الجمعة 17 أيلول (سبتمبر) 2010

وثائق اللوبي الصهيوني تكشف الاختراق الإعلامي الأمريكي

الجمعة 17 أيلول (سبتمبر) 2010

أفرج اللوبي «الإسرائيلي» الشهر الماضي عن وثائق للمجلس الصهيوني الأمريكي، (والد منظمة ايباك)، رُفعت عنها صفة السرية مؤخراً، وكان مجلس الشيوخ الأمريكي، قد طلب تقديمها أثناء تحقيق أجراه بين سنتي 1962 و1963.

وتكشف الوثائق كيف اخترقت الحكومة «الإسرائيلية» من خلال قنواتها اليهودية الأمريكية، وسائل الإعلام الجمعي الأمريكي، ونشرت خطها السياسي، دون علم الجمهور الأمريكي، كما يقول جيمس بتراس، في موقع «ديسيدنت فويْس» (1/9/2010).

تكشف الوثائق، أنه كان يتم تكليف زمرة من الصحافيين والأكاديميين الصهاينة اليهود، بكتابة الموضوعات، ونشرها في وسائل الإعلام القومية، مثل مجلة «ريدرز دايجست»، و«ذي اتلانتيك مونثلي»، و«واشنطن بوست» وغيرها، بما في ذلك الصحف ومحطات الإذاعة الاقليمية والمحلية.
وبينما كانت المنظمات الصهيونية القومية توفّر الصحافيين والكتاب والمحررين الأكاديميين، كانت المؤسسات المحلية المرتبطة بها هي التي تحمل الرسالة وتنفذ الخط الإعلامي الصهيوني.

ويقول الكاتب إن مستوى الاختراق في ستينات القرن الماضي، الذي تكشفه الوثائق الصهيونية المذكورة، قد تضاعف مئة مرة خلال السنوات الخمسين الأخيرة، من حيث حجم التمويل، وأعداد الموظفين المأجورين والأنصار المتحمسين، وفوق كل ذلك، من حيث مدى السلطة البنيوية والقدرة على القسر والإجبار، اللتين بات اللوبي «الإسرائيلي» يتمتع بهما في الولايات المتحدة.

وبينما يتلقى زعماء اللوبي على المستوى القومي، الذين ينسقون بصورة وثيقة مع المسؤولين «الإسرائيليين»، التعليمات بشأن القضايا التي تحظى بالأولوية العليا، يتْبع التطبيق مساراً عمودياً، نحو الزعماء، والساسة، والوجهاء الاقليميين والمحليين، الذين يستهدفون بدورهم وسائل الإعلام، وقيادات الرأي الديني والأكاديمي وغيره. وعندما يضمن الزعماء على المستوى القومي، نشر الدعاية الموالية لـ «إسرائيل»، يقوم الزعماء المحليون بإعادة تقديمها وتوزيعها على وسائل الإعلام المحلي، وذوي النفوذ غير الصهاينة في مناطقهم.

ويجري تنفيذ حملات كتابة الرسائل على أعلى مستوى، من قبل ألوف الناشطين الصهاينة، من أطباء، ومحامين، ورجال أعمال. وهم يمتدحون الكتّاب الموالين لـ «إسرائيل»، ويهاجمون منتقديها، ويمارسون الضغط على الصحف، ودور النشر، والمجلات لكي لا تنشر الآراء المخالفة. ويضغط الزعماء على المستوى القومي، والمستوى المحلي، على المكتبات لكي تملأ رفوفها بالكتب الموالية لـ «إسرائيل»، وأن تحظر كتب التاريخ المتوازنة، أو المنتقِدة لها.

ويقوم الأنصار المحليون بالتنسيق مع القناصل «الإسرائيليين» بتنظيم آلاف اللقاءات الجماهيرية، وإلقاء الكلمات في الكنائس والمحافل الأكاديمية، والأوساط المدنية.

