الأحد 26 أيلول (سبتمبر) 2010

حان وقت القرارات الحاسمة

الأحد 26 أيلول (سبتمبر) 2010

المنطق يقول : في النهاية سيكون حل وسط. ستتحقق صيغة. هذا يجب أن يحصل. لا أحد يمكنه أن يسمح لنفسه بالتفجير الآن. لا الفلسطينيون، الذين فقدوا مكانتهم كابنٍ عزيز جديد للبيت الابيض؛ ولا «الاسرائيليون» الذين سيفتحون حساباً دموياً مع ادارة اوباما (وتوجد لهذه الادارة سنتان أُخريان واربعة اشهر كاملة في البيت الابيض) وبالتأكيد ليس الامريكيون. «اطلب منكم ألا تشتغلوا بي حتى تشرين الثاني (نوفمبر)». هذه هي الكلمات حقاً التي استخدمها الرئيس باراك اوباما في المحادثات الشخصية التي اجراها مع ابو مازن ونتنياهو.

بالانكليزية يبدو هذا اكثر اقناعاً : don’t mess with me، قال. مما يحصل في الايام الاخيرة يمكن الافتراض بأنهما فهما ذلك على نحو مؤكد. بعد هذا التحليل العقلي يأتي الواقع وهو، كما يعطي الانطباع، لا يفهم الوضع. الاطراف يزيدون السرعة ويندفعون نحو الحائط. الرئيس اوباما يقول في كل يوم تقريباً، لكل من يرغب في أن يسمع تقريباً ان «على التجميد ان يستمر». نتنياهو يقول، ويكاد يقول بذات الوتيرة، انه لن يستمر. وابو مازن، يقول تبعاً، انه مع صعود البيت الاول الى الارض في المناطق، فانه ينسحب. وزير الدفاع ايهود باراك مدد مكوثه في واشنطن، وجلس هناك على الامر طوال الليل، وبقي هناك كل اليوم، وهو يعرف بان مستقبله السياسي الذي يعرج متعلق بنتائج هذه الجلبة. التفجير من شأنه ان يؤدي بـ «العمل» الى خارج الحكومة، وبه الى الضياع السياسي. نصف ثانية بعد ان يخرج من سيارة آودي المحروسة خاصته لن يبقي منه «الرفاق» حجراً على حجر.

التقدير هو أنه لن يكون ثمة تفجير. قبل كل شيء، المستوطنون. فقد فهموا بانه يجب تخفيض مستوى الاهتمام، وهم سيخفضونه. لن تكون جرافات صباح الغد. لن تكون احداث جماهيرية. وهم سيحافظون على صمت نسبي. هم يفهمون بان احتفالاً ضوئياً صوتياً للبناء سيقلب العالم علينا ويقلب الجمهور في البلاد عليهم. وهم سينتظرون. التقدير هو أن امر التجميد لن يمدد، ولكن التجميد الصريح سيحل محله تجميد بيروقراطي. لن تكون اذون او عطاءات في المدن (آرئيل، معاليه ادوميم، افرات، كارنيه شومرون). وزارة الدفاع، كما كشف النقاب هنا، ستعقد الموت لاصحاب الاذون الخاصين القائمة، وستجد اسباباً بيروقراطية او اجرائية لتمنعهم من الصعود الى الارض، ونتنياهو سيودع وديعة هادئة لدى الامريكيين بموجبها لن يكون بناء فظ خلف الجدار في المناطق التي لن تبقى فيها «اسرائيل»، على ما يبدو في التسوية الدائمة. يحتمل أن يطلب الامريكيون والفلسطينيون، اضافة الى مثل هذه الوديعة، وعدا ايضاً في أن يبحث موضوع الحدود اولا في المفاوضات ويحل في غضون ثلاثة اشهر. كل هذا يضاف الى الحقيقة المذهلة في أنه في القدس يوجد تجميد بحكم الامر الواقع منذ زمن بعيد (منذ زيارة بايدن). هكذا بحيث ان هناك احتمال كامن لنزول متزامن لكل الاطراف من الشجرة وتواصل المفاوضات الهادئة. على الاقل حتى تشرين الثاني (نوفمبر).

