الاثنين 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

أين غاب العقل؟

الاثنين 11 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

صادقت الحكومة أمس على قرار اشتراط منح الجنسية «الاسرائيلية» باعلان الولاء لدولة «اسرائيل» على أنها «دولة يهودية وديمقراطية». بحسب القانون القائم، الولاء هو لدولة «اسرائيل» فحسب. يريد القرار تطبيق الواجب على غير اليهود فقط، ولهذا فانه مرفوض لكونه تمييزيا. لكنه اذا طُبق على الجميع ايضا فسيظل الرفض لاصقا به ايضا.

هذا الاقتراح شاذ في عالم التشريع. فالقوانين ترمي بطبيعتها الى مواجهة مشكلات. ومن الواضح ان الاعلان ليس ولو طرف طرف حاجز في وجه سلوك غير مخلص. إن غاية الاقتراح كلها إحداث مشكلة أو تشديدها؛ وخلفيته تدل على الغاية منه : اقتراحات القانون التي هي أبعد مدى لعضو «الكنيست» دافيد روتم، وهي سلسلة مقترحات قانون تريد المس بالسكان العرب، وكلام الوزير افيغدور ليبرمان، في سياق الاقتراح المبحوث بتنديده بعضو «الكنيست» حنين زعبي.

غاية الاقتراح هي إلقاء ظل عدم ولاء على مواطني الدولة العرب، الذين يمكن افتراض أن كثيرين منهم ما كانوا مستعدين للتوقيع على اعلان كهذا. وذلك لأن الدولة عوّدتهم أن تعبير «دولة يهودية» هو اسم شيفري لتسويغ اضطهاد الأقلية العربية وتمييزها السيء المنهجي، ولأن مصير الطلب الفلسطيني لتقرير المصير في دولة فلسطينية مستقلة ما يزال غير واضح. إن زوجين عربيين - عربيا «اسرائيليا» وعربية ابنة ديانته، من «يهودا والسامرة» أو من كل مكان آخر في العالم، يريدان الزواج وانشاء بيت مشترك في «اسرائيل» - سيلقيان صعوبة تجنيس الزوج أو الزوجة. من هذا الجانب الاول - غاية القانون - لا يصمد الاقتراح لامتحان غاية مناسبة. إن اقامة علامة سؤال على جنسية عرب «اسرائيل» في حين أن الجنسية هي الأساس لجملة حقوقهم في الدولة، هي تحرش يرمي الى تثوير السكان العرب. وهذه غاية خاسرة.

إن «اسرائيل» بخلاف دول اخرى، يوجد في هويتها أساس تحديدي وعقائدي، يضاف الى الأساس العرضي للأكثرية اليهودية. والى ذلك ما يزال جوهر «اسرائيل» على انها «دولة يهودية وديمقراطية» لم يثبت، ويقع فيه اختلاف شديد في الجمهور «الاسرائيلي». يصب جزء من المفسرين في التعبير معنى دينيا أو قوميا وطابعا ديمقراطيا ضئيلا جدا. من أجل هذا الأساس، يُحدث الاقتراح مشكلة شديدة من جهة حرية الاعتقاد والرأي. بحسب مبدأ حرية الاعتقاد والرأي، لا مكان لفرض الاعلان على غير اليهودي أو على مُلحد أو على من يؤيد الفصل التام للدين عن الدولة؛ وكما أننا ما كنا لنحتمل اشتراط جنسية يهودي في دولة ما باعلان ولائه لدولة مسيحية وديمقراطية.

يُظهر اقتراح القانون «اسرائيل» أمام العالم على أنها دولة نابذة ومغلقة ومتمايزة. إن حقيقة كونها «دولة قومية ديمقراطية للشعب اليهودي» هي معطى دستوري ثابت ثباتا جيدا في اعلان استقلالنا، والقوانين الأساسية، والتشريع وقلوب أكثر المواطنين. ومن العجيب المقلق أن حكومة «اسرائيل» تسعى الى تقويض هذا المفهوم من تلقاء نفسه: ففي الفكرة الغريبة لطلب الاعتراف بذلك من قبل الفلسطينيين، والآن بالمحاولة العاطفية «لبناء أنفسنا» باعلان ولاء المتجنسين. يوجد في هذا تعبير عن عدم الثقة بالنفس - على نحو غير مسوغ تماما - «بهوية الدولة» المذكورة آنفا. إن الجدل في الاقتراح في حد ذاته سيُحدث انطباعا مخطوءاً وكأن كثيرين من اليهود يتحفظون من «يهودية» الدولة. ينبغي أن نسجل في ميزان الجدوى والضرر : جدوى صفرية وأضرارا شديدة. لهذا يُلح علينا ان نسأل : أين غاب العقل؟.

- [**مردخاي كريمنتسر│«هآرتس»│11 تشرين الأول (اكتوبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2176538

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

7 من الزوار الآن

2176538 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 6


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40