كما يضغط الصهاينة والأثرياء المتنفذون منهم بخاصة، على الجهات المحلية (مثل إدارات الجامعات، والسلطات الكنسية، والجمعيات المدنية)، لكي تلغي الدعوات الموجهة إلى متحدثين منتقدين لـ «إسرائيل».

وتبذل المنظمات الصهيونية المحلية كل جهد ممكن لتجنيد رؤساء البلديات، والحكام، والمشاهير، والناشرين، ورجال الدين، والزعماء الواعدين من الشبان من الأقليات والأصول السكانية الأخرى، وتوفر لهم جميع نفقات زياراتهم الدعائية إلى «إسرائيل»، ثم تكلفهم بكتابة المقالات، أو إجراء المقابلات الإعلامية، التي يرددون فيها ما لقنهم إياه المسؤولون «الإسرائيليون». ويعبئ القادة المحليون ألوف الناشطين الصهاينة لمهاجمة اليهود المناوئين للصهيونية في السر والعلن. ويطالبون بإبعادهم عن أي لقاءات إعلامية تتعلق بـ «الشرق الأوسط».

وفي موقع «انتي وور» (18/8/2010) : كتب غرانت سميث، عن الموضوع ذاته : يكشف كنز الوثائق الدفين، الذين رُفعت عنه صفة السرية مؤخراً، كيف كان اللوبي «الإسرائيلي» يختار، ويدعم، ويدفع المال، من أجل إقحام المحتوى في كبريات المجلات الإخبارية الأمريكية بتمويل «إسرائيلي». وقد تلقت مجلة «ذي اتلانتيك» (وغيرها)، مكافآت طائلة نظير ترويجها مبادرات العلاقات العامة «الإسرائيلية» المدمرة، في أرجاء الولايات المتحدة. وخلافاً لما هي عليه الحال اليوم، وكما تكشف الوثائق المفرج عنها، كانت «إسرائيل» وجماعات الضغط من أجلها، في ستينات القرن الماضي، تكافح بشراسة لإبعاد أنظار امريكا عن موضوع الأسلحة النووية في «الشرق الأوسط». ويكشف تقرير سرّي تضمنته الوثائق، تعقّب اللوبي، الدقيق، لما يُنشر في وسائل الإعلام السائدة، عن مرفق الأسلحة النووية في ديمونا، وارتياحه للطريقة التي تتم بها تغطية الموضوع.

ويقول الكاتب، إن قصة الترسانة النووية «الإسرائيلية» لا تلقى التغطية الإعلامية الكافية في أمريكا، خلافاً لما عليه الحال في العالم. ولكن، هل تلقت وسائل الإعلام الأمريكية مثل مجلة «ذي اتلانتيك» عوناً من «إسرائيل» واللوبي الموالي لها، من أجل نشر محتوى مساعد ومضلل عن ذلك الموضوع؟

ويقول الكاتب : الجواب القاطع عن ذلك، هو : نعم.

فقد كانت لجنة المجلات، التابعة للمجلس الصهيوني الأمريكي، في أوائل ستينات القرن الماضي، تجتمع بانتطام مع الكتاب كما تكشف الوثائق لإعداد المواد لكبريات المجلات مثل مجلة «ريدرز دايجست»، و«سَترْدي ايفننغ»، و«لايف». ففي برنامجها لـ «زرع المحررين» و«تحفيز ونشر المواد الإعلامية الملائمة في المجلات الاستهلاكية الكبرى»، كانت اللجنة تدفع بمواد أخف بنصوص جاهزة مثل موضوع الذكرى الثالثة عشرة لتأسيس «إسرائيل»، بينما تحول دون نشر التحقيقات، في صحف مثل الـ «كريستيان ساينس مونيتور».

