الأحد 7 كانون الثاني (يناير) 2018

العدوان الإسرائيلي على قدسنا وصل مرحلة الطغيان

الأحد 7 كانون الثاني (يناير) 2018 par راسم عبيدات

واضح أننا أمام مرحلة أميركية – إسرائيلية جديدة، مرحلة نوعية من حيث العدوان على شعبنا عامة وقدسنا خاصة، مرحلة البلطجة ومنطق فرض الحلول بالقوة، وتدمير كلّ ما يسمّى بالعملية التفاوضية والسلمية، حيث جاءت القرارات والتشريعات الإسرائيلية امتداداً لقرار الرئيس الأميركي المتطرف ترامب باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، فاللجنة المركزية لحزب لليكود الصهيوني صادقت على قرار فرض السيادة والقوانين الإسرائيلية على مستوطنات الضفة الغربية، والذي يلزم عند طرحه كقانون على الكنيست الإسرائيلي أعضاء الليكود في الحكومة والبرلمان، بمن فيهم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، بالتصويت لصالح هذا القرار، والذي أصبح المستشار القضائي الإسرائيلي من الآن، يبحث في كيفية تطبيقه على سكان مستوطنات الضفة الغربية، وكذلك جرى إقرار قانون القدس الموحدة» بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست، وهو القانون الذي يلزم الكنيست الإسرائيلي، بعدم تقديم أية تنازلات» عن أجزاء من القدس إلا بموافقة 80 عضو كنيست من أصل 120، وكذلك هذا القانون يفتح الطريق لفصل الأحياء والضواحي الفلسطينية عن مدينة القدس، والأمور لن تقف عند هذا الحدّ فحدود الطغيان والتغوّل الأميركي- الإسرائيلي على شعبنا، لن تتوقف عند هذا الحدّ، بل يجري التحضير لقرار وقانون ما يسمّى بالقدس الكبرى، لكي تصبح مساحتها 10 من مساحة الضفة الغربية، ويتمّ ضمّ الكتل الإستيطانية الكبرى لها، وبالتوازي تقوم أميركا بخطوات عقابية وضغوط كبيرة ضدّ وعلى القيادة والشعب الفلسطيني، من خلال تصفية وكالة الغوث واللاجئين الأونروا»، بعدم دفع الأموال لهذه المنظمة.

وفي الواقع المقدسي المعاش، نلمس حجم الهجمة والحرب على أهلنا وشعبنا في القدس، فمن يشاهد بوابة دمشق، بوابة الشهداء، يشعر بأنها ثكنة عسكرية، جنود وقوات خاصة وشرطه وحرس حدود مدجّجين بالأسلحة، أيديهم على الزناد، محصّنين في داخل منصّات حديدية، تحيط بالبوابة من كلّ الاتجاهات، ناهيك عن تقسيم الساحة وفصلها عبر حواجز حديدية، تجعل حتى حركة الناس فيها دخولاً وخروجاً من وإلى البلدة القديمة صعبة ومحفوفة بالمخاطر، فهذه البوابة سقط فيها العديد من الشهداء، لمجرد انّ الواحد منهم وضع يده في جيبه أو أخرجها بطريقة أثارت ريبة وشكوك جنود الاحتلال، الذين رغم تحصّنهم وتسلّحهم، تشعر انّ الخوف والإرباك يسيطر عليهم، وأنهم جاهزون لإطلاق النار بغرض القتل، حتى لو كان من يرفع سكينة او مفكاً او أية آلة حادة اخرى طفلاً/ة، ولا يشكل أيّ خطر على جنود الاحتلال وشرطته، فهناك تعليمات واضحة بالقتل، لبث الرعب والخوف في قلوب المقدسيّين وأبناء شعبنا الفلسطيني، والاحتلال يعمل ليل نهار من أجل تشويه وتغيير الطابع التاريخي لبوابة دمشق والبلدة القديمة، فهناك ثلاثة أبراج تقام على مدخل بوابة دمشق، لكي يتحصّن فيها جنود الاحتلال، وكذلك مركز للشرطة وحرس الحدود، وإضافة 40 كاميرا جديدة حديثة ومتطوّرة، والعمل على تغيير البنية التحتية والإضاءة والحركة، بما يمكّن جيش الاحتلال وشرطته، من مراقبة كلّ حركة الفلسطينيين الداخلين إلى والخارجين من البلدة القديمة.

