السبت 28 آب (أغسطس) 2010

دراسة «اسرائيلية» تؤكد انّ «تل ابيب» بحاجة لأنقرة اكثر والمزيد من التدهور في العلاقات سيزيد من عزلة الدولة العبريّة

السبت 28 آب (أغسطس) 2010 par زهير أندراوس

رأت دراسة «اسرائيلية» جديدة حول العلاقات بين انقرة و«تل ابيب» انّ حقيقة انّ «اسرائيل» بحاجة الى تعزيز العلاقات اكثر مع تركيا ليست جديدة، ولا ينمّ ذلك بالضرورة عن ضعف، لانّ كثيرا من العلاقات الدولية تعتمد على عدم التكافؤ، ولذلك يجب على «اسرائيل» مواصلة خطها التقليدي وبذل اقصى جهدها لتجنّب الاضرار بعلاقاتها مع تركيا.

وبحسب الدراسة التي اعدّها مركز دراسات الامن القومي «الاسرائيلي» فانّه من المتوقّع ان تستمر تركيا خلال الفترة المقبلة في تبنّي سياسة الحوار والوساطة، ولذلك يجب على صناع القرار في «اسرائيل» الاخذ في اعتبارهم تلك السياسة وما تمثله من اهمية لتركيا ومساعدتها في هذا الاطار.

علاوة على ذلك، اكدت الباحثة التي اشرفت على هذه الدراسة غاليّا ليندنشترواس على انّ المزيد من التدهور في العلاقات بين «اسرائيل» وتركيا سيزيد من عزلة «اسرائيل» في المنطقة، وفي ضوء اهمية هذه العلاقات يجب على الحكومة «الاسرائيلية» بلورة سياسة للتنسيق بين مختلف الوزارات «الاسرائيلية» للعمل على عدم الاضرار بتلك العلاقات، وعدم تأثّرها باية اعتبارات ائتلافية حكومية، لانّ العلاقات مع تركيا هي علاقات ذات اهمية استراتيجية لـ «اسرائيل»، على حد قولها.

جدير بالذكر انّه تمّ اعداد هذه الدراسة في فترة تشهد فيها العلاقات «الاسرائيلية» ـ التركية ازمة عميقة، وسط شعور لدى الكثيرين بانّ «اسرائيل» خسرت تركيا كحليف الى الابد. ويبدو انّ العلاقات بين الجانبين لن تعود الى حالها الذي كانت عليه في اوجّها، خلال التسعينيات من القرن الماضي. وهناك قلق متزايد من قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، ويزيد التقارب التركي من سورية وايران من الخشية «الاسرائيلية» من امكانية تشكّل محور تركي ـ ايراني ـ سوري في المنطقة. وتسعى الدراسة الى الوقوف على الاسباب التي ادّت الى تدهور العلاقات بين الجانبين «الاسرائيلي» والتركي، مع تحديد التغيرات التي طرأت على السياسة الخارجية التركية منذ وصول حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الاسلامي الى السلطة عام 2002. وحسب واضعي الدراسة يجب ان يتمّ فهم التدهور في العلاقات بين «اسرائيل» وتركيا على خلفية الاهمية التي توليها تركيا لسياسة الوساطة والمحادثات التي تتبناها مؤخّراً، وعلى الخلفية نفسها يمكن كذلك فهم الغضب التركي من بعض الممارسات «الاسرائيلية» التي تعتبرها انقرة معرقلة لنجاح هذه السياسة. ولذا فمن الخطأ ارجاع التغيّر الحادّ في السياسة التركية تجاه «اسرائيل» الى تحوّل التوجّه التركي من التأييد للغرب الى الانخراط في المحور الايراني ـ السوري. كما انه من الخطأ ايضا الاعتقاد بانّ التوتر في العلاقات بين تركيا و«اسرائيل» ينبع فقط من تأكيد البُعد الديني في السياسة التركية.

