الثلاثاء 28 أيلول (سبتمبر) 2010

بدأ السحر يتلاشى

الثلاثاء 28 أيلول (سبتمبر) 2010

منذ عاد بنيامين نتنياهو الى السلطة، أصبح مرة أخرى «الساحر» ابن السابعة والاربعين، الذي أبعد قبل 14 سنة شمعون بيريس عن ديوان رئيس الحكومة. سيطر في وقت واحد على ما لا يحصى من الكرات في الهواء : على الشركاء من اليمين المتطرف وعلى الشركاء من حزب العمل؛ وعلى المستوطنين وعلى اليساريين؛ وعلى الليكودي المخفف دان مريدور وعلى الليكودي الموسع بوغي يعلون؛ وعلى رئيس الولايات المتحدة باراك اوباما وعلى رئيس مصر حسني مبارك.

بدأ السحر يتلاشى هذا الاسبوع. لم تعد خطبة بار ايلان تزود بقدر كاف من الهواء الساخن الذي أمسك جميع الكرات في الهواء. إن رجلا أسود من الأغيار اسمه الأوسط «حسين» لا يؤثر في المستوطنين وممثليهم في الحكومة والمعارضة. لن ينتظروا في أدب حتى يوجد بيبي صيغة ترضي «العربي» أبا مازن. فقد برهنوا أكثر من مرة على أن «المهمة المقدسة» التي هي بناء أرض «اسرائيل» تغلب الاعتبارات السياسية «الرخيصة» عندهم. في سنة 1992 دق المستوطنون المسمار الرئيسي في تابوت حكومة شامير. وبعد مرور سبع سنين أعاد اليمين الرافض «الليكود» برئاسة نتنياهو.

لم ينجح نتنياهو حتى ظهيرة أمس في سل أرنب من قبعته. لم يوجد صيغة تحافظ على كرامة رئيس أمريكي جائع للنجاحات وترضي مستوطنين جائعين للاسمنت (يعتبر احتجاج الرئيس الفلسطيني في الأكثر ظاهرة مصاحبة باطلة). اذا لم يوقف نتنياهو البناء، فسيضطر الى المقامرة على أن يبتلع أوباما الضفدع. قد يفضل الرئيس، عشية انتخابات مجلس النواب، أن يخيب آمال القادة العرب من «الشرق الاوسط» أكثر من اغضاب القادة اليهود من الغرب الاوسط للولايات المتحدة. في مقابلة ذلك اذا وافقت الحكومة على اطالة أمر التجميد، فسيقدم أرييه الداد ورفاقه في الاتحاد الوطني صباح اليوم التالي اقتراح حجب ثقة. لا تعرض لهم في كل يوم فرصة أن يمتحنوا اخلاص الوزراء وأعضاء «الكنيست» من الفرع اليميني للائتلاف، لبناء أرض «اسرائيل».

ويصعب أن نتوقع منهم أن يتخلوا عن لذة رؤية داني دانون وتسيبي حوتوبلي من «الليكود» (وعتنئيل شنلر من «كاديما») يعبرون عن ثقة بالحكومة، التي تجمد البناء في مدينة الآباء عن نقض صريح للالتزام بتجديد البناء في كل موقع في «يهودا والسامرة». يجب أن يأخذ نتنياهو في حسابه أنه اذا اختار الامكان الثاني، فسيجب عليه أن يودع عددا من زملائه في الحكومة وربما يودع عددا من رفاقه في الحزب ايضا. لكن هل يحسن أن ينقض نتنياهو حكومة ويزعزع حزبا من أجل اطالة أمر تجميد البناء حتى عيد الانوار القريب؟

إن ثمناً سياسيا كهذا يدفعه قادة في «الليكود» عن السلام مع دولة عربية او الانسحاب من المناطق. أبلغت تسيبي ليفني قبل زمن ما نتنياهو أنها اذا اقتنعت بأنه مستعد للسير في طريق مناحيم بيغن للسلام مع مصر وفي طريق اريئيل شارون في الخروج من غزة ـ فسينضم «كاديما» الى حكومته بغير تناوب أيضا.

يحللون الوباء

في خلال أشهر التجميد العشرة وضع أمام محكمة العدل العليا عشرات الاستئنافات من سكان الضفة الذين شكوا عجز سلطات «اسرائيل» المتعلق بتطبيق القانون على المستوطنين. إن المحامين من قبل «يوجد حكم» و«سلام الآن»، وعلى رأسهم ميخائيل سفراد، عرضوا على القضاة أدلة على البناء بغير ترخيص في المستوطنات والبؤر الاستيطانية، مع المس بحقوق الملكية وبحرية حركة الجيران الفلسطينيين. لم تنكر الادارة المدنية في أكثر الحالات دعاوى المستأنفين. وكان الرد الرتيب للجهة المسؤولة عن تطبيق قوانين التخطيط والبناء في المناطق هو: «عندنا ترتيب أفضليات. المراقبون مشغولون في هذه الأيام بتوزيع أوامر التجميد وفرضها». وهكذا، وعلى نحو تناقضي، أصبح قرار الحكومة على تجميد رخص البناء، رخصة بناء بلا ترخيص.

إن أناس النيابة العامة للدولة، وهي الجهة التي أوكل اليها الحفاظ على القانون، لا يستحون من الاعتراف أمام المحكمة العليا بأن دولة «اسرائيل» لا تفي بواجبها. ويوجدون مرة بعد أخرى ذرائع عجيبة ويطلبون الى محكمة العدل العليا أن تمنح موكلتهم مهلة ثم أخرى، لاجلاء الغزاة، أو تحليل الوباء في حالات كثيرة. وفي حالات نادرة، كما في حالة البيوت التسعة في عمونة، امهلت محكمة العدل العليا الدولة زمنا محدوداً لاجلاء الغزاة.

وفي حالة ميغرون، منذ أبلغت النيابة العامة محكمة العدل العليا قبل أكثر من ثلاث سنين أن البؤرة الاستيطانية غير القانونية أنشئت على أرض سلبت من الفلسطينيين، ما تزال المستوطنة زاهرة نامية. تقول المحامية تاليا ساسون، إنه في الوقت الذي عملت فيه في مناصب رفيعة في النيابة العامة، كلما اعتقدت أن احدى السلطات تشارك في عمل غير قانوني، كان من حقها أن تبلغ المحكمة أنها غير مستعدة للدفاع عنها. وتذكر كاتبة تقرير البؤر الاستيطانية قائلة «للأسف الشديد، أهملت النيابة العامة في واقع الأمر التصور الذي عرضه المستشاران القانونيان أهرون باراك واسحاق زمير. وهي تفضل الاعتراف بأن هذه العملية غير قانونية حقا وأن تعرض دعاوى شتى تبين لماذا ينبغي تمثيل السلطة. وهي تحب على نحو خاص دعوى أن الحديث عن شأن سياسي وأن تختار الحكومة متى وكيف تعمل في هذا الشأن».

تدعو ساسون المستشار القانوني يهودا بن شتاين، الى أن يمثل امام المستوى السياسي ويقول بشجاعة أنه ورجاله غير مستعدين للتعاون على الاخلال بالقانون بعد. وتختم ساسون قائلة : «ليس هذا سهلا جدا، يحتاج من أجل ذلك الى عامود فقري قوي على نحو خاص».

- [**عكيفا الدار | «هآرتس» | 28 ايلول (سبتمبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 7 / 2165531

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165531 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 7


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010