الأحد 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

وصفة لإفشال المفاوضات

الأحد 10 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

ينبغي الترحيب بتصريح بنيامين نتنياهو بأن اعترافا فلسطينيا بـ «اسرائيل» كـ «دولة قومية للشعب اليهودي» هو أساس للسلام وذلك لأنه يكشف الأساس الايديولوجي لرئيس الوزراء ويسمح بالبحث في مسائل هامة. مثل معظم «الاسرائيليين»، يعتقد رئيس الوزراء ايضا بأن المعارضة العربية العامة للاعتراف بهذا المطلب تشكك في مجرد وجود دولة «اسرائيل» وتعكس معارضة مبدئية للاعتراف بسيادتها. مصدر هذا الفهم السائد هو في انعدام التمييز بين مجرد الاعتراف بدولة «اسرائيل» وبين الاعتراف بها كـ «دولة يهودية».

هناك في المجتمعات العربية من يعارض بالفعل الاعتراف بدولة «اسرائيل». ولكن، ليس كل العرب يرفضون الاعتراف بها. اتفاقات السلام التي وقعت بين «اسرائيل» ومصر والاردن تضمنت بندا صريحا للاعتراف بدولة «اسرائيل»، وعشية التوقيع على «اتفاق اوسلو» تبادل اسحق رابين وياسر عرفات رسائل في هذه المسألة. ولكن، في هذه الاتفاقات لا يوجد تناول للاعتراف بـ «اسرائيل» كـ «دولة يهودية». اعتراف سياسي وقانوني بدولة «اسرائيل» هو شرط ضروري في اتفاقات السلام مع الطرف العربي. الهوية القومية والثقافية للمجتمع «الاسرائيلي» هي موضوع داخلي. مشروع، بالطبع، أن يعبر الاجماع «الاسرائيلي» عن هويته اليهودية، ولكن مطالبة الطرف الفلسطيني بالاعتراف بالهوية اليهودية لـ «اسرائيل» غير ذات صلة بالتوقيع على اتفاق سلام معها.

للمطالبة بالاعتراف بـ «اسرائيل» كـ «دولة يهودية» في سياق النزاع «الاسرائيلي» الفلسطيني بشكل عام، وطرحها في مرحلة المفاوضات على الاتفاق الدائم بشكل خاص توجد ثلاثة معانٍ أساسية. الاول هو الغاء مجرد الشرعية للمطالبة بالاعتراف بالحقوق التاريخية للفلسطينيين في وطنهم أو على الأقل في الجزء الأكبر منه. قبول مطلب نتنياهو مثله كمثل الموافقة من جانب محمود عبّاس على شطب ذاكرة النكبة والغاء الرواية الفلسطينية بالنسبة لحرب 1948. المعنى الثاني يتعلق بطرح المطلب «الاسرائيلي» في المفاوضات السياسية. المطلب يشكك بالموقف الفلسطيني بالنسبة لسيادتهم على قسم من القدس ولا سيما على الحرم الشريف، الذي هو جبل البيت. فهل يُعقل أن نتنياهو، بعد مطالبته بالاعتراف بـ «اسرائيل» كـ «دولة يهودية»، سيتنازل عن السيطرة في النطاق الذي يتضمن الموقع الذي كان فيه قدس أقداس اليهودية؟ الاعتراف بـ «اسرائيل» كـ «دولة يهودية» يحبط ايضا امكانية تحقيق اتفاق في المسألة المشحونة للاجئين.

المعنى الثالث يتعلق بالرسالة القاسية التي تطلقها مطالبة نتنياهو من المواطنين الفلسطينيين، رسالة تُعبر عن الاغتراب، ولا سيما بصلتهم بوطنهم التاريخي. في العقد الأخير تتعاظم مظاهر الاغتراب من جانب الاغلبية اليهودية للهوية التاريخية والقومية للأقلية كجزء من الشعب الفلسطيني. أحداث تشرين الاول (أكتوبر) 2000 تشكل مؤشراً على الطريق في فهم الفلسطينيين من مواطني «اسرائيل» للدولة ولموقف الاغلبية منهم وذلك لأن التأييد المباشر وغير المباشر لمطلب اشتراط المواطنة باعلان الولاء ليس من نصيب مؤيدي «اسرائيل بيتنا» وحدهم.

المفاوضات السياسية هشة على أي حال. والاصرار على مطلب الاعتراف بـ «اسرائيل» كـ «دولة يهودية» من شأنه أن يحبط التقدم فيها بل وأن يثبت الفهم الذي يقضي بأن رفض الفلسطينيين الاستجابة لمطلب نتنياهو يزيل ظاهرا القناع عن وجوههم ويكشف نواياهم الحقيقية. هذا صدى مقلق للرواية عديمة الأساس، التي نشرت في «اسرائيل» في أعقاب فشل المفاوضات في كامب ديفيد قبل عشر سنوات.

- [**يورام ميتال│«هآرتس»│10 تشرين الأول (اكتوبر) 2010*]

[**♦ بروفيسور في دراسات الشرق الاوسط في جامعة بن غوريون.*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 5 / 2178817

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2178817 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40