الأحد 5 أيلول (سبتمبر) 2010

أساطير وخرافات في غزة والضفة

الأحد 5 أيلول (سبتمبر) 2010 par سعد محيو

دولتا حماسِستان وفتحِستان كلاهما، إذاً، في مأزق بنيوي مشترك وإن تباينت أسبابه وعوامله، كما ألمعنا بالأمس. فهل تكون التسوية مع «الإسرائيليين» المنقذ من ضلال هذا المأزق؟

كان يمكن أن يكون الأمر كذلك، لو أن مثل هذه التسوية مُمكنة حقاً.

فدولة «فتح» حينها ستكون في موقع يُمكّنها من تزويج مشروع سلام فيّاض المؤسساتي لمفهوم السيادة الذي لاغنى عنه لقيام أي دولة حقيقية.

ودولة «حماس»، وعلى رغم أنه لن تكون لها علاقة في البداية مع تسوية الدولتين، لا تعتم أن تفيد منه، إما كمنطلق لتوسيع إطار نشاطها السياسي والأمني (كما فعلت مع اتفاقات أوسلو التي خاضت الانتخابات على أساسها)، أو حتى بالانخراط مباشرة في الانتخابات، انطلاقاً من موافقتها على دولة في حدود 67، في إطار «هدنة الثلاثين سنة» التي كان يدعو إليها مؤسسها الشيخ أحمد ياسين.

بيد أن هذه الدولة ليست آتية لابعد مؤتمر واشنطن الحالي، ولا بعد عشر سنوات، كما «وعد» بعض القادة «الإسرائيليين». فمشروع الدولتين عَبَرَ نهر الروبيكون منذ وقت غير قصير، ليحط الرحال في مستودع المشاريع المُثبطة عبر التاريخ. وهذا تم بشبه إجماع «إسرائيلي» كامل هذه المرة.

فقد أدت التغيرات الديموغرافية التي تمت في «إسرائيل» لصالح قواعد اليمين الديني والقومي المتطرف، إلى تغيير البنية السياسية فيها. فلم يعد هناك يمين يحمل راية «إسرائيل الكبرى» ويسار يلوّح بعلم «السلام الآن»، بل بات هناك يمين يتنافس مع يمين آخر حول أفضل السبل لتطبيق تعاليم التوراة والتلمود والتعليمات الجابوتنسكية.

انقراض اليسار في «إسرائيل» لم يكن السبب في تداعي مشروع الدولتين، على رغم أن قادته كانوا يرون فيه الوصفة الأمثل للحفاظ على يهودية الدولة. فهذا اليسار نفسه هو الذي ساهم طيلة التسعينات في قلب الصورة رأساً على عقب : من العمل على بناء الدولة الفلسطينية وفق منظور أوسلو، إلى ترسيخ بنيان الدولة اليهودية من خلال مواصلة استيطان الضفة وتهويد القدس.

ولذا، وحين رسّخت الديموغرافيا أقدام اليمين في السلطة، لم يؤد ذلك إلى أي تغيير حقيقي في المواقف «الإسرائيلية» حيال التسوية، خاصة ما يتعلق منها بقضايا القدس، والمستوطنات، واللاجئين، والحدود.

ولذا أيضاً، لن يتمخض مؤتمر واشنطن الحالي سوى عن فأر تسووي يتم وضعه في قفص للعرض، كدلالة على أن «العملية مستمرة». لكن خارح هذا القفص، ستواصل الأمور العودة إلى ماكانت عليه العام 1947، حيث كان الصراع محتدماً حول كون فلسطين يهودية أم عربية.

«الإسرائيليون» لا يمانعون في مثل هذه العودة. إذ هم يعتبرون أن الأمر الواقع الراهن هو أفضل العوالم لهم كي يواصلوا بناء دولتهم اليهودية، وحروبهم الدائمة مع العرب، وتحويل فلسطينيي الضفة إلى مستهلكين مُلحقين بها، وفلسطينيي غزة إلى رهائن معتقلين في سجن كبير.

بقي أن يُدرك الفلسطينيون هذه الحقيقة، فيتوقفوا عن بناء دولتهم الإسلامية في غزة والاقتصادية - الأمنية في الضفة، وييمموا وجههم صوب مرحلة جديدة من الصراع تنمحي فيها الفوارق بين عام 1947 وعام 2010، وتُبث فيها الروح مجدداً بالهوية الوطنية الفلسطينية المندمجة بالهوية القومية العربية، والمتناغمة مع العمق الإسلامي.

فهل يفعلون، أم تكون اليد العليا مجدداً لأساطير وخرافات بناء الدول تحت الاحتلال؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165272

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165272 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 2


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010