الاثنين 30 آب (أغسطس) 2010

امريكا تدفع ثمن حربها على العراق

الاثنين 30 آب (أغسطس) 2010

اسحق رابين ما كان لينضم الى مسيرة اوسلو لو لم يكن وعده الانتخابي المركزي بالوصول الى اتفاق بالحكم الذاتي مع الفلسطينيين في غضون ستة حتى تسعة اشهر. ايهود باراك ما كان ليخرج من لبنان في ايار (مايو) 2000 لو لم يعد في حملته الانتخابية بالخروج من لبنان في غضون سنة من اقامة حكومته. باراك اوباما كان، اغلب الظن، سيستجيب لمشورات مقربيه ويبقى «بعض المزيد» في العراق، ربما كي يشهد اقامة الحكومة الجديدة التي تتلبث جدا في اعقاب الانتخابات التي جرت في آذار (مارس) الماضي. ولكنه وعد، ومن لا يفي بالوعود الانتخابية، يدفع الثمن.

ومرة اخرى يجتاز الجنود الحدود ويلوحون وداعا وليس الى اللقاء للمكان الذي خدموا فيه في السنوات السبع الاخيرة، ولم يكفوا عن كراهيته، والارهاب التعسفي الذي قتل وجرح الافاً عديدة جدا. وهم يبتسمون سعادة، ويأسفون على مصير 50 الف من رفاقهم الذين تبقوا هناك، والذين يفترض أن يعملوا، من الان فصاعدا كـ «مرشدين» فقط. 50 الف مرشد.

ودوما سيقول أحد ما مع ذلك ان هذا كان انجازا عظيما، وانه لو لم تكن امريكا انطلقت الى حرب الخليج الثانية لكان «الطاغية» صدام حسين لا يزال يحكم العراق. اما الان فهو لم يعد موجودا، ويوجد برلمان، والوضع الاقتصادي افضل، وتوجد صحافة حرة. ولكن الحقيقة هي أن حرب التحالف في العراق برئاسة الولايات المتحدة لبوش الثاني، كانت خطأ فظيعا ستدفع ثمنه لا الولايات المتحدة فقط بل و«اسرائيل» ايضا، والعالم العربي البرغماتي. ما كان يمكن أن تكون هدية أجمل لايران من إضعاف خصمها القديم وفتح حدود العراق امام النفوذ الايراني. يدور الحديث عن تغيير استراتيجي، من شأنه أن يكون بعيد المدى وفي اعقابه سيكون «الشرق الاوسط» اكثر خطورة بكثير.

[**▪▪▪▪▪*]

احداث 11 ايلول (سبتمبر) وضعت الولايات المتحدة امام وضع لم تجد نفسها فيه في العالم. لاول مرة ضرب العدو المكان الاكثر أمنا في العالم. بوش الثاني، احد آخر الاشخاص في العالم الذين كان بوسعهم أن يتصدوا لوضع على هذا القدر من الدهشة والتعقيد، شعر بضرورة لعمل شيء، وكان الاستنتاج المتوقع جدا : شن الحرب. محظور فقدان قدرة الردع.

في 2001 بدت افغانستان كهدف معقول : ميدان معركة عتيق السنين، تسيطر عليه طالبان الهاذية، ولم يمنع رجال القاعدة من ايجاد ملجأ في مناطقه الدافئة. المشكلة، مثلما في حالات مشابهة لهذه الحالة، ليست اذا كانت هذه حربا عادلة، بل اذا كانت لها غاية قابلة للتحقيق بثمن مستعد المبادر اليها ان يدفعه.

حقيقة ان طالبان تضررت وتوجد هناك اليوم حرية نسبية، ونساء تضررن بشكل لا يعقل، يشعرن اليوم بحرية اكبر، ويسمح لهن بالتعلم والعمل ـ صحيحة. ولكن هذا لم يكن هدف الحرب. الهدف كان ضرب «القاعدة» بحيث تفقد المنظمة رأسها وتكف عن العمل، وهذا لم يحصل.

حرب الخليج الثانية بدأت في 2003، بهدف تصفية السلاح النووي الذي كان، زعما، لدى العراق. لم يكن هذا يرتبط باحداث ايلول (سبتمبر) 2001 ولكن بوش فهم بان عليه ان يفعل شيئا ما آخر، الى جانب الحرب البعيدة في افغانستان.

