الأربعاء 25 آب (أغسطس) 2010

الفاشية في فلسطين المحتلة....

الأربعاء 25 آب (أغسطس) 2010 par أيمن اللبدي

التقارير الصحفية والإعلامية التي طالما تحدثت عن القمع في الضفة الفلسطينية المحتلة، واستهداف الحريات الأساسية، وأحياناً تجاوز الخطوط الحمراء في عدة حالات، كانت تلقى دوماً تشكيكاً من قبل ألسنة موظفي سلطة مقاطعة الشهيد ياسر عرفات «المحتلة»، ولطالما خرجت هذه الألسن الموظفة من حلوقها متبجحةً أن لا اعتقالات سياسية أو فكرية في سجونها، وبعضها ذهب إلى ما تتقن الوجوه الكالحة والنفوس المريضة، في وقاحة غير مسبوقة ولا هي مسجلة يوماً قبل وجود هذه الناس، إلى التحدي ورفع العقيرة بالتظالم والتشاكي ادعاء الغبن في حقها، ومع ترك هامش المناكفة في خلف المشهد، لطالما أرادت هذه الألسن أن توحي بأنها إنما تعامل بالمثل، في إشارة إلى أفعال سلطة «حماس» في غزة، ولتوحي بأنها إنما هي قصد على التيار الإسلامي لا غير.

الأخلاق الوطنية الفلسطينية وتراثها الكفاحي، وخاصة إذا كنا نتحدث عن حركة «فتح» لم تكن يوماً حتى لتعامل في الساحة الفلسطينية بهذا المقياس أبداً، بل لطالما قلنا أنها كانت تعامل على أساس أنها «أم الولد» وحاضنة الجماهير، وصاحبة ترسيخ القدوة الحسنة في التعامل اليومي، حتى أنها وقفت أمام ملف عملاء العدو، موقفاً فيه نوع من المراعاة وصل في بعض الأحيان إلى التسيّب والاستهتار، والأخلاق النضالية الثورية لا تعترف بالأساليب والمفاهيم التجارية، ولا تعامل على هذا الأساس أبداً ، فصاحبة شعار «تفتيح ألف زهرة في البستان» ، عندها من الثقة بحيث تعبّر عن منافستها بشرف وبجهد الرجال الصادقين، ولن تحتاج إلى أساليب العبيد، وتوصيات استشارات الطغاة والمارقين، فلذا حتى مسألة شعار معاملة المثل هذا لم يصلح يوماً لا ستاراً ولا غطاء، والمسألة منذ البداية كانت تعبيراً فاضحاً عن خلل بنيوي جرى، فلا الذين يمسكون هناك في الضفة هم أبناء هذه الأخلاق، ولا ثقافتهم هي هذه الثقافة، ببساطة لقد جرى استبدالهم بما قال عنه سيدهم كيت دايتون «الجدد».

في كل الأحوال، فإن حدوداً كانت هناك لتكون موجودة حتى في أسوأ الافتراضات وأخسها، لكن كثيرة هي الحالات التي سمعنا عنها وقد تجاوزت هذه الخطوط الحمراء، وهذه المراتب الدنيا الخسيسة، وفي الذهن ممارسات هؤلاء الذين أدخلوا استجلاب النسوة للتحقيق وللسؤال إلى المخفر، الذي كان العدو الصهيوني يحسب لخطوة كهذه ألف حساب قبل أن يقدم عليها هؤلاء من أشباه الرجال، وعندما تظل الأمور في ملفات خلف الجدران في مسائل متعددة لكنها في إطار الحالات، تبقى القضية بذمة هؤلاء الذين وضعوا أنفسهم مواضع القضاء والقانون، وإذا ما خرست ألسن هؤلاء وما أكثرهم أو استكانت إلى أدوار محامي الشيطان، فإن لطخة العار الثقيلة باقية في جباههم جميعاً، ولو تخفت خلف أعذار الوقت ومهله، ذلك الوقت الذي يفلح فيه جبناء أجهزة العدو وأذنابهم في تقطيعه والتحايل عليه.