وقد واجهت اللجنة موضوعين إخباريين رئيسيين يتحديان «إسرائيل»، هما : تداعيات «قصة لافون» (قصة الهجمات الإرهابية السرية الفاشلة على مرافق للحكومة الأمريكية في مصر، وإلصاقها بمصر)، ومقترحات السلام الأمريكية الداعية إلى إعادة بعض اللاجئين الفلسطينيين إلى منازلهم وممتلكاتهم في فلسطين. وقد استثمرت الحكومة «الإسرائيلية» واللوبي الخاص بها في الولايات المتحدة كثيراً، في المحاججة ضد عودة اللاجئين الفلسطينيين من خلال مجلة «ذي اتلانتيك»، كما يقول بعض الوثائق السالفة الذكر.

وتكشف الوثائق الجهود التي كان يبذلها اللوبي «الإسرائيلي» في محاربة الأكاديميين المناوئين، والعرب منهم بوجه خاص. فقد جاء في إحدى الوثائق، كما هي منشورة في موقع «سجلات اللوبي «الإسرائيلي»»، وهي بتاريخ 11-12/1960 : تمّ تحييد متحدثيهم في الحرم الجامعي بفاعلية، ففي لوس انجلوس، قام برنامج «المائدة المستديرة الدولية»، بإلغاء مشاركة بيرغر وفايز صايغ، التي كانت مقررة في البرنامج، بعد استيضاحات من الجالية اليهودية.

وجاء في وثيقة أخرى تحمل تاريخ 1-2/1961 : إننا نواصل زرع أعضاء الهيئات التدريسية الجامعية في العديد من المجالات، ونحقق تقدماً في ذلك، وتُبذل الجهود من قبل أصدقائنا في سان فرانسيسكو لإقناع جامعة ستانفورد بإسقاط فايز صايغ من الهيئة التدريسية، على أساس أنه رجل دعاية مدفوع الأجر، لا أكاديمي موضوعي.

[**الاعتراف بفضل أوباما على الكيان الصهيوني*]

بعد أن كفّ الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن إثارة الشغب، وأقلع عن المطالبة بوقف الاستيطان «الإسرائيلي» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وجلب «رئيس السلطة الفلسطينية» محمود عبّاس إلى مائدة المفاوضات، ولم يفوّت فرصة للإعراب عن الالتزام بأمن «إسرائيل»، بات يستحق بعض الثناء الذي قد ينفعه عشية انتخابات التجديد النصفية.

في الدفعة الأولى من تأييد اللوبي «الإسرائيلي» له، يناشد أحد زعماء اللوبي، اليهودَ في الولايات المتحدة، وفي غيرها تأييدَ الرئيس الأمريكي، لأن «الخطوات التي يقوم بها تصب في مصلحة «إسرائيل»».

كتب سيمور رايش، الرئيس السابق لـ «مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى»، في موقع «هفنغتون بوست» الإخباري، (3/9/2010) : أن محادثات السلام «الإسرائيلية» الفلسطينية التي انطلقت هذا الأسبوع في واشنطن، بقيادة الرئيس باراك أوباما، جيدة لـ «إسرائيل» وللولايات المتحدة.

...وينبغي على جميع الأمريكيين، واليهود منهم بخاصة، الذين يريدون أن يبصروا دولة «إسرائيلية» آمنة، ودولة فلسطينية قابلة للحياة إلى جانبها، و«شرقَ أوسط» مستقر، وولاياتٍ متحدةً محترمة، أن يؤيدوا سياساتِ أوباما المتعلقة بـ «إسرائيل».

ويتحدث الكاتب عن نسب تأييد أوباما، بالاحتكام إلى استطلاعات الرأي، فيقول : ولكنّ نتائج استطلاعات «مركز بو للأبحاث»، التي نُشرت في 19 اغسطس (آب)، تبين أن الناخبين اليهود، الذين يتبنون مواقف الحزب الديمقراطي، أو يميلون إليه، قد انخفضت إلى 60% من 72% في سنة 2008، بينما يتبنى 33% الآن مواقف الحزب الجمهوري، أو يميلون اليه، بعد أن كانوا 20% فقط سنة 2008. وبالإضافة إلى ذلك، فإن 65% من «الإسرائيليين» اليهود يعتقدون بأنه ينبغي على يهود الولايات المتحدة أن ينتقدوا سياسة ادارة أوباما إزاء «إسرائيل»، حسبما جاء في استطلاع أجراه مركز بني بريث العالمي في القدس، ونُشر في يونيو (حزيران).

