الأربعاء 22 أيلول (سبتمبر) 2010

ليس لنا شريك

الأربعاء 22 أيلول (سبتمبر) 2010

ما زال لا يوجد لنا شريك. وما زال أبو مازن لم يبرهن على أنه شريك في السلام. واذا كان شريكاً في شيء ما فانه شريك في هذه الأثناء في نظرية المراحل للقضاء على «اسرائيل»، عن مدرسة ياسر عرفات.

هذا رأي موشيه (بوغي) يعلون، نائب رئيس الحكومة ووزير الشؤون الاستراتيجية. بعد اسبوعين من التصريحات والمراسم في البيت الأبيض، وبعد «تشغيل المسيرة» والحديث عن اتفاق دائم ما يزال بوغي لا يعترف بوجود من يصنع السلام معه.

«عندما أسمع كلاماً من أعضاء حزب «العمل» المشارك في الائتلاف على أنه : يحتاج الى اجراء سياسي جريء، أعتقد ان هذا كلام بلا مسؤولية»، يقول، «هذا كلام يزيل المسؤولية عن الفلسطينيين. يجب أن يفهم الناس أنه منذ بدأ الصراع بين اليهود والعرب، لم ينتقل الفلسطينيون حتى ملمتراً واحداً عن موقفهم بل نحن الذين انتقلنا واقتربنا منهم».

يجلس بوغي يعلون في مكتب جديد حسن، بالطبقة الثامنة من مبنى رئيس الحكومة. ومع هواء نقي في الشرفة ومنظر القدس العام، ينظر في واقع «الشرق الأوسط» وواقع العالم المعقدين ويقول : «الإنتباه. هذا هو اسم اللعبة».

تبرز على الحائط في مكتبه خريطة «الجبهة في يوم الهدنة» : «اسرائيل» في يوم إعادة انتشار القوات في تاريخ 11/6/1948. وتلك من وجهة نظره خلاصة وجودنا كلها فحرب الاستقلال ما زالت لم تنقض. «ليس لنا اليوم أيضاً شريك في السلام ولا حتى بعد أن وافقنا على مبدأ تقسيم البلاد».

السلام؟ من المحقق أن الجميع يريدون السلام. رئيس الحكومة ورفاقه الوزراء وهو نفسه. «لا أعرف شخصاً ما حولي لا يشتاق الى السلام»، يقول، «لكن أحد الأشياء التي تعلمتها في السنين السبع عشرة منذ اتفاقات اوسلو هو أنه ليس من الصحيح متابعة الأهواء لأن الآمال تتحطم لكونها أوهاماً. طريق هذه الحكومة هي الإنتباه من الأوهام. كيف يمكن التوصل الى سلام اذا كان لا يعترف من يفترض أن يكون شريكك بحقك في أن توجد كدولة قومية للشعب اليهودي؟ وليس مستعداً ليقول إن كل اتفاق دائم سيكون انهاء للصراع ونهاية للمطالب؟».

[*♦ ألم يترك أبو مازن طريق نظرية المراحل؟*]

- لا بيقين. أسمعت أن أبا مازن مستعد ليقول إنه مستعد للإعتراف بأن دولة «اسرائيل» هي دولة الشعب اليهودي؟ بل إنه ينكر صلتنا بأرض «اسرائيل». قبل نحو نصف سنة، يقول يعلون، التقى أبو مازن في واشنطن زعماء يهوداً. اقتبس من كلام أبي مازن هناك وكأنه قال إنه يعترف بصلة الشعب اليهودي بأرض «اسرائيل». قلت لنفسي : «هذه مقولة تاريخية» وطلبت على الفور من ناس مكتبي الفحص عن الأقوال. بيد أنه قبل أن يستطيعوا التوجه الى محضر ذلك اللقاء، أنكر هذا الكلام في وسائل الإعلام العربية. وبيّن أنه يعترف بالوجود اليهودي في «الشرق الأوسط» وأن هذا مذكور حتى في القرآن. جد الفروق. ليست هذه لعبة لغوية فقط. يعتقد يعلون أن الحديث ليس عن انكار لمرة واحدة، بل عن طراز دائم عند الفلسطينيين. وهكذا كان الأمر أيضاً مع ياسر عرفات. بهذا فقط يمكن أن نبين لماذا اختار العنف بدل التوقيع على اتفاق. وبهذا فقط يمكن أن نبين لماذا لم يقبل أبو مازن اقتراح ايهود اولمرت السخي. «لم يكن أبو مازن مستعداً لأن يقول في «أنابوليس» بدولتين للشعبين. من لا يفهم هذا لا يفهم جوهر الصراع». كتب المستشرق المشهور البروفسور برنارد لويس في هذا قبل «أنابوليس». سأل : هل الصراع في مساحة دولة «اسرائيل» وحدودها أم في حقيقة وجودها؟ وكان جواب البروفسور لويس أن الحديث في الخلاصة عن عدم موافقة عربية على حقيقة وجود دولة «اسرائيل». فهم لا يرون ان «الاحتلال» بدأ في 1967 بل في 1948 بل قبل ذلك، منذ فجر الصهيونية. لهذا يجب أن يفهموا أن الحديث ليس عن صراع على أراض. يعتقدون في العالم أنه اذا نشأت فقط دولتان فسيحل كل شيء ونبلغ الراحة والإطمئنان. لكن الأمر ليس كذلك، وأبو مازن يقول إن اليهودية ديانة لكنها ليست قومية ولهذا لا يستحقون دولة.

