الجمعة 1 كانون الأول (ديسمبر) 2017

المصالحة في مرحلة الإنعاش: تهدئة ما قبل العاصفة؟

الجمعة 1 كانون الأول (ديسمبر) 2017

بعدما كادت أن تنتهي المصالحة أمس، بسبب تصريحات قيادات في «فتح» ضد «حماس» ورفض الأخيرة عودة الموظفين المستنكفين إلى عملهم، ضغطت مصر على رام الله لإجبارها على وقف التصريحات والتراجع عن قرار عودة الموظفين، وإلا فإنها ستتحمل مسؤولية فشل مصالحة القاهرة. لذلك أجّلت الحركتان تسلّم حكومة رامي الحمدالله الوزارات في قطاع غزة لمدة عشرة أيام

غزة ــ الأخبار

وصل الخلاف بين حركتي «فتح» و«حماس» أمس، إلى حد شعر فيه الجميع بأن المصالحة التي جرت في القاهرة بينهما انتهت. ومما ساهم في تعميق هذا الشعور، هو إصرار حكومة «الوفاق الوطني» على عودة الموظفين المستنكفين منذ عام ٢٠٠٧ إلى مراكزهم حتى لو أدى ذلك إلى التضارب مع موظفي «حماس». وما ساهم في توتير الخلاف بين الحركتين سلسلة من التصريحات «الفتحاوية» ضد الحركة.

بعد هذا التصعيد، دعا رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» في غزة يحيى السنوار، الفصائل الفلسطينية إلى الاجتماع في مكتبه لبحث ملف المصالحة. وفي وقت لاحق انضم إليهم وفد الاستخبارات المصرية، ونائب رئيس حكومة «الوفاق الوطني» زياد أبو عمرو، والقيادي في «فتح»، فايز أبو عيطة. وكان رئيس المخابرات العامة المصرية خالد فوزي، قد أجرى في وقت سابق اتصالات مع مدير المخابرات العامة الفلسطينية اللواء ماجد فرج، طالباً منه التراجع عن قرار عودة الموظفين المستنكفين إلى عملهم، وإلا فإن القاهرة ستعلن أن «فتح» هي المسؤولة عن عرقلة المصالحة الفلسطينية.
بعد انتهاء الاجتماع، أصدرت الحركتان بياناً وافقوا فيه على تأجيل تسلّم حكومة «الوفاق» مهماتها لمدة عشر أيام. وبحسب المعلومات، فإن السنوار كان قد اجتمع في وقت سابق مع «أركان العمل الحكومي في غزة وأبلغهم أن الحركة ستقدم على تنازلات إضافية، وهي عودة عدد محدود من المستنكفين وتسليم بعض المقارّ الأمنية». وتريد «حماس» من هذه الخطوات إظهار إرادتها في إتمام المصالحة، لكنها لا تقبل تجاوز ما اتُّفق عليه في القاهرة، وخاصة ما يتعلق بمعاشات الموظفين. وأبلغت الحركة القاهرة أن المطلوب من «فتح» إنجاز ما اتُّفق عليه في مصر، وعليها العمل بجدية في اللجنة الإدارية للموظفين وإشراك أعضاء غزة ورفع العقوبات عن القطاع.
في غضون ذلك، جدّد رئيس السلطة، محمود عباس، قراره وقفَ «جميع التصريحات التي تتناول المصالحة ومسبّبي عرقلتها»، وذلك بعدما كان قبل أسبوع قد أصدر قراراً شبيهاً قصَر فيه الحديث عن الاتفاق على المعنيين بملف المصالحة، لكن ذلك لم يحل دون تصاعد اللهجة بين «حماس» و«فتح»، خاصة أن مسؤولين من وفد الأخيرة، كعزام الأحمد وحسين الشيخ، هم من كانوا يتحدثون في الأسبوع الأخير. وجاء في قرار عباس أن هذه الخطوة تأتي «من أجل المصلحة الوطنية وعلاقاتنا مع الأشقاء المصريين، وذلك مع التقيد الفوري بالقرار وللضرورة القصوى».
يشار إلى أن حكومة «الوفاق الوطني» كانت قد علّقت «شكلياً» قرارها القاضي بعودة موظفيها إلى أماكن عملهم في القطاع بدلاً من موظفي حكومة غزة السابقة بعد مطالبة الوفد الأمني المصري بذلك، لكنها لم تتراجع كلياً عن هذا القرار، إذ تفيد مصادر محلية بأنّ موظفي السلطة وصلتهم على هواتفهم رسائل تطالبهم بالعودة إلى مواقعهم السابقة، وأن يكونوا يوم الأحد المقبل جميعاً على رأس عملهم.

منعت إسرائيل دخول جميع الديبلوماسيين السويسريين إلى غزة «حتى إشعار آخر»
وطوال أمس، لم يتوقف التراشق الإعلامي بين الجانبين، إذ قالت حكومة «الوفاق الوطني» إن موظفين من «حماس» منعوا أمس وزيراً وموظفين من دخول مقارّ وزاراتهم، وهو ما ردت عليه الحركة بالقول إن عودتهم «مخالفة لاتفاق المصالحة الموقع للقاهرة عام 2011». والوزير المقصود هو وزير الحكم المحلي حسين الأعرج، وقالت «الوفاق» إن موظفي وزارات المالية والأوقاف، وبعض الوزارات الأخرى، الذين دعتهم وزاراتهم للتوجه إلى مقارّ عملهم، مُنعوا أيضاً من الدخول.
وتحتج رام الله بأن عودة الموظفين «الشرعيين» هي خارج نطاق عمل «اللجنة الإدارية القانونية» التي تعنى ببحث مسألة الموظفين الذين عينتهم «حماس» منذ 2007، فيما ترى الأخيرة، ومعها غالبية الفصائل الأخرى، أن طريقة تنفيذ هذا القرار ستقود إلى «كارثة اجتماعية» في غزة. وقالت «حماس» في تصريح أمس، إن رام الله تتحمل مسؤولية «إحداث الفوضى والإرباك في عمل بعض الوزارات في غزة نتيجة لقرارها غير المسؤول والمخالف لاتفاق القاهرة».
وعلى الأرض، كانت الجهة التي بادرت إلى منع موظفي السلطة من دخول مقارّ العمل، نقابة موظفي «حماس»، التي ترى أن موظفي غزة (نحو 40 ألف موظف) هم «الضحية الأولى» للأزمة القائمة، علماً بأن قضية رواتب هؤلاء للشهر الجاري لا تزال عالقة، فيما صرفت «حماس» للمرة الأخيرة دفعة مالية لهم بقيمة 1000 شيكل (نحو 290 دولاراً أميركياً تمثل نصف راتب أساسي) يمكنهم تسلّمها اليوم عن شهر تشرين الثاني.
في وقت متزامن، دعا منسق الأمم المتحدة الخاص بعملية التسوية في الشرق الأوسط، نيكولاي ملادينوف، من غزة، إلى مواصلة جهود تمكين حكومة الوفاق في القطاع، قائلاً خلال لقاء مع الوفد الأمني المصري الذي قدم لمتابعة تنفيذ الاتفاق، إن «مصر تزيد جهودها للتأكد من تمكين السلطة من الرجوع إلى غزة والاضطلاع الكامل بمسؤوليات الحكومات في جميع المجالات».
من جهة أخرى، ورغم أن إسرائيل أعلنت أنها لن تتدخل في مسار المصالحة الفلسطينية، فإنها قررت أمس منع دخول جميع الديبلوماسيين السويسريين إلى القطاع «حتى إشعار آخر»، وذلك في ما قالت إنه رد على لقاءات أجراها عدد منهم مع مسؤولين من «حماس»، آخرها لقاء السفير السويسري لدى فلسطين، جوليان توني، مع قائد «حماس» في غزة، يحيى السنوار، أول من أمس. ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مسؤول إسرائيلي دون ذكر اسمه، أن «وزير الأمن أفيغدور ليبرمان منع مرور الديبلوماسيين السويسريين عبر الأراضي الإسرائيلية باتجاه قطاع غزة... هذا الإجراء سيظل ساري المفعول لحين حصول إسرائيل على توضيحات».
ويرتبط الحضور السويسري في غزة بملف الموظفين، إذ كانت قد قدمت ورقة خاصة تحمل تصوراً عن كيفية حل أزمة موظفي «حماس»، التي قالت إن قرار الاحتلال لن يمنعها من تطوير علاقاتها الخارجية. وقالت الحركة إن الاحتلال يحاول بهذا القرار «ترهيب» جميع الدول من التواصل معها أو مع غزة.

القاهرة غاضبة من تواصل السلطة مع قطر

علمت «الأخبار» من مصادر سياسية فلسطينية مقربة من حركة «حماس»، أن الوفد المصري الأمني الذي يزور غزة حالياً، أبلغ نائب رئيس الوزراء (مقيم في القطاع الآن)، زياد أبو عمرو، انزعاجهم من معلومات وصلتهم عن توجه وزير الشؤون المدنية في السلطة، حسين الشيخ، إلى قطر، حيث عمل على تحريض الدوحة على «حماس»، بالقول إن الأخيرة تريد تخريب الاتفاق، كي تضطر القاهرة إلى تفعيل الخطة «ب»، في إشارة إلى استعمال ورقة القيادي المفصول من «فتح»، محمد دحلان، خاصة أن الأخير يمثل عنصر «خطر» أمنياً على قطر المقاطعة خليجياً الآن، وسبق للدوحة أن «عاتبت» الحمساويين لتواصلهم معه.
كذلك، جدد الشيخ طلب السلطة أن تتكفل قطر دفع رواتب موظفي «حماس»، كذلك كان متفقاً أن تمول صندوقاً خاصاً بهم لمدة ستة أشهر، وذلك بسبب «ضغوط أميركية وإسرائيلية» تمنع دفع مبالغ لهم من مالية رام الله، فيما قالت المصادر نفسها إن قياديين في «فتح» سبق أن توجهوا للغرض نفسه إلى كل من تركيا وقطر، لكن دون أن يلقوا نتيجة حتى الآن.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 19 / 2165488

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع متابعات  متابعة نشاط الموقع في الأخبار  متابعة نشاط الموقع أخبار فلسطينية   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165488 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010