ويضيف الكاتب : إن أرقام الاستطلاعات هذه، والتهم المتعجرفة التي تدّعي أن أوباما مناوئ لـ «إسرائيل» تتعارض مع حقائق سياسات ادارته إزاء «إسرائيل». والتباين بين حقيقة هذه السياسات، وبين الطريقة الخاطئة التي تُفهَم بها، صارخ.

ويشير الكاتب إلى إعلانِ أوباما منذ اليوم الأول لتوليه السلطة، التزامَه بتحقيق السلام في «الشرق الأوسط»، ثم تعيينِه مبعوثاً خاصّاً لعملية السلام، هو السيناتور جورج ميتشل.

ويثني الكاتب على التزام أوباما بعملية السلام، بالرغم من متاعبه الأخرى: اقتصاد على شفا الهاوية، تصاعد البطالة، حرب العراق وحرب افغانستان، وبرنامج ايران النووي.

ويرى الكاتب أن قرار الالتزام بعملية السلام، في صالح «إسرائيل». فالزمن ليس إلى جانبها، إذا استمر الوضع الراهن، واستمر الصراع «الإسرائيلي» الفلسطيني. فالمؤشرات الديموغرافية تبين أن عدد العرب الذين سيقطنون المنطقة بين البحر المتوسط ونهر الأردن، سيفوق عدد اليهود خلال جيل قادم أو اثنين. وعندئذٍ، إمّا أن تكف «إسرائيل» عن أن تكون دولة يهودية، أو تكفّ عن أن تكون ديمقراطية، حيث تحكم أقلية يهودية أكثرية عربية.

كما أن نزع الشرعية عن «إسرائيل» يشكل ظاهرة تتزايد خطورتها يوماً عن يوم في العالم، بل حتى في أمريكا.

وثمة خطر آخر يتصاعد، كما يقول الكاتب، وهو خطر «حزب الله» و«حماس»، إذ يتزودان بقذائف وصواريخ أكثر تطوراً، وقادرة على الضرب أعمق داخل الكيان الصهيوني، ولذلك فإن اتفاق سلام «إسرائيلي» فلسطيني، سوف يحرمهما من أسباب مهاجمة «إسرائيل».

ويمضي الكاتب في سرد الأخطار الأخرى التي تتهدد دولة الكيان الصهيوني، فيتحدث عن الخطر الإيراني، ويعدد ما فعله أوباما لدرء هذا الخطر، فيقول : لكي يتمكن أوباما من إقناع الدول الصناعية بتشديد العقوبات، بادر بمدّ اليد إلى حكام إيران. ولكي يقنع الدول العربية بمساندة محادثات السلام «الإسرائيلية» الفلسطينية الجديدة، ويضغط على «رئيس السلطة الفلسطينية»، محمود عبّاس للمجيء إلى مائدة المفاوضات، احتاج إلى التقرب من العالمين العربي والإسلامي، كما فعل في خطاب القاهرة.

ويقول الكاتب، صحيح أن أوباما ارتكب بعض الهفوات، مثل عدم تحدثه مبكراً إلى الشعب «الإسرائيلي»، وإصرار ادارته في بادئ الأمر على إنهاء بناء المستوطنات خارج حدود ما قبل 1967 (هكذا)، الأمر الذي استغله عبّاس لتجنب المفاوضات المباشرة، ولكن عبّاس رضخ لإرادة الدول العربية، بعد أن حثها أوباما.

