطينيون داخل الخط الأخضر في موقف موحد، من الجليل في الشمال، إلى النقب في الجنوب، مرورا ببلدات المثلث، لهذا المخطط: بالتظاهرات، المسيرات، الإضرابات، ومختلف أشكال النضال الشعبي السلمي، بالتلازم مع وقفات المشاركة والتضامن في مناطق الضفة والقطاع وأماكن الشتات...مما أجبر حكومة نتنياهو على إلغاء مخطط برافر في 12/12/2013، لكن الجميع الوطني في فلسطين التاريخية وخارجها يدرك أن محاولات التهويد والمصادرة لما تبقى من الأراضي المملوكة للفلسطينيين داخل الاراضي المحتلة عام 48 لن تتوقف ولن يلغى قانون برافر وغيره من القوانين والقرارات بشكل نهائي وما إصرار حكومة الإحتلال المدعومة من الإدارة الامريكية في مطالبة القيادة الفلسطينية للإعتراف بيهودية الدولة الصهيوينة، ومن ثم إشتراط موافقتها على أية إتفاق، بالموافقة على هذا الشرط، إضافة إلى مطلبها لإلغاء حق العودة للاجئين الفلسطينيين، بالتالي إلغاء قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بهذا الحق، وبالذات القرار الأممي رقم 191 الذي صدر عن هذه الهيئة يوم 11/12/1948..إلا دليلا على إستمرار دولة الإحتلال في مخطط التهويد، الدمج أو التهجير، لكنها تحاول الحصول على الغطاء الفلسطيني العربي...إننا أمام مسار محدد ومتناغم وثابت في مصادرة الأرض وإقامة المستوطنات في فلسطين التاريخية حيثما يتواجد أصحاب الأرض وهو ما يحصل في الضفة الغربية، التي تحولت غالبية أراضيها إلى مستوطنات...

بالمقابل وكما أسلفت القول فإن المقاومة الفلسطينية وبكل أشكالها لم تتوقف، وسط هذا المناخ وكنتاج له أنطلقت الإنتفاضة الثالثة، متكئة على تراكم كفاحي لمراحل متعاقبة، وهي بدورها تؤسس لمرحلة كفاحية جديدة، من سماتها: طابعها الشعبي الذي كان وما يزال الحاضن الوفي لحركة المقاومة ضد الإحتلال..إن شعب فلسطين هو شعب المقاومة، إن شمولية المشاركة في الأنتفاضة في الضغة الغربية وقطاع غزة ومناطق ال48 وإستمرارها بالرغم من إستخدام العدو مختلف الأساليب، من الإعدام الميداني للصبايا والشباب...“إما بسبب عملية طعن أو بتهمة حمل سكين..” بل وصلت الأمور لدى قوات العدو بإعدام الجرحى أمام كامرات الفضائيات ودون إكتراث للرأي العام...أو للأمم المتحدة...أو لمحكمة الجنايات الدولية..إنه مشهد ضمن مشاهد متعددة ومتواصلة الإنتاج، يؤشر نحو الطبيعة الفاشية والدموية لدولة الإحتلال، إنه أيضا يدل على مستوى الرعب الذي بات يعيشه المستوطنين داخل دولة الإحتلال.

لقد أعادت الإنتفاضة القضية الوطنية التحررية إلى وضعها الطبيعي، بعد ذلك التراجع الذي نتج عن التطورات والأحداث التدميرية التي يمر بها العديد من بلداننا غير المعزولة عن المخطط الإستعماري الذي يهدف ضمن أهدافه الرئيسية إلى توفير الأمن الدائم لدولة الإحتلال بمحاولة إنهاء مأزقها الإستيراتيجي وسط منطقتنا.

