في طريقه الى واشنطن، المحطة الانتقالية للرئيس مبارك اليوم في باريس، ستثار من جديد موجة الشائعات. لا أحد حقاً يتأثر بما سيعلن عند الخروج من قصر الاليزيه : المصورون سيكمنون في المداخل الى المستشفيات لانتزاع دليل على أن مبارك حاك لنفسه لقاء مع ساركوزي كي يجتاز سلسلة من الفحوصات، وربما ليتلقى علاجاً طبياً. سبق أن كنا في هذا الفيلم ولن تأتي بشائر جديدة.
بالمقابل، في القاهرة ترتسم صورة وضع مشوقة : الثعلب السياسي القديم صفوت الشريف، رئيس الحزب الحاكم في مصر، يعلن الآن بالذات بان مبارك (الأب، وليس الإبن جمال) هو المرشح الوحيد لانتخابات الرئاسة التي ستجرى بعد نحو سنة. في جوقة منسقة تجند محللون لتقديم تظاهرة بوجود معسكرات في القمة : من جهة ما الجيل القديم، الملتصق بمبارك العجوز ويطالبه بالإيفاء بوعده بانه «طالما بقيت حياً، سأكون الرئيس».
من جهة اخرى، أيادٍ خفية تمطر الاحياء الفقيرة بالقاهرة ببوسترات ضخمة لجمال، الإبن، وتلبس آلاف الشبان قمصاناً قصيرة الكم، تحمل رمز «جمال، الوعد، مصر تناديك».
يقال ان حملة القمصان ترمي الى فحص شعبية جمال. يقال ايضاً ان الحملة في صالح الشاب كلفت ما لا يقل عن 2 مليون جنيه مصري. كما يهمس ايضاً بان رجل الاعمال ابراهيم كامل، المقرب من جمال، هو الذي مول الحملة التي ولدت في الغرف المغلقة للحزب الحاكم. اين بالضبط المعسكرات؟ الأب وابنه يصمتان عن عمد. في نهاية الاسبوع، خرج الشاب في جولات في الاحياء الفقيرة، لضمان ان يتواصل في عيد الفطر الدعم الحكومي للمنتجات الغذائية. مبارك ـ الرئيس استدعى وزراء التنفيذ في الحكومة ليضمن ان تكون أيضاً مياه جارية وكهرباء، وألا يبعث القيظ بالملايين الى الجنون.
الاجهزة لم تعد تضايق من يتابع مسار توريث السلطة. بالعكس دفعة واحدة يغرقونك بالمعلومات. وأنت تتعرف على خطة عمل زاحفة من النوافذ الاعلى، عن توزيع متشدد للمهام. قدم يمنى عجوز تزيل الالغام من اجل قدم أكثر شباباً. مبارك القديم يعتزم التواصل الى ان يلقى جمال اعترافاً كاملاً.
استطلاعات الرأي العام تفيد السلطة بانه يجب تجاوز ثغرة خطيرة بين اصحاب الملايين الشبعانين وبين ملايين الجوعى. وهؤلاء يبنون على علاقات المال والسلطة واولئك محكومون بالعيش على اقل من دولار في اليوم. الاغنياء لا يريدون تغييراً يمس بجيبهم، اما البؤساء فيريدون الطعام، العمل، التعليم المجاني. سهل جداً اخراجهم في مظاهرات غاضبة.
تفتح الآن بوابة الى اسرة رجال الاعمال، الضلع الذي لم يعد ممكناً التخلي عنه في المثلث السلطوي بعد الحزب واجهزة الامن. من جهة يقدمون شعاراً قابلاً للاستيعاب : إما ان تؤيدوا مبارك أو تسقط مصر في حركة الاخوان المسلمين. إما ان تواصلوا، أو تحصلوا على آيات الله الايرانيين.
افتحوا يومياتكم وسجلوا تاريخاً موعداً، بعد سنة، في تشرين الاول (اكتوبر). الرئيس القادم لمصر سيكون واحداً من المباركين. تدنت حتى الصفر فرص محمد البرادعي، ولا أحد يحلم بان يغير من أجله قانون الانتخابات، وبدون تغيير فان حركات المعارضة لن تنجح.
عندنا يسيرون حسب الخطة. في ملف الاستخبارات يعدلون صورة جمال، كل معلومة تدرس بثلاثين عين. في الشهر القادم، في المنتدى الاقتصادي الذي ينعقد في المغرب، سيكون ثمة حجيج. جمال يعتزم القاء خطاب يقدم فيه الرؤيا المصرية. وعندما سينزل من المنصة سيهرعون نحوه. «الاسرائيليون» ايضاً سيهرعون، بل سيهرعون جداً.
**«يديعوت»
RLS