وهذه العسكرة لبوابة دمشق، بوابة الشهداء، لها عدة أهداف، فالاحتلال لا يريد ان تتحوّل ساحة باب العمود، الى رمزية انتصار آخر، كما حدث في هبّة باب الاسباط، ولذلك نرى انه على درجة عالية من التغوّل» و»التوحّش» في قمع المعتصمين والمحتجّين، ولا يسمح لهم حتى بالجلوس في تلك الساحة، وهي تعتبر شريانا اقتصاديا – اجتماعيا لسكان القدس ولتجار البلدة القديمة على وجه التحديد، ناهيك عن أنها شريان ديني نحو المقدسات الإسلامية والمسيحية الأقصى والقيامة ، والاحتلال يركز على دمجها مع القدس الغربية، لكي تكون المدخل للمستوطنين والجماعات التلمودية والتوراتية القادمة الى حائط البراق حائط المبكى» المنتزع قسراً من مساحة المسجد الأقصى، كمكان مقدّس للمسلمين فقط، وقدسيته من قدسية كلّ شبر من الأقصى.

الاحتلال يعتقد أنه بعسكرة بوابة دمشق، بوابة الشهداء، سيتمكّن من كسر إرادة المقدسيّين، عبر ترهيبهم وتخويفهم، ومنعهم من الدخول الى القدس، وكذلك فهو يستهدف شلّ الحركة التجارية والاقتصادية داخل البلدة القديمة، فعدم دخول الناس او دخولهم بأعداد قليلة، سيضرّ بالسياحة والاقتصاد، وكذلك هذا سيجعل الأقصى مكشوفاً أمام الجمعيات التلمودية والتوراتية، التي تعمل على اقتحامه بشكل مستمرّ ومتواصل، وهناك تزايد غير مسبوق في أعداد المستوطنين والمتطرفين الذين يقتحمون الأقصى، والذي بلغ في عام 2017 حوالى 26000 ألف اقتحام، والذين يستهدفونه بالتقسيم المكاني كمقدمة لهدم المسجد القبلي وإقامة ما يسمّى بالهيكل المزعوم مكانه.

مخططات التهويد للمدينة، وبالذات لبوابتها الشهيرة، بوابة دمشق وبلدتها القديمة، بعد قرار المتطرف ترامب باعتبار القدس عاصمة لدولة الاحتلال، تسير بوتائر متسارعة جداً، فالمحتلّ يشعر أنه تحرّر من قيود قرارات الشرعية الدولية، ولذلك نسمع عن تسونامي» استيطاني في القدس، 300 ألف وحده استيطانية، ستطال كلّ بقعة في القدس، والتي ستتوسع مساحتها، لكي تصبح 10 من مساحة الضفة الغربية، بعد ضمّ الكتل الإستيطانية الكبيرة اليها، من مجمع غوش عتصيون» في جنوبها الغربي الى مجمع مستوطنات معاليه ادوميم» في شرقها، وهذا الضمّ يعني استدخال وضخ أكثر من 150 ألف مستوطن لمدينة القدس، ويترافق ذلك مع خطط ومشاريع للانفصال عن القرى والبلدات الفلسطينية في شرق القدس، مقدّمتها خطة ما يسمّى بوزير القدس وشؤون البيئة الليكودي زئيف اليكن بإخراج سكان القدس الفلسطينيين، الواقعين خلف جدار الفصل العنصري، من تعداد سكان القدس، بحيث تكون لهم مجالس محلية مرتبطة بطريقة ما بـ»بلدية القدس»، دون تلقي خدمات البلدية أو المشاركة في انتخاباتها، وهذا يعني إخراج سكان كفر عقب ومخيم شعفاط وأجزاء من أراضي السواحرة الشرقية المصنّفة كقدس وتابعة لبلدية الاحتلال، ايّ ما مجموعه 100 ألف فلسطيني مقدسي، وهذا سيقلب الموازين الديمغرافية للمدينة لصالح المستوطنين، وسيدفع باتجاه تهجير المزيد من المقدسيين منها، وخصوصاً انّ هناك خطة لـ عنات باركو»، عضو الكنيست عن الليكود، بإخراج 95 من أبناء مدينة القدس من حدود بلديتها.

