الجمعة 24 أيلول (سبتمبر) 2010
اجماع على «الثوابت»... وتباينات حول الأدوات

«اللقاء التشاوري» يختتم أعماله اليوم بتأكيد «البعد العربي لفلسطين»

الجمعة 24 أيلول (سبتمبر) 2010

«البعد العربي للقضية الفلسطينية» شكل العنوان الجامع لكل ما طرح بالأمس في «اللقاء التشاوري العربي» الذي عقدته «الهيئة الوطنية لحماية الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني»، والذي هدفت من خلاله إلى الاسترشاد بآراء أوسع شريحة من المثقفين والناشطين العرب على اختلاف انتماءاتهم الأيديولوجية والفكرية.

«الدفاع عن الثوابت الفلسطينية» بدا بدوره قاسماً مشتركاً بين المشاركين، وإن كان كثر قد اشتكوا من تحوّل هذه «الثوابت» إلى شعارات فضفاضة يتم تردادها منذ أكثر من ستة عقود، حتى باتت تثير التشكيك لكثرة المؤتمرات واللقاءات والمبادرات، التي لم تؤت ثمارها حتى الآن، وهو ما يتبدّى في عجزها عن تغيير المسار الانحداري للعمل الوطني الفلسطيني، في ظل خيارات تفاوضية فاشلة، ومقاومة عسكرية قاصرة، وانقسام فصائلي على سلطة وهمية تحت الاحتلال.

«اللقاء التشاوري العربي»، الذي يأتي في سياق الاستعداد لعقد المؤتمر التأسيسي للهيئة، بدا أشبه بعملية عصف ذهني طُرح فيها الكثير من الأفكار والتطلعات والهواجس التي قد يثيرها تشكيل إطار جديد للعمل الوطني الفلسطيني، يجمع المبادرون إليه على أنه ليس فصيلاً جديداً ولا هيئة بديلة عن منظمة التحرير الفلسطينية، وإن كان معظم المشاركين قد شكك في شرعية المنظمة التي يفترض أنها «الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني».

[**الجلسة الافتتاحية*]

[**

جانب من جلسات النقاش خلال «اللقاء التشاوري العربي» حول فلسطين، أمس

*] الجلسة الافتتاحية اختزلت طبيعة اللقاء وأهدافه، إذ تحدثت خلالها شخصيات معنية بالقضية الفلسطينية من فلسطين ولبنان وسوريا ولبنان والأردن والجزائر والمغرب، طرحت رؤى بدت متقاربة في ما يتعلق بالوضع الفلسطيني الراهن وتكامل الدور العربي في مواجهة الاحتلال «الإسرائيلي»، على عكس جلسات النقاش التي برزت خلالها تناقضات حادة في مواقف الشخصيات الفلسطينية والعربية المشاركة، كل بحسب موقعه السياسي وانتمائه الأيديولوجي.

«فلسطين هي محور الثوابت»، بهذه العبارة استهل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق سليم الحص كلمته، التي تلاها بالنيابة عنه الوزير الأسبق عصام نعمان. وحذّر الحص من أن «تاريخ القضية الفلسطينية ينذر بأن الكلمة الفصل في نهاية المطاف لن تكون إلا لتوازن القوى الدولية وموقع الكيان الصهيوني منه»، لا سيما في ظل «التباينات والنزاعات العربية القائمة».

أما النائب علي فيّاض فشدد على ضرورة الاستفادة من الانجازات الكبيرة التي حققتها المقاومة في لبنان وفلسطين، لكنه حذر من «أننا نعيش عقد الأزمات الكبيرة» حيث تسعى الولايات المتحدة إلى تفجير التناقضات الطائفية في المنطقة بما يهدد انجازات المقاومة.

من جهته، حذر مسؤول ملف القدس في حركة «فتح» حاتم عبد القادر من أن «القدس تمر في مرحلة خطيرة»، مشيراً إلى أنّ «المشروع الصهيوني وصل إلى مرحلة متقدمة من أسرلة المدينة وطرد سكانها وخلق وقائع على الأرض لزيادة الوجود الاستيطاني».

أما الانقسام الفلسطيني فشكل محوراً أساسياً لكلمة الأمين العام السابق لجبهة التحرير الجزائرية عبد الحميد المهري الذي دعا إلى الاستفادة من تجربة الثورة الجزائرية التي استندت إلى استراتيجة مفادها أنّ «التحرير يجب أن يجمع الجزائريين من دون استثناء، بغض النظر عن اختلافاتهم السياسية والأيديولوجية»، مشيراً إلى أنّ هذه الاستراتيجية شكلت «الدرع الذي حمى وحدة النضال، وحال دون الانزلاقات الخطيرة في معركة التحرير».

أما عبد العزيز السيد، من «مؤتمر الأحزاب العربية»، فانطلق من مقاربة تاريخية تناول خلالها محطات عديدة أظهرت خلالها الأنظمة العربية الرسمية تآمرها على القضية الفلسطينية، فيما شدد رئيس الوزراء الأردني الأسبق أحمد عبيدات على ان الأردنيين «يرفضون فكرة الوطن البديل جملة وتفصيلا»، مستغرباً استمرار «الانقسام المريع في الصف الفلسطيني» في ظل العدوان «الإسرائيلي» المتواصل.

من جهته، أكد المتحدث باسم الهيئة بلال الحسن إنّ هذا الإطار «يخاطب الجيل الفلسطيني الجديد»، مشدداً على أن الهدف الذي قامت من أجله الهيئة هو مواجهة مهمات سياسية ونضالية مباشرة، لكنه أشار إلى أبعاد «أعمق» لها، لا سيما في ما يتعلق بمواجهة المشروع الصهيوني بما يمثله من خطر على الشعوب العربية.

