الاثنين 6 أيلول (سبتمبر) 2010

اسطورة ابطاء البرنامج النووي الايراني

الاثنين 6 أيلول (سبتمبر) 2010

في 19 آب (اغسطس) نشرت «نيويورك تايمز» تقريراً طويلاً بعنوان: «الولايات المتحدة تهدىء روع «اسرائيل» : التهديد الايراني ليس فورياً». وبزعم الكتاب، فان الادارة الامريكية استنتجت انه، بسبب المشاكل المتعاظمة التي تقف امامها ايران في برنامجها النووي ستحتاج إلى سنة أو أكثر للوصول الى الخط الاخير في السباق نحو تحقيق سلاح نووي.

وحسب التقرير، فان السؤال الحرج كان كم من الوقت سيستغرق الايرانيين استبدال مخزون اليورانيوم المخصب بتركيز منخفض باليورانيوم بالجودة العسكرية اللازمة لاعداد قنبلة، المرحلة التي يسميها الخبراء «نقطة الاقتحام النووية».

في هذا الاطار عرضت الفرضية التي تقول ان ايران تجد صعوبة في تخصيب اليورانيوم كنتيجة لتخطيط عليل لاجهزة الطرد المركزي، صعوبة في الحصول على قطع الغيار، وربما تخريباً برعاية محافل غربية. وكنتيجة لذلك ايضاً استنتج الكتاب بان واشنطن أقنعت «اسرائيل» بان نقطة الاقتحام النووية لايران ليست مرتقبة في الزمن القريب القادم وذلك دون أي اقتباس عن أي مسؤول «اسرائيلي» رسمي لتأكيد ادعاءاتهم.

بضع كلمات خلفية لفهم الموضوع : اليورانيوم يوجد في نوعين اساسيين من الايزوتوبات : U 238 وايزوتوبات أخف U 235. وفقط الايزوتوبات الاخف، أي الـ U 235، يمكنها أن تمر بعملية اشعاع نووي واطلاق الطاقة اللازمة لمفاعل ذري او قنبلة نووية. اليورانيوم الطبيعي يتشكل من 0.7 في المئة U 235 و 99.3 في المئة U238.

وجعلت الجمهورية الايرانية اليورانيوم الخام لديها غازاً في منشأة اصفهان، وبعد ذلك دفعت بغاز اليورانيوم الى أجهزة الطرد المركزي في منشأة نتانز، لزيادة كميات الـ U 235. مهم الاشارة الى أن المفاعل المدني يحتاج الى درجة التخصيب بتركيز 3.5 في المئة فقط بينما درجة التخصيب المفضلة للسلاح النووي هي U 235 بتركيز 90 في المئة.

المسألة التي يصعب على الخبراء حسمها هي لماذا ابطأت ايران وتيرة اضافة اجهزة الطرد المركزي في نتانز. منشآت النووي الايرانية المعروفة للغرب توجد تحت متابعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تستخدم الكاميرات وتجري زيارات للحصول على آخر صورة عما يجري هناك.

حسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية من أيار (مايو) 2009، كان لدى ايران 4920 جهاز طرد مركزي فاعلاً في منشأة التخصيب في نتانز. ولكن في شهر ايار (مايو) 2010 قيل أن العدد انخفض الى 3.936، أي أقل تقريباً بألف جهاز طرد مركزي.

كان هناك من وصل الى الاستنتاج بأن الامر حصل جراء خراب عدد كبير من أجهزة الطرد المركزي وكانت هناك حاجة إما الى اصلاحها او استبدالها. ظاهراً، اذا كانت حالة اجهزة الطرد المركزي الإيرانية متردية، فيطرح سؤال سليم بشأن قدرة الايرانيين على قطع الشوط الاخير اللازم للوصول الى يورانيوم مخصب بمستوى عسكري بسرعة. فمثلاً، نُقل عن غاري سامور، مستشار الرئيس اوباما للشؤون النووية، تشكيكه بـ «القدرة الفنية» للايرانيين.

♦♦♦♦

يمكن ايجاد تفسيرات عديدة لمسألة أجهزة الطرد المركزي في نتانز، ولكن يجب أخذ حقيقتين مركزيتين في الحسبان.