بيد أن اليوم المسألة مختلفة بالكلية، لأن وقاحة هؤلاء وصلت حد الترجمة العلنية لدورهم الفعلي، فما كانوا يمارسونه خفية خلف جدرعارهم، مارسوه اليوم عياناً بياناً دون ساتر ولا خشية، اليوم قال لنا فيّاض وعبّاس ومن على شاكلة هؤلاء المفلسين، بأنهم يشتغلون تماماً ما اشتغلته من قبل روابط القرى، في مثل هذا الشهر قبل نحو عشرين عاماً استعانت سلطة العدو الصهيوني بروابط القرى لاقتحام تجمع كانت تنوي الحركة الطلابية الوطنية الفلسطينية عقده في رام الله، ذاكرتي عادت بسرعة إلى هذا المشهد لأكتشف أن الفروق أوهى حتى من المسافة الزمنية، أظن أن على السيد عدنان ضميري تحديداً أن لا يحاول قول تبرير، لأن تبريراً من أي نوع سيكون بالقياس وبالحافر على الحافر، كتبرير موريس جباي الناطق باسم الإدارة المدنية الصهيونية في عهد الصهيوني مناحيم ميلسون إبان حكومة بيغن، مهما كانت الكلمات ستكون تركيبة الجملة نفسها، وستتقاطع مع تبرير مصطفى دودين لهذه العملية يومها، لماذا أنصح الضميري تحديداً، لأنه كان يومها مع آخرين في موقع الذين تم اقتحامهم ضد المقتحمين، هو لم يكن بجسده هناك مع طلبة جامعة بيرزيت وبيت لحم والخليل الذين حاولوا تنظيم هذا المؤتمر، الذي غنى يومها بأغنية الفنان وليد عبد السلام المشهورة آنذاك «باسم الحرية»، لكنه كان مع الذين سجّلوا موقف التضامن مع أخوتهم الذين أرادوا أن يقولوا لا لمؤامرة «روابط القرى العميلة»، إن لم يستمع لذلك فهو حر اليوم، لأنه سيؤيد مقولة إعادة الزمن لنفسه بطريقة ساخرة فعلاً، وسيغدو لها مثلاً حاضراً فاقعاً.

محمود عبّاس شيخ طريقة أصحاب التحريض على المقاومة والثورة والجهاد، وصاحب طريقة التنصل من كل شرف ومن كل عزة، كان قد سبق هذا اليوم بكثير يوم سجلوا له في أكثر من مناسبة، «أضرب واسلخ» ، اليوم يقول أنه يريد أن يشكّل لجنة ! مثل لجنة تقصي مسألة «جولدستون»، ومثل لجنة «كل ملفات فتح» في مهرجانه إياه العام الماضي، ومثل لجنة اغتيال أبو عمار، ولا أظن التعداد سينتهي بسهولة، لأن عهد عبّاس هو عهد «اللجان»، تماماً كما هو عهد تغوّل الغلمان و«الخصيان»، لا أظن أنه قد بقيت بعد نقيصة وعائبة إلا وتحققت في عهد هذا الرجل، سواء فترته التي كان فيها لا يزال في زمن شرعية انتخابه لهذه السلطة، أو تلكم التي هو فاقد فيها لكل أنواع الشرعيات بلا استثناء، واليوم يسجل عهده «الميمون جداً»، صفحة العار اللافتة، فهو عهد جديد وذو خاصية لم تمر في التاريخ، عهد بوليسي لخدمة العدو تحت الإحتلال، هل مر مثل هذا الوضع من قبل في كل تاريخ الشعوب؟.

يبدو أن هذه الحالة نادرة أو هي الشاذ الوحيد في التاريخ، وقد أصبحت بشكل واضح تتجاوز ما كنا نقول عن قصة «فيشي» أو قصة «روابط القرى العميلة»، إنها تؤذن ببساطة بمرحلة فاشست وعلناً، يعني يبدو عأن على هذا الشعب أن يعيش كل أنواع الاستثناءات التاريخية، فهو يعيش الاحتلال المركب، وهو يعيش حالة فاشست لا تتغنى بأصل ولا بعرق ولا بمبدأ أيديولوجي ما وتطمع إلى النجوم، كما قال يوماً موسوليني عن حركته، بل إنها تتأصل فقط حول فكرة واحدة، هي فكرة جماعة «الجدد» الذين يعملون عصا على ظهر هذا الشعب لصالح عدوه، إن ظن هؤلاء أنهم أصحاء العقول والوجدان، فهم واهمون، ومثل ذلك هذا الرجل، لقد بلغ هذا الرجل من مرض غروره واستقوائه على شعبه مبلغاً لافتاً، بحيث أصبح ينسى أنه مهما استقوى وأجهزته وأذنابه بالعار، فإن مصير هذا كله إلى الدرك المعلوم في الآخرة، وفي الدنيا إلى ما بلغه المرضى الفاشست على مدار التاريخ.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 43 / 2178098

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178098 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 28


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40