[*♦ فلماذا تمضي الحكومة الى مسيرة سياسية اذن؟*]

- يجيب يعلون ببساطة وصدق بلا تهرب : فرض الأمريكيون إطار الحوار الحالي مع الفلسطينيين، وهو تفاوض يفترض أن ينشىء اتفاقاً في غضون سنة. يوجد ضغط دولي، وتوجد ضرورات ائتلافية ويجب استنفاد جميع الخيارات. لم نبادر الى اطار «في غضون سنة». توجد عدة لاعبات في الملعب وعلى رأسها الولايات المتحدة.

يوجد اتفاق على أن المسيرة يجب أن تبنى من أسفل الى أعلى وألا توجد بعد قمم التقاط صور. يقتضيهم كون الأمر من أسفل تغييراً تربوياً حاداً. اذا ربي ولد في الثالثة على نهج المخربين المنتحرين، واذا ربي ولد في سن روضة الأطفال على أن دولة «اسرائيل» غير موجودة وأنها ولدت خطأ وأن الإحتلال واقع على الأولاد في حيفا أيضاً فان الأمر لن يتقدم. أنا أتحدث عن خطط دراسية «للسلطة الفلسطينية» اليوم لا لـ «حماس». اذا كان يوجد انكار شامل لصلتنا بهذه البلاد، فانها مسيرة طويلة لن تنتهي في سنة. أتستغرق خمس سنين أو عشراً او جيلاً؟ هذه مسيرة تتعلق بالتنفيذ.

[**تهديد لإستقرار العالم*]

في السنة ونصف السنة التي مرت منذ ولاية الحكومة لم يكن سهلاً على القدس أن تقنع واشنطن بقبول موقفها، لكن يعلون يزعم أنه سُجل تغيير كبير في إقناع البيت الأبيض وسياسة إدارة باراك اوباما.

بدأنا الولاية مع الإدارة الأمريكية مع فجوات عظيمة. ففي الشأن «الاسرائيلي» الفلسطيني كانت فجوات عميقة جداً. كان هناك قول «يوجد حل»، وأن الحديث عن «حل معروف» وأنه «يمكن التوصل الى اتفاق في غضون سنتين». حدثونا آنذاك في تجميد البناء المطلق. سياسة عدم بناء «حتى لبنة واحدة». صور هذا الفجوات العظيمة الموجودة بين كيف رأينا المسيرة التي تمت هنا في أثناء السنين الـ 71 الأخيرة وبين كيف رآها الأمريكيون. الإطار هو نفس الإطار الذي عرضه رئيس الحكومة في خطبة «بار ايلان». والنجاح الكبير من وجهة نظرنا أننا نجحنا في ردم الفجوات في هذا الشأن مع الولايات المتحدة.

في شأن تنسيق صد البرنامج الذري الإيراني، الذي وكل اليه أيضاً، يلحظ الوزير يعلون تحركاً ايجابياً عند الدول المشاركة في الغرب. «كان أحد الجدالات الجوهرية التي كانت لنا مع البيت الأبيض في سؤال أين المشكلة؟ أتى البيت الأبيض وقال إن كل شيء بسبب الصراع «الاسرائيلي» الفلسطيني. حاربنا ورددنا الحرب بالحرب. قلنا لهم : يوجد مركز الثقل في ايران. يجب أن تواجه طهران بمعضلة أتريد الإستمرار في نشاطها التآمري في المنطقة وفي استعمال «الإرهاب» وتقديم مشروع القنبلة الذرية؟ إن الموجة الإسلامية الجهادية بدأت من الثورة الإيرانية، و«القاعدة» و«حزب الله» و«الإخوان المسلمون» كل ذلك بدأ من ثورة الخميني. يجب أن نعالج الرأس قبل كل شيء لا الأذرع.

