الأربعاء 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

غولدا فكرت بخطوة «مجنونة» ضد سورية

الأربعاء 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

أمين سر الدولة سمح أمس بنشر 8 بروتوكولات اخرى توثق المداولات التي اجرتها رئيسة الوزراء الاسبق غولدا مائير، في الايام الاربعة الاولى من حرب «يوم الغفران». وتوفر البروتوكولات إطلالة نادرة على الاستعداد العسكري والدبلوماسي في الساعات ما قبل بدء الهجوم العسكري المصري والسوري، وتفصل أمر وجود مصدر استخباري قدم معلومات ذات مصداقية عن الهجوم المتوقع في ذاك اليوم وسمح للقيادة السياسية في «اسرائيل» بالتفكير بهجوم وقائي مسبق على سورية ومصر، والعلاقة الوثيقة التي بين الحسين ملك الاردن والقيادة في «اسرائيل» عشية الحرب. وزير الدفاع في حينه، موشيه ديان، اقترح في تلك المداولات التجنيد حتى لكبار السن بعد سن الاحتياط واليهود من خارج البلاد. كما أنه اقترح الهجوم المسبق على سورية ومحيطها بشكل غير مسبوق حتى بثمن اصابة المدنيين والضربة المضادة على «تل أبيب». وفكر المجلس الوزاري ايضا بالتجنيد للتدريب لشبان ابناء اقل من 18 كي يكونوا مستعدين للحرب اذا ما طالت جدا. غير قليل من الآمال علقت في تلك الجلسات بالذات على حلول الشتاء لتساعد على الاقل في الجبهة السورية. في كل الاحوال كان القرار لا لبس فيه : «عنادا ممنوع الاستسلام».

وتعود البروتوكولات لتكشف عدم الاكتراث «الاسرائيلي» تجاه القدرة العسكرية للجيوش العربية. رئيس شعبة الاستخبارات ايلي زعيرا قدر في صباح «يوم الغفران» بان انور السادات لن يتجرأ على شن حرب ضد «اسرائيل». ورغم رأيه، وخلافا لتوصية وزير الدفاع موشيه ديان، قررت رئيسة الوزراء مائير تجنيد 200 الف جندي احتياط لوضع قوة ذات مغزى تحت التصرف احتمالا لاندلاع حرب.

لاحقا، بذلت مائير مع قيادة جهاز الامن جهودا عظيمة لتلقي مساعدات أمنية ذات مغزى من الولايات المتحدة، لـ 40 طائرة مقاتلة و 400 دبابة، بل ان مائير فكرت بالسفر للقاء سري لـ 24 ساعة مع الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون دون اطلاع الحكومة، في محاولة لاقناعه بمساعدة «اسرائيل» في المعركة.

[**6/10/1973، «يوم الغفران»، الساعة 8:05*]

رئيسة الوزراء، غولدا مائير، تعقد نقاشا طارئا في «تل ابيب» بمشاركة قيادة جهاز الامن. قبل ست ساعات من اندلاع الحرب يبدأ الاستعداد «الاسرائيلي» لهجوم شامل من الجيوش العربية. وشارك في النقاش وزير الدفاع موشيه ديان، رئيس الاركان دافيد اليعازار، رئيس شعبة الاستخبارات ايلي زعيرا، مساعد وزير الدفاع تسفي تسور والوزيران اسرائيل جليلي ويغئال الون. ويتضح من البروتوكولات ان في «اسرائيل» تعاطوا بجدية مع الانذار الذي نقله المصدر الاستخباري الاكبر لـ «اسرائيل» في مصر أشرف مروان، وكذا لحقيقة أن الروس يخرجون ابناء عائلاتهم من سورية ومن مصر.

وتطرق رئيس الاركان في النقاش للمعلومات الاستخبارية التي وصلت فقال : «قرأت برقية رجل تسفيكا. الرسالة أصلية. بالنسبة لنا هذا انذار قصير جدا. اذا هاجموا بعد عشر ساعات، نحن جاهزون بشكل اقصى مع الجيش النظامي، ولكن لم نجند الاحتياط على الاطلاق». الوزير جليلي قال في النقاش ان «مصدر تسفيكا يقول انه يمكن احباط الحرب من خلال التسريب (الذي يكشف مؤامرة الهجوم ويحرج مصر وسورية، ي. ل). ويقترح تسفيكا محاولة ذلك». رئيسة الوزراء مائير لم ترفض الامكانية : «ماذا سيكون اذا حقا اخذنا بمشورة هذا الصديق؟ لماذا لا نبادر نحن إلى ان تعلن الـ (بي.بي.سي)، الـ (سي.بي.اس) وغيرهما بأن الروس يخلون سورية ومصر ونعطيهما تقديرا لماذا يفعلون ذلك؟ أي ان نهدم لهم وهم المفاجأة».

