الأحد 5 أيلول (سبتمبر) 2010

شرطة لليهود فقط

الأحد 5 أيلول (سبتمبر) 2010

قبل سنة بالضبط، قرب موقع مدينة داود في حي سلوان، أطلق مستوطن من الحي اليهودي النار على أحمد قراعين من سلاحه العسكري. بعد أن أصاب رجله ترك قراعين ينزف في الشارع، وأطلق النار على فتى في الخامسة عشرة مر في المكان يركب دراجته وعاد ليطلق النار عليه في ركبته الثانية.

لا شك في الحقائق بل إنها موثقة، لكن ملف المستوطن أغلق في النيابة العامة «لعدم الأدلة». قراعين، واحدى رجليه أقصر بخمسة سنتيمترات يعرج حتى اليوم على عكازتين، وينتظر عملية جراحية أخرى وسيظل معوقاً على الدوام. أما المستوطن فسلام عليه اذا استثنينا التوقيف 24 ساعة.

«كنت في البيت، وسمعت صراخاً فجأة»، يروي قراعين (39)، الذي كان سائق رحلات حتى اصابته وناشطاً اجتماعياً في الحي. «عندما اقتربت رأيت مستوطناً مع بندقية إم 16 مسددة الى صدر ابني. تقدمت لاتحدث معه، وهدد بأن يطلق النار عليّ. قلت له لا يحل لأحد أن يضرب الأولاد. تأخر مع السلاح، وصدم الرصيف وكاد يسقط. قام مذعوراً وقال صديق له : «أطلق النار عليه!». وأطلق النار على رجلي اليمنى. وقعت. جرى ابني نحوي وبكى. سمعت طلقة أخرى، وصرخ شخص آخر «رجلي رجلي»، ثم عاد إليّ وأطلق النار على ركبتي اليسرى».

في مشفى «هداسا» في «هار هتسوفيم» انتظر محققو الشرطة قراعين. اعتقد أنهم أتوا ليجبوا منه شكوى، لكن تبين أنه يوجد شاك آخر : هو الذي أطلق النار، وهو جندي في عطلة، زعم ان المصاب انقض عليه وحاول اختطاف سلاحه، وأن اطلاق النار كان للدفاع عن النفس. حقق مع قراعين ومع ابنيه الصغيرين بعد ذلك ايضاً. وطلب اليه أن يأتي لتحقيقات أخرى بعد أن سرح من المشفى، لكنه لم يتم البرهان قط على أنه حاول أن يهاجم. بعد بضعة أشهر علم أن المدعي العام أغلق الملف على الجندي الذي أطلق النار. وهو اليوم يستأنف على الاغلاق بواسطة المحامي ميخائيل سفراد.

إن ثقة سكان شرقي القدس العرب بشرطة «إسرائيل» في حضيض سحيق. يصف تقرير جديد عن رابطة حقوق المواطن ينشر اليوم عشرات الاحتكاكات العنيفة بين المستوطنين اليهود من أحياء شرقي المدينة وسكانها العرب ويزعم أن الشرطة تتخلى عن أمن السكان وتميزهم قياساً بالمستوطنين.

يزعمون في الشرطة أن التقرير يبدو منحازاً، لكنهم لا يقدمون اجوبة عن شكاوى كثيرة تجمعت ولا سيما على مركزي «شليم» و«دافيد» في المدينة. تبين الشكاوى ان الدفاع عن نحو ألفي يهودي يعيشون في مجموعات صغيرة ويملكون بيوتاً محصنة داخل أحياء عربية يشغل الشرطة أكثر من الحفاظ على الحقوق الأساسية لعشرات آلاف السكان حولهم ويأتي على حسابهم.

[**حرب في باحة البيت*]

«الشرطي قال : هذه أوامر من أعلى».

أبعدت جمالات المغربي في السنة الماضية عن بيتها في الشيخ جراح، ودخل مستوطنون ليسكنوه. في أيار (مايو) من هذه السنة نشب شجار بينها وبين أحد المستوطنين ضربها حتى احتاجت الى علاج طبي. بعد أن سرحت أتت لتشكو في محطة الشرطة «شليم»، حيث قال لها الشرطي أن من الحسن أن جاءت، لانها مطلوبة للتحقيق في مهاجمتها للمستوطن. زعمت أن المحقق رفض مشاهدة فيلم فيديو وثق الشجار كانت تملكه، ورمى بوثائق المشفى في القمامة، ولم يمكنها من معاودة الفحوص وأوقفها حتى الصباح.

قبل ذلك بشهر اعتقل ابنها، عبدالفتاح ابن السابعة عشرة، بعد أن صوره مستوطنون مع مفك في جيبه الخلفي. «اضطررت الى الاتيان بكل من كانوا في الحي ليشهدوا بأن المستوطن تحرش بابني»، تقول. «لم يساعد هذا بل على العكس. طال اعتقال ابني 24 ساعة. وعندما سألت المحقق لماذا لا يعتقلون المستوطن الذي سبب الفوضى كلها قال إن هذه أوامر من أعلى».

تزعم المحامية تالي نير من رابطة حقوق المواطن أن الحديث عن حالة واحدة من كثيرات. «الشرطة تنكل بالسكان العرب على نحو دائم وتسبب فقط تدهور الوضع الأمني. نطاق الظاهرة واسع وهو ذو تأثير بعيد المدى في الجمهور العربي في القدس. نؤمل أن تقوم الشرطة بفحص داخلي».

في حالة رايسة الكركي بلغت المواجهة الى البيت. ففي طرف الدهليز الذي يقسم شقتها إلى اثنين في حي باب الساهرة في البلدة القديمة سكنت قبل سنة ونصف سنة مجموعة من المستوطنين. يتعاقب رجال على الشقة ويبدو أنهم يصلون فيها. أفضت جدالات ومواجهات لا تحصى بالكركي مرة بعد أخرى الى محطة شرطة «دافيد»، لكنه لم تجب منها شكوى قط.

في نيسان (ابريل) هذا العام استيقظت في منتصف الليل لسماع صرخات في الدهليز ونزلت لتغلق الباب تقول «أتى أحدهم فجأة. أمسكت بالباب ودفعه بقوة برجله حتى جرحت يدي. ذهبت الى المشفى وخاطوا الجرح عشر درزات. عندما سرحت ذهبت لأقدم شكوى في الشرطة لكن شكواه كانت تنتظرني هناك. لم أصدق. فقط جعلوني مذنبة مرة أخرى». حقق مع الكركي على انها مشتبه فيها وخرجت فقط بعد أن وقعت على التزام ألا تحدث أي صلة بالمستوطنين المجاورين لبيتها ولا حتى الحديث معهم.

[**لب الصراع*]

«يخاف السكان التجوال في الحي».

لا يمكن الاستخفاف بالصعاب التي يجب على الشرطة مواجهتها. ليس هذا نزاع جيران خرج عن حد التناسب بل هو لب لباب الصراع الكبير. لكن بحسب زعم السكان، بدل أن تحميهم الشرطة من عنف المستوطنين وتحرشهم، يجدون أنفسهم معتقلين عندما يأتون لتقديم شكوى. ويرفض في حالات كثيرة قبول شكواهم بعلل مختلفة، مثل أن المحقق مشغول أو أنه لا يوجد محقق يتكلم العربية، وعندما يعودون بعد ذلك يتبين ان المستوطنين قدموا شكوى مضادة.

لا يجري التحقيق في شكاوى عن أضرار يسببها المستوطنون ولا سيما للسيارات او لمواقع لهو الاولاد، كما يزعمون. ومن أصروا على الشكوى يزعمون أنهم هددوهم من جملة ما هددوهم باعتقال أقربائهم. يتحدثون عن مضايقات متعمدة من المستوطنين وحراسهم الملاصقين، وعن ضجة في جميع ساعات النهار والليل، وطرح قمامة في الشوارع وعن السطوح، ومضايقة الاولاد، وأناشيد تحريض ودخول في حياة السكان الخاصة.

ومشكلة صعبة برزت في السنة الاخيرة هي اعتقال الشرطة لصغار بشبهة رمي المستوطنين أو حراسهم بالحجارة. عند الرابطة سلسلة من الشكاوى عن اعتقال صغار بين 12 ـ 17 سنة في آخر الليل، وفي المدرسة احياناً والتحقيق معهم بغير وجود آبائهم لا على أيدي محققي أحداث وكل هذا بخلاف القانون.

«إن مستوى التوتر والعنف في هذه الأحياء تصاعد تصاعداً شديداً في السنة الماضية’، تقول المحامية نسرين عليان من رابطة حقوق المواطن. «تدهورت الأمور الى حد أن السكان يخافون السماح لابنائهم بالتجوال في الحي. فقد السكان الثقة بجهاز فرض القانون بعد أن اختار هذا ان يدير ظهره اليهم».

- [**عينات فيشبن | «يديعوت» | 5 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 18 / 2165961

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165961 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 17


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010