[*♦ كففتم في المدة الأخيرة عن التصريح بتصريحات عن الخطر الإيراني. هل سلمت «اسرائيل» لإيران الذرية؟*]

- لا على الإطلاق، لكن لا يجب أن نقفز في المقدمة. ليس الشأن الإيراني تهديداً لـ «اسرائيل» فقط بل للمنطقة كلها واستقرار العالم. انهم يروننا الشيطان الأصغر والولايات المتحدة هي الشيطان الأكبر. اقتربت الإدارة الأمريكية في الأشهر الأخيرة جداً من تصورنا ولهذا يحسن أن ندع الولايات المتحدة تقود الإجراءات المشتركة.

ما زلنا غير راضين. اعتقدنا انه كان يجب البدء في موعد أسبق بالعقوبات وأن تشتمل على عزلة سياسية أيضاً. العقوبات حتى الآن مهمة لكنها لا تسبب الشلل.

[*♦ أتوجد لنا سياسة مستقلة أم أننا نضيق الفروق فقط مع الولايات المتحدة في هذا الموضوع؟*]

- نحن نحاول سلوك سياسة تقول «ليت عمل الصديقين يعمله الآخرون»، لكن يجب علينا من جهة ثانية أن نكون مستعدين لأنني اذا لم أكن لنفسي فمن يكون لي.

[*♦ الى أي حد يجب قطع التعلق بالولايات المتحدة؟*]

- قطع التعلق لا يبحث فيه. مع كل الجدالات مع الإدارة الأمريكية، تقوم العلاقات بين «اسرائيل» والولايات المتحدة على قيم ومصالح مشتركة. وتتمتع الولايات المتحدة و«اسرائيل» ايضاً بذلك.

[**لا يوجد سلام جاهز*]

لا يحب يعلون، اذا لم نشأ المبالغة، التوجه الذي يسود البلاد ودولاً غربية كثيرة تطلب النصر الواضح والفوري على «الإرهاب». يزعم أن هذا التوجه يضعف من يناضلون حقاً ولا يمكن من طول نفس حيوي في النضال الجوهري الذي يجري في وجه الإسلام المتطرف.

اعتاد الناس في الغرب واقعاً تنتهي فيه الحروب بنصر واضح. كان ذلك ممكناً عندما حاربت الجيوش الجيوش. وعندما يكون الحديث عن حرب لعقيدة اسلام جهادي، تتبجح بهزيمة الحضارة الغربية و«الإرهاب» أحد أبرز أدواتها، لا يمكن الحديث عن نصر سريع.

يجب أن نفحص عن النصر في حرب كهذه بمفاهيم تاريخية لا يمكن الحكم عليها بولاية رئيس أو رئيس حكومة، بل النظر فيها باستراتيجية سنين. القاعدة الأكثر جذرية هي عدم الخضوع «للإرهاب» فاذا خضعت «للإرهاب» طاردك. هذا صحيح في أفغانستان وصحيح في العراق.

[**سيصحو اوباما بعد*]

يرى الوزير المسؤول عن الشؤون الإستراتيجية العالم بألوان حادة : فثمة الأخيار الذين يشاركونه نهجه والذين هم أقل خيراً مما سيكونون شركاء. بعد نهاية سنة ونصف في العمل ومنصب الموبخ على الباب يلحظ في العالم الغربي صحوة واقتراباً من تصوره.

يسعدني أنني أرى صحوة هنا والآن في اوروبا والولايات المتحدة أيضاً. اذا كانوا ذات مرة قد أرادوا النظر «للارهاب» وكأنه حادثة جنائية ونظروا الى الأسلمة وكأنها حادثة اجتماعية محلية فانهم ما عادوا يفعلون هذا اليوم.

