السبت 16 تموز (يوليو) 2016

إفريقيا في قبضة التهريج الصهيوني

السبت 16 تموز (يوليو) 2016 par عوني صادق

في مطلع شهر يوليو/ تموز الجاري، قام رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو بزيارة إلى أربع دول إفريقية اعتبرتها الصحافة «الإسرائيلية» «تاريخية»، حيث إنها جاءت كأول زيارة يقوم بها رئيس وزراء «إسرائيلي» إلى القارة السوداء منذ ثلاثة عقود.
وبصرف النظر عن الاستقبال الحافل الذي استقبل به نتنياهو في أوغندا التي بدأ بها زيارته، حيث كان في استقباله سبعة من الرؤساء الأفارقة، وعن اتفاقيات التعاون التي تم توقيعها، والآفاق التي فتحتها، إلا أن أبرز ملامحها رسمها «التهريج الإعلامي» الذي صاحبها، إذ استنفذ فيها نتنياهو ما عرف عنه من قدرات في هذا المجال.

وتعود بداية العلاقات «الإسرائيلية» - الإفريقية إلى بداية الخمسينات، مع السياسة التي رسمها دافيد بن غوريون، والتي قامت على أساس «تجاوز الطوق العربي إلى الأطراف»، في وقت كانت إفريقيا تمثل «الدائرة الثانية» من دوائر عبد الناصر الثلاث.

وكانت سياسة عبد الناصر الإفريقية من جهة، وسياسة «إسرائيل» العدوانية من جهة أخرى، عقبتين في طريق بن غوريون، فلم تنجح محاولاته في تحقيق هدفه إلا مع النظام العنصري الذي كان في جنوب إفريقيا.

وجاء العدوان الثلاثي على مصر العام 1956 ليكشف الدور «الإسرائيلي» تجاه إفريقيا والمنطقة بعامة، ثم جاءت الحرب العدوانية «الإسرائيلية» في حزيران 1967 فأكدت الصورة.
وأخيراً، كان لحرب أكتوبر/ تشرين الأول 1973 نتائج صادمة حيث قطعت (35) دولة إفريقية علاقاتها الدبلوماسية مع الكيان.
لكن (معاهدة السلام) المصرية- «الإسرائيلية» العام 1979، بعد توقيع اتفاقية (كامب ديفيد)، و(اتفاق أوسلو) مع منظمة التحرير الفلسطينية العام 1993، أسقطا التحفظات الإفريقية، ولم يكن منتظراً أن يكون الأفارقة عرباً أكثر من العرب.
وفي لقاء جمعه مع السفراء الأفارقة في «تل أبيب»، قبل قيامه بزيارته بأيام، كشف نتنياهو عن بعض ما يتطلع إليه في زيارته، وأوله توظيف «الصوت الإفريقي» في المحافل الدولية لصالح كيانه، ممهداً لحملة التهريج التي يستعد لها قائلاً: «أعي أن ممثلي دولكم سيصوتون في المحافل الدولية بما يتماشى مع مصالح إفريقيا، وأنا أرى أن مصالح «إسرائيل» ومصالح إفريقيا تقريباً متطابقة، ما يعني أن التصويت لصالح «إسرائيل» هو بالضرورة تصويت لصالح إفريقيا». وأثناء الزيارة، ومستغلاً الذكرى الأربعين لمقتل شقيقه جوناثان نتنياهو الذي قاد عملية (عينتيبي)، أقام «علاقة» بين ما يزعمه عن دور كيانه في «مكافحة الإرهاب» و«المحرقة» من جهة، وبين «الإرهاب» والهبة الشعبية الحالية في فلسطين المحتلة. وبطبيعة الحال، فإن الغياب العربي عن إفريقيا خصوصاً في الظروف العربية الراهنة أفسح في المجال لنتنياهو وللراغبين من الزعماء الأفارقة أن يوغلوا في تزوير الحقائق حول الكيان الصهيوني ونشاطاته في إفريقيا وفي العالم، فطمسوا حقيقة الدور «الإسرائيلي» الذي ساهم مساهمة كبيرة في حروب الإبادة التي شهدتها إفريقيا، وفي وظيفة تجارة السلاح «الإسرائيلي» في تلك الحروب.
ولا نستطيع أن ننكر أن الأكاذيب الصهيونية تلاقي آذاناً صاغية أحياناً، ومنها وهو ما يثير السخرية، ما جاء على لسان رئيسة ليبريا، ألين جونسون سيريف، التي كانت في زيارة لتل أبيب قبل شهر واحد من زيارة نتنياهو، والتي قامت أثناء زيارتها بزيارة ل (حائط المبكى) وما يسمى (مؤسسة الكارثة والبطولة). وفي تصريح لها، وهي الحائزة جائزة نوبل للسلام، قالت: إنها تعتبر غولدا مائير «قدوة يحتذى بها».
لقد أشادت الصحافة «الإسرائيلية» بزيارة نتنياهو، وسايرته في تهريجه، فذهب بعض كتابها للمزاودة على تهريج نتنياهو نفسه. ففي الوقت الذي ركز فيه نتنياهو على الجوانب الأمنية والسياسية والتجارية التي يتطلع إليها، خرج من تحدث عن «الجوانب الأخلاقية والإنسانية» للزيارة.
فمثلا كتب عوفر «إسرائيلي» في («إسرائيل» اليوم- 6/7/2016): «المصلحة «الإسرائيلية» في إفريقيا ثلاثية الأبعاد، في طليعتها البعد الأخلاقي»، معطياً نفسه المجال للحديث عن الفقر الذي تعانيه الدول الإفريقية وما يمكن أن تقوم به «إسرائيل» للمساعدة في تخفيف معاناة الأفارقة. وفي هذا الإطار أيضاً طالب نتنياهو الزعماء الأفارقة بالعمل على منح كيانه صفة (مراقب) في الاتحاد الإفريقي من أجل توثيق العلاقات وخدمة الشعوب الإفريقية. ويذكر أن الأصوات الإفريقية في غاية الأهمية، فهي تعد (54) دولة، ل«إسرائيل» علاقات دبلوماسية مع (40) دولة، ولعشرة منها سفارات في «تل أبيب». وإذا كان نتنياهو لم يخف أهدافه الأمنية والسياسية من زيارته، إلا أنه غلفها كلها بغلاف من التهريج باسم «المصالح المشتركة». ولولا الحالة العربية المزرية وما أنتجته من غياب عن مشاكل القارة، لما أمكن لتهريج نتنياهو أن يحصد ما يمكن أن تحققه زيارته.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165450

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165450 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010