الأربعاء 8 أيلول (سبتمبر) 2010

اوباما ذكي ولكنه فاشل

الأربعاء 8 أيلول (سبتمبر) 2010

«أجل، كانت خطبة جيدة لبيبي لكنها غير كافية. لا يوجد فرقاء عمل ولا اعداد ولا تحليل للفشل الأخير في أنابوليس. فإنك اذا مضيت الى التصور نفسه الذي كان هناك فيجب عليك أن تفهم لماذا فشل. يجب عليك أن تضع قاعدة لهذه المحادثات. أن يكون خط واضح وعامود فقري تستطيع البناء فوقه. لا أعلم ما الذي يريده نتنياهو حقا. عندما أسأل ناسه فانهم لا يعلمون أيضا».

المتحدث هو عيبال جلعادي وهو عميد في خدمة الاحتياط، وكان في الماضي رئيس شعبة التخطيط الاستراتيجي في شعبة التخطيط في هيئة القيادة العامة، وكان مهندس الانفصال، والخبير الاستراتيجي بالجغرافيا السياسية والخبير الأمني عند اريئيل شارون، والمفاوض الأجدى والأقوى حضورا في ادارة اولمرت وشارون مع الامريكيين، وأحد الأدمغة اللامعة التي أنتجت في الجيش «الاسرائيلي». إنه في الثالثة والخمسين، ذو نشاط لا يستنفد وحضور طبيعي غامر. إنه شخص آسر حسن الكلام على نحو متميز، وأحد أكثر الضباط ثقافة في الجيش. يملك أربع اجازات اللقب الثاني (جامعة حيفا وجورج واشنطن وجامعة الامن القومي في واشنطن وكان الى ذلك مشاركا في البحث في ستانفورد في معهد هوبر وفي معهد سيساك المرموق)، يتكلم انكليزية رفيعة، وهو ذو صلة واتصال بأربع قارات على الأقل. دفعه رئيس الاركان موشيه يعلون خارج الجيش، بعد أن تبين أن جلعادي أنشأ صلة وثيقة جدا برئيس الحكومة آنذاك. أصبح جلعادي الورقة القوية في ديوان رئيس الحكومة، وابتدع الانفصال من أجل شارون، وأوجد بعد ذلك «الانطواء» من أجل اولمرت. حطمت حرب لبنان الثانية الأحلام وتبين أن الانفصال إخفاق في التنفيذ، واختفى جلعادي عن الحياة العامة وفضل حصر عنايته في العمل.

[**خطأ اوباما*]

يتحدث جلعادي الان، عن كل شيء. ما زالت له صلة شاملة وثيقة بالادارة الامريكية (ولا سيما بدنيس روس). لا كما كانت الحال ذات مرة، عندما كانت شرفته في كيبوتس كابري، الذي يطل على مواقع مراقبة «حزب الله»، مكان الهدوء الشعبي عند آليوت ابرامز، وبيل برينس، وديفيد سترفيلد ودان كيرتسر، لكنه ما يزال قادرا على أن يكون عالما بآخر المستجدات متصلا بشبكة. يجالس أيضا مسؤولين «اسرائيليين» كبارا. يحادثه وزراء من السباعية، ويبسط أمامه مستشارو رئيس الحكومة الأفكار. يتساءل جلعادي : «اذا كنتم تمضون الى مفاوضة فأين الاعداد؟ ماذا تفعلون؟ ما هي صورة النهاية التي تريدها «اسرائيل» في هذا التفاوض؟ عندما عملت مع شارون كنت أجلس اليه وأحاول أن أفهم منه. وفي كل عشرة أيام كنت أسقط عليه فكرة وأفحصه. زعمي الان أنه لا يوجد في جانبنا أي اعداد. لا توجد محاولة رسم خريطة طريق ذات هدف محدد. أين نريد أن نكون آخر النهار؟ أيستطيع أحد أن يبين لي هذا؟ أيعلم أحد؟».