غير أن امريكا لم تكتف ِ بذلك، وبَنـَتْ هنا أيضا هدفا جديدا : ان تقيم في العراق ديمقراطية. هنا بوش لم يكتفِ بقطع رؤوس النظام وسعى الى تربية العراقيين.

يمكن أن نشير الى عدة نجاحات، ولكنها جزئية، ومشروطة ببقاء الامريكيين في العراق. اياد علاوي يتجول منذ آذار (مارس) مع انتصاره ولا ينجح في اقامة حكومة، فيما ان نوري المالكي الذي يحظى بتأييد الايرانيين، لا يعتزم، في هذه المرحلة، اخلاء مكانه كرئيس وزراء، الامر الذي لا يمنع الجيش الامريكي من المغادرة، بعد أن فقد الكثير جدا من الجنود.

[**▪▪▪▪▪*]

يمكن ان نتعلم دروساً غير قليلة من هذه الحروب الطويلة. أولا ـ الحاجة الى شن الحرب فقط اذا كنا ملزمين بعمل شيء او أنه «لا يمكن المرور عن ذلك مرور الكرام» هي حاجة انسانية، مفهومة ـ وبالاساس غبية. نهاية الفعل للنية المبيتة هي الامر الاصح، وعليه فان السؤال يجب أن يكون دوما ماذا نريد أن نحقق في الحرب وليس اذا كان هناك مبرر للمبادرة اليها.

لو أنه في كل وضع كان فيه مبرر للحرب ستندلع، فمن شبه المؤكد ان العالم ما كان سيبقى. الفارق بين حرب الخليج الاولى والثانية هو نموذج جيد على ذلك.

حتى عندما يكون العدو ملموسا جدا وبالاساس اذا كان «شريرا» عظيما مثل صدام، حتى عندما يكون الانتصار سهلا جدا، كون الحديث يدور عن فارق هائل بين القوات التقليدية، وحتى عندما يكون الهدف هو اصلاح العالم وليس احتلال الاخر واستغلاله لا يزال يجب ان يكون الهدف مركزا جدا، وبدون ذلك من المحظور المبادرة الى حرب.

أحد الامور الافظع في الحروب الطويلة هو الاحتفاظ بجيش دائم. وكلما طال وجود هذا الجيش تصبح قيادته اقل عطفا تجاه معاناة المحليين، شكوكه تتعزز، والفظاظة التي يتصرف بها (اذا كان هذا سجن ابو غريب او كان حالات متطرفة اخرى يستغل فيها الجنود ذوو الميول السادية السهولة التي لا تطاق للمس بالاخرين) تبرر في نظر المحليين تطرف السلوك المضاد للاحتلال الاجنبي.

الانفاق المالي للاحتفاظ بجيش دائم عال جدا. قسم كبير من الصعوبة الاقتصادية التي تواجهها الولايات المتحدة ينبع من النفقات الهائلة للحرب في العراق وفي افغانستان والتي تصل الى نحو تريليون دولار. اذا كان الحديث يدور عن المصالح الاستراتيجية الهامة للولايات المتحدة ـ فان كلفتها الاقتصادية (المشكوك فيها) هامة للعالم الغربي اكثر بكثير من مستقبل افغانستان.

النتائج غير المخطط لها للحرب قاسية بل ولعلها غير قابلة للتوقع، ولكن شيئا واحدا صحيح بلا ريب ـ فهي توجد في كل حرب.

ريح الاسناد التي حظيت بها ايران هي ظاهرة لن تتغير الان، مهما كان السلوك الامريكي في افغانستان وفي العراق، والى جانبها الضعف الاضافي لباكستان، التي غدت الدولة الاكثر خطرا على العالم اليوم : دولة ذات سلاح نووي وعديمة السلطة، تسللت الى جيشها العناصر الاسلامية الاكثر تطرفا.

لا معنى للاحتفاظ بـ 50 الف جندي امريكي في العراق حتى نهاية 2011. يجب اعادتهم هم ايضا الى الديار. تعريفهم كمرشدين سخيف. كل يوم اضافي هناك هو زائد، نازف وباهظ الثمن. اوباما لن يغير افغانستان وهو بالتأكيد لن يفعل ذلك عندما يكون الرئيس كرزاي هو ذراعه التنفيذية. من حظنا أن اوباما وعد ناخبيه بالخروج منهما. خسارة أنه لم يتعهد بجدول زمني أقصر.

- **«اسرائيل اليوم»



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2178053

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178053 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40