السبت 4 أيلول (سبتمبر) 2010

اللوبي الصهيوني يهيئ الرأي العام الأمريكي لضرب إيران

«إسرائيل» قد لا تسأل على الضوء الأخضر الأمريكي إذا قررت ضرب إيران
السبت 4 أيلول (سبتمبر) 2010

بعد توقّف دام عدّة أشهر، عاد الجدل حول الخيار العسكري «الإسرائيلي» ضد إيران ليتصدّر واجهة النقاش من جديد في الولايات المتّحدة، وذلك عبر سلسلة من المقالات التي نشرت الشهر الماضي في العديد من الصحف والمجلات الأمريكية الرصينة وتناولت احتمالات قيام «إسرائيل» بالتصرف منفردة وتوجيه ضربة عسكرية لإيران لمنعها من امتلاك الأسلحة النووية.

[**

غلاف مجلة «ذا أتلانتيك»

*] ومن بين هذه المقالات، أثار المقال الذي نشرته مجلة «ذا أتلانتيك» الأمريكية بالتحديد، والتي حمل غلافها لهذا الشهر (سبتمبر) عنوان «إسرائيل تتحضّر لقصف إيران : كيف ولماذا وماذا يعني ذلك؟»، نقاشاً وجدلاً واسعاً لدى الأوساط البحثية والرسمية الأمريكية على حد سواء.

ولا تكمن أهمية المقال الذي جاء تحت عنوان «نقطة اللاعودة» في تسليطه الضوء على الخيار العسكري «الإسرائيلي» فقط، بل لأن كاتبه هو «جيفري جولدبرج» الذي كان له دوراً في تأليب إدارة بوش الابن ضد نظام الرئيس العراقي الراحل صدّام حسين بدعوى صلاته بتنظيم «القاعدة»، وهو واحد من أهم الكتّاب المؤثّرين في الموضوع «الإسرائيلي»، ومعروف بصلاته القوية بالقادة «الإسرائيليين»، الأمر الذي جعل البعض يفهم مقاله على أنه رسالة من الحكومة «الإسرائيلية» إلى الإدارة الأمريكية أكثر من كونه تقريراً أو مقالاً تحليلياً.

[**«إسرائيل» لن تنتظر الضوء الأخضر من أمريكا*]

وبعد إجرائه حوالي 40 مقابلة مع مسئولين «إسرائيليين» سابقين وحاليين رفيعي المستوى، خرج جولدبرج في مقاله بسيناريو يقول «في يوم ما في الصيف القادم، سيقوم كل من مستشار الأمن القومي «الإسرائيلي» عوزي أراد ووزير الدفاع إيهودا باراك، بالاتصال بنظرائهما الأمريكيين في البيت الأبيض والبنتاجون لإعلامهم بأنّ رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نيتانياهو قد أمر للتو ما يقارب المائة (أف-15) و(أف-16) إضافة إلى طائرات أخرى من سلاح الجو بالتوجه نحو إيران.... سيبلّغ «الإسرائيليون» نظراءهم الأمريكيين أنّهم اتخذوا هذه الخطوة لأنّ إيران نووية تشكّل أخطر تهديد على بقاء الشعب اليهودي منذ هتلر، ولأنه لم يُترك لـ «إسرائيل» أي خيار آخر».

الرسالة التي يحملها المقال واضحة ويمكن تلخيصها بالقول إنّه في حالة استمرار الوضع على ما هو عليه في الملف النووي الإيراني، وإذا ما فشلت إدارة الرئيس أوباما في إقناع القادة «الإسرائيليين» بأنّها مستعدة فعلاً لاستخدام القوة إذا لزم الأمر لمنع إيران من حيازة الأسلحة النووية، فإن «إسرائيل» قد تجد نفسها مضطرة في هذه الظروف إلى توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية بحلول شهر يوليو من العام القادم.

وهو يصل في مقاله هذا إلى قناعة مفادها أنّ احتمال قيام «إسرائيل» باتخاذ هذا الخيار قد تعدّى الـ 50% في هذه المرحلة، وأنّها قد لا تسأل حتى على الضوء الأخضر الأمريكي الشهير عند تنفيذ المهمّة كي لا تحاول الإدارة الأمريكية عرقلة هذه الضربة أو إيقافها.

