الثلاثاء 31 آب (أغسطس) 2010

لنفهم ما يحرك اوباما

الثلاثاء 31 آب (أغسطس) 2010

لماذا يلقي الرئيس اوباما كل ثقل وزنه ومكانته على تحقيق هدف معقد، نغـّص عيش كل اسلافه وافشلهم؟ ولماذا يقرر سنة واحدة فقط لانهاء المفاوضات وتحقيق اتفاق سلام بين «اسرائيل» و«الفلسطينيين»؟ الجواب يخرج جداً عن التطلع الى تبرير جائزة نوبل للسلام التي منحت له ومن هدف منشود لانهاء نزاع يعود الى اكثر من مئة عام.

اوباما هو رئيس الانجازات الكبرى والتاريخية. مجرد انتخابه ينطوي على مثل هذا الانجاز. كل سلوكه حتى الآن في المواضيع الداخلية والخارجية موجه لترك مثل هذا الأثر. هكذا في الميزانيات الهائلة وفي الاصلاحات التي انتهجها في مجالات المالية، صناعة السيارات والتأمين الصحي. هكذا في المساعي لفتح صفحة جديدة في العلاقات مع العالم الاسلامي وفي التعاون مع روسيا لتقليص مخزونات السلاح النووي. احلال السلام بين «اسرائيل» و«الفلسطينيين»، والذي في نظر الادارة سيجلب سلاماً «اسرائيلياً» ـ عربياً، يندرج في قائمة الانجازات التاريخية التي يريد أن يسجلها باسمه.

الرئيس يؤمن بأن المواجهة «الاسرائيلية» ـ الفلسطينية تمنع الولايات المتحدة من تحسين علاقاتها مع العالم العربي، لمنع سلاح نووي عن ايران وتقليص قدرة «الارهاب» الاسلامي على تجنيد الاعضاء والمصادر، ولا سيما في العراق وفي افغانستان. هذه الفرضيات موضع خلاف، ولكنها تؤدي الى اعتبار حل المواجهة مصلحة استراتيجية اولى في سموها للولايات المتحدة.

اوباما خصص سنة واحدة لتحقيق اتفاق بسبب اعتبارات سياسية داخلية واعتبارات استراتيجية دولية. بعد سنة سيبدأ الحملة الانتخابية للولاية الثانية. في اعقاب الانتخابات للكونغرس والتي ستعقد في تشرين الثاني (نوفمبر)، في افضل الاحوال ستتقلص الاغلبية التي لديه وفي اسوئها سيفقد السيطرة، على الاقل في مجلس النواب. من هنا، فان احتمال التشريع الثوري والانجازات التاريخية في الشؤون الداخلية سيكون صفراً.

انجازات في السياسة الخارجية لا تمنح الانتصار في انتخابات الرئاسة، ولكن الاخفاقات تؤدي الى الهزائم. الرئيس نيكسون، مثلاص، أجل لسنتين خروج الولايات المتحدة من فيتنام لاحداث توازن بين الفشل هناك والانجازات في اماكن اخرى، بما في ذلك العلاقات الدبلوماسية مع الصين واتفاق الحل الوسط مع الاتحاد السوفييتي.

اوباما يخشى من اخفاقات متراكمة في «الشرق الاوسط». فقد أعلن انه في غضون سنة سيخلي القوات من العراق وافغانستان. احتمال أن تسيطر ايران على العراق أو ان يتفكك هذا عقب حرب أهلية اكبر من احتمال أن يحافظ على الاستقرار وعلى العلاقة مع الولايات المتحدة. احتمالات طالبان في افغانستان للعودة الى الحكم أكبر من احتمالات الادارة الحالية للبقاء. التجربة لوقف البرنامج الايراني لتحقيق السلاح النووي من خلال العقوبات هزيلة، وانضمام تركيا الى المحور الاسلامي المتطرف عززته.

بعد سنة ستقف الولايات المتحدة أمام تهديدات متعاظمة وخطيرة على كل مواقفها ومكانتها في «الشرق الاوسط»، وفي اعقاب ذلك على مكانتها في العالم بأسره. ومثلما في حالة نيكسون، تقدر ادارة اوباما بأن حل المواجهة الفلسطينية ـ «الاسرائيلية» سيوازن الاخفاقات الاخرى في المنطقة. وعليه، رغم ان احتمالات تحقيق تسوية في غضون سنة متدنية، إلا ان اوباما سيبذل جهداً هائلاً وسيستخدم كل ما لديه كي يحقق تسوية، ويبني بواسطتها منظومة استراتيجية عربية ـ «اسرائيلية» حيال المحور الراديكالي المضاد. على حكومة «اسرائيل» على الاقل أن تفهم، وقدر الامكان ان تراعي دوافع اوباما.

- [**ايتان جلبوع | «يديعوت» | 31 آب (اغسطس) 2010*]

[**♦ باحث كبير في «معهد بيغن السادات - جامعة بار ايلان»*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 6 / 2165768

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165768 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 18


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010