الاولى : بالاجمال يوجد ازدياد متواصل في كميات اليورانيوم بتركيز منخفض والتي تتجمع في ايران. واذا كان حسب تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية من حزيران (يونيو) 2009 كان لدى ايران 839 كغم من اليورانيوم المخصب بتركيز منخفض، ففي تقرير ايار (مايو) 2010 بلغ العدد 2.427كغم.

اذا كان كل ما هو مطلوب للايرانيين لاستخلاص 15 كغم من اليورانيوم بمستوى عسكري هو 700- 900 كغم من اليورانيوم بتركيز منخفض، فان لدى ايران اليوم ما يكفي من اليورانيوم المتوفر من أجل انتاج قنبلتين ثلاث قنابل نووية اذا ما قررت عمل ذلك.

خبير النووي الامريكي غاري ملهولين يقدر بانه حتى منتصف 2011 سيكون لدى الايرانيين ما يكفي من اليورانيوم بتركيز منخفض من اجل اعداد أربع قنابل.

ثانياً : عندما رفض الغرب تزويد اليورانيوم بدرجة 20 في المئة للمفاعل الذي ينتج فيه الايرانيون ايزوتوبات طبية، لم يتردد الايرانيون في تخصيب اليورانيوم بتركيز 3.5 في المئة لدرجة 20 في المئة بقواهم الذاتية.

هذا العمل يشكل دليلاً على القدرات الايرانية ويتناقض والتقديرات حول انعدام «القدرة الفنية» لايران. اعتبار مشروع التخصيب الايراني بانه «يقف امام مصاعب» هو اعتبار اشكالي عند النظر الى الازدياد في نوعية وكمية اليورانيوم المخصب الموجود في حوزتها.

♦♦♦♦

مهما يكن من أمر، فان احصاء مخزون أجهزة الطرد المركزي في نتانز هو فقط عنصر واحد في الصورة العامة للبرنامج النووي الايراني.

يحتمل أنه من أجل تنفيذ القفزة الاخيرة نحو اليورانيوم بجودة عسكرية، سيطفىء الايرانيون كاميرات المتابعة الخاصة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية وسيمنعون الزيارات ـ الامر الذي سيخلق أزمة دولية.

ولكن توجد ايضاً امكانية معقولة أكثر. فقد كتب دافيد سينغر مراسل «نيويورك تايمز» الذي غطى البرنامج النووي الايراني في كتابه The Inheritance يقول انه في الاجزاء السرية للتقدير الاستخباري الوطني الامريكي من العام 2007 (NIE) توجد معلومات بشأن منشآت التخصيب الايرانية السرية في مواقع عديدة في الدولة. في ايلول (سبتمبر) 2009 بلغت ايران الوكالة الدولية للطاقة الذرية بوجود منشأة فوردو للتخصيب بالقرب من قم، وهو بيان أكد عليه بعد ذلك الرئيس اوباما.

توجد تقارير عن مسؤولين امريكيين يربطون بين الابطاء في وتيرة التقدم للبرنامج الايراني وبين التجند الاخير للاسرة الدولية لتشديد العقوبات ضد ايران وتبني قرار مجلس الامن 1929 من شهر حزيران (يونيو).

ومع ذلك، فقد اعترف مسؤولون امريكيون ايضاً بانه من ناحية تاريخية، المرة الوحيدة التي ثبت فيها ان ايران ابطأت تقدمها نحو النووي كانت في العام 2003 عندما تخوفوا في طهران من أن تكون ايران التالية في الدور في قائمة الاهداف الامريكية بعد سقوط صدام حسين.

قرار مجلس الامن، تحت الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، والذي استخدم في حالة العراق، كفيل هو ايضاً بأن يبطىء جداً من النشاط الايراني في المجال النووي.

لشدة الأسف، وبسبب التأثير الروسي، قرار مجلس الأمن 1929 تبنى فقط بشكل جزئي الفصل السابع وقام على أساس المادة 41 من الميثاق والتي تتيح نشاطاً غير عسكري فقط اذا رفض الايرانيون التعاون.

في هذه الاجواء السياسية، التقدير بان ايران تشعر بوجوب ابطاء برنامجها النووي هو ليس أكثر من أمنية.

- **«اسرائيل اليوم»



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2178603

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

12 من الزوار الآن

2178603 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40