الجمعة 17 أيلول (سبتمبر) 2010

مسموح الحلم.. اخبار واشرار

الجمعة 17 أيلول (سبتمبر) 2010

لسنوات طويلة، منذ كنت طفلا، تلوتُ صلوات يوم الغفران باللهجة اليمنية، التي التقطها من كنيس «عراكي» في حي نحلات أحيم في القدس. «أذنبنا وخنا» وبعد ذلك «ظلمنا وأدنا»، رافقتاني في معظم محطات حياتي. عندما كبرت وكنت على رأس حزب العمل في القدس، كانت لي علاقة وثيقة مع حاخامين اصوليين وقوميين. الحاخام بنيامين جولتي، الذي كان الحاخام الرئيسي للقدس والعبقري في التوراة، كان صديقا قريبا بل كذلك كانت ابنته حين قضى نحبه.

أذكر كل هذا، إذ أنه في العشرين سنة الاخيرة أدرت الظهر لكل شيء اصولي او ديني. فجأة، حركة التوبة أزعجتني، وبدا لي الحاخامون كممثلين عن عالم مظلم وغريب.

اذا فكرت اين وقع التحول، لا يمكنني أن اشير الى حدث معين. فالمعارضة السياسية للعالم الاستيطاني دفعتني الى أحكام شمولية. حياتي اصبحت سهلة على الهضم: هناك «أخيار» وهناك «اشرار». من جهة اخرى لا أنفي أنني أرى امام ناظري العالم الذي اردت يتغير رويدا رويدا. الدعم السياسي للحزب الذي انتميت اليه طوال حياتي اصبح هامشيا وزهيدا. من شخص مثـّل خطا مركزيا وحظي ايضا بتأييد شخصي كبير، اصبحت مواقفي اقل صلة بزاوية نظر اجزاء واسعة من الجمهور.

عندما ظهرت في «بوبليتيكا» حين كنت وزيرا في حكومة رابين، وشرحت مزايا الاتفاق مع عرفات، قاطعني فجأة تومي لبيد قائلا: «يحتمل أن تكون محقا، ولكن لماذا أنت فرح؟»

اليوم ايضا أشعر بنفسي محقا في مواقفي السياسية ومقتنعا بانها تقترح الحل الحقيقي على كل المخاطر. ولكن الشعب لا يسير خلف رؤيا الدولتين، بل ينجرّ رغم أنفه بانعدام ارادة واضح، وكذا الزعماء يجرون المفاوضات وكأن على رأسهم الطير.

حقيقة أن اليسار الصهيوني فقد السيطرة في أوساط الشباب، المهاجرين بل والعرب، تقول شيئا ما. لا يمكنني أن اتملص من حساب النفس. ليس حسابا يقول: «اخطأنا»، ولكن حسابا للنفس يسأل لماذا توقفنا عن السكن في القلوب؟

بالنسبة لي، الازمة بدأت من الشبيبة والشابات. قبل عشرين سنة، عندما كانت الفكرة الدينية ـ الوطنية البناء والاستيطان، فكرة شباب اليسار كانت «تحقيق السلام، المساواة وعدم التمييز». الرسالة الدينية الوطنية كانت رسالة فعل، اعارضها أنا، ولكن من الصعب التنكر لدوافعها. بالمقابل، لشباب اليسار كانت رسالة سلبية من المظاهرات، المقالات والايام الدراسية. عندما كنت عضوا في حركة الشبيبة، كان التعليم للكيبوتس وللعمل اليدوي موضوعا استراتيجيا وجوهريا.

منذ الستة ايام قرر النبرة شباب آخرون، زعماء آخرون، حاخامون ومربون. الرأي العام تحول رويدا رويدا فغيّر مواقفه. ليس الجميع مستوطنين، ولكن معظمهم يفهمون الفعل الاستيطاني. في حساب النفس يوجد احباط، ولكني أومن بأن ثمة سبيلا علمانيا صهيونيا يتنكر لـ «الشعب المختار» و «شعب وحده يسكن» وفي نفس الوقت يؤمن بتعظيم الهوية الوطنية وليس فقط الدينية.

للدولة، برأيي، لا يوجد ولا يمكن أن توجد غاية دينية. غاية الدولة هي ضمان البقاء والرفاه لمواطنيها. الحاخام بنيامين جولتي كان سيختلف معي بشدة كبيرة، ولكن بالذات من موقف الاقلية في واقع صعب، مسموح الحلم، مسموح الكفاح.

- [**عوزي برعام | «اسرائيل اليوم» | 17 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2181837

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2181837 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40