ولا يزال، هذا ليس بسيطاً. بنيامين نتنياهو، «سيد الاعلام»، بقي في البيت ولم يسافر الى الجمعية العمومية للامم المتحدة. بعث بدلاً منه بيريس، واليوم سينضم ايضاً ايفات ليبرمان. هذا هو الاسبوع الاكثر سياسية في السنة ومن شأن «اسرائيل» أن تخرج منه كمثبطة الافراح في العالم. كل هذا بينما نحن في ايام حاسمة في المسألة الايرانية، وساعة الرمل تنفد والقنبلة تتكتك. هناك حاجة ايضاً الى الانصات للرئيس اوباما. فقد تحدث عن «اعتبارات سياسية تافهة» في خطابه في الجمعية العمومية للامم المتحدة، من شأنها أن تعرقل الفرصة التاريخية لتحقيق السلام بين «اسرائيل» و«الفلسطينيين». عنوان «الاعتبارات السياسية التافهة» هو نتنياهو.

الامريكيون يعرفون ما يعرفه نتنياهو : بان ليس له سبب سياسي حقيقي لعدم تمديد التجميد. وأن تسيبي ليفني ستكون هناك، من الداخل أم من الخارج، اذا ما قصد بجدية. اذا كانت له خطة حقيقية. ولكن نتنياهو صامت. رجاله يشددون على انه «هادىء وساكن، يسيطر على الوضع ولا يدخل في حالة فزع». لعله يعرف شيئاً لا نعرفه نحن. الشرك الذي أدخل نفسه فيه ليس بسيطاً. شرك مزدوج، سياسي داخلي وخارجي. في المجال السياسي الداخلي، اذا لم يمدد التجميد ويؤدي الى التفجير، سيكون في خطر فقدان حزب العمل، وقد يضطر الى السير نحو حكومة يمينية ضيقة. واذا مدد التجميد، فسيسمونه مرة اخرى المتذبذب، وسينشب تمرد صغير في «الليكود» واليمين سيحاول اسقاطه. الشرك السياسي الخارجي اكثر خطورة : اذا لم يمدد التجميد سيعرف نهائياً بانه مناهض لادارة اوباما، ويصبح هدفاً دولياً وقد يضطر الى التوجه الى حل وسط مهين يجبره على أن يبحث في الحدود الآن. وهكذا، للامتناع عن ثلاثة اشهر تجميد، سيسرع التنازل عن أقاليم عزيزة. اما اذا مدد التجميد حقاً، فانه سيصبح نكتة، زعيماً لا يفي بالوعود، بل وكزعيم تصريحاته الاكثر صراحة موضع علامة استفهام. ولا يزال، يتعين على نتنياهو ان يتخذ القرارات. حان وقت القرارات الحاسمة الزعامية. الترهات عن المتحمس الذي ينجح في الامساك بكل الكرات في الهواء لا تساوي الورق الذي يصفر. قالوا عنه هذا في العام 1999 ايضاً قبل ربع ساعة من طيرانه مكللاً بالعار من المكتب. وهو يعرف هذا على نحو ممتاز. السؤال هو اذا كان لدى نتنياهو الشجاعة والرؤيا او الارادة لمثل هذه القرارات الحاسمة. فهل هو مبني من هذه المادة؟ ام أنه سيجد، على عادته، الحل السهل ويدعو هذا المساء «كاديما» للانضمام الى «حكومة طوارىء» لفترة محددة («سنة»)، مقابل خمسة وزراء بلا وزارة (او شيء كهذا).

- **«معاريف»



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 12 / 2178897

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

25 من الزوار الآن

2178897 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 28


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40