ويتمحور الموقف «الإسرائيلي» الذي تستعرضه المقالة حول «الخطر الوجودي المحتمل» الذي تفرضه إيران نووية على «إسرائيل»، إذ يعتقد نيتانياهو في المقابل أن حصول إيران على الأسلحة النووية سيؤدي إلى تقوية أذرعها في المنطقة، وسيحظون حينها بمظلة نووية مما من شأنه أن يقوّض فكرة «إسرائيل» كملجأ آمن لليهود.

ومثله يخشى إيهود باراك أن يؤدي القلق الناجم عن امتلاك إيران أسلحة نووية إلى هجرة الشباب «الإسرائيلي»، أو إلى عدم قدرة «إسرائيل» فيما بعد على استقطاب عقولها المهاجرة.

[**المخابرات تعارض*]

وفي المقابل، تتضمن مقالة جولدبرج نفسه العديد من الإشارات عن معارضة مجموعة من المسئولين رفيعي المستوى في المخابرات العسكرية وفي الجيش القيام بضربة عسكرية لإيران معتبرين أنّ كلام نيتانياهو عن «الخطر الوجودي» الذي تفرضه إيران على «إسرائيل» غير مبرر ولا داعي له ويعبّر عن هزيمة ذاتية.

ففي مقاله، يشير جولدبرج إلى خشية بعض الجنرالات «الإسرائيليين» الذي قابلهم من أن يؤدي الحديث عن «خطر وجودي» إلى نوع من الخطر الوجودي الحقيقي على المشروع الصهيوني الذي نشأ أصلاً لمنع مثل هذه المخاطر والتهديدات ضد الشعب اليهودي.

ويعتبر رئيس الأركان «الإسرائيلي» السابق جابي أشكنازي ـ خلفه غلانت في المنصب نفسه الأسبوع الماضي، وهو من مؤيدي باراك في الإعداد لخطة هجوم عسكرية قوية على إيران ـ واحداً من الذين يشككون بجدوى شن الهجوم، ومثله يذهب الرئيس السابق للمخابرات العسكرية «الإسرائيلية» أهارون زئيفي فركش الذي يعتبر مع عدد من مسئولي «الموساد» بأنّ الهدف الإيراني الأساسي من حيازة الأسلحة النووية ليس تهديد «إسرائيل» وإنما الحفاظ على النظام وحمايته من أي إمكانية للإطاحة به من قبل الولايات المتّحدة الأميركية.

وعلى الرغم من أنّ جولدبرج لم يكتب صراحة «أنّ على الولايات المتّحدة أن تضرب إيران»، إلا أنّه وضعها بشكل موارب حين قال إنّه إذا لم يقتنع «الإسرائيليون» بأنّ أوباما سيأمر بضرب إيران وأنّه يعني ما يقول عندما يذكر بأنّ إيران بأسلحة نووية «أمر غير مقبول»، فإنهم سيقومون باتخاذ القرار والتحرك.

ويقول رام إمانويل كبير موظفي البيت الأبيض موضّحاً الموقف الأمريكي لطمأنة «الإسرائيليين» «عندما نقول إنّ كل الخيارات مع إيران هي على الطاولة الآن، فهذا يعني أنّ كل الخيارات فعلاً على الطاولة».

وحينما حاول جولدبرج كما ذكر في مقاله نقل هذا الموقف إلى القادة «الإسرائيليين» لإقناعهم بجدّية موقف الرئيس الأمريكي مرفقا إياه بتعبير «أنّ أوباما قد يكون الرئيس اليهودي الأول، لكن ليس بالضرورة فكرة «الليكود الإسرائيلي» عن اليهود»، أجابه أحد المسئولين «الإسرائيليين» «هذه هي المشكلة، فإذا كان أوباما من يهود (جي ستريت)، فنحن إذا أمام مأزق كبير».

[**«الإسرائيليون» لا يحبذون الحل الدبلوماسي*]

ويرى تريتا بارسي (فارسي) رئيس المجلس الوطني الإيراني - الأمريكي، ومؤلف كتاب «التحالف الغادر : التعاملات السريّة بين «إسرائيل» وإيران والولايات المتّحدة الأميركية»، أنّ الحكم على الخطاب «الإسرائيلي» الذي يعتبر إيران تهديداً وجودياً لا يعكس الصورة الحقيقية للموضوع، فـ «الإسرائيليون» يتصرفون على هذا النحو لأنّهم لا يحبّذون الحل الدبلوماسي. ولكي تكون الصورة كاملة، يجب علينا الحكم على الأفعال وليس الأقوال فقط، وعندها ستظهر صورة ثانية مختلفة كليّاً.