يقول جلعادي : «يمكن انشاء خطة كاملة. اذا لم تكن تريد دولة فلسطينية فقل ذلك فقط ولنستعد لوصول هذه النتيجة. ثمة سبل. لكن قل قبل ذلك ما الذي تريده، لنفسك ولفريقك. مشكلة «اسرائيل» الاولى أننا فقدنا المبادرة والريادة. هذا هو الأمر المركزي الذي صنعناه مع شارون. أمسكنا بمصيرنا بأيدينا. وحددنا هدفا وقارنا الجميع به : الجمهور «الاسرائيلي»، والجهاز السياسي، والامريكيين والاوروبيين، ثم الفلسطينيين بعد ذلك. أملينا برنامج عمل. وعندما أجالس أحد أقرب الناس إلى بيبي وأسأله (قل لي ما هي الخطة؟ والى أين تريدون الوصول؟)، لا يعلم. وأقول لك إن كل خطة يريدها نتنياهو، وكل خطة يضعها على المائدة سيقبلها الامريكيون. وسيقف شعب «اسرائيل» من وراء كل خطة كهذه. ومن ورائه العالم ايضا. أزور واشنطن كثيرا وأعلم ما الذي أقول. عندما ألف بيبي حكومته أيضا كنت هناك. قلت للأمريكيين إنه لا محل لارتيابهم. وإن الأمر سيكون على ما يرام. جلست الى جورج ميتشل. تحدثنا فيما سنفعل. سألني : كيف سترد «اسرائيل» اذا طلبت امريكا وقف البناء في المناطق وتجميده تجميدا مطلقا؟ قلت له انهم اذا طلبوا هذا على هذا النحو فسيكون الجواب رفضا. واذا أتوا بشيء أكثر احكاما فسيكون محتملا. لكن اذا كان الأمر بين نعم أو لا فسيكون لا. طلب افكارا. قلت له انهم اذا اتوا بمعايير مثل وقف البناء شرقي الجدار فقط فان ذلك منطقي. مع مهلة، ومع صيغة أكثر احكاما تعطي كل جانب انجازات وتجبي منه ثمنا يستطيع دفعه.

[**▪*] كيف تفسر اذن أنهم ساروا في اتجاه مضاد؟

- إنه الرئيس. اوباما فقط. يوجد خلل ها هنا مهما كان هذا الرئيس موهوبا. فقد دخل بلا تجربة تماما. وكل سفر له الى الخارج انتهى الى كارثة. انهار تصوره بعد نصف سنة. سافر الى السعودية بلا أي اعداد وفشل. وسافر الى كوبنهاغن للاتيان بالالعاب الاولمبية الى شيكاغو وعاد فارغ الوفاض. وكان على ثقة بأنه بفضل حقيقة أنه سافر الى هناك فسيحدث ذلك ولم يحدث. نحن الصغار ما كنا لنرسل أبدا شارون الى واشنطن دون ان تكون النتائج معلومة سلفا. فكيف يمكن ارسال رئيس امريكي على هذا النحو، مرة بعد اخرى، في أسفار تنفجر في وجهه؟ بل إنه في السعودية لم يحصل على موافقة أن تطير طائرات العال فوق مجالها الجوي. من قرأ مواد الاحاديث بين بوتين ومديفديف بعد ان كان اوباما هناك يدرك أنهما تناولاه في وجبة الصباح. وعلى العموم لا تنجح طريقة مبعوثيه الرئاسيين البتة. أيأتي ميتشل؟ ماذا يعني ذلك؟ عندما يكون هنا يكون اعداد ونشاط وينتهي ذلك عندما يغادر وهكذا دواليك.

وأسأل من يقوم بالعمل؟ من يعزز؟ أين سترفيلد وابرامز وبرنس الذين قاموا بعمل متصل منظم منهجي؟ وقد خسر أيضا نسبة تأييده عند الجمهور في «اسرائيل». لم يوجد رئيس امريكي تنقصه المشايعة الى هذا الحد في «اسرائيل». لم يسبق لهذا مثيل. انه موهوب لكنه بلا تجربة وهذا أمر بارز. اعتقد أنه اذا اقترب من العالم العربي فسيسهل له ذلك الطريق. لكنه اقترب منهم بالابتعاد عنا وهذا خطأ قاتل. اذا كنت تشتري من العرب وتدفع بعملة «اسرائيلية» فانك تخسر العرب و«الاسرائيليين» ايضا. لهذا ليست صعوبتي الكبرى مع سياسة اوباما بل مع تحقيقها.