خطر التهويد ليس فقط من خلال الطرد والتهجير وإغلاق كلّ الدوائر بالمستوطنات والكتل الإستيطانية حول القدس، وفصلها كلياً عن محيطها الديمغرافي والجغرافي الفلسطيني، بل نحن نشهد الآن عبرنة للمكان والشوارع، فشارع السلطان سليمان، سيصبح اسمه شارع ما يسمّى بـ»البطلات» نسبة لمجنّدات سقطن في المكان او بالقرب منه نتيجة عمليات قام بها شبان فلسطينيون، وشارع صلاح الدين الشهير، والذي له دلالة ورمزية كبيرة، فهو تخليداً لذكرى القائد صلاح الدين الذي حقق نصراً على الفرنجة وحرّرها من نير احتلالهم، واليوم يعلن وزير ما يسمّى بالمواصلات الإسرائيلي كاتس، عن مصادقته على إطلاق اسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب على شارع صلاح الدين، ومشروع القطار الأرضي والهوائي الاستيطاني بالقرب من حائط البراق، في تقدير لما أسماه دوره التاريخي والشجاع بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل»، ونحن نشهد عبرنة للشوارع بشكل كبير في بلدة سلوان، والتي أسموها عير ديفيد» بلدة داود.

الاستهداف للقدس وبوابتها الشهيرة بوابة دمشق، بوابة الشهداء متواصلة، وعلى درجة عالية من الخطورة، حيث يقوم الاحتلال بتعزيز تواجده الشرطي والأمني في المدينة، لتعزيز سيطرته عليها، وجلب الأمن والأمان لجنوده ومستوطنيه، من خلال إقامة ستة عشر مركز شرطة جديد في أحياء المدينة، ناهيك عن تخصيص 250 مليون شيكل للقيام بحفريات حول وأسفل المسجد الأقصى، للبحث عما يسمّى بـ»الآثار اليهودية»، والتي ثبت بالدليل القاطع رغم كلّ الحفريات التي جرت، أن لا وجود لها على الإطلاق ولم يتم العثور على أيّ قشة منها، بل كلها آثار رومانية وبيزنطية وعثمانية وعربية وإسلامية.

الصراع والاشتباك مع المحتلّ سيتواصل، فالمحتلّ لا يرى في القدس سوى عاصمة موحدة له، غير قابلة للقسمة وبأغلبية يهودية كبيرة، ويتعامل مع وجودنا وحقوقنا في هذه المدينة، بمنطق الإقصاء وعدم الاعتراف، والمقدسي الذي لا يخضع بالقوة يخضع بالمزيد منها، ولذلك لا بدّ من رسم استراتيجية ووضع خطط وبرامج تحمي وجودنا وثوابتنا وبقاءنا في قدسنا وفوق أرضنا، بعيداً عن لغة الشعار والتنظير، فخطوة عملية خير من دستة برامج، فالطفل الصغير قبل الشيخ الكبير يعرف ما هي احتياجات القدس، وبعد العدوان والطغيان الأميركي – الإسرائيلي على قدسنا وشعبنا، وما أعقب قرار المتطرف ترامب من قرارات وقوانين وتشريعات إسرائيلية قانون» القدس الموحدة» وقرار فرض السيادة الإسرائيلية وقوانينها على مستوطنات الضفة الغربية، يستدعي ردّاً فلسطينياً نوعياً يخرج عن إطار ترديد الكليشيهات المكرّرة والإنشاء واللغو والكلمات النارية والعنتريات، فنحن بحاجة إلى قرارات ترتقي إلى حجم الجرائم المرتكبة، ولذلك مطلوب من المجلس المركزي سحب الاعتراف بدولة الاحتلال، وإلغاء اتفاقية اوسلو وما ترتب عليها، وإلغاء كلّ الاتفاقيات والعلاقات الأمنية والاقتصادية والسياسية مع دولة الاحتلال، والعمل على إنهاء الانقسام بشكل سريع وجدي واستعادة الوحدة الوطنية، ورسم رؤية واستراتيجية موحدتين تقومان على الصمود والمقاومة، والذهاب الى كلّ المؤسسات الدولية والإنضمام إليها، وتكثيف الحركة السياسية والدبلوماسية والقانونية، لجلب قادة الاحتلال ومستوطنيه الى محكمة الجنايات الدولية، ولكن أساس الحركة والحسم يتجلى في الميدان وليس في السياسة، ولذلك الحركة تبدأ في الميدان وتنتهي في السياسة، فالحسم للميدان بالتنسيق والتكامل مع السياسة والدبلوماسية، وكذلك لا بدّ من إعادة تغيير دور ووظيفة والتزامات السلطة، بحيث تصبح خادمة للشعب الفلسطيني والمنظمة، تلك المنظمة التي يجب العمل على إعادة بنائها على أسس ديمقراطية تشاركية، وبما يجعلها بيت الكلّ الفلسطيني.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2177889

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقلام الموقف  متابعة نشاط الموقع راسم عبيدات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177889 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40