الجمعة 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016

الأحزاب «الإسرائيلية» في خدمة الاستيطان

الجمعة 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2016 par عوني صادق

منذ نشأتها وقبل قيام الدولة، كانت كل الأحزاب الصهيونية في خدمة فكرة واحدة هي استيطان فلسطين، الأيديولوجي والسياسي، اليميني واليساري، العلماني والديني. المشروع الصهيوني منذ البدء قام على أساطير وأكاذيب ليس من سبيل إلى تحويلها إلى حقائق إلا عبر فكرة الاستيطان، وكل ما جرى منذ انعقاد مؤتمر بال الصهيوني الأول العام 1897 حتى مصادقة الكنيست على ما سمي «قانون تسوية البؤر الاستيطانية»، قبل أيام، كان دار وتمحور حول الفكرة ذاتها وكيف تنفذ وتتحول إلى واقع، فكرة الاستيطان. لذلك، لم يكن غريبا أن تتوافق كل الأحزاب «الإسرائيلية» الحالية، الائتلاف اليميني الحاكم، والمعارضة «اليسارية» على إقرار مشروع «التسوية» الذي ليس سوى «قانون سلب»، بكلمات أحد أقطاب اليمين البارزين بيني بيغن، ابن مناحيم بيغن الزعيم التاريخي لليمين الصهيوني. وفي ضوء ما جرى ويجري، لا تبدو «الصراعات» الدائرة بين أحزاب اليمين واليمين المتطرف، وبين اليمين و«اليسار»، سوى «آليات» وألاعيب لتنفيذ الفكرة الواحدة، فكرة الاستيطان. وإذا كان اليمين واليمين الديني المتطرف يزاودان على بعضهما اليوم في خدمة الاستيطان، فإنه لا يجب أن يغيب عن البال أن «اليسار» العلماني هو الذي بدأ بناء أول المستوطنات، وهو الذي فتح الباب لاستيطان الأراضي الفلسطينية التي احتلت في حرب «الأيام الستة» في يونيو/ حزيران 1967. ويجب أن نتذكر أيضا وفي هذا السياق، أن اليمين لم يصل إلى السلطة إلا العام 1973، وأن اليمين الديني المتطرف ظل حتى التسعينات من القرن الماضي مجرد هوامش إيديولوجية.
اللافت في هذا الموضوع هي مواقف الفلسطينيين، قادة سياسيين وقادة رأي، الضائعة في خضم «صراعات» الأحزاب «الإسرائيلية»، ناسين أو متناسين، أن هذه «الصراعات» وإن كانت تدور على السلطة، إلا أنها تظل داخل «استراتيجية الاستيطان» الصهيونية. الصهاينة يتصارعون على السلطة، ولكن من أجل تثبيت وإنجاح «الاستراتيجية العامة» في السلب والنهب والاستيطان، بينما يتصارع الفلسطينيون على سلطة وهمية من أجل المناصب والمكاسب، وحيث لا «استراتيجية وطنية» أو «مشروع وطني» إلا في الشعارات والمؤتمرات الكرنفالية. القيادات الصهيونية، وهي تضع نصب أعينها «الاستراتيجية العامة»، تتصارع على المناصب من أجل خدمة الاستراتيجية، وخدمة مصالحها في إطارها. والقيادات الفلسطينية تتصارع على المناصب من أجل المناصب والامتيازات، فهذه هي «الاستراتيجية» الوحيدة وهذا هو «المشروع» لديها!
ما سبق ليس تنظيرا في فراغ، ولكن قراءة في المواقف. وللتأكد من هذا الزعم لننظر كيف تصارعت الأحزاب «الإسرائيلية» وانتهت إلى المصادقة على «قانون تسوية المستوطنات» أو «تبييض المستوطنات»، أو «قانون السلب» للأراضي الفلسطينية.
كانت «المحكمة العليا ««الإسرائيلية» قررت إخلاء عائلات تسكن ثمانية بيوت في «بؤرة استيطانية غير قانونية- عمونا» أقيمت على أرض تعود ملكيتها لفلسطينيين (وكأن الأراضي المقامة عليها كل المستوطنات ليس ملكية فلسطينية، أو كأنها قانونية!) وتحدد تاريخ 25/12/ موعدا نهائيا لإزالة هذه البيوت. لكنه يوجد (3000) بؤرة مماثلة لبؤرة «عمونا» يفترض أن يشملها قرار «المحكمة العليا». ومن أجل التغطية على هذه البؤر صار التفكير في «قانون التسوية»، وفي إطار التوجهات العامة لاستراتيجية الاستيطان، جاءت المصادقة عليه، وعلى أن يسري مفعوله بأثر رجعي!
هكذا بدأت القصة وكأنها خلاف بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية، وبدأت مواقف الأحزاب تتوزع بين من انحاز إلى «المحكمة العليا»، وبين من أيد مشروع القانون. كانت «اللعبة» التي تديرها الأحزاب تريد أن تخلق الوهم في الداخل والخارج أن ما يحدث هو «ممارسة ديمقراطية» وأن ما ستنتهي إليه يجب أن يقبله الداخل والخارج أيضا !! والفلسطينيون الذين استغرقتهم «اللعبة» بدوا وكأنهم يدافعون حينا عن «المحكمة العليا ««الإسرائيلية»، ويبرئون حينا آخر بنيامين نتنياهو، أو غيره من غلاة المستوطنين، ففقدوا التوازن والبوصلة وكأنهم اقتنعوا بأن ما يحدث هو صراع بين الحكومة والمستوطنين، أو بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية، أو بين «الليكود» و«البيت اليهودي»، أو بين الحكومة والمعارضة!!!
مع ذلك، لم تكن الحقيقة لتخفى على من لا يريد أن يتعامى عنها. وفي وصف ما جرى، نقرأ ما يلي: «أقرت الكنيست في 15/11/2016 مشروع القانون الذي صاغته اللجنة الوزارية لشؤون التشريع بشأن تبييض البؤر الاستيطانية بأثر رجعي. وجاء الإقرار الأولي بعد مناورات وألاعيب كبيرة شاركت فيها أحزاب الائتلاف الحكومي كلها، حتى بعد أن أعلن المستشار القضائي للحكومة أن القانون يخالف سلطة القانون «الإسرائيلي» ويتعارض مع القانون الدولي»!



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 26 / 2165532

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع وفاء الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني صادق   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165532 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010