الأربعاء 8 أيلول (سبتمبر) 2010

عبّاس يتحدث عن الثوابت؟!

الأربعاء 8 أيلول (سبتمبر) 2010 par سوسن البرغوتي

آخر من يحق له الحديث عن الثوابت الوطنية هو عبّاس وسلطته القابعة في المقاطعة، والتي لم يسقط عنها الاسم حتى في خضم اللقاءات الحميمية، وقد سلم فلسطين إلى «إسرائيل» على مراحل. فمنذ ما قبل أوسلو كان يطلب ود الصهاينة، ويجتمع بهم سراً وعلانية، بغية الوصول إلى (حل يرضي الطرفين)، بمعنى آخر تسوية تبقي «إسرائيل» لها اليد الطولى في الوطن العربي، وليس فلسطين وحسب، وهو الشريك الأول في هندسة المشروع التسووي منذ بدايته، فاستقالته أو تنحيه، بمثابة سقوط مشروع «الشراكة».

[**فلنتابع بالتواريخ مسيرة التفريط بالثوابت :*]

[**♦*] وقع اتفاقية من الجانب الفلسطيني مع الجنرال ماتيتياهو بيليد التي أدت إلى إعلان ما يسمى مبادئ «السلام» مع «إسرائيل» على أساس الحل بإقامة دولتين، المعلن في بداية 1977.

[**♦*] أصدر كتاباً بعنوان «الصهيونية بداية ونهاية»، لمد الجسور مع ما يسمى القوى اليسارية الصهيونية المناهضة لممارسات القيادات «الإسرائيلية» الحاكمة، بلقاءات سرية تجمع بين الطرفين لتقريب وجهات النظر وإمكانية التعايش المشترك، متجاوزاً المحظورات (الظاهرية المعلنة) في منظمة التحرير آنذاك.

[**♦*] بدأ المحادثات السرية مع الصهاينة من خلال وسطاء هولنديين عام 1989، وقيادة المنظمة لم تكن بعيدة عن تلك المحادثات.

[**♦*] تنسيق المفاوضات الجانبية أثناء مؤتمر مدريد عام 1991، والتي أسفرت عن :

[*■*] «اتفاقية أوسلو» اللعينة، موقعة من طرفه عام 1993، وتنازل فيها (مخولاً من عرفات) باسم وتوقيع منظمة التحرير الفلسطينية ورئيسها عرفات عن 78 % من كامل فلسطين، والاعتراف العلني بـ «إسرائيل» كدولة. ووقع عن الطرف «الإسرائيلي» شمعون بيريز، رئيس الكيان الصهيوني الحالي. بمعنى أن عبّاس كان وما زال يلتقي بكل التيارات السياسية في الكيان، بحثاً عن تدعيم برنامج التسوية مع محتل الأرض وقاتل الشعب وطارده من أرضه، ويعمل ليل نهار على تهويد الضفة والقدس، واستكمال بناء الجدار عام 2006 في عهده غير الميمون. فمن لقاءات مع أقصى قادة اليسار الصهيوني إلى حزب العمل الذي أنجز معه ومن أوري إلى أقصى اليمين المتطرف شارون وبعده حكومة نيتنياهو الحالية!.

[*■*] توقيع «اتفاق غزّة - أريحا» 1993 ودخول عرفات إلى غزّة وتسلّم الحكم الذّاتي فيها، وبموجبها قُمعت انتفاضة الحجر.

[*■*] توقيع «اتفاق واي بلانتيشن» 1998، وإلغاء المواد التي تدعو إلى تدمير «إسرائيل» في الميثاق الوطني في جلسة المجلس الوطني بغزة. تلاه «إتفاق واي بلانتيشن (2)»، في عام 1999 بشرم الشّيخ في مصر، وكان من ضمن المفاوضين والموقعين عليه.

[*■*] «وثيقة عباس- يوسي بيلين» عام 2000، لعقد اتفاقية الوضع النهائي بين «إسرائيل» ومنظمة التحرير الفلسطينية، وصولاً لتحقيق ما يسمى السلام والازدهار الاقتصادي بين «الإسرائيليين الشجعان» والفلسطينيين، باعتماد قرار 242 و338. ومن بنود الوثيقة، في حال قيام «دويلة» على أجزاء متناثرة في الضفة، على اعتبار القطاع إقليم (خارج عن الطاعة) حالياً، سوف تضفي الدولة الفلسطينية اعترافها بدولة «إسرائيل» ضمن حدود آمنة ومعترف بها بعاصمتها «أورشليم» القدس!.

ولم تكتف الوثيقة بتوريط «السلطة»، بل واصل الطرفان العمل لإقامة اتحاد كونفدارلي أردني ـ فلسطيني، يجري الاتفاق عليه بين الدولة الفلسطينية العتيدة والأردن، وذلك بزج الأردن كأرض وشعب ودولة في هذا الاتفاق، لتكون الغلبة لـ «إسرائيل»، كون «السلطة» متحالفة مع الكيان، وترتبط معه باتفاقيات ومعاهدات «سلام» ووئام، مما يرجح الوطن البديل القائم فعلياً دون دراية خطورته على دول المشرق العربي، انتهاء بمكافأة «إسرائيل» بسمكة النيل مصر حية أو ميتة، أي بتدمير كلي لدولة عربية مركزية.

