الأحد 19 أيلول (سبتمبر) 2010

المنقذ

الأحد 19 أيلول (سبتمبر) 2010 par د. حياة الحويك عطية

«مرحلة مفصلية في الإصلاح وفي بناء الدولة، مشروع منارة، سيكون له تأثير كبير على السكان الفلسطينيين وزرع الأمل في سلام دائم» [**(توني بلير)*].

«لا علم له بعلاقة شركة «وطنية» بكيوتيل وبـ «جي بي مورغان» وكل إدعاء بأنه فعل ما فعل لهدف غير مساعدة الشعب الفلسطيني، هو من باب التشهير» [**(ماثيو دول - الناطق الرسمي باسم بلير)*].

بعد أن أنقذ العراق من ديكتاتورية صدام حسين، وأقام الرفاه والتطور والأمن في ربوعه، اتجه توني بلير لإنقاذ فلسطين، وبمباركة دولية شرعية، تتجاوز التفرد الثنائي الأمريكي البريطاني، الذي لم يكن يتمتع بهذه الشرعية في العراق.

في فندق «أمريكان كولوني» في القدس الشرقية يحتجز رئيس الوزراء البريطاني السابق عشر غرف بقيمة مليون دولار سنوياً، ليأتي إليها بضعة أيام في الشهر، ساعياً لإحلال السلام في المنطقة، وإنقاذ فلسطين من براثن التطرف و«الإرهاب»، وتحسين الوضع المعيشي لأبنائها.

بضعة أيام في الشهر، لأن الرجل موظف غير متفرغ لدى فلسطين، فلديه أكثر من وظيفة أخرى، منها أنه مستشار لمصرف «جي بي مورغان» الأمريكي الشهير براتب مليوني دولار في السنة.

وعليه فقد طالبته الحكومة البريطانية مؤخراً بالتصريح لدى الضرائب عن مصدر الثروة التي حققها بعد تركه منصب رئاسة الوزراء، وهي تساوي 15 مليون جنيه استرليني.

صحيفة «الديلي ميل» التي نشرت الخبر عبر تقرير مطول في طبعتها «ذي ميل أون ساندي» قبل أيام، أوردته ضمن تقرير مطول عن الإنجاز الوحيد الذي حققه مبعوث الرباعية الدولية في فلسطين، وهو الحصول على الترددات المطلوبة من «إسرائيل» لتشغيل شركة الموبايلات «الوطنية». بعد أن رفضت الدولة الصهيونية ذلك منذ 2007. وقد كتب ديفيد روز قصة الصفقة بالتفصيل، منذ مساهمة «جي بي مورغان» عام 2007 في شراء «الوطنية» من الكويتيين عبر «كيوتيل» بقرض قيمته مليارا دولار منحه المصرف، ثم أضيف إليه في العام الفائت 500 مليون دولار.

وعليه فقد كان فشل تشغيل شركة الاتصالات هذه سيشكل خسارة كبرى للمصرف لا يتحملها في الظروف الاقتصادية الحالية. ومن هنا كان المطلوب من المبعوث الدولي أن يستعمل كل ما في سلطته الأممية لحل الأزمة والحصول على الترددات المطلوبة من «تل أبيب».

بلير نجح في المهمة، وعليه خرج ديفيد دافيس النائب المحافظ ليصرح : «يجب التحقيق معه حول استغلاله لمهمته كمبعوث للسلام والافادة من مموليه»، ورد عليه الناطق باسم بلير بأنه لم يكن على علم بعلاقة مموليه بالموضوع.

على أية حال بلير معتاد على التحقيق، وعلى الخروج منه بسلام، لأنه وعلى ما يبدو يعرف من أين يدخل. غير أن الملفت في هذه الفضيحة الجديدة، هو أن وسائل الإعلام البريطانية كشفت عن دور التابعين «للسلطة الفلسطينية» فيها، وعما أخذوه مقابل تمريرها، لكنها لم تكشف بالمقابل عما أخذه ايهود باراك الذي أشارت إلى أنه ساعد بلير في إقناع نتنياهو.

فبخصوص «السلطة» أوضحت «الديلي ميل» وبالأرقام فوائد شبكة تتكون من ثلاثة أشخاص لهم علاقة وثيقة بها، فالأول حصل على عقد يحصر الإعلانات السنوية والحملات التي تنظمها الوطنية والتي تبلغ 700 ألف دولار بشركة الإعلان التي يملكها، والثاني وهو صديق الأول حصل على عقد بحصر تأمين أمن الشركة بالشركة الأمنية التي يملكها وتحمل اسم «حماية»، والثالث وهو مستشار اقتصادي، رئيس صندوق الاستثمار الفلسطيني الذي يملك 43 في المئة من «وطنية» ومدير «وطنية» في آن. (وكل ذلك بحسب ديفيد روز في «ديلي ميل»).

أما بخصوص «إسرائيل»، فقد ألمحت المعلومات إلى أن ترددها في الإفراج عن الترددات كان مرتبطاً بأسباب أمنية. وهنا مربط الفرس، خاصة وأن القول بأن التفاوض حصل مع وزير الدفاع «الإسرائيلي» قبل رئيس الوزراء، يؤشر إلى طبيعة موضوع التفاوض نفسه. فما الذي أخذه باراك من بلير ومن الفلسطينيين، في هذه الصفقة؟

وإذا كانت الأنباء نفسها تتحدث عن كون المهندس الذي أشرف على «وطنية» هو الآن ريتشاردسون الذي سبق وأشرف على بناء شبكة اتصالات هاتفية في العراق بعد الاحتلال، كما تتحدث عن صفقات أخرى يعقدها رئيس الوزراء السمسار بلير لصالح «جي بي مورغان»، ولصالح شركات تأمين وظفته كمستشار برواتب أخرى، مع عدد كبير من الدول العربية الغنية، فما الذي يخسره العرب في هذه كلها؟ وما الذي يكسبه الآخرون؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 33 / 2165274

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165274 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 5


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010