الجمعة 17 أيلول (سبتمبر) 2010

نقاش أمريكي ساخن حول إيران

الجمعة 17 أيلول (سبتمبر) 2010

بينما يستمر جمود المفاوضات بين إيران والقوى الكبرى، يستمر نقاش ساخن عبر وسائل الإعلام الأمريكية حول ما إذا كان يتعين اللجوء إلى الخيار العسكري لمنع إيران من حيازة السلاح النووي على افتراض أنها تسعى لذلك حقاً، ومن الواضح أن هناك تياراً قوياً داخل الولايات المتحدة يدعو إلى تصعيد المواجهة مع طهران، وحتى إلى ضرب منشآتها النووية، لكن هناك أيضاً بعض الأصوات التي تعارض اللجوء إلى العمل العسكري، ونقدم في ما يلي نموذجين لهذين الاتجاهين.

في موقع «كومون دريمس» كتب المعلق الأمريكي البارز روبرت باري مقالاً بعنوان «نيويوك تايمز تدفع المواجهة مع إيران»، قائلاً فيه :

تدفع «نيويورك تايمز» والتي يبدو أنها لم تتعلم أي درس من كارثة أسلحة الدمار الشامل في العراق، نحو مواجهة متصاعدة مع إيران لتسقط في ذلك النوع ذاته من الهستيريا الذي أظهرته هي ومؤسسات إعلامية أمريكية رئيسية في عامي 2002 و2003.

وفي أحدث افتتاحية كتبتها بأسلوب المحافظين الجدد، خلصت الصحيفة إلى الحكم التالي :

تصر طهران، كما هو متوقع منها، على أنها ليست بصدد صنع سلاح نووي، لكن رفضها وقف التخصيب والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يجعل من المستحيل تصديقها.

وإلى جانب استخدامها التعبير اللغوي «مستحيل» وهو صفة مطلقة لا يمكن تعديلها، أخطأت «التايمز» في فهم أن عداءها الشديد سابقاً تجاه إيران أسهم في خلق الحركة الدينامية التي تدفع المأزق حول البرنامج النووي الإيراني باتجاه أزمة.

والأمر المذهل هو أن صحيفة «واشنطن بوست» وهي حصن آخر للمحافظين الجدد، كتبت بدورها تقول في افتتاحية إن إيران لديها حالياً ما يكفي من اليورانيوم المنخفض التخصيب لصنع قنبلتين نوويتين، في حال اختارت رفع التخصيب إلى مستويات أعلى ومضت قدماً في تصميم وصنع سلاح نووي.

ولكن ما لم تذكره «البوست» و«التايمز» في افتتاحيتها، هو أنهما وأصدقاءهما المحافظين الجدد لعبوا دوراً مساعداً في احباط الجهود الأولى للرئيس باراك أوباما العام الماضي للوصول إلى اتفاق حول تبادل الوقود النووي، ثم أسهموا في نسف اتفاق مواز كان ثمرة مفاوضات أجراها الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق من العام ذاته، وقد اقنع لولا وأردوغان الرئيس الإيران محمود أحمدي نجاد بقبول اتفاق تبادل الوقود النووي، ما شكل استكمالاً للمفاوضات التي كانت إدارة أوباما قد بدأتها.

وفي تلك المرحلة، كان من شأن التبادل أن يزيل حوالي نصف مخزون إيران من اليورانيوم المنخفض التخصيب، بحيث يبقى لديهاما يكفي فقط لبدء العمل في صنع قنبلة واحدة، على افتراض أنها كانت تريد ذلك حقاً.

ومع أن التبادل كان يمكن أن يشكل خطوة كبرى إلى الأمام، فإن إعلاميين بارزين في «البوست» و«التايمز» قضوا على الاتفاق، حتى إن أبرز معلقي «التايمز» توماس فريدمان، الذي كان أيضاً أبرز المهللين لغزو العراق، أوضح أنه لن يرضى إلا بـ «تغيير النظام» في إيران. وبدورهم، تعامل المتشددون في إدارة أوباما، مثل وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، مع الزعيمين البرازيلي والتركي على أنهما متطفلان غير مرغوب فيهما ومتداخلان في ميدان دبلوماسي خاص بأمريكا.

ورد لولا على هؤلاء الأمريكيين بتحديهم بأن يعملوا كوسطاء من أجل حل المواجهة مع إيران وتساءل : «لكن من قال أن هذه مسألة تخص الأمريكيين؟» قبل أن يضيف : «الحقيقة الواضحة هي أن إيران صورت كما لو أنها الشيطان، وقيل إنها لا تريد أن تجلس «حول طاولة المفاوضات»، خلافاً لواقع أن «إيران قررت الجلوس حول طاولة المفاوضات وهي تريد معرفة ما إذا كان الآخرون سيحذون حذوها». ولكن ما عرفته إيران هو جوقة من صانعي السياسة والإعلاميين الذين قابلوا الاتفاق الإيراني البرازيلي التركي بالأزدراء.

ورد الفعل الأمريكي أثار حيرة البرازيل، ما دفعها إلى نشر رسالة مكونة من ثلاث صفحات بعث بها الرئيس أوباما إلى الرئيس لولا دا سيلفا ليشجع البرازيل وتركيا على المضي قدماً في اتفاق التبادل، وفي هذه الرسالة قال أوباما أن تبادل اليورانيوم المقترح «سيبني الثقة، ويخفض التوترات الإقليمية من خلال تخفيض كبير في مخزون إيران من اليورانيوم المنخفض التخصيب».

غير أن صقور الإدارة الأمريكية المدعومين من نخبة صانعي الرأي العام في «البوست» و«التايمز» تغلبوا على أوباما، وبدلاً من قبول اتفاق التبادل، مضت إدارة أوباما في فرض عقوبات أكثر قسوة على إيران، رغم تحذيرات من أن العقوبات لن تؤدي إلا لتشدد إيران في موقفها النووي.