وهناك بند تنازل عنه عبّاس من ضمن ما تنازل عنه (السيادة السياسية والاقتصادية)، فلحقه بتعهد الطرف الأضعف دائماً بالالتزام بعدم الانضمام والمساعدة أو التعاون مع أي ائتلاف أو منظمة أو تحالف عسكري أو أمني معاد للطرف الآخر، ونتساءل من هم أعداء «إسرائيل»؟، إلا المقاومة وما ابتدعه الحليفان الإستراتيجيان فيما بعد من أعداء لسلام السراب، وكل من يعادي الهيمنة و«إسرائيل» تعاديه دولة التُبّع! وتُركت مسألة الحدود إلى ما يُسمى الوضع النهائي، والتزم عبّاس بأمن «إسرائيل» بالكامل من خلال تنسيق وتبعية تلاميذ دايتون للعدو المطلقة.

وقد اندلعت انتفاضة الأقصى في العام نفسه، مما أدى إلى تعثر استمراء عبّاس تبني مشروعه.

[**♦*] ابتدع منصب رئيس الوزراء في «سلطة» الحكم الذاتي في 2003، لكنّ حكومته لم تعمِّر أكثر من مائة يوم، وأطلق عليه عرفات بعد خلافات حادة مع عبّاس (كرزاي فلسطين).

[**♦*] في عام 2004 استلم زمام إدارة «السلطة»، بعد رحيل عرفات، وما زالت نهايته تحوم حولها الشبهات، منها ما صرح به القدومي عن تورط عبّاس بقتل عرفات.

[**♦*] «خارطة الطريق» عام 2005، وأول بنودها نبذ «العنف وملاحقة المتمردين» على السلام المزعوم.

[**♦*] دعا إلى انتخابات تشريعية تحت ذريعة (الديمقراطية) عام 2006، وفازت «حماس» بالأغلبية، وتحملت تشكيل حكومة، مما أدار نتائج الانتخابات إلى قرصه، وبدأت معركته العلنية مع المقاومة «الحقيرة» كما سماها.

[**♦*] حسمت «حماس» عسكرياً موقفها من الأجهزة الأمنية في القطاع عام 2007، وبدأت مرحلة ثانية، بتشديد الحصار على القطاع، الباقي حتى الآن صامداً. وأحكمت كل من «إسرائيل» والنظام المصري و«موحد الشطرين» قبضتهم على الحصار، لاستعادة سيطرة «سلطة عبّاس» على القطاع، للاستمرار في ذات المشروع.

[**♦*] «مؤتمر أنابوليس» 2007 في ماريلاند/ الولايات المتحدة الأمريكية، لإحياء خطة «خارطة الطريق».

[**♦*] السطو على المؤسسات الفلسطينية المتمثلة بالرئاسة والسلطة ومنظمة التحريف (لا التحرير)، في مؤتمر بيت لحم الأخير عام 2009، لضمان استمرار النهج المشوه للقضية الفلسطينية.

[**♦*] عودة إلى المفاوضات 2010 برعاية الإدارة الأمريكية وقبول مصر باستضافة اللقاءات القادمة بشرم الشيخ، والتي ستؤدي إلى ضرب عدة عصافير بحجر «إسرائيلي» واحد.

هذه هي مسيرة عبّاس ومشروعه قائم على التنازل عن فلسطين من نهرها إلى بحرها، مقابل إبقاء نظام «السلطة» التطبيعي وتحويلها إلى «دويلة صورية» وبوجود قوات دولية، بلا أدنى التزامات من «الشريك»، مع اشتراطه الإعلان الرسمي الاعتراف بـ «يهودية دولة إسرائيل»، وقد صرح عبّاس قبل فترة وجيزة، ليسموها ما شاؤوا، ولن يفرض عودة 6 ملايين لاجئ إلى دياره، لأن ذلك سيقوض أمن وبقاء «إسرائيل»، عدا ما ذكره في «أيباك»، عن أحقية (الشعب اليهودي في أرض «إسرائيل»)!!.

عبّاس يجسد حزب «كاديما» الصهيوني، ويمضي قدماً في تراجعه عن شرطه المسبق بـ «تجميد الاستيطان» في الضفة فيما يُسمى المفاوضات، مدعوماً من الإدارة الأمريكية، طالما أنه يلبي الأوامر خانعاً وصاغراً، ويتدرج في سياسته من كارثة إلى أخرى، ستجلب للشعب الفلسطيني النكبة الثانية وللوطن العربي أم النكبات، بفتح الحدود والبلاد أمام «إمبراطورية» متفوقة بكل المجالات، وسياستها التدمير والعصا لمن عصا!.

نحن أمام مشروع لم يُستكمل، والمفاوضات المباشرة، ستنجح خطط «إسرائيلية» مستقبلية. فإن كان الموضوع برمته منصباً على احتلال فلسطين، فهي محتلة، ولكن الخطر القادم أفظع من تفكيك البلاد العربية من الداخل، فهو القضاء على خارطة الوطن العربي السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بعد احتلال العراق وسعي دؤوب لتقسيم السودان واليمن ومؤامرة تلو الأخرى على وحدة المعادلة الوطنية في لبنان، والحبل على الجرار، لتتحول الأمة إلى الدرك الأسفل بين الأمم الميتة بالعُرف «الإسرائيلي».

بعد هذا كله، فإن من يهاجم ويرفض المقاومة القلعة الأخيرة المانعة لسقوط عواصمنا ومدننا، فهو يسعى إلى خراب شامل، وكان الأجدى لمصلحة مصر والأردن رفضها، وليس احتضانها، وإسقاط «السلطة» وليس دعم مشروع التخريب أولاً وأخيراً، إذ لم يعد الآن عبّاس المشكلة وقد اتضحت مسيرته من ألفها إلى بائها، بل تطور إلى نظام ملحق بالعدو مدمر على جميع الأصعدة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 72 / 2178141

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2178141 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40