الخميس 26 آب (أغسطس) 2010

احد ما يوجه اليه الاتهام

الخميس 26 آب (أغسطس) 2010

مئة عام من «النزاع»، 43 عاما بعد حرب الايام الستة وقرار مجلس الامن 242، 21 عاما منذ مؤتمر مدريد، 17 عاما على التغيير الذي احدثته «مسيرة اوسلو»، 10 اعوام بعد قمة كامب ديفيد، 7 اعوام على نشر «خريطة الطريق»، 5 اعوام على فك الارتباط، 4 اعوام على سيطرة «حماس» على غزة، عامان على محادثات اولمرت ـ ابو مازن وبضع ساعات من «محادثات التقارب». وفقط على شيء جوهري واحد يتفق «الاسرائيليون» والفلسطينيون: الامريكيون مذنبون.

استغرق هذا زمنا طويلا، مواجهات، حروب، ارهاب فلسطيني اجرامي، فرص ربما فوتت، ازمات وعدم تفاهم، احتفالات متفائلة واحتفالات مخلولة وعديمة المعنى، ولكن في النهاية جاء. الفلسطينيون و«الاسرائيليون» توصلوا الى حكمة تاريخية رائعة. الرئيس الامريكي هو المشكلة. ما العمل في أنه في امريكا ينتخب منذ عشرات السنين رؤساء جهلة غير قادرين على ان يروا وان يفهموا الطبيعة الداخلية للنزاع «الاسرائيلي» ـ الفلسطيني وليست لديهم المؤهلات والكفاءات اللازمة لحل اللغز المعقد للنزاع.

لا يوجد موضوع يوحد اجيالا ً من المفاوضين، السياسيين، الموظفين، الخبراء، الصحافيين ومتفرغي السلام اكثر من الهزء المتهكم ودحرجة العيون المستخفة عندما يشرحون بان الرئيس (كارتر/ريغن/كلينتون/بوش/اوباما) حقا لا يفهم، وان للولايات المتحدة «لا توجد سياسة مرتبة وجدية»، «فريق السلام مليء بأناس لا يستوعبون الشرق الاوسط» وبالطبع «القول النهائي» الفتاك والمستنفد جدا: «ماذا، أولم يتعلموا من اخطاء الماضي؟ واضح ان هذا لن ينجح. خسارة، يا لها من مأساة».

ولما كان الرؤساء هجروا معالجة «النزاع» او تركوه لعامهم الاخير، او اعترفوا بفشلهم في كتب ذكرياتهم، فان حكماء القدس ورام الله مقتنعون بانهم محقون في تشخيصهم: جذر «النزاع» هو في البيت الابيض. وسيصل الاسبوع القادم الى واشنطن رئيس الوزراء نتنياهو و«رئيس السلطة الفلسطينية» عبّاس مسلحين بهذا الفهم. هدفهما التكتيكي وكذا الاستراتيجي: المناورة وتثبيت النفس بحيث أن التهمة بفشل المفاوضات تلقى على الطرف الاخر. تاريخ «المسيرة السياسية» يثبت بان هذه مهمة سهلة التنفيذ وفرص نجاحها عالية. مفهوم «هو الذي بدأ» كمبدأ موجه للسياسة الخارجية.

للوهلة الاولى توجد بالذات شروط مريحة وناضجة لتطور مسيرة جدية. الرئيس الامريكي ملتزم ومفعم بالدافعية للنجاح، مستوى التوقعات منخفض، الطرفان تعبان، مستنزفان، واعيان ومليئان بخيبات الامل من احتفالات السلام واوراق «نهاية النزاع»، اقتصاد الضفة الغربية ينمو، ومنذ نحو سنة ونصف السنة لا يوجد ارهاب مصدره الضفة. ولما كانت كل المسائل الجوهرية قد بحثت في الجولات السابقة، ولما كان الطرفان يتفقان على ان الحل السياسي المرغوب فيه هو تقسيم البلاد الى دولتين، ولما كان هناك فهم مبطن بانه يمكن الوصول الى اتفاق اطار قابل للتطبيق دون حل دائم لمسألة القدس او لما يسميه الفلسطينيون «حق العودة»، فيوجد ما يمكن البحث فيه.

المشكلة هي أنه لا يوجد حقا ما يمكن البحث فيه لان كل شيء قد بحث من قبل وليس في أي بعد او موضوع جوهري (الارض، المياه، المستوطنات، الامن، اللاجئين، القدس) نهج الحد الاقصى «الاسرائيلي» لا يلتقي بمطالب الحد الادنى للفلسطينيين. نتنياهو لا يستطيع ولا يريد ان يقترح اكثر من «صيغة كلينتون» بعد قمة كامب ديفيد في ايلول (سبتمبر) 2000. وهذه في اساسها هي «اقتراح باراك». نتنياهو لا يريد حتى ان يشبه بظروفها، ودفاعا عنه يقال ان مذهبه الفكري والظروف في غزة لا تدفعه الى عمل ذلك. كما أن نتنياهو لا يستطيع ان يواصل المحادثات السياسية من النقطة التي توقفت عندها محادثات اولمرت ـ عبّاس. نتنياهو محق ايضا في تخوفه من ان اقامة الدولة الفلسطينية سابقة لأوانها ـ فقط كي يلبي رغبة العالم ـ مما من شأنه ان يخلق دولة فاشلة الثمن الذي تجبيه من «اسرائيل» اعلى من ثمن الوضع الراهن. الوضع الراهن، هذا ما يريده نتنياهو. وهذا ما يتحكم به. التحدي في نظره هو ايران وليس الفلسطينيين. للفلسطينيين حافز سلبي للدخول في مثل هذه الظروف الى المفاوضات. اقل من كامب ديفيد لا يستطيعون قبوله بينما مسيرة طويلة وعديمة الجدوى والغاية ستمس بجهودهم لنيل الشرعية الدولية وتدويل حل «النزاع».

مسألة «التجميد» تغذي الساحة السياسية وتملأ وسائل الاعلام الاسبوع القادم، ولكن معناها السياسي صفر. القصة الحقيقية هي الخريطة. خريطة الحدود التي بين دولة «اسرائيل» والدولة الفلسطينية. خريطة راسموها يعرفون بانها تحسم مستقبل نحو 60 مستوطنة وثمانين الف مستوطن/متوطن. الفلسطينيون سيطلبون رؤية خريطة في مرحلة مبكرة. نتنياهو غير قادر على رسمها، وللحقيقة فانه لم ينتخب كي يرسم مثل هذه الخريطة.

هذا يبقي جانبا، وحيدا، متفائلا ولكنه واع، الرئيس اوباما. هو، خلافا للشيخين، «الاسرائيلي» والفلسطيني، على شرفة الهواة بالذات يعتقد ان من المهم له ان يجرب. ولعل هذه المفاوضات تثبت بان الجميع هنا محقون. من اعتقد ان «اسرائيل» والفلسطينيين قادرون على الوصول الى حل من خلال مفاوضات مباشرة اخطأ. عندما يقتنع اوباما بذلك، يحتمل أن يتوصل الى استنتاج معاكس لاستنتاج نشطاء المسيرة السياسية. توجد حلول، ولكن فقط ليس في المفاوضات المباشرة.

- [**الون بنكاس | «معاريف» | 26 آب (اغسطس) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2181135

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2181135 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40