والآن، بعد أن ردت إيران بعداء وارتياب أكبر ازاء المجتمع الدولي، فإن كتاب الافتتاحيات في «التايمز» مصممون، مرة أخرى، على تأجيج التوترات، وهو ما ينسجم مع رأي فريدمان القائل إن الحل الوحيد المقبول هو «تغيير النظام».

أما كتاب افتتاحيات «البوست» فقد كانوا على الأقل صادقين، حيث اشاروا إلى فشل اتفاق التبادل، لكنهم هم أيضاً تحدثوا بلهجة منذرة بسوء، إذا رأوا أن هجوماً عسكرياً أمريكياً قد يكون الحل الوحيد.

هكذا دفعت الصحافة المتحيزة لـ «التايمز» و«البوست» العالم إلى شفير نزاع جديد في «الشرق الأوسط»، وبعد أن وضع المحافظون الجدد وحلفاؤهم جانباً كارثة العراق والحرب الخرقاء في أفغانستان، يبدو أنهم لا يزالون المهندسين الرئيسيين للسياسة الخارجية الأمريكية.

[**♦♦♦♦*]

في موقع «أزمنة سلاح الجو» (إيرفورس تايمز) نشر الدبلوماسي الأمريكي المتقاعد روبرت دور، وهو أيضاً ضابط متقاعد في سلاح الجو، مقالاً بعنوان «الولايات المتحدة وحلفاؤها يجب أن يقبلوا إيران مسحلة نووياً»، وقال فيه : الهجوم على إيران آتٍ إذا صدقنا ما يقوله بعض المحللين في العاصمة واشنطن.. وهم يتوقعون أن تشن «إسرائيل» ضربة استباقية لمنع إيران من صنع سلاح نووي وسيتم ذلك على الأرجح عاجلاً وليس آجلاً في حال حقق الجمهوريون مكاسب في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس الأمريكي في الثاني في نوفمبر (تشرين الثاني).

دعونا نأمل أن يكون هؤلاء المحللون مخطئين، لأنه من المؤكد تقريباً أن سلاح الجو «الأمريكي» سينجر إلى القتال بينما هو لا يحتاج إلى المساهمة في شن حرب مشؤومة أخرى.

وقال ضابط رفيع المستوى في سلاح الجو «أشعر بقلق من دفعنا إلى التورط في شيء ما، هذا ليس من مصلحتنا».

وهذا الضابط محق، ولو أن زعماء عالميين يصرون على أن إيران مسلحة نووياً ستشكل تهديداً غير مقبول للاستقرار.

وفي الواقع، هناك مشكلات حقيقية قائمة بين الولايات المتحددة وإيران، لكن إيران بلد عصري ومثقف لديه جيل شاب يعبر عن آراء متنوعة، وملايين من الإيرانيين، المهتمين بأمور حياتهم أكثر من اهتمامهم بمواجهة، سيرحبون بعلاقات أفضل مع الولايات المتحدة، لكن شن هجوم عسكري يمكن أن يقضي على أي تأثير إيجابي محتمل لهم، وفي «الشروق الأوسط»، فإن هجوماً تشنه «إسرائيل» بدلاً من الولايات المتحدة هو تمييز من دون فارق.

يتعين على الولايات المتحدة أن تجري تحولاً في سياستها، وتقرر قبول التعايش مع إيران مسلحة نووياً، تقنع دولاً أخرى بأن تفعل بالمثل.

والسبب بسيط : يمكن ابطاء أي جهود إيرانية لصنع سلاح نووي، ولكن لا يمكن وقفها بالكامل، ذلك أن منشآتها ومختبرات أبحاثها مبعثرة، وخفية تحت الأرض، ومحصنة. وشن هجوم يمكن أن يبطئ تطوير قنبلة نووية، لكن لا يمكن وقفه.

وحتى الآن كانت الأسلحة النووية تعزز الاستقرار ولا تقوضه، وباستثناء الولايات المتحدة، لم تستخدم أي قنبلة نووية ضد دولة أخرى، ومن المؤكد تقريباً أن حصول إيران على أسلحة نووية سيشجعها على اتباع سلوك أفضل.

ومع أن العديد من الأمركييين يريدون دعم «إسرائيل» إلا أن هذا الموقف ليس عاماً، وهناك سبب كبير لذلك هو ضخامة المساعدات التي تقدمها الولايات المتحدة، وكمثال واحد، فإن دافعي الضرائب الأمريكيين هم الذين سيدفعون كلفة برامج تزويد «إسرائيل» بقوة ضاربة من طائرات (إف - 35) التي تقدر بثلاثين مليار دولار.

إن الولايات المتحدة لديها فرصة هنا ويتعين على الرئيس أوباما، أن يعلن على الملأ وعبر الأقنية الخاصة عن معارضته لمهاجمة إيران، ويتعين على المسؤولين الأمريكيين أن يبلغوا الزعماء «الإسرائيليين» بأقوى لغة ممكنة وأمام كاميرات الإعلام بأن يتراجعوا.

الأمريكيون يمكنهم التعايش مع إيران مسلحة نووياً، لكن ربما ليس مع عواقب ضربة عسكرية متهورة وغير مسؤولة.

والحاكمون في طهران ليسوا هم الذين يمكن التخوف منهم، أما في واشنطن فهناك بعض الناس الذين يجب التخوف منهم.

- **المصدر : صحيفة «الخليج» الاماراتية


titre documents joints

NYT Pushes Confrontation with Iran | CommonDreams.org

16 أيلول (سبتمبر) 2010
info document : HTML
80.4 كيلوبايت

By Robert Parry



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165918

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165918 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010