الجمعة 17 حزيران (يونيو) 2016

جبروت الشعب وعجز الفصائل عملية تل أبيب نموذجاً

حسام زيدان
الجمعة 17 حزيران (يونيو) 2016

العملية البطولية التي نفذها مجاهدان فلسطينيان من بلدة يطا في منطقة الخليل، في مجمع شارونا قرب وزارة الحرب الإسرائيلية في تل ابيب في فلسطين المحتلة، وادّت الى مقتل أربعة مستوطنين وجرح خمسة آخرين، أعادت الحديث والجدل حول قدرة الفلسطينيين الجدد على ابتداع طرق مقاومة، بعيداً عن الفصائل الفلسطينية الهرمة التي بدأت تدخل سنّ التقاعد النضالي.

المبتكر النضالي الفلسطيني الجديد، تواتر من عمليات الدهس والطعن، الى أشكال كفاحية جديدة غير مسبوقة من العمليات، استطاعت التأقلم مع ظروف شعب محاصر وأعزل ومستفرد، ويواجه عدواً مالت لصالحه كافة موازين القوة ومئة في المئة، بالذات بعد ما يسمّى بـ الربيع العربي ، رواد هذا النضال الفلسطيني الجديد هم فلسطينيون بدون أيّ انتماء فصائلي، مؤسّسين ما يمكن تسميته في هذا العصر مقاومة شعبية فدائية.

نعم بعد ان قدّم الشعب الفلسطيني أكثر من 205 شهداء اعدموا بدم بارد تحت ذريعة عمليات طعن، تحوّل الى عمليات فدائية في قلب تل أبيب، ما يجعل حالة الاسترخاء المزعومة لأجهزة الأمن الصهيونية في مهبّ الريح، فهذه المرة كان منفذا عملية تل أبيب خالد ومحمد مخامرة، بكامل اناقتهما، لم يخفيا ملامحهما الفلسطينية وسمرة بشرتهما في زيّ حاخامات يهود، كما أشاع الشاباك ليغطي على فشله، بل قاما بتناول وجبة عشاء في مطعم ميكس برند القريب من مكان الهجوم، والذي يرتاده عادة ضباط قرب وزارة الحرب، وبعدها خرجا من المطعم، أطلقا النار بكلّ هدوء وثقة، وهرب أمامهما قطعان المستوطنين، كما يهرب السارق أمام صاحب المنزل.

بعد العملية، داهمت الفوبيا الصهاينة، هذه الفوبيا المتعلقة بالوجودية في فلسطين، ونسي نتنياهو ومعه ليبرمان انّ الدم الفلسطيني لا يمكن ان يدخل في مقايضات السياسية. لم تمض أقلّ من ساعة حتى حمل الأرعن ليبرمان غباءه السياسي الى مكان العملية واعلن انه لن نكتفي بالأقوال وستبدأ الأفعال في تصريح استعراضي فارغ، اما المجلس الوزاري المصغّر الكابينت الذي انعقد بحضور نتنياهو ووزير الحرب ليبرمان وجميع قادة الأجهزة الأمنية للتباحث بطرق الردّ على عملية تل أبيب قرّر فرض حصار شامل على بلدة يطا وسحب تصاريح عائلة منفذي عملية تل ابيب وإلغاء 32 ألف تصريح عمل أُصدرت لأهالي الضفة المحتلة، في تكرار لمشهد العقاب الجماعي الذي ينتهجه الكيان ضدّ الشعب الفلسطيني بشكل عام.

اما الفصائل الفلسطينية، فكانت السبّاقة للتهنئة بالعملية، لكن هذا لا يمنعنا من الإحساس بأنّ أغلب ردود أفعال الفصائل الفلسطينية مضحكة، وتعبّر عن العجز المقيم في مفاصل تلك المنظمات، تلك الردود التي لم تأت بجديد، بل كانت بعيدة عن الحسّ النضالي والدور المطلوب من تلك التنظيمات في هذه المرحلة، هذه الفصائل بكافة ألوانها السياسية باتت تتقن الهروب من مستوجب وضع الأصبع على الجرح، أو تسمية الأمور بمسمّياتها، وبالتالي التهرُّب من استحقاق المواجهة السياسية ونأيها بالنفس عن ضرورة مقارعة الاحتلال، دفع الشعب الفلسطيني إلى ان يتقدّم عليها بخطوات واسعة، هي أوسع من الانتفاضة الشاملة، بل وحتى المقاومة الشعبية، وهنا نقصد حرب الشعب وليست مجرد الاحتجاجية على الطريق قرية بلعين، وهذا يتزامن مع اقتراب الانفجار الغزي.

طفح كيل شعب يقهر من الاحتلال ومن تخاذل فصائله، وانفصال ينهش جسد جغرافية ضيقة، وتتهدّد فيه قضية بالتصفية لكنها أكبر من أن تصفّى، وحق سيظلّ أبدًا وراءه مطالب، والمطالب به، المقاومة الشعبية وحرب الشعب أضحت هي فعل ضرورة باتت تعكسه عمليات الفلسطينيين الجدد في داخل فلسطين.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2178725

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع وجهات العدد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2178725 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40