عدم الاكتراث، في المراحل قبل اندلاع المعركة، كان واضحا من أقوال رجال جهاز الامن. هكذا، مثلا، يصف رئيس الاركان بانه «من ناحية عملياتية نحن قادرون اليوم في الساعة 12:00 على ابادة سلاح الجو السوري بكامله. ونحتاج بعد ذلك الى 30 ساعة اخرى لنصفي منظومة الصواريخ. اذا كانوا يعتزمون الهجوم في الخامسة، في هذه الساعة سيعمل سلاح الجو بحرية ضد الجيش السوري. هذا يغريني جدا من ناحية عملياتية». رئيس شعبة الاستخبارات ايلي زعيرا، أظهر شكا كبيرا بجدية نوايا الرئيس المصري أنور السادات. «رغم حقيقة انهم مستعدون، برأيي هم يعرفون أنهم سيخسرون. السادات اليوم ليس في وضع يكون فيه مضطرا للقيام بحرب. كل شيء جاهز، ولكن لا يوجد اضطرار، وهو يعرف بان الميزان لم يتحسن».

كما أن المملكة الاردنية شغلت بال هذا المحفل. لم يكن واضحا اذا كان الاردن سينضم الى المعركة ضد «اسرائيل» واذا كان سيستجيب للطلبات المصرية ويستخدم من اراضيه الرادارات التي تساعد القوات المصرية في القتال ضد «اسرائيل». وقالت مائير انه «بالنسبة للضربة الوقائية، من ناحية جوهرية لا يمكننا ان نسمح لانفسنا بعمل ذلك هذه المرة. فقط اذا هاجمت مصر، يمكننا أن نضرب السوريين».

«وترددت مائير بين موقف رئيس الاركان الذي دعا الى تجنيد كامل للاحتياط، وبين موقف وزير الدفاع، الذي طلب تجنيد قوات قليلة فقط. وقال وزير الدفاع دغان لرئيسة الوزراء : «اذا صادقتِ على تجنيد كبير للاحتياط، فلن استقيل، ولكن توصيتي هي تجنيد كل سلاح الجو، تجنيد فرقة للشمال وفرقة للجنوب. في الليل سنرى اذا كان يجب أن نجند وسنجند».

[**7/10/1973، الساعة 9:10*]

رئيسة الوزراء مائير تجري نقاشا هدفه فحص كيفية ربط الادارة الامريكية بجهود المساعدة لـ «اسرائيل» في مجلس الامن في الامم المتحدة ومنع قرار بوقف النار يضر بـ «اسرائيل». مائير تسعى الى اقناع الادارة الامريكية بان تنقل الى «اسرائيل» معدات عسكرية. اللواء يريف يقترح ارسال اسحق رابين الى الولايات المتحدة، كي يشرح لوزير الخارجية هنري كيسنجر تقدم الحرب ووضع «اسرائيل» الصعب. في أثناء النقاش يفكر المحفل بامكانية ان يعرض على كيسنجر صورة جزئية وزائفة تقدم صورة غير حقيقية عن وضع «اسرائيل» الصعب، وذلك من أجل كسب عطف الادارة. مائير ترفض الاقتراح بحزم. وتقول : «يجب أن نشعل له المصباح وان يحصل على الصورة الحقيقية. لا يمكننا أن نلعب معه لعبة الغماية».

[**7/10/1973، الساعة 13:40*]

نقاش اضافي جرى لدى رئيسة الوزراء في وقت لاحق، بمشاركة مساعد وزير الدفاع تسفي تسور. يعرض تسور على مائير قائمة طويلة من المعدات العسكرية التي يطلب الجيش «الاسرائيلي» الحصول عليها من الامريكيين وعلى رأسها 30 طائرة فانتوم. وقال : «طلبنا قوائم طويلة جدا ولا يزال لا يوجد رد. ليس لدينا ما يكفي من ناقلات الدبابات وعلى ذلك نحن نأسف الان جدا. تقنية كهذه لتجنيد 200 الف رجل في يوم واحد، ليس لدينا وسائل لها. كانت هنا فقط مشكلة مالية، ولكن ايضا طريقة تفكير. لم نرَ وضعا نحتاج فيه في نصف يوم انزال كل الدبابات».

[**7/10/1973، الساعة 23:50*]

في نهاية ذاك اليوم جرى نقاش آخر بمشاركة الوزراء والقيادة الامنية لـ «اسرائيل». اسحق رابين عاد من جولة في الجبهة الجنوبية وقال : «كل موضوع القتلى والجرحى معقد. يوجد 400 جريح و 80 قتيلا ً. غورديش يقدر الى أنه حتى الانتقال الى الهجوم سيكون 150 200 قتيل». واعترف رابين بانه ليس معروفا شيء عن الخسائر في اوساط القوات المصرية.

