الثلاثاء 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

باحث «اسرائيلي» : قرار واشنطن عدم اللجوء للحل العسكري ضدّ ايران يحتم على «تل ابيب» العمل لوحدها لاثبات مصداقيتها

الثلاثاء 12 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par زهير أندراوس

رأى البروفسور زاكي شالوم من «جامعة بئر السبع»، في «معهد الامن القومي «الاسرائيلي»» ان الادارة الامريكية الحالية قررت عدم اللجوء الى الخيار العسكري ضد ايران، وبالتالي لم يعد هناك حل سوى العمل منفردة ضد ايران، وذلك لشيء واحد ليس اكثر، وهو حتى لا تفقد «تل ابيب» مصداقيتها امام الرأي العام الداخلي والخارجي وتظهر وكأنها بطل من ورق.

وجاءت رؤية البروفسور شالوم، في ورقة بحثية اعدّها عن تزايد الشكوك في امكانية قيام الادارة الامريكية الحالية بتوجيه ضربة عسكرية لايران خلال الفترة المقبلة، مشددا على انه كلما مر الوقت كلما بدت علامات وشواهد تؤكد ان ادارة اوباما تحيط بها الشكوك والصعوبات في اتخاذ قرار حاسم فيما يتعلق بقدرتها نحو امكانية توجيه ضربة عسكرية للقضاء على البرنامج النووي الايراني.

ويرى الباحث ان هناك اسبابا لعدم اقدام الادارة الامريكية الحالية على توجيه ضربة عسكرية لايران واقتناعها التام بذلك، وتتمثل فيما يلي : انتخاب اوباما اثبت الامر الذي دل على ان الرأي العام الامريكي لديه الرغبة في التغيير وان الجمهور الامريكي يريد ان يرى على ارض الواقع سياسة جديدة، ايران كانت دائما في الوعي الامريكي كلمة ترتبط بكل ما تحمله الكلمة من معاني الاخفاق في الاحداث الدامية بين طهران وواشنطن، بدءا من المحاولة الفاشلة لتحرير رهائن السفارة الامريكية في طهران والذي استمر احتجازهم طيلة عام داخل مقر السفارة، وما تبعها من الام عميقة في نفسية الامريكيين جميعا، وقال ايضا ان التقرير الصادر عن اجهزة الاستخبارات الامريكية بشأن قدرة ايران على الوصول لقوة عسكرية نووية وتأكيده على ان طهران لا تقوم بارتكاب اشياء تدعو للشك والريبة، بالاضافة الي النتائج الخطيرة التي تم التوصل اليها بشأن عدم وجود اي نشاطات نووية لدى النظام العراقي السابق صدام حسين، يزيد من الحاجز النفسي امام امكانية القيام بأي نشاط عسكري امريكي ضد ايران، وبحسبه فانّ هناك سببا اخر يتمثل في ان فرص نجاح مثل هذا العمل مشكوك فيها، اذ انه وحتى في افضل الظروف واحسنها فانