الجمعة 31 آذار (مارس) 2017

يوم الارض: التحدي والاستجابة

الجمعة 31 آذار (مارس) 2017 par معن بشور

يكتسب لقاؤنا اليوم في الرباط في يوم الأرض وتكريماً لذكرى الراحل الكبير المطران ايلاريون كبوجي، وبدعوة كريمة من مجموعة العمل الوطنية من اجل فلسطين، جملة معانٍ ودلالات:
1- انه تأكيد على إن فلسطين هي قضية الأمة كلها من المحيط إلى الخليج، حيث يحيي يوم الأرض شرفاء الأمة في العديد من أقطارها ليعلنوا إن شعلة المقاومة والتي تضيئها دماء شهداء فلسطين والامة، ومعاناة أسراها الأبطال وصمود شعبها الأسطوري لا يمكن لأحد أن يطفئها لأنها شعلة حق ونور، ونور الحق يبقى ساطعاً مهما طال الزمن.
2- انه تأكيد على إن الأرض التي نحتفل بيومها، تناضل بأبنائها وشعبها وأهلها ضد كل احتلال واغتصاب، وإنها لا بد منتصرة بمناضلين كبار امثال مطران القدس في المنفى ايلاريون كبوجي.
3- انه تأكيد على إن قضية فلسطين هي قضية جامعة لكل مكونات امتنا الدينية والمذهبية السياسية والعرقية، بل هي قضية جامعة لامتنا وكل أحرار العالم.
4- انه تأكيد على أن الوفاء للأرض والنضال لتحريرها ليست مسؤولية الشعب الفلسطيني وحده، بل مسؤولية الأمة بأسرها التي يتدافع أبناؤها من المحيط إلى الخليج من أجل النضال والاستشهاد من اجل تحريرها… فالمطران كبوجي، ابن حلب الجريحة، كالشيخ عز الدين القسام ابن الساحل السوري المقاوم، هما عنوانان ساطعان لدعوة بسيطة تقول شدوا الرحال إلى القدس… شدوا الرحال إلى فلسطين….
5- إن استشهاد عز الدين القسام في أحراش يعبد عام 1935، مطلقاً ثورة 1936 الكبرى في فلسطين، ومن ثم الكتائب التي تحمل اسمه في غزة بعد نصف قرن على استشهاده، كما ان المقاومة التي حمل رسالتها المطران كبوجي في القدس وخارجها، منذ احتلال الشطر الشرقي منها عام 1967، يؤكدان المفهوم الحقيقي لرجل الدين كداعية للحق، وكمجاهد في سبيله، وكمناضل مستعد أن يدفع أغلى الأثمان في سبيل تحرير الأرض وإعلاء كرامة الإنسان، وكمرجع روحي يوجه المؤمنين ويحدد لهم عدوهم الرئيسي المتمثل بالمشروع الصهيو استعماري.
6- إن المغرب الذي حمل أبناؤه راية الجهاد من اجل صون القدس ومقدساتها منذ حروب الفرنجة، والذي قاتل أبناؤه مع صلاح الدين الأيوبي حتى تحرير بيت المقدس، فكان لهم في القدس حي المغاربة وبابها ، المغرب الذي خرجت من شوارع مدنه وحواضره المسيرات المليونية من اجل فلسطين والعراق ولبنان على مدى العقدين الماضيين، يعلن اليوم من خلال مناضليه وأحراره، ايا كانت مواقعهم الرسمية والشعبية استمراره بالالتزام بالقضايا العادلة، وفي مقدمها قضية فلسطين، رغم كل المحاولات الجارية من اجل تصفيتها ونشر التطبيع مع الاحتلال. في هذا القطر العربي او ذاك…
7- لقد كان المطران ايلاريون كبوجي في كل لقاءاتنا معه يحفظ للمغرب، الذي يحمل جواز سفره، كل عاطفة صادقة، وحب أكيد، مذكراًً بالحفاوة الشعبية والرسمية التي كان يلقاها في هذا البلد العربي العظيم الذي لم يستطع البعد الجغرافي عن القدس أن يحرمه من الالتزام التاريخي بالنضال من اجلها، وشهداء المغرب في كل المحطات هم شهود على هذا الكلام…
8-فكرة التحدي والاستجابة الثي طرحها المؤرخ البريطاني الكبير ارنولد توينبى تتحقق اليوم في فلسطين باجلى صورها حيث وعد بلفور بكل تداعياته هو التحدي وحيث المطران كبوجي وباسل الاعرج ومازن الفقها وكل الشهداء هم الاستجابة ..
لا أخفيكم إذا قلت لكم إن الأرض في فلسطين بأهلها وشهدائها وأسراها تئن ألماً وحزناً ووجعاً، كما كان المطران كبوجي يئن من الدماء التي تسيل في أرجاء أمتنا عبر هذه الحروب وذاك الاحتراب داخل كل قطر وعليه… بل أذكر أن المطران الراحل كبوجي لم يكن يخفي خلال كل اتصالاتي الهاتفية به في السنوات الأخيرة حجم قلقه على ما يجري في مسقط رأسه سورية، كما في غيرها من أقطار الأمة، ويقول كلماته الشهيرة:” أنا حزين… حزين… حزين، ويردد :لست حزيناً من اجل ما يجري في أقطار عربية عزيزة على قلوبنا جميعاً فحسب، ولست قلقاً مما يعد لأقطار عربية أخرى يخططون لإشعال الفتن فيها، ولنشر الحراب والدمار في ربوعها فقط، بل أيضاً قلق على القدس ومقدساتها، وعلى فلسطين وشعبها، إذ كلما غرقنا كأمة في وحول الانقسام ودمارالاحتراب والاقتتال كلما ابتعدنا عن قضيتنا المركزية في فلسطين…”