ويمضي الكاتب في تعداد مآثر أوباما، فيقول : إن مَن يتهمون أوباما بمعاداة «إسرائيل»، يتجاهلون مآثره في توسيع نطاق تفوق «إسرائيل» على جيرانها، فقد عقدت «إسرائيل» والولايات المتحدة عدداً من الاجتماعات على مدى الشهور الثمانية عشر الماضية، للحفاظ على تفوّق «إسرائيل» الأمني في «الشرق الأوسط». وفي مايو (أيار) قرر أوباما منح «إسرائيل» مساعدة عسكرية بقيمة 205 ملايين دولار.

ويقول الكاتب في ختام مقالته : ينبغي أن تتنامى ثقة يهود أمريكا و«إسرائيل» بأوباما.

[**ازدواج المعايير إعلامياً أيضاً*]

ثمة ظاهرة في وسائل الإعلام الغربي، تثير الدهشة للوهلة الأولى، ثم لا تعود كذلك، بعد شيء من التفكير، حينما يتذكر المرء الدور الذي يلعبه هذا الإعلام، في صراع المصالح، وتوجيه الرأي العام نحو غايات محددة.

تلك الظاهرة، هي أن بعض التصرفات الفردية، التي قد يقدم عليها، معتوه في بعض الأحيان، تُعمّم على الفئة أو الدين الذي ينتمي إليه، وتصبح من السمات الأصيلة لجنسه أو دينه أو بلده، ويصبح دينه أو بلده أو فئته، مسؤولة عن حماقته ومطالبة بدفع ثمنها.

وفي المقابل، عندما يتصرف شخص آخر، انسجاماً مع الجوّ السائد لدى جماعة معينة، ومع مصالحها وتوجهاتها، يجري التعامل مع تصرفه باعتباره فردياً وغير قابل للتعميم.

في صحيفة «نيويورك تايمز» (30/8/2010)، يذكّر ستانلي فيش، (أستاذ العلوم الإنسانية والقانون في جامعة فلوريدا الدولية، في ميامي، والعميد الفخري لكلية الفنون الحرة والعلوم في جامعة إيلينوي في شيكاغو)، بنهج الخطاب الذي هيمن على الإعلام الأمريكي، عندما وقعت تفجيرات مدينة أوكلاهوما، سنة 1995، حيث سارع الجميع إلى توجيه أصابع الاتهام إلى العرب والمسلمين، ثم كيف تغيرت لهجة الخطاب ومنهجه عندما تبّين ان مرتكب التفجيرات، تيموثي ماكفي، ليس عربياً ولا مسلماً.

ويضيف الكاتب قائلاً : في الفترة القصيرة بين التفجير، وانكشاف ماكفي، تركزت التخمينات حول «الإرهابيين العرب»، و«ثقافة العنف» التي راح المعلقون يزعمون يومئذٍ أنها جزء لا يتجزأ من نسيج الدين الإسلامي.

ولكنْ عندما تبيّن أن رجلاً ابيض (بمساعدة نفر من أصدقائه)، هو الذي فعلها، توقف الحديث عن «الثقافة» فجأة، واستُبدِل بألفاظ وشعارات تتحدث عن الفردية، من قبيل : كل واحد منّا فرد يتصرف بناءً على ما يراه، شخصياً ودون التزام بآراء أحد، وتوجيه اللوم إلى شيء يُدعى «ثقافة»، ما هو إلاّ طريقة للتخلص من المسؤولية عن الأعمال التي نرتكبها، في أمريكا، يتصرّف الأفراد لا الجماعات،والأفراد، لا الجماعات، هم الذين ينبغي محاسبتهم.

ويقول الكاتب، كان بالإمكان أن يبدو ماكفي، مثل عدد كبير من أشخاص آخرين، يرتدون ملابس مموهة، ويحملون بنادق ويجوبون الغابات، ولكنه، قيل لنا، من قِبل الأشخاص ذاتهم الذين كانوا يتشدقون بتوجيه الاتهامات إلى الإسلام، في وقت سابق، أن ماكفي كان مجرد فرْد واحد مخبول، وأن تعميم الحديث عن ثقافةِ «مليشيا» ما، ناشطة ومزدهرة في قلب البلاد، غير مبرّر أبداً، ولا يجوز التطرق إليه.

