صورة المشهد الدولي والشرق أوسطي تؤكد أنّ فلسطين عادت إلى الميدان واستعادت حضورها القوي بزخمٍ عالٍ، فمن مجلس الأمن الدولي إلى بيروت إلى باريس إلى موسكو جالت القضية الفلسطينية واستقطبت الأضواء رغم الضوضاء والحروب العربية الصغيرة الجارية من المحيط إلى الخليج، بعنوان كفاح الإرهاب.
ففي مجلس الامن الدولي وبتارخ 23/12/2016 حققت فلسطين إقرار القرار 2334 بالإجماع، إذ صوّتت إلى جانبه 14 دولة و فقط امتنعت الولايات المتحدة الأميركية عن التصويت.
في بيروت انعقدت يومي 10 و11 كانون الثاني الحالي اجتماعات اللجنة التحضيرية المكلفة الإعداد لانعقاد المجلس الوطني الفلسطيني بحضور كامل ، وتمكّنت بمجرد الانعقاد في سفارة فلسطين في بيروت وبدعم ورعاية من رئيس الاتحاد البرلماني العربي نبيه بري من تجاوز:
1 – عقدة مكان الاجتماع.
2 – اجتماع الفرقاء من كلّ الفصائل الفلسطينية وبرئاسة رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون أبو الأديب من دون شروط مسبقة.
وقد أكد المجتمعون ضرورة تجسيد الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية وضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني يضمّ القوى الفلسطينية كافة ، وفقاً لإعلان القاهرة 2005 واتفاق المصالحة الموقع في 4/5/2011 من خلال الانتخابات، وضرورة تنفيذ اتفاقات وتفاهمات المصالحة كافة، بدءاً بتشكيل حكومة وحدة وطنية تضطلع بممارسة صلاحياتها في جميع الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدس وفقاً للقانون الأساسي. وقد اتفق المجتمعون على أن تواصل اللجنة التحضيرية عملها وأن تعقد اجتماعاتها دورياً بمشاركة جميع القوى الفلسطينية.
ـ في باريس وفي 15 كانون الثاني الحالي لبّت سبعون دولة ومنظمة دعوة الدبلوماسية الفرنسية، رغم ممانعة واعتراض رئيس حكومة العدو نتنياهو الى الاجتماع وعقد المؤتمر الدولي حول السلام والذي اتخذ قرارات، من أبرزها: اعتبار حدود عام 1967 أساساً لحلّ الصراع الفلسطيني ـ «الإسرائيلي» وإعراب المجتمعين عن الاستعداد للاجتماع مرة أخرى قبل نهاية العام الحالي لدعم المساعي للوصول الى حلّ الدولتين من خلال المفاوضات. تجدر الإشارة إلى أنّ لبنان اعترض على خلوّ البيان الختامي لمؤتمر باريس من كلمة لاجئين واعتماد صياغة مبهمة لدى التطرق الى موضوع مبادرة السلام العربية، وطالب لبنان بعدم إنكار الواقع المأساوي للفلسطينيين في الشتات، وأنّ لبنان ينوء منذ سبعين عاماً تحت ضغط موضوع اللاجئين.
ـ ويوم السبت 16/1 رفع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ابو مازن علم فلسطين فوق سفارتها في الڤاتيكان، والتقى قداسة البابا فرنسيس في حاضرة الڤاتيكان وأطلعه على التطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية وأوضاع الفلسطينيين خصوصاً في الأرض المحتلة.
ـ وفي موسكو تمكّنت الدبلوماسية الروسية تحت عنوان اجتماع ينظمه معهد الاستشراق من جمع القوى الفلسطينية في لقاء على مدى يومين 15 ـ 17 كانون الثاني 2017 وذلك بهدف التغلب على حالة الانقسام الفلسطيني وتحقيق المصالحة بين الفصائل. وقد ضمّ لقاء موسكو سبعة فصائل فلسطينية هي: فتح، حماس، حركة الجهاد الإسلامي، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حزب الشعب والمبادرة الوطنية الفلسطينية.
يُذكر أنه سبق للمعهد أن نظم اجتماعاً مماثلاً عام 2011 في حينها كان تأثير الروس شبه معدوم في الشرق الأوسط أما اليوم فتختلف الصورة، فقد أضحى التأثير الروسي بارزاً حتى على الجانب «الإسرائيلي» .
ـ يأتي هذا كله مقابل الإجراءات الاستيطانية التهويدية، وكذلك في وقت شهدت فيه تل ابيب تظاهرات ضدّ فساد السلطة أيّها الفاسدون لقد مللنا منكم . والمعروف انّ رئيس حكومة العدو «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو يخضع لتحقيقات الشرطة حول ملفي فساد كبيرين يتعلق الأول بتلقي هدايا مشبوهة كميات كبيره من السيجار والنبيذ والشمبانيا الفاخرة ، ويتعلق الملف الآخر بمحاولة إبرام صفقة مع صاحب صحيفة يديعوت احرونوت ارنون موزيس يعد نتنياهو بموجبها بتقليص دور صحيفة إسرائيل اليوم المجانية ويقابله موزيس بكم أفواه وإجراء تغييرات في هيئة التحرير، بما يخدم بقاء نتنياهو في الحكم.
ـ فلسطين في الميدان أمر جوهري أبعد وأعمق من الحروب الجارية على المحاور العربية كلّها، ومن انعقاد المؤتمرات حول الحلول السياسية. فلسطين حين يجري استبعادها على أيّ نحو تتسلّل الى واجهة الحدث من مسامات الجسد الشرق أوسطي لتؤكد الحقيقة التي على الجميع إدراكها، وهي أنّ تحقيق الأماني الوطنية للشعب الفلسطيني هو الأساس وانّ سلام واستقرار وازدهار الشرق الأوسط متوقف على إدراك هذه الحقيقة، وليس على استكشافات الغاز والنفط والثروات المخزونة براً أو الثروات البحرية وعلى تأمين طرق إمدادها.
RLS