ويعتقد بارسي أنّ مقالة جولدبرج المطوّلة فشلت في تغطية هذا الجانب من العلاقات «الإسرائيلية» - الإيرانية.

فتأثير المجتمع اليهودي ـ والكلام لبارسي ـ على الثقافة الإيرانية وعلى السياسة والمجتمع في إيران تأثير عميق.

فبالنسبة لـ «إسرائيل» كانت إيران تلعب دوراً محورياً أساسياً في عقيدة الأطراف التي وضعها بن جوريون والتي تقوم على التحالف مع دول غير عربية لمحاصرة العرب، وإيران كانت الطرف الأهم والأقوى في هذه السياسة الأمنية «الإسرائيلية».

هذه السياسة ـ يتابع بارسي ـ لم تكن مقتصرة على عهد الشاه، بل استمرت حتى في عز الثورة الإسلامية التي قادها الخميني.

ففي الحرب الإيرانية - العراقية قامت «تل أبيب» بدعم طهران، وبعد ثلاثة أيام فقط من دخول القوات العراقية الأراضي الإيرانية، قطع وزير الخارجية «الإسرائيلية» آنذاك موشي ديان زيارته الخاصة إلى فينا وعقد مؤتمراً صحفياً حث فيه الولايات المتّحدة - في عز أزمة الرهائن - على مساعدة إيران، وقام شيمون بيريز ورابين حينها بتجاهل الخطاب الإيراني السلبي «الموت لـ «إسرائيل» والشعارات الأخرى» والحث على دعم طهران، بل أعلن وزير الدفاع «الإسرائيلي» آرييل شارون في عام 1982 عبر قناة «إن بي سي» بكل فخر، بأنّ بلاده ستستمر في تزويد إيران بالأسلحة رغم معارضة الأنظمة والقوانين الأمريكية لذلك، وقد حصل هذا في الوقت الذي كانت إيران تطالب فيه بطرد «إسرائيل» من الأمم المتحدة.

ووفقاً لبارسي، فإن هذه العقلية التي أدارت تلك المرحلة ما زالت موجودة لدى الطرفين، و«الإسرائيليون» يتصرفون على هذا النحو الذي يقوم على تصوير إيران بأنها «خطر وجودي»، لأنّهم يعتقدون أنّ الحل الدبلوماسي قد يقرّب إيران إلى الولايات المتّحدة على حسابهم.

وفي الوقت الذي يرى فيه أنّ الهدف من مقالة جولدبرج قد لا يكون بالضرورة دفع إدارة أوباما للقيام بعمل عسكري ضد طهران - تحت ضغط المنطق القائل بأنّ الدبلوماسية فشلت وأن «إسرائيل» ستقوم بالمهمة إذا لم تقم أمريكا بها - وإنما إظهار أوباما بمظهر الضعيف وغير القادر على اتخاذ قرار حاسم فيما يتعلق بالأمن القومي الذي يعتبر عنصراً أساسياً حاسماً في واشنطن وذا طبيعة وجودية لـ «إسرائيل»، وهو ما من شأنه أن يوفر الذريعة المناسبة للجمهوريين لمهاجمته ويمهّد الطريق أمامهم لانتخابات الكونغرس في نوفمبر القادم كما للانتخابات الرئاسية العام 2010.

[**لن يتم ضرب لإيران*]

وتراهن الباحثة في معهد الولايات المتحدة للسلام روبن رايت، على أنّ أيّاً من «إسرائيل» أو أمريكا لن تقوم بقصف إيران خلال المدّة المذكورة لأنّ العملية الدبلوماسية والعقوبات ستستمر بشكل مكثّف لسنة أخرى على الأقل، تشير إلى أنّ النقاش يجب أن يتمحور في الأساس حول الكيفية التي يمكن من خلالها احتواء إيران وهو الأمر الذي يحتاج إلى الكثير من التفكير الجدّي قبل أن يلجأ أحدهم إلى ضرب إيران.


titre documents joints

The Point of No Return - Magazine - The Atlantic

4 أيلول (سبتمبر) 2010
info document : HTML
77.3 كيلوبايت

By Jeffrey Goldberg



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2178497

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178497 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40