[**▪*] أين أعظم اخطائهم من جهة تقنية؟

- قلت لهم منذ البدء، اعملوا مع بيبي. لا تدفعوه الى الزاوية. اذا دفعتموه فلن يحدث ذلك. وخذوا مثالا عن شارون. عندما أتى ليكون رئيس حكومة لم يخطط حتى لاقتلاع وتد واحد في مستوطنة ما. فلماذا تحرك؟ لانه شعر بأن امريكا من ورائه. قلت لهم هذه هي السبيل ولا يوجد سواها. اذا اردتم ان يفعل شيئا ما فلا توقفوه في الزاوية. لا تفرضوا عليه حصارا. ضعوا يدا على كتفه وسيّروه بلطف الى المكان الصحيح. وسألوني هل تجدي زيارة «اسرائيل»؟ قلت لهم: الأمر محتمل. نحن لا نبحث عن حدث احتفالي بل عن علاقات حقيقية. لكن لاوباما مشكلة مع العلاقات. انظر مثلا غوردون براون. كم مرة تحدثا؟ لا يتحدث البتة الى الزعماء. تحدث شارون وبوش بعضهما الى بعض مرة كل اسبوع تقريبا. الان عندما يتحدث اوباما الى بيبي يكون ذلك احتفالا. توجد غربة بدل التحادث وتباعد. وهذا بدءاً سيىء’.

[**▪*] أتعتقد ان اوباما رئيس ضد «اسرائيل»؟

- لا. لكنه أنشأ شرعية الموجة المعادية لـ «اسرائيل» في اوروبا. ونحن ندفع عن ذلك ثمنا باهظا. صحيح عنده انتقاد علينا وبعضه صحيح. ليست لنا خطة وليس لنا اتجاه محدد. لكن لا تحل البلبلة. نحن الجانب الخير. يجب أن يكون واضحا أين الاخيار وأين الاشرار هنا. نحن الدولة الوحيدة في المنطقة التي يخاف فيها نظام الحكم من المواطنين لا العكس. أجل نقوم بأخطاء وهفوات لكننا الاخيار. وأمريكا، في البداية على الأقل أوحت بجو مختلف. هذا خطأ شديد. فالعالم كان يفضل أن يرى «اسرائيل» أكثر من أن يرى سورية أو مصر. أليس صحيحا؟ فلماذا السلوك العكسي؟ كانت النتيجة فشل السياسة الامريكية. وانقضى الامر. نحن نحادث الفلسطينيين منذ 1993. منذ 18 سنة تقريبا. تولى اوباما عمله في كانون الثاني (يناير) 2009 ومنذ ذلك الحين لا نحادثهم. نحن في قطيعة مطلقة. هذه أول سنة لا يوجد فيها أي اتصال.

قلت للأمريكيين إن هذا انجازهم الأكبر. حصلوا على تسعة أشهر تجميد ومقاطعة مطلقة. فماذا فعلنا؟ خذ على سبيل المثال حادثة البناء في راموت شلومو في أثناء زيارة جو بايدن. من أجل ماذا رفعوها وجعلوها أزمة عالمية؟ إنهم يعلمون أن بيبي لم يعلم وأن الامر لم يكن متعمدا. يعلمون هذا على نحو ممتاز. وقد اعتذر بصوته. وكانت الصيغة منسقة. فعندما سألت قالوا لي إن من نسق الصيغة في واشنطن لم يكن مؤهلا. قلت لهم إن الأمر غير جدي. فجأة أتى توبيخ هيلاري لمدة 43 دقيقة، وهم يتحدثون في ذلك ويجعلونه حادثة لم يسبق لها مثيل. من أجل ماذا؟ أتريدون تدبير مسيرة السلام أم ضرب بيبي؟ قرروا. أنا أيضا أعارض البناء في المستوطنات، لكنه لا مشكلة عندي في البناء في أحياء يهودية في القدس. أصنع أزمة بسبب راموت شلومو؟ أنتم تعلمون أنها لم تخل أبدا. أليس الأمر خسارة؟ وكل هذا وأنتم تحاولون البدء بمحادثات تقارب. وعلى نحو معلن ايضا.

[**▪*] أستنتج من هذا الانتقاد أن اوباما غير ملائم ببساطة.

