الجمعة 27 آب (أغسطس) 2010

وقائع «عاصفة الصحراء» بين جورج بوش وفرنسوا متيران

الجمعة 27 آب (أغسطس) 2010

نشرت مجلة «لو نوفيل اوبسرفاتور» الفرنسية، (19 ـ 25 آب 2010) نصاً لوثيقة تسجل فيها ما جرى من أحاديث بين الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، والرئيس الفرنسي الأسبق، فرنسوا متيران، عشية وإبان وغداة الحرب الأميركية على العراق، بعد إقدام صدام حسين على احتلال الكويت. وهنا، تسجيل للمكالمات الهاتفية بين الرئيسين، حيث يمكن التقاط الظاهر والباطن، المكشوف والمخفي، في هذه الحرب.

[**♦ 3 آب 1990 :*]

تمكّنت القوّات العراقيّة من اجتياح الكويت وبدت متهيّئة للدّخول إلى المملكة العربيّة السّعوديّة. يهاتف بوش ميتران.

- جورج بوش : هذا الغزو غير مقبول على الإطلاق. وهو يشكّل تهديدًا كبيرًا على مصالحنا القومية، وحلفائنا في المنطقة.

- فرانسوا ميتران : نعم، هذا رأيي أيضًا.

- جورج بوش : من المستبعد أن يكتفي صدّام حسين باحتلال الكويت فحسب، وفي كلّ الأحوال يسيطر على ثروات نفطيّة وماليّة تخوّله قلب الحالة الجيوستراتيجيّة رأسًا على عقب في الوقت الرّاهن.

- فرنسوا متيران : ينتابني الشّعور نفسه، إذ أنّ استمرار هجوم صدّام يعزّز هيمنته على العالم العربيّ. وفرنسا تدعم كلّيًّا مطالبتك فرض عقوبات اقتصــاديّة على العراق، لا بل أعتقد كذلك أنّنا سنضطرّ إلى مناقشـة الإجراءات العسكريّة.

[**♦ 16 كانون الثاني 1991:*]

انقضت مدّة الإنذار الّذي طالب بموجبه مجلس الأمن العراق بسحب قوّاته من الكويت عند السّاعة الثّانية عشرة من منتصف اللّيل. سوف تندلع الحرب.

- جورج بوش : إنّ محاولات عقلنة صدّام حسين بالانسحاب من الكويت باءت جميعها بالفشل. أتّصل بك لأبلغك أنّ العمليّات العسكريّة ستشنّ ابتداءً من الــسّاعة الثّالثة فجرًا بتوقيت بغداد، أي بعد ثلاث ساعات. آمل أن تكون موافقًا.

- فرنسوا متيران : حسنًا، لا اعـتراض. من غير المنــطقيّ أن أعترض، فقد كنــت واضــحًا منذ البدء حول هـذه النّقــطة، وعبــثًا حاولت تفادي هذه اللّحــظة. إعــلم أنّ الشّـعب الفرنـسيّ إلــى جانبـك، وأنّني سأزوّد القـوّات العســكريّة بالتّوجيهــات كافّــة.

- جورج بوش : شكرًا لك يا صديقي. أنا سعيد بوقوفي إلى جانب حليف مثلك.

- فرنسوا متيران : لا أفهم ما يدور في ذهن صدّام حسين. كيف لرجل أن يعرّض شعبه إلى شقاء كهذا.

- جورج بوش : على أمل أن يطرد سريعًا.

- فرنسوا متيران : كثيرًا ما يذهب تفكيري إليكم، إلى الجـنود الأميركيّين والمخاطر الّتي تعترضهم. إعلم أنّنا على أتمّ تعبئة واستعداد، ويبقى معاونونا المقرّبون على اتّصال مشكّلين شبكة معلومات متكاملة.

[**♦ 20 كانون الثّاني 1991:*]

يتّصل الرّئيس الفرنسيّ بالبيت الأبيض بعد مضيّ ثلاثة أيّام على عمليّة «عاصفة الصّحراء».

- فرنسوا متيران : كيف حال الحملات الجوّيّة؟

- جورج بوش : إنّها على ما يرام، وأفضل ممـّا توقّــعنا. إنّ غـرب العـراق هو ما يثير قلقـي، فقد يتـمّ إطلاق صواريخ من هناك باتّجاه «إسرائيل».

- فرنسوا متيران : أعتقد أنّها ستكون مجرّد هجمات رمزيّة.