[**8/10/1973، الساعة 9:50*]

في ذاك الصباح طلب رئيس الاركان من رئيسة الوزراء مائير المصادقة على مهاجمة 4 اهداف مصرية في الشاطىء وغولدا مائير صادقت له. «هذه أهداف جيدة»، يقول لها رئيس الاركان اليعازار. «فلتكن لهم مصادر قلق. يجب الاثقال عليهم. فهم في النهاية بشر».

[**8/10/1973، الساعة 19:50*]

حاييم بارليف والوزير يغئال الون بلغا رئيسة الوزراء بعد جولة قاما بها في الجبهتين. وحسب اقوالهما، فان وضع القوات «الاسرائيلية» بدأ يتحسن اما قوات العدو فبدأت تتضرر بشكل حقيقي. وقال الون : «ما حققوه اليوم بالقياس الى أمس هو انجاز هائل. الجبهة امس كانت فالتة. لو كان السوريون اكثر جسارة، لحققوا انجازات هامة. بل وحتى غينوسار كانوا سيصلون». حاييم بارليف يشرح للحضور في الغرفة بان انجازات السوريين والمصريين، نبعت، ضمن امور اخرى، من تفوقهم العملياتي حيال القوات «الاسرائيلية» : «للسوريين وللمصريين على حد سواء توجد الدبابة السوفييتية الحديثة زائد الاشعة ما فوق الحمراء».

ويحذر زمير من امكانية الا يتمكن الحسين من التجلد وان يدخل هو ايضا المعركة ضد «اسرائيل». رئيسة الوزراء مائير قالت : «هو (الحسين، ي.ل) ابلغنا اليوم مرتين بانه اسقط لنا طائرات. اعتقد أنه ينزل طائرات في (الكلام)، ولكنه لن يعمل. السادات يضغط عليه، الاسد يضغط عليه. آمل أن يكتفي بـ (الكلام).

[**9/10/1973*]

في نقاش جرى لدى مائير في ذاك اليوم اعرب وزير الدفاع ديان عن ثقته في قدرة القوات «الاسرائيلية» على حسم المعركة مع سورية وطلب قصف أهداف في دمشق. «توجد أوامر : لن ننسحب من الجولان. سنقاتل حتى الموت على الا نتحرك». وهو يروي لرئيسة الوزراء ويضيف : «ما أقترحه واطلب المصادقة عليه : قصف داخل دمشق». مائير : «داخل المدينة؟»، ديان : «داخل المدينة وفي محيطها. لكسر السوريين». وبعد ذلك أوضح : «ليس لدى ددو القوة للسير برا الى دمشق. ليس لنا طابور، ولا حتى للتضليل. يوجد لنا الان ذات عدد الدبابات مثلما في الايام الستة. الدبابات تتآكل». وشرح ديان قراره بالهجوم على اهداف مثل هيئة الاركان السورية او منشآت بنية تحتية في دمشق ويقول انه «سرنا حتى الان ما يكفي على الحقول في دمشق. لم تعد توجد اهداف هامة. الهدف الاهم هو دمشق. لا يمكن ان نقول ان السكان لن يصابوا بأذى». مائير تسأل : «لماذا من الضروري كسرهم؟ هل قصف هنا سيكسرنا»؟ اليعازار يجيب : «قصف كثيف هنا، على مقر القيادة العسكرية، في «ريدنغ» وفي «رمات أفيف» هذا يشوش جدا». وفي سياق النقاش، تقترح رئيسة الوزراء مائير الخروج الى واشنطن في مهمة سرية ليوم واحد، من خلف ظهر وزراء الحكومة، في محاولة لاقناع الرئيس نيكسون تأييد الموقف «الاسرائيلي». مائير : «اريد أن أطرح فكرة مجنونة : ماذا سيكون، ولو بشكل سري، انا مع رجل عسكري مناسب نطير الى واشنطن لـ 24 ساعة؟ ماذا اقصد بذلك؟ أن اضع نيكسون امام خطورة الوضع». وحسب اقوالها «يحتمل أن يقول : «عطف فقط». يحتمل ان تثور لديه العزة الذاتية، ما هم (الروس) يفعلون له. انا لا اعد نفسي بالنجاح، ولكن يخيل لي انه باستثناء العملية العسكرية، يخيل لي، دون تباه ٍ، بأن هذه هي الورقة الاساسية التي يمكننا ان نستخدمها مع الامريكيين، وهذا كفيل بان ينجح». وتوضح مائير للمشاركين في المحفل بان هذه مبادرة سرية. «اذا سافرت، فسأسافر بدون علم الحكومة. سأخرج وأعود دون علم. لدي شعور باني أقف في اللحظة التي احتاج فيها الى حديث معه، وشعور بانه سيفهم».

- [**يونتان ليس | «هآرتس» | 6 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 3 / 2181316

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

5 من الزوار الآن

2181316 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 8


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40