الجمعة 27 آب (أغسطس) 2010

مبارك لن يجبر عبّاس على التوقيع

الجمعة 27 آب (أغسطس) 2010

في المجلدات الستة التي كتبها تشرتشل عن الحرب العالمية الثانية أثار السؤال الافتراضي وهو : أكان يحدث ما حدث لو قُبل ادولف هتلر في المعهد الرسمي في فيينا؟. وكان هذا السؤال الافتراضي ممكنا ايضا في شأن ماذا كان يحدث لو كان تشمبرلين لا تشرتشل قرب المقود عند نشوب الحرب؟

اذا تركنا هذا الماضي البعيد عائدين الى اماكننا، يمكن ان نتساءل : ماذا كان يحدث لو قبل العرب قرار الامم المتحدة على خطة التقسيم؟ أكانت «اسرائيل» تظل دولة مقلصة بغير حروب؟ وماذا كان يحدث لو لم يطبخوا سرا اتفاق اوسلو، الذي افضى في الثالث عشر من ايلول (سبتمبر) 1993، الى توقيع احتفالي فوق اعشاب البيت الابيض بحضور الرئيس كلينتون ورابين وبيريس وعرفات؟ وماذا كان يحدث في المراسم الاحتفالية لتوقيع اتفاق غزة واريحا في القاهرة في ايار (مايو) 1994، لو أن عرفات المتردد لم يخف من مبارك الذي أمره بقوله «وقّع يا كلب»، فوقع. وانتهى كل ذلك بالمراسم الاحتفالية التي حصل فيها رابين وبيريس وعرفات على جائزة نوبل للسلام.

في نظرة الى الوراء، حرص رابين وبيريس وبيغن في اجراءات السلام على المشاركة المباشرة لرؤساء وملوك. ما كان اتفاق السلام الاول بيننا وبين مصر ليُنفذ لولا أن جمع الرئيس كارتر جميع خبراء البيت الابيض في كامب ديفيد، ولوى يد بيغن من اجل الانسحاب الكامل من سيناء وفيه اخلاء جميع مستوطنات رفح.

رأى اسحق رابين اهمية كبيرة لاتفاق سلام مع الملك حسين وحرص ايضا على صداقة وتقارب مع رؤساء الولايات المتحدة. فهو لم يرهم حلفاء امنيين فقط بل رآهم وحدهم القادرين على الافضاء الى سلام في المنطقة.

في مقابلته، اخطأ ايهود باراك اذ كان رئيس الحكومة عندما بادر الى لقاء بينه وبين عرفات وكلينتون في كامب ديفيد. يتذكر كثيرون الصورة المحرجة على الشاشة، التي فيها يدفع باراك عرفات بالقوة الى مكتب كلينتون، تكريما له في ظاهر الامر ليدخل قبله، لكنه ظهر في واقع الامر وكأنه يلهو مع رفاقه في الوحدة الممتازة.

يفتخر باراك اكثر من مرة بأنه اقترح على عرفات أسخى اقتراح اقترح عليه قط، وفيه تقسيم القدس. رفض عرفات، وشعر بأن باراك وكلينتون يحتالان عليه، وبحق. كان الاخفاق قبل كل شيء اخفاق كلينتون بأنه لم يكن مستعدا سلفا كما كان كارتر في مؤتمر السلام المصري ـ «الاسرائيلي». بعد زمن قصير من هذا الاخفاق نشبت الانتفاضة الثانية.

لم ينجح الرئيس اوباما الذي بدأ ولايته بادعاءات كبيرة عن احراز سلام اقليمي، حتى الان في الحقيقة. انه يلتزم ما يحدث أو لا يحدث بيننا وبين الفلسطينيين. الدرس الاول الذي تعلمه من اسلافه قبيل قمة ايلول (سبتمبر) هو ان دعا الى القمة مبارك وعبد الله ملك الاردن. لملك الاردن، و60 في المئة من سكان دولته فلسطينيون، اهتمام مباشر بألا نخرج من مناطق ما قرب حدوده. ومبارك وهو ليس في ذروة صحته، يخاف ألا ينجح مع نهوض الاخوان المسلمين في نقل الحكم الى ابنه.

لكن عهود اوسلو انقضت. فلا أرى مبارك يصيح بأبو مازن «وقّع يا كلب»، لكن حضور المصري والاردني القمة مهم لاوباما ايضا. والسؤال غير الواضح هو: هل توجد للرئيس خطة مفصلة كيف يقود الطرفين الى تسوية سلام؟ فانه عندما تقول الاطراف كلها انه ينبغي اتيان المحادثات بغير شروط مسبقة فان هذا نفسه شرط مسبق. وفى نتنياهو بالتزامه بتجميد البناء، فبماذا قدم التسوية؟ ساعد التجميد اوباما في الاكثر على اجتياز انتخابات منتصف ولايته بهدوء نسبي. وما العوض الذي حصل عليه بيبي؟ أهو أن ابو مازن يشترط المحادثات باستمرار التجميد؟.

«الليكود» هو نفس «الليكود». وبيني بيغن في موقف لا لبس فيه معارض لكل تسوية. و«الليكود» لا يقبل اقتراح دان مريدور بتطبيق التجميد فقط في المناطق التي لن نكون فيها في التسوية النهائية. يعد بيبي بأنه سيفاجىء، لكن ينبغي ان نأخذ في الحساب ايضا ان ابو مازن قد يفاجىء: فقد لا يوافق ببساطة. وليس مهما لماذا. اوباما هو الامتحان الرئيسي. بأن يأتي وفي يده خطة دقيقة تنقذ الطرفين من نفسيهما. فقد حصل على جائزة نوبل للسلام فليأتنا بالسلام ايضا على الاقل.

- **«هآرتس»



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 8 / 2165476

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165476 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010