- جورج بوش : من دون شكّ، وفي الوقت نفسه، أبذل جهدي في الحصول على وعد من شامير (رئيس الوزراء «الإسرائيليّ») بتفادي القيام بردّات فعلٍ قويّة.

- فرنسوا متيران : هي المرّة الأولى الّتي نجد أنفسنا مجـبرين على شنّ حرب على مرأى من وسائل الإعلام التي تميل بطبيعتها إلى تضخيم الحقائق.

- جورج بوش : في بداية الحرب، أثار الأمر غبطة.

- فرنسوا متيران : هذه الغبطة مزعجة جدًّا. تؤمّن وسائل الإعلام تغطية الأحداث على مدار السّاعة.

- جورج بوش : أعتقد أنّ محطّة الـ «سي.ان.ان» (CNN) بشكل خاصّ تؤدّي خدمة كبيرة إلى صدّام حسين. ما جديد شعبيّتك في أوساط الرّأي العامّ؟ هل تصمد في وجه الأحداث الأخيرة؟

- فرنسوا متيران : نعم، يظهر تحقيق أجري اليوم موافقة على أدائي بنسبة 75%. وماذا عنك؟

- جورج بوش : 74%.

- فرنسوا متيران : سامحني على النّقطة الفارقة!

[**♦ 5 شباط :*]

تدخل الحملة الجوّيّة أسبوعها الرّابع. المغرب يتحرّك. وبوش يسعى إلى معرفة آخر الأخبار.

- جورج بوش : عزيزي فرانسوا، يساورني شعور بأنّ كلّ شيء يجري على ما يرام؛ فالتّحالف مستمرّ، وعلى القوّات العراقيّة الانسحاب كلّيًّا من الكويت، ومن دون تساهل. وبالمناسبة، لم يتبادر إلينا أيّ تغيير في الموقف العراقيّ. هل لاحظتم تغييرًا من جهتكم؟

- فرنسوا متيران : كلا، فجميع اتّصالاتنا بالجــهات العراقيّة، المباشرة منها وغير المباشرة، تصبّ في الخانة نفسها. وعندما تقترح هذه الجهات القيام بهدنة، أجيبهم: «لم لا، ولكن يجب الانسحاب من الكويت أولا. ويتــوقّف الحديث هنا.

- جورج بوش : في ما يخصّ المغرب، أشعر بالذّنب، فقد أطلعتني على الموضوع ولم أحرّك ساكنًا. كيف ترى المسألة؟

- فرنسوا متيران : تشكّل دول المغرب العربيّ مشكلة حسّاسة بالنّسبة إلى فرنسا، ذلك أنّها دول فرنكوفونيّة، وشعوبها يعرفون الفرنسيّين حقّ معرفة. إذًا، من الطّبيعيّ أن تقف هذه الدّول صفًّا واحدًا ضدّ فرنسا. لكن، من المهمّ أن ننتصر في هذه الحرب، لأنّ شعوب هذه الدّول يميلون إلى المنتصر.

[**♦ 19 شباط 1991 :*]

أتى غورباتشيف على عرض مشروع سلام نهائيّ على العراق. ما الّذي سيقرّره صدّام؟

- جورج بوش : كتبت إلى غورباتشيف لأعلمه أنّ على ردّ صدّام أن يأتي خاليًا من الشّروط.

- فرنسوا متيران : يجب أن يأتي سـريعًا جدًّا، أي يوم غد أم قبل ذلك، لأنّ كلّ تأخير يحصل يضعنا في ظروف صعبة بالنّسبة إلى الجنود، والرأي العامّ، وحتّى في داخل التّحالف.

- جورج بوش : ماذا ستكون خطوة صدّام حسين التّالية برأيك، وأنت تعرفه؟

- فرنسوا متيران : ما نعرفه عنه يدفعنا حكمًا إلى الظّنّ أنّه سيرفض الانسحاب، ما قد ينعكس فجيعةً على العراق. عندها، سيتعيّن عليه أن يختار إمّا الموت، إمّا الهزيمة أو القبول بالشّروط. ويحتمل أيضًا أن يسعى إلى ردّ الاعتبار. لذا، يجب إيقافه، مهما تطلّب الأمر.

[**♦ 14 آذار 1991:*]

مرّ أسبوعان على نهاية الحرب. يعقد الرّئيسان لقاءً ثنائيًّا في المارتينيك.