[**البيان السياسي*]

[**

جانب من جلسات النقاش في اللقاء التشاوري أمس

*] جلسات النقاش السياسي للقاء، استهلها المفكر العربي الدكتور عزمي بشارة الذي دعا إلى استعادة البعد العربي للقضية الفلسطينية لتقديم نموذج بديل عما تقدمه الأنظمة الرسمية. وشدد على أن المقصود بالثوابت الوطنية للشعب الفلسطيني هو «الثوابت غير القابلة للتصرف»، بما يتعدى الشعارات الفضفاضة القابلة للسخرية.

واعتبر بشارة أن الخطيئة الأولى في القضية الفلسطينية كانت النموذج الذي قدمته اتفاقية كامب ديفيد بين مصر و«إسرائيل»، بما فرضته من مقاربة خطيرة للصراع، وهي تكريس مقولة أن قضية فلسطين هي للفلسطينيين، وأن على كل دولة أن تستعيد أراضيها المحتلة بنفسها.

ووصف بشارة هذا التوجه بأنه مدمّر لأنه يضرب الهوية العربية بالعمق، خاصة أن القضية الفلسطينية كانت محور الهوية العربية أقله منذ الحرب العالمية الأولى.

أما الخطيئة الثانية، فكانت بحسب بشارة القبول بـ «سلطة فلسطينية» تحت الاحتلال، مشيراً إلى أن هذا السلوك شكل نموذجاً لتشكيل «مجلس الحكم المؤقت» في العراق بعد الغزو.

ورأى بشارة أن كل مفاوضات تجري تعني تراجعاً وتآكلاً للقضية الفلسطينية، وهو أمر ينطبق على المفاوضات المباشرة حالياً، وخاصة أن المفاوضين الفلسطينيين قد ذهبوا إليها من دون أي مرجعيات. وأشار بشارة إلى أنّ المفاوضات الحالية تأتي لتصحيح العلاقات بين الولايات المتحدة و«إسرائيل»، بعد الخلاف الذي اعقب انتخاب بنيامين نتنياهو، أما العرب فلم يكونوا سوى «كومبارس» في هذه العملية.

النقاشات التي تلت تقديم الورقة عكست تباينات كبيرة في مواقف المشاركين، سواء في ما يتعلق بأبعاد الصراع مع «إسرائيل»، خاصة في ظل تركيز البعض على طابعه الإسلامي، أو في الأدوات التي يجب استخدامها، حيث رأى البعض أن الخيار العسكري هو الأداة الوحيدة للتحرير، إلى جانب الكثير من الأفكار التي طرحت على المستوى التنظيمي، وإن كان الجميع قد اجتمع على العناوين الكبرى للقاء.

وبحسب ما أشار بلال الحسن لـ «السفير» فإنّ ما طرح من أفكار يكتسب أهمية كبيرة في إطار المشاورات التي تجريها الهيئة قبل مؤتمرها التأسيسي، موضحاً أن هذه التباينات لا تمثل تناقضات داخل الهيئة، وإنما تعبر عن آراء قيمة يمكن البناء عليها.

من جهته، أشار حاتم عبد القادر لـ «السفير» إلى أنّ عقد اللقاء يكتسب أهمية خاصة في ظل الأوضاع الحالية التي تمر بها القضية الفلسطينية، مشيراً إلى أنّ ما يجري اليوم في فلسطين يتطلب إقامة إطار كهذا بهدف تنسيق الجهود الفلسطينية والعربية لمواجهة العدوان «الإسرائيلي» المتواصل. وأوضح أنّ التباينات التي شهدتها جلسات النقاش لا تمنع من التوصل إلى تعاون بين كل القوى، خاصة أن المطروح هو إطار للعمل الوطني الفلسطيني على أساس التفاهم على الثوابت.

وقال الأسير المحرر سمير القنطار إن «لا خصوصية لأي وطن عربي في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية». وشدد على أن على الملتقى أن يضع آليات عمله لترجمة الحفاظ على الثوابت بالبندقية، فهي، بحسب تجربتي، وحدها القادرة على إعادة الحقوق»، فيما دعا الباحث الاستراتيجي أنيس النقاش الى عدم الاكتفاء بمسألة تثبيت الثوابت، وإنما إعادة الوهج إليها من خلال حركة شعبية واسعة، يكون الشباب جزءاً أساسياً فيها. واقترح تشكيل منسقية شبابية عربية رمزها سمير القنطار، على أن تعمل تحت مظلة الأمانة العامة للهيئة.

بدوره، شدد الكاتب المصري أحمد بهاء شعبان، وهو أحد مؤسسي حركة «كفاية»، في حديث لـ «السفير» على أهمية تأسيس هيئة مدافعة عن الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، يمكن للشعوب العربية أن تسهم من خلالها في النضال إلى جانب الفلسطينيين ضد السياسة العدوانية لـ «إسرائيل». ويؤكد شعبان أن الشارع العربي، والمصري خصوصاً، مهيأ لهذه الأهداف النضالية، خاصة بعدما تمكن من إسقاط اتفاقية كامب ديفيد، لكنه أشار إلى أنّ هذا الزخم الشعبي عرضة للتراجع في حال لم يتمكن الفلسطينيون من الخروج من نفق الانقسام المظلم.

ومن المتوقع أن يخرج اللقاء اليوم بتوصيات سيتم الاعلان عنها خلال مؤتمر صحافي في «قاعة أطفال الصمود» في مخيم مار الياس.

- **المصدر : صحيفة «السفير» اللبنانية



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 11 / 2165526

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165526 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 10


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010