إن الوفاء للأرض في يوم الأرض: يتطلب توفير عوامل دعم الإنتفاضة، كعنوان رئيسي في الدفاع عن الأرض، حمايتها من محاولة الإجهاض السياسي، من أطرافه المتعددة إقليميا ودوليا، التصدي لحمام الدم الذي يحاول الجيش الصهيوني إغراق الإنتفاضة به، وتوفير الدعم السياسي والمادي للإنتفاضة، عبر تبني أسر الشهداء وبناء ما يتم هدمه من بيوت كترجمة لسياسية العقاب الجماعي، تشكيل قيادة وطنية موحدة للإنتفاضة لكي تزج بكل الإمكانيات الشعبية والوطنية في الإنتفاضة، وتصيغ شعارها الناظم لعملها، مع سعيها لتوفير مقومات الدعم والإستمرار..الخ كما كان حاصل في التجربة الناجحة للإنتفاضة الأولى عام 1987، فالقيادة الموحدة بكل تفرعاتها لن تكون بديلة لقيادة السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة..أو تحد من سلطة ونفوذ حماس في غزة، في هذا السياق أسجل الآتي:

1-صحيح أن الإنتفاضة قد فتحت الأبواب مشرعة أمام القيادة الفلسطينية بطرحها خيارات كفاحية وسياسية بديلة لخيار المفاوضات الذي تم أستنزافه من قبل الإحتلال بل قد وفر له مظلة سياسية لتحقيق برنامجه الإستيطاني على مدار 23 عام من المفاوضات برعاية الإدارة الأمريكية، ولم يبقي الإحتلال إلا على التنسيق الأمني الأكثر سوء وضررا في كل تلك الإتفاقيات ومفاوضاتها...وبالرغم من أن الإنتفاضة بشبابها وشاباتها، مستمرة بدون إنتظار المصالحة بين أطراف الإنقسام، إلا أن تحقيق الوحدة الوطنية على أسس سياسية وطنية، تشكل أكبر عملية دعم للإنتفاضة.

2- إن الإنتفاضة الشعبية بفعالياتها، غير معزولة عن الأوضاع العربية لكونها محطة في إطار المسيرة الوطنية التحررية لشعب فلسطين..في هذا السياق فإن معاناة الشعب اليمني من العدوان السعودي الذي دمر غالبية مؤسساته وعناوين وبنيان الدولة اليمينة، وقتل أكثر من 7000 يمني منهم نسبة كبيرة من الأطفال.. وكذلك فإن ما تتعرض له سورية منذ خمس سنوات من عدوان شامل شاركت بتمويله ودعمه أطراف عربية...الخ بل إن المشاغلة التي تتعرض لها بعض دولنا الوطنية، كل ذلك وغيره يترك آثاره السلبية على النضال الوطني الفلسطيني.

3- وسط كل ذلك لا يمكن قبول أو تبرير فتح بعض الأبواب العربية أمام دولة الإحتلال أو التنسيق الأمني معها تحت ستار محاربة الإرهاب، لأن دولة الإحتلال الصهيوني هي أساس الإرهاب المنظم، كيف يمكن الحديث عن تناغم بين الإدعاء بدعم حقوق شعب فلسطين أو حتى دعمه “ماديا”، ثم التنسيق الأمني مع الإحتلال.

4- إن صدور القرار الذي يعتبر حزب الله “منظمة إرهابية” من مجلسي وزراء الداخلية والخارجية العرب بموافقة أغلبية دوله، له إرتداد سلبي على النضال التحرري الفلسطيني، وهو قرار لا يمكن أن يعبر عن مشاعر الشعب العربي الذي يعتز بإنجازات حزب الله كعنوان رئيسي في المقاومة، وفي مواجهة العدوان الصهيويني، سواء في تحريره لجنوب لبنان أو بهزيمته جيش الإحتلال إبان عدوانه على لبنان عام 2006، وصولا إلى دعمه للمقاومة الفلسطينية..الخ هل لكل ذلك تم إتخاذ هذا القرار، المتدحرج من مجلس التعاون الخليجي إلى إجتماعي وزراء الداخلية والخارجية العرب، وماذا بعد ولخدمة من، ومن المحرك لإتخاذه، وماذا يريدون أكثر من هذا الدمار الذي أنجزوه في العديد من أوطاننا.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2180635

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

6 من الزوار الآن

2180635 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40