- جورج بوش : يتهيأ لي عندما استذكر بدايات الأزمة أن سنوات كثيرة قد مرات علىً وقوعها. إلى أين يتوجه العالم حاليا؟ أطلعني على رأيك.

- فرنسوا متيران : أرى أنك الشخصية الأبرز على السّاحة العالميّة، وذلك بسبب الدّور الكبير الّذي تلعبه بلادك في العالم، والّذي لعبته في خلال هذه الأزمة. إنّ المشكلة الفعلّية برأيي هي المشكلة الفلسطينية، فسائر القضايا تظهر شاحبة أمامها، ويسير حلّها. أنت تعي حجم تعلّقي بـ «إسرائيل»، خصوصاً أنّني كنت الرّئيس الفرنسيّ الأوّل الّذي زارها، كما رفضت إعادة إعمار هذا المركز الذي تكفّلت إحدى الحكومات الفرنسيّة ببنائه في العراق، والّذي تدمّر إثر غارة «إسرائيلية». ولهذا السّبب بالتّحديد، لم أقابل يوماً صدّام حسين. أحاول أن أطلع «إسرائيل» على حقيقة أنّها تتحمّل مع غيرها مسؤوليّة الوضع المتأزّم في «الشّرق الأوسط»، وذلك بسبب سّدها الباب في وجه كلّ محاولات الاتّفاق ورفضها كلّ التّسويات.

- جورج بوش : هذا صحيح. أعلم أنّك تعتــقد أنّنا بتنا رهائن في حوزة «إسرائيل»، ولكنّني جاهز الى النّـظر في المشكلة. لقد ساهمنا في إضعاف الخطر الّذي كان محدقاً بـ «إسرائيل»، إنّ المسؤولين «الاسرائيليّين» يحاولون جرّنا الى اتّخاذ اجراءات تخالف المنطق السّليم، وذلك بغطاء من الكونغرس.

- فرنسوا متيران : تلعب الأردن دوراً أساسيّا في الصّراع في المنطقة.

- جورج بوش : في الأردن، يجب الإبقاء على الملك الحاليّ في الحكم، لكنّ المشــكلة تكمن في اقتناع بعض حلفائنا العرب به لأنّ ملك الأردن قد أبرم اتّفاقا مع صدّام حسين يتعلّق بحقول النّفط الكويتيّة. وأشير هنا على سبيل الطرفة الى عنصر على جانب من الأهمّيّة، وهو تصرّف زوجة ملك الأردن، الملكة نور.

- فرنسوا متيران : انّها امرأة أميركيّة جميلة.

- جورج بوش : حسناً، من الواضح أنّها أكثر حزماً من زوجها، فقد دفعته الى تبنّي مواقف مناهضة للغرب، وإذا بنا الآن أمام ضرورة إبعادها!

- فرنسوا متيران : إنّنا حليفان في هذا الأمر كذلك.

- جورج بوش : أتعتقد أنّ بإمكاننا النّجاح في لبنان أيضاً؟

- فرنسوا متيران : لقد سبق أن أخبرتك عن حـواري مع الأســد (الرّئيس السّوريّ حافظ الأسد). انّ لبنان بالنّسبة له جزء من سوريا، وكذلك «إسرائيل»، ويعتقد أنّ يسوع المسيح كان سوريّاً.

[**♦ 4 تشرين الثّاني 1992 : *]

خسر بوش لتوّه الانتخابات الرّئاسيّة الّتي صبّت نتائجها النّهائيّة في مصلحة بيل كلينتون. لقد استقلّ بوش طائرة إير فورس 1 وتراه يكتب رسالة إلى ميتران من على متنها.

«صديقي العزيز فرانسوا، ها قد غابت الشّمس على مسيرتي في الحياة العامّة، حياة تعلّمت فيها تقدير العمل الّذي جمعني معك. وتظهر حياة خاصّة جديدة على الأبواب. مع شكري واحترامي وسنوات صداقتي معك الّتي سأجلّها الى الأبد، جورج».

- **المصدر : صحيفة «لو نوفيل اوبسرفاتور» الفرنسية


titre documents joints

Mitterrand -Bush : conversations privées - Nouvel Observateur Magazine digital - nouvelobs.com

26 آب (أغسطس) 2010
info document : HTML
34.5 كيلوبايت


الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 25 / 2178533

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع خبايا وأسرار   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178533 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40