الجمعة 17 شباط (فبراير) 2017

قراءة في تاريخ الحراك الوطني الفلسطيني

الجمعة 17 شباط (فبراير) 2017 par عوني فرسخ

حين يعلن رئيس السلطة الفلسطينية أن التنسيق الأمني مع «إسرائيل» مقدس، ففي ذلك دلالة واضحة على أن هناك خللاً استراتيجياً في إدارة محتكري قرار السلطة للصراع مع العدو المحتل وطنها ومغتصب حقوق شعبها المشروعة دولياً. ما يستدعي إجراء مراجعة جذرية للحراك الوطني الفلسطيني في مواجهة القوى الاستعمارية وأداتها الصهيونية. ولقد تمثلت استجابة نخب فلسطين للتحدي الذي مثلته اتفاقية سايكس بيكو ووعد بلفور بتشكيل الجمعيات «الإسلامية - المسيحية» في كل مدن فلسطين في النصف الثاني لسنة 1918 وقد شكل أعيان المدن ووجهاء الريف القوة المحركة لتلك الجمعيات التي اعتمدت في تمويلها على تبرعات الشخصيات القادرة مالياً. والثابت تاريخياً أن الاستجابة العربية الفلسطينية كانت منذ بدايتها الأولى وطنية متحررة من المشاعر العنصرية، ولم ترَ في الصراع مع الصهيونية نزاعاً دينياً، أو عبرت عن عداء لليهودية كدين. ولقد تصدت سلطة الاحتلال البريطاني لنشاطات الجمعيات، وبخاصة محاولاتها إرسال وفود إلى الخارج تنطق بلسان الشعب العربي في فلسطين.
وفي مواجهة تزايد النشاط الصهيوني في الهجرة والاستيطان تشكلت في القدس في يناير /‏ كانون الثاني 1919 «الجمعية الإسلامية - المسيحية الفلسطينية» التي ضمت عضوين من كل مدينة، بحيث تكون قراراتها سارية المفعول في عموم البلاد. وقد حدد قانونها الأساسي غايتها ب «المحافظة على حقوق أبناء الوطن المادية والأدبية، وترقية شؤون الوطن الزراعية والصناعية والتجارية، وإحياء العلم وتهذيب الناشئة الوطنية (د. بيان نويهض الحوت: القيادات والمؤسسات السياسية في فلسطين 1917 1948).
وفي أغسطس /‏ آب 1929 شهدت فلسطين صداماً دامياً في«هبة البراق» بسبب محاولة الصهاينة تجاور ما عرفوا به، وتسامح تجاهه المسلمون، من بكاء على هدم الهيكل والدعاء عند حائط البراق وحينها أصدر المندوب السامي البريطاني «كتاباً أبيض» بأن حائط البراق ملك للمسلمين، وأن لليهود حقاً مكتسباً بزيارته كما جرت العادة.وكان الشيخ عز الدين القسام قد استشهد يوم الاثنين 20/‏11/‏1935 بعد معركة استشهادية خاضها وبعض مرافقيه في أحراج يعبد خلدته في تاريخ فلسطين باعتباره طليعة الركب الذي التزم بالكفاح المسلح خياراً استراتيجياً في إدارة صراع الوجود واللاوجود مع المشروع العنصري الصهيوني.
وكان الحراك الوطني الفلسطيني قد شهد تطوراً كيفياً نتاجاً لتفاعل جدلي بين الزيادة المطردة في الهجرة والاستيلاء على مساحات واسعة من أخصب الأراضي في السهل الساحلي والجليل الشرقي بصفة خاصة، واعتماد الصهاينة مبدأ «الأرض عبرية والعمل عبري» ما تسبب بتزايد طرد الفلاحين العرب من الأرض التي استولى عليها الصهاينة. ولم تلبث أن تفجرت ثورة فلسطين الكبرى 1936 - 1939. وبرغم الدور الذي كان لعصبة القسام في تفجر الثورة وقيادتها، إلا أنها كانت انتفاضة شعبية عفوية أكثر منها عملاً ثورياً مخططاً له. فالريف الذي احتضن الثورة كان يتصرف بتلقائية، إذ كان الفلاحون يقومون بتنظيم أنفسهم والالتحاق بالثورة طوعياً في الأغلب. ولقي الثوار دعم وتعاون جميع فئات المواطنين.
وكانت بريطانيا قد كثفت عمليات الجيش لوقف الثورة عشية الحرب العالمية الثانية، إلى جانب استغلال الثورة المضادة التي كان قد فجرها خريف 1938 بعض زعماء المعارضة بالتعاون مع الإنجليز والصهاينة، مشكلين ما أسموه «فصائل السلام»، التي ضمت محاسيب المعارضة من الفلاحين قاصري الوعي والمعرفة، بحيث أسهمت الثورة المضادة في إجهاض الثورة، بعد استشهاد قائدها العام عبدالرحيم الحاج محمد في 27/‏3/‏1939، في معركة استشهادية خاضها مع قوة بريطانية قادها أحد كبار إقطاعيي منطقة جنين، ويذكر أن قائد القوة البريطانية أمر جنوده بتأدية التحية العسكرية لجثمان الشهيد تقديراً لبسالته.
وحسب السجلات البريطانية بلغ الشهداء خلال سنوات الثورة الثلاث 5032 شهيداً، والجرحى 14776، والمعتقلون 50000، والمحكومون بالسجن المؤبد 2000 والذين أعدموا 146 شهيداً، وجرى نسف 5000 منزل.
ويقرر المؤرخ «الإسرائيلي» ايلان بابيه، في كتابه «التطهير العرقي في فلسطين» أنه في العام 1947 كانت فلسطين عربية، إذ لم يكن اليهود قد حازوا أكثر من 5,7% من الأراضي الزراعية، برغم كل الدعم البريطاني والجهود اليهودية خلال سنوات الانتداب. ويضيف لو أنصفت الأمم المتحدة لما أعطتهم أكثر من 10% من مساحة فلسطين. وما يقرره أكثر المؤرخين «الإسرائيليين» الجدد موضوعية إنما كان نتيجة تصدي القوى الوطنية الفلسطينية دفاعاً عن ترابها الوطني في مواجهة إجراءات حكومة الانتداب والاقطاعيين الذين باعوا أراضيهم، وسماسرة ومروجي بيع الأرض العربية، وعناصر المعارضة الذين نشطوا في ذلك.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 27 / 2165580

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع عوني فرسخ   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

33 من الزوار الآن

2165580 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 27


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010