وكان هذا التحول من الحديث عن «ثقافة خبيثة»، إلى الحديث عن «تصرّف فردي»، فورياً، ودون أن يشعر أحد بالاضطرار إلى تفسيره. والآن في سنة 2010، يحدث الأمر مرة أخرى بشأن العلاقة بين ما يدعوه الجناح اليميني «مسجد غراونْد زيرو»، أو مسجد منطقة مركز التجارة العالمي، وبين الهجوم بسكين على سائق سيارة أجرة مسلم، الذي حدث الأسبوع الماضي من قِبل شخص (قيل أنه) في الحادية والعشرين من عمره، ويُدعى مايكل إنرايْت.

ويمضي الكاتب إلى القول : بالنسبة إلى المسجد. نسمعهم يقولون، «إن من الخطأ أن نعتبر بناء المسجد المقترح، أو المركز الثقافي، ممارسة عادية لحرية إقامة المنشآت، أو الحرية الدينية، من قبل مالكين خصوصيين لقطعة من الأرض. والصحيح هو أن هذا العمل، بمثابة وضع الأصبع في عيون ضحايا 11/9 وعائلاتهم، أو صفعة لهم على الوجه موجهة لهم، بالإضافة إلى أن المشروع، سيكون على الأرجح، مركزاً لتنسيق النشاطات الإرهابية، و«مسجداً لتخليد الانتصار»، وإحياء لذكرى انتصار كبير للجهاد، ونُصباً للدين الذي باسمه، وعلى يدِ المؤمنين به، ارتُكِبتْ الفعلة النكراء». ولكنّ هؤلاء الناس أنفسهم، الذين يعارضون بناء المسجد بسبب ما يمثله في نظرهم، لا تمثل فعلة مايكل انرايت في نظرهم أي شيء، ولا يعتبرونها نتاجاً لما أطلقت عليه مجلة «تايم»، وصف «نوعٍ أمريكي من الاسلاموفوبيا، أو الخوف المرضي من الاسلام». وبدلاً من ذلك، تعلن صحيفة «نيويورك بوست»، أن عملية طعن السائق «لا تعدو أن تكون عملَ فردٍ مضطرب، يخضع الآن للاعتقال»، وعلى الصفحة ذاتها في تلك الصحيفة، يقول كاتب العمود الصحفي، غولدبيرغ، إنّ «هجوماً واحداً لا يشكل اتجاهاً قومياً»، ويصرّ على أنه «لا ينبغي علينا أن نسمح لأحد بأن يوحي بأن هذا المجرم، يمثّل أحداً غير نفسه».

ويقول الكاتب، إذا كان التصرف الشائن صادراً عن فرْد في جماعة يُراد وصمها بالشرّ، سارع هؤلاء إلى نسبة التصرف إلى الفئة أو الدين الذي ينتمي اليه ذلك الفرد.

أمّا إذا كان التصرف الشائن، من فعل شخص، تُوافق صفاتُه ومصالحه وأجنداته، صفاتِهم، ومصالحَهم وأجنداتِهم، على نحو محرج، فما عليهم سوى فصله عمّا يدور في الجوّ، والتنصل من فعلته، واعتبار ما قام به تصرفاً فردياً، غير قابل للتعميم.

ويختم الكاتب مقالته بالقول : إن الشيء الوحيد الذي يثير الدهشة أكثر مما تثيرها وقاحة هذه الحركة، هو السهولة التي تنطلي بها حيلتهم على كثيرين. والسبب في ذلك، أن من يفعلون ذلك، ومن يصدقونه، لا يجشمون أنفسهم عناء التفكير الجاد.

- [**المصدر : صحيفة «الخليج» الاماراتية*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165784

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2165784 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010