وكنا دائما نتطلع معه إلى بلد عربي كالمغرب الذي يتمتع باحترام وتقدير معظم الأطراف المعنية بالحروب الدائرة في أمتنا من ليبيا إلى اليمن مروراً بسوريا والعراق لأن يلعب دوراً في إطفاء الحرائق المشتعلة في هذه الأقطار ،وان يبني جسوراً للتواصل والحوار والمصالحة بين أطراف الصراع لوقف سفك الدماء وصون الوحدة الوطنية….
وليس من قبيل الصدف، أيها الأخوات والإخوة، إن احد أبناء المغرب البررة، ورموزه الأحرار، الأخ الحبيب المناضل خالد السفياني، المنسق العام للمؤتمر القومي الإسلامي، والأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي كان على رأس مبادرتين لوقف الاقتتال ورفض التدخل الأجنبي ولإجراء الحوار والإصلاح في سوريا (عام 2011) وفي اليمن (عام 2015) ،مجسداً بذلك روح المغرب العريقة في بناء الجسور، ومعبرا عن إرادة “الكتلة التاريخية” التي تضم التيارات الرئيسية في الأمة في تجاوز كل حالات الانقسام والتناحر والاحتراب التي أضعفت أمتنا، وأرهقت مجتمعاتها، وحطمت جيوشها، وأربكت أولوياتها، وأبعدتها عن القضية التي تجمع، وعن الحق الذي يحرر، وعن الأرض التي بارك الله من حولها….
حين كنا في استقبال المطران المقاوم الراحل بعد أن احتجزته قوات الاحتلال الصهيوني في 4/2/2009 على متن “سفينة الأخوة اللبنانية” لكسر الحصار على غزة، وهي السفينة الوحيدة التي خرجت من ميناء عربي هو طرابلس في لبنان لكسر الحصار على غزة..وبهمة علماء طرابلس واحرارها وفي المقدمة منهم المناضل فيصل درنيقة الموجود بيننا اليوم،كانت الكلمة الأولى التي سمعناها من أبن ال 87 عاماً:” إذا كنتم تحضرون لسفينة ثانية فاحجزوا لي فيها مكاناً”. وتطلع يومها إلى رفيقه في سفينة الأخوة ومنسق الرحلة، الدكتور هاني سليمان، عضو الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي آنذاك، ” سنكون معاً في الرحلة القادمة بإذن الله…”.
وهذا ما حصل بالفعل يوم انطلق “أسطول الحرية” من تركيا في شهر حزيران / يونيو 2010، ليتكرر الاحتجاز ولتحصل المذبحة الشهيرة على “سفينة مرمرة” التي أودت بحياة تسعة من المناضلين الأتراك، وبإصابة عدد من المشاركين وفي مقدمها الدكتور هاني سليمان… في هجوم صهيوني وحشي حصل مباشرة بعد صلاة الفجر التي أداها المطران كبوجي جنباً إلى جنب مع المئات من أخوانه المسلمين وهم على متن السفينة في مشهد قال لي المطران بعدها :” لقد أغاظتهم هذه الصلاة المشتركة الصهاينة بقدر ما أغاظتهم الرحلة التي جمعت المئات من شرفاء الأمة وأحرار العالم،فالعدو يخشى وحدتنا بمقدار ما يخشى مقاومتنا..”
لم تتعب السنون من همة الرجل، ولم تضعف السجون والمنافي من روحه الوثابة، ولم تستطع كل الاحباطات من أن تفت عضده، وتضعف عزيمته، فقد كان يستمد من إيمانه العميق بربه، ومن حبه الشديد لأرض فلسطين وللقدس، قوة روحية هائلة تلمع في عينيه وهو يقول :” أرجو من الله أن يتيح لي قبل رحيلي من هذه الدنيا أن أقبل أرض فلسطين”…
وشاء القدر أن تكون رحلتاه من ميناء اشدود حتى الحدود مع سوريا والاردن، فرصة ليكحل عينيه برؤية فلسطين كاملة من الجنوب في غزة إلى الشمال في الجليل… فارتاحت نفسه الطاهرة المشدودة دائماً إلى عبق الأرض….
فالحرية والمجد لفلسطين ارضا وشعبا ومجاهدين….
والرحمة والسلام لروح المطران الفدائي مطران القدس في المنفى… والشكر كل الشكر للقيمين على هذه الفعالية في المغرب ،الامين دوما على فلسطين وقدسها وحقوقها،..



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 42 / 2165437

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع معن بشور   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165437 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 11


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010