واوضحت الدراسة انّ التغيّرات التي ادخلها داود اوغلو على السياسة الخارجية؛ اكسبت تركيا عدّة نقاط قوّة ومميّزات؛ منها تعزيز مكانة تركيا في المجتمع الدولي، وعلى الاخص في منطقة «الشرق الاوسط»، وكذلك مشاركة تركيا في حلّ عدّة صراعات على الساحة الدولية، بالاضافة الى تنوّع الشراكات التجارية لتركيا مع دول العالم، مع ازدياد ملحوظ في حجم تجارتها الخارجية. كما احرزت سياسة انهاء الخلافات التركية انجازين هامّين؛ الاول هو تحقيق التقارب بين تركيا وسورية بعد سنوات طويلة من العداء، وهو ما كاد ينزلق بالدولتين الى الحرب في فترة من الفترات. والانجاز الثاني هو تحقيق انفراجة في العلاقات مع ارمينيا، والتوقيع على بروتوكولات مشتركة من شأنها ان تؤدي الى اقامة علاقات دبلوماسية وفتح الحدود بين البلدين. ومقارنة بالذروة التي وصلت اليها العلاقات «الاسرائيلية» - التركية في التسعينيات من القرن الماضي، فانّ هناك تغيّرا كبيرا في السياسات الخارجية لكل من «اسرائيل» وتركيا، وتناقصا واضحا في المصالح المشتركة بينهما منذ وصول حزب العدالة والتنمية الى الحكم، ما ادّى الى العديد من الازمات في العلاقات بين البلدين. فبينما انفتحت السياسة الخارجية التركية اكثر مما كانت عليه في الماضي، تظلّ «اسرائيل» محافظة على سياستها المتحفِّظة المنغلقة في مواجهة الانتقادات الدولية لها. وقد ادّى هذا الاختلاف في توجّهات السياسة الخارجية النابعة من دوافع داخلية وخارجية، الى التصادم بين تركيا و«اسرائيل» في العديد من القضايا.

ومع ذلك حرصت تركيا على انها لن تتّجه الى قطع علاقاتها مع «اسرائيل»، تماشيا مع سياسة الحوار والوساطة التي تنتهجها، والتي تولي اهمية كبيرة للحفاظ على قنوات حوار مفتوحة مع كافة الدول في «الشرق الاوسط». واوضحت الدراسة انّ احدى النقاط المضيئة في العلاقات «الاسرائيلية» - التركية هي انها لا تقتصر على التعاون الامني فقط؛ بل تضم ايضا تعاونا اقتصاديا وتجاريا وسياحيا، ولذلك فعلى «اسرائيل» مواصلة جهودها من اجل الحفاظ على العلاقات على مستوى الشعبين وتعزيزها. وينبغي تشجيع رجال الاعمال في كلا الجانبين على الاستفادة من اتفاقية منطقة التجارة الحرة الموقّعة بين البلدين، كما انّه في ضوء تغيّر موقف الرأي العام «الاسرائيلي» من تركيا وانقلابه عليها، يجب اعادة تأكيد الاهمية الاستراتيجية للعلاقات مع تركيا. وخلصت الدراسة الى القول انّه لن يتمّ احراز تحسّن ملموس في العلاقات بين تركيا و«اسرائيل» الا اذا حدث تقدّم في المفاوضات بين «اسرائيل» وسورية او بين «اسرائيل» والفلسطينيين، واذا تمّ اشراك تركيا في مفاوضات السلام فعلى صنّاع القرار في «تل ابيب» الا يهتمّوا بنزاهة الوساطة التركية بقدر اهتمامهم بمدى فعالية تلك الوساطة، على حد تعبيرها.

وفي هذا السياق لفتت صحيفة «يديعوت احرونوت» الى انّ تقريرا ايرانيا تم وضعه في الخارجية الايرانية، بطلب من الرئيس محمود احمدي نجاد يكشف عن التحالف الاستراتيجي بين تركيا وايران، وبحسبها فان النتيجة النهائية ستكون تشكيل خارطة جديدة لـ «الشرق الاوسط» تكون فيها ايران وتركيا وسورية ولبنان احد المحاور، مقابل محور امريكي يضم «اسرائيل» ومصر والسعودية، مشددة على انّ هذا التطور يقلق صنّاع القرار في واشنطن و«تل ابيب».



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 16 / 2165744

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165744 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010