السبت 20 آب (أغسطس) 2016

دولة واحدة للمستوطنين

السبت 20 آب (أغسطس) 2016 par عوني صادق

منذ تشكلت حكومة بنيامين نتنياهو الرابعة، قبل أكثر من عام، والمتابع للصحافة «الإسرائيلية» يجدها تمتلىء بما يجعله يعتقد أن «صراعاً» متعدد المستويات والأبعاد السياسية والفكرية والثقافية يحتدم في الكيان الصهيوني. وفي الوقت الذي يرى فيه البعض من «الإسرائيليين» أن هذا الصراع المحتدم يعكس أزمة سياسية سببها عدم التوصل إلى «تسوية سياسية» لحل الصراع الفلسطيني- «الإسرائيلي»، واستمرار الاحتلال للأراضي الفلسطينية، إلا أنها يمكن أن تجد حلها بإنهاء الاحتلال وتنفيذ «حل الدولتين»، يرى البعض الآخر أنه فات الأوان لتنفيذ أي حل للصراع، وأن الأمور تتجه نحو «الدولة الواحدة ثنائية القومية»، بينما يطالب بعض ثالث ب «الدولة الواحدة لكل مواطنيها»، كحل إجباري في نهاية المطاف. وفي هذا الوقت أيضاً، تظهر السياسات الرسمية للحكومة «الإسرائيلية» بأن «الحل» الذي «تخبئه» هذه الحكومة وهذه السياسات، ليس إلا أن تكون فلسطين التاريخية كلها «دولة واحدة للمستوطنين»! وتفضح هذه النية، إضافة إلى سياسات الاستيطان والتهويد المتسارعة، تلك المطالبات المتزايدة الآتية من رموز الائتلاف الحاكم وأنصاره بضم مناطق (ج) وضم المستوطنات، ورفض «الدولة الفلسطينية» و«حل الدولتين»، والحديث عن «تسوية إقليمية» ليس للفلسطينيين فيها ذكر!!
وفي مقال للمؤرخ اليهودي الصهيوني المصنف يسارياً، شلومو ساند يقول: «نشهد في الأشهر الأخيرة شلالات من المقالات وهتافات النجدة من كل أنواع المثقفين من اليسار الليبرالي ممن يصرخون بأن الفاشية تهدد «إسرائيل». ويدعي بعضهم بأن هذه باتت هنا حقا، فيما يحذر قسم آخر من أنها توشك على المجيء. وفي المقابل، يقف آخرون أقل يسارية وأقل ليبرالية بقليل، يدعون أن لا أساس لهذا من الصحة...»! وينتهي ساند في مقاله إلى القول إن ذلك مجرد تهويل، وإن ««إسرائيل» اليمينية» لا تختلف عن ««إسرائيل» اليسارية» وليست «أكثر شراً» منها، وكل المشكلة في رأيه ناجمة عن احتلال 1967 الذي يجعل «الوضع خطيراً ويمكن أن يتدهور إلى طرد جزء من سكان (المناطق)، وبسبب المقاومة المسلحة الجدية قد تحدث مذابح جماعية»، والسبب هو «المتاهة الاستيطانية الحالية التي تبدو بلا مخرج» !!
من جانبه، وفي محاضرة له ألقاها في مدينة الناصرة في نهاية يوليو الماضي، أكد المؤرخ إيلان بابيه أن الكيان الصهيوني تحول إلى «نظام للفصل العنصري»، واعتبر أن ما يجري في فلسطين ليس احتلالاً بل استعماراً إحلالياً، وأن الحل هو في تفكيك النظام وتغييره. ورأى بابيه أن «حل الدولتين» يكرس المشروع الاستعماري القائم على الفصل العنصري، ولذلك على الفلسطينيين أن «يغيروا قاموسهم» ويتجهوا لتغيير النظام على أساس المواطنة و«الحقوق المتساوية للسكان» !
في هذا الوقت، خرج «معهد دراسات الأمن القومي»، التابع لجامعة بار إيلان، بدراسة جديدة ترى أن التغييرات في العالم وفي منطقة الشرق الأوسط بعد انتفاضات «الربيع العربي»، غيرت الواقع الجيو - سياسي وحولت عدداً من الدول العربية المحيطة بالكيان إلى «دول فاشلة» ما جعل من إقامة «دولة فلسطينية» فكرة غير واردة وغير عملية، لأنها ستضيف إلى الدول الفاشلة دولة فاشلة جديدة ستشكل تهديدا للكيان والدول المجاورة! وفي الوقت الذي تطالب فيه هذه الدراسة الحكومة «الإسرائيلية» بإعادة النظر في رؤيتها للتهديدات الأمنية التي خلقتها التطورات، تقدم لها «مبررا» لرفض «حل الدولتين» والمشاريع المستندة إليه.
وفي السياق ذاته، يجري الحديث في أوساط «إسرائيلية» سياسية من خارج الائتلاف الحاكم «والمعسكر الصهيوني» المعارض، عن «مبادرة» تستبدل شعار «دولتان لشعبين» بشعار جديد هو «دولتان... وطن واحد»، يقوم على أساس كونفدرالي يمنح الفلسطينيين نوعا من «الحكم الذاتي» وحرية في التنقل والسكن في «إسرائيل»! وبالرغم من اعترافهم بثغرات كثيرة تشوب هذه «المبادرة»، أمنية واقتصادية، إلا أن دافعهم للتفكير فيها وطرحها للنقاش، كما يقولون، هو فشل كل الجهود التي بذلت للتوصل إلى «تسوية سياسية» تشكل حلاً للصراع!
إن التوقف أمام ما يطرحه الفكر السياسي- الأمني «الإسرائيلي»، لا يخرج عن الفكرة الأساسية للمشروع الصهيوني الأصيل ورؤيته لفلسطين التاريخية «وطناً قومياً لليهود». فمن جهة، السياسة الرسمية «الإسرائيلية» واضحة ومعلنة وهي تؤكد هذا التصور، ومن جهة أخرى كل الأفكار والرؤى «الإسرائيلية» إما أنها تؤيد ذلك وتسعى إليه، أو تطرح منظورات تنطوي على حروب لا نهاية لها ولا تمس «إسرائيل»، وهو ما يبقي للفلسطينيين حلاً وحيداً هو التحرير الكامل وبكل الوسائل الممكنة، المسلحة أولاً والسلمية ثانياً، على طريق الدولة الفلسطينية الديمقراطية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 21 / 2177628

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

32 من الزوار الآن

2177628 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 26


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40