- لا. انه رجل ذكي. لا يوجد هنا سؤال «ماذا» بل سؤال «كيف». أعمل منذ 15 سنة مع واشنطن في صور شتى، هذه أقل الادارات التي عملتُ معها خبرة. لا يعني انهم لا يريدون بل لا ينجحون ببساطة. وهم على ثقة بأن بوش كان أحمق. واقول لهم انظروا كم كان هذا الاحمق حكيما. فقد أخذ شارون، وقرنه بخريطة الطريق، ونشر رؤيا واضحة عن الدولتين، وانظر كيف أخلى شارون 19 مستوطنة في غزة وفي السامرة، فماذا فعلتم؟ أتسعة أشهر تجميد؟ تعلموا من كلينتون. فقد فهم ما لم تفهموه. وهو أنه يجب قبل كل شيء قرن الزعماء بخطة. لا يمكن العمل من فوق رؤوسهم. انا «اسرائيلي» فخور. لم أصوت من أجل بيبي لكنه رئيس حكومتي. كل محاولة منكم لإملاء شيء آخر ستلقى معارضة. وأنتم ببساطة تلعبون لصالحه. انه يزعم أنكم تحاولون اسقاطه، وهو على حق ايضا بعد راموت شلومو.

[**أداة ضغط مالية سياسية*]

أنشىء صندوق بورت لاند في 2003، وبدأ جلعادي ادارته بعد مرور سنتين. وكان الهدف تطوير الاقتصاد الفلسطيني. «لا لأن هذه مصلحتهم»، يقول ’بل لانها مصلحتنا. الهدف أن نبني لهم برنامج عمل طبيعيا. أن يستيقظوا في الصباح ويذهبوا للعمل ويرسلوا أبناءهم الى المدارس ويخرجوا في عطل. وأن نبني لهم طبقة وسطى. جميع هذه الاشياء غير مفهومة من تلقاء نفسها في نابلس وجنين. نحن نبنيهم.

[**▪*] يذكرني هذا بطريقة «من أسفل الى أعلى» عند بيبي وبوغي.

- هذا صحيح. لكن تصورنا تصور عام. أتينا بـ 230 مليون دولار من الاعتماد لمصالح صغيرة ومتوسطة في «السلطة الفلسطينية». توجد هناك مشكلة اعتماد. فالمصارف الفلسطينية غير مستعدة لاعطاء اعتماد. فهي تعلم أن مستوى المخاطرة عظيم. فأتينا بالمال، من أمريكا واوروبا، ونحن نضمن نصف القرض، وهذا يعطي حقنة تشجيع ضخمة للاقتصاد الفلسطيني. نشأت عشرات المصالح مع آلاف العاملين. لنا نصيب مهم في انشاء نظام تقاعد للقطاع الفلسطيني الخاص. أتعلم أنه لا يوجد هناك شيء كهذا؟ أخذت فريق التقاعد الفلسطيني الى لقاء في وزارة الخزانة العامة مع يدين عنتابي وأناسه. نحن نشطاء جدا في تخطيط روابي المدينة الفلسطينية الجديدة. كان بشار المصري عندي، وهنا بدأ. زودنا جماعة التخطيط الامريكية الكبيرة التي خططت للمدينة بالنفقة. ستكون هناك 5 آلاف وحدة سكنية وسيسكن هناك نحو 40 الف فلسطيني، في المدينة الفلسطينية المخطط لها الاولى التي ستبدو مثل مدينة نعرفها. مع ابراج سكنية، ومراكز تجارية وثقافية، ومدارس ومساجد وكنائس وكل ذلك في مستوى دولي. أخذت ذات يوم المصري الى وزارة الدفاع، الى الكرياه، وجلسنا عند بوخاريس. تخيل هذا المشهد. كل ذلك كما قلت ترجمة أدوات مالية ووسائل اقتصادية الى تأثير في المسيرة السلمية. سيكون هذا التأثير حاسما وأسرع مما تعتقد. أصبحت ترى الان ان الجمهور الفلسطيني في الضفة متعب من الحروب ولا يؤيد الارهاب. انه مهتم بالعمل وأوقات الفراغ وأمن العمل. هذه هي القضية بالضبط.

- [**بن كاسبيت | «معاريف» | 8 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2182005

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2182005 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 64


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40