السبت 26 آب (أغسطس) 2017

متغيرات مهمة في الكيان

السبت 26 آب (أغسطس) 2017 par د. فايز رشيد

بدأ بعض الصهاينة في التحذير من انتشار الفاشية في الكيان الصهيوني، كما أن البعض يتوقع حرباً أهلية بين مكونات الشارع «الإسرائيلي»! هذه المقولات والتحذيرات مثلاً، لم نكن نسمعها قبل سنوات قليلة. معروف أن المستوطنين الصهاينة في فلسطين، ورغم مرور حوالي سبعة عقود على تواجدهم، لم يشكلوا بعد مجتمعاً متجانساً كالمجتمعات الطبيعية في الدول الأخرى. إنهم تجمعات موزاييكية تفتقد إلى العناصر المشتركة الضرورية لتشكيل المجتمع الطبيعي. إنهم مثلما يقول المثل العربي ك «شعير البيّاع» من كل قطر أغنية، فما الذي سيوحد بين الأمريكي والألماني واليمني والإثيوبي؟ يستحيل أن يصلوا إلى «المجتمع الموحد» حتى لو مضى عليهم ضعف الزمن منذ إنشاء دولتهم قسراً عام 1948. الذي يوحّد هؤلاء المستوطنين هو الديانة ولا شيء غيرها، فهل هذه كافية لبناء مجتمع في ظل الافتقاد إلى كل العناصر الضرورية الأخرى؟ تعالوا نرصد ما قاله بعض «الإسرائيليين» عن التناقضات في دولتهم:
قال إسحق هرتزوغ، زعيم المعارضة السابق وتحالف ما يسمى ب«المعسكر الصهيوني» في إحدى جلسات الكنيست: نحن على شفا انتفاضة لا يُستهان بها، مملوءة بالكراهية والعنصرية والظلام والقتل والاغتيال، أسّست لها مشاعر الحقد الداخلي الواسعة هنا. فنحن نشمّ رائحة الكراهية في كلّ زاوية وحيّ في «إسرائيل»، سواء كانت موجهة ضدّ المرأة من قبل الحاخامات العسكريين، أو من اليهود الأشكناز ضدّ اليهود الشرقيين السفارديم، أو العكس. وبهذه الطريقة تُزرع بذور الحقد والكراهية، التي ستقود حكماً إلى حربٍ أهلية.
وتحظى هذه الحملة من الكراهية بدعمٍ كامل وغطاء من المسؤولين. كذلك، حذّر بعض المفكرين والسياسيين «الإسرائيليين» مثل النائب في الكنيست أفشلوم فيلان، من أن ثمة فرصاً لحرب أهلية في «إسرائيل»، قائمة على الانقسام الكبير في المجتمع «الإسرائيلي» بين المتدينين والعلمانيين، واحتمال الصدام المسلح بين فئاته وارد، إضافة إلى أن هناك انقسامات أخرى عميقة بين الإثنيات اليهودية المتعددة والمختلفة. وقال فيلان بالحرف، «إن اليمينيين المتطرفين يمثلون تهديداً وجودياً ل «إسرائيل»، فهم يمنعون إقامة مجتمع ديمقراطي، ويمثلون خطراً على «إسرائيل» أكثر من العرب، وإذا أتيحت لهم السيطرة على الحكومة، بالانتخابات أو بالقوة، فإنهم سيقودونها إلى النهاية لما سماه «الخراب الثالث للهيكل»، ويصف الجماعات المتدينة والاستيطانية المتطرفة مثل «غوش أمونيم» بأنها حركات أصولية مسيحية أكثر مما هي يهودية.
كما نقلت الصحافة الصهيونية عن قادة في جهاز الأمن «الإسرائيلي» (الشاباك)، أن تنظيمات عسكرية سرية تحشد المئات، وتخطط لاغتيال مسؤولين في الدولة، في حال إقدام الحكومة على خطوة يعارضونها، مثل إخلاء المستوطنات أو الانسحاب من جزء ولو صغيراً من الأراضي الفلسطينية المحتلة، والمشكلة الأكبر أن هذه الجماعات العسكرية هي أيضاً خارج سيطرة جماعات المتدينين والمستوطنين المتطرفين، فهي أكثر عنفاً وانغلاقاً، وتعمل بسرية كبيرة. من جهته، توقع معهد «غلوبال ريسيرتش» الكندي، أن حرباً أهلية في «إسرائيل» تلوح في الأفق، مضيفاً أن هذا يأتي وسط الاضطراب والفوضى في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. يأتي التحذير من الحرب الأهلية داخل الكيان الصهيوني في ظل تصاعد الصراع الاجتماعي.
نود التأكيد أن اليهود الذين جُلبوا من كلّ مكان في العالم لشرعنة إقامة دولة الكيان، ولوصفهم فيما بعد ب«المجتمع» و«الشعب» و«القومية» و«الدولة العبرية» ليسوا بمنأى عن أي خلافات قد تنشب فيما بينهم، خصوصاً أن إثنياتهم وأحزابهم وجمعياتهم وكل تجمّعاتهم، منفصلة بعضها عن بعض في أحياء خاصة وفقاً للإثنية في أغلبية المدن الصهيونية. هذه التجمعات لم تكن ولن تكون بمنأى عن الاقتتال الداخلي، خاصة في ظل تنامي التصدعات الأفقية والعمودية في الشارع الصهيوني، هذا أولاً. وفي ظل تناقص الخطر العربي على الوجود الصهيوني، من خلال عقد الاتفاقيات بين بعض الدول العربية والكيان والتطبيع معه، باعتبار أن «الخطر العربي» كان يساهم في توحيد قطاعات الشارع «الإسرائيلي» ثانياً، ثم أن الفاشية وباعتراف بعض القادة الصهاينة أنفسهم، تتنامى في الكيان، وقد أخذ شارعه النضوح بمزيد من العنف والإجرام المتطور بالضرورة، بالتوازي مع سنوات الوجود «الإسرائيلي» ثالثاً، ولأن الظاهرة الفاشية، كما أثبتت الوقائع التاريخية، لا تجد في النهاية سوى أن تأكل نفسها، كونها تحمل عناصر التدمير الذاتي في أحشائها رابعاً! بالتالي، فإن «إسرائيل» ليست بمنأى عن وصول التناقضات بين الإثنيات المكونة لدولتها إلى درجة التناقض الأساسي (التناحري) بين هذه المكونات، وصولاً إلى الاقتتال الداخلي.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 40 / 2165238

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام منوعات  متابعة نشاط الموقع الكلمة الحرة  متابعة نشاط الموقع كتّاب إلى الموقف  متابعة نشاط الموقع فايز رشيد   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

9 من الزوار الآن

2165238 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 9


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010