[*♦ لكن اوباما ألغى تعبير «الإرهاب» الاسلامي!*]

- من المحقق أنني انتقادي في هذا الشأن كما هي الحال في شؤون أخرى. ليس سراً أنه يوجد بيننا وبين البيت الأبيض غير قليل من الفروق. يمكن أن نسميها فروقاً عقائدية وفروقاً استراتيجية. ورغم ذلك يمكن أن ننظر الى السنة ونصف السنة التي تولينا الحكم فيها على التوازي وأن نمتدح رئيس الحكومة لموقفه الصلب للضغوط وفي مواجهة محاولة الإرغام، واستعداده للحوار المفتوح في مقابلة ذلك.

[*♦ أنظر في سنتي اوباما. الأمر عالق. ففي تركيا على سبيل المثال، أراد الغرب تعزيز الديمقراطية لكنه عزز الإسلاميين كما حدث هنا بالضبط في «السلطة الفلسطينية». يوجد في الحقيقة سلسلة من حجارة الدومينو تتصل ولا تسقط. ماذا تستطيع «اسرائيل» الصغيرة أن تفعل في هذا الشأن؟*]

- نحن نتحدث في عوامل زمن لسنين معدودة، وقد لا يرى اوباما حتى نهاية ولايته ذلك وقد يراه. أنا على كل حال، ارى أن الواقع يجذبه في أماكن مختلفة لم يشأ أن يكون فيها من جهة عقائدية، وقد تكون التحولات في إيقاع سنين آخر. اذا كان الغرب راغباً في الحياة فيجب عليه أن يمسك الثورة من قرنيها. يتصاعد النظام ولا يغيب ذلك عن نظرنا ونحن نعمل في هذا الشأن.

[*♦ صورة الوضع جلية واضحة جداً فكيف لا يرى الآخرون الأمر كذلك؟*]

- توجد تصورات مختلفة، فكل واحد نشأ في بيئة ما. قد يكون لمن عاش في الولايات المتحدة او في اوروبا تصور ساذج غير ذي صلة بـ «الشرق الأوسط». يستطيع أن يرى العالم من خلال موشور الضحايا والمذنبين. اذا تصوروا العالم على هذا النحو فانهم يرسمون محوراً يصل بين كون الفلسطينيين ضحايا والسود من فترة العبودية او في جنوب افريقيا واليهود في المحرقة. يصعب على من يرى العالم على هذا النحو جداً أن يميز التشويهات التي يحدثها هذا التصور.

يضعنا هذا في مكان مشكل جداً. امض وبيّنْ لهم أنه يمكن أن تكون يهودياً قومياً وألا تفرض دينك أو ثقافتك على شعب آخر وأن تكون انسانياً غير عنصري. يصعب عليهم أن يدركوا هذا. كيف تبين لأوروبا أن ما يوجد بيننا وبين الفلسطينيين بعد عصر الإستعمار ليس قضية استعمارية، ولا سيما أن أعداءنا يلعبون بالضبط على هذه البطاقة ويسهل تضليل الأوروبيين.

لا يحل النظر الى «الشرق الأوسط» بعيون غربية. حاولت اذ كنت رئيس (أمان) على الدوام أن أربي رجالي على الإمتناع عن خطر الفحص عن الآخر بعينيك وقيمك. أخطأنا وفعلنا ذلك مع سورية او ايران، وتخطىء الدول الغربية خطأ مشابها عندما تفحص عن الصراع «الاسرائيلي» الفلسطيني وكأننا في سويسرا.

[**المقود في يدين جيدتين*]

ليس يعلون مستعداً للكشف عن خطط للمستقبل في الساحة الفلسطينية، ويحرص على الإمساك بأوراق اللعب قريبة من صدره. أرئاسة الحكومة؟ يزعم أن هذا غير ذي صلة. «أشعر بأن المقود في يدين مخلصتين»، يطري نتنياهو. مع ذلك لا يخفي يعلون الإحتكاكات الكثيرة مع وزير الدفاع ايهود باراك.

[*♦ أيقود باراك الحكومة؟*]

- ماذا دهاك؟ لا يقود رئيس الحكومة. فرئيس الحكومة يقوده هنا نهج واضح جداً. صحيح، توجد ضغوط من الداخل ومن حزب «العمل». لا من باراك فقط بل من وزراء آخرين يقولون إننا اذا مضينا الى تنازلات عن أراض فسيسهل هذا الأمر علينا في النظام الدولي.

- [**شلومو تسزنا وعاموس ريغف | «هآرتس» | 22 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 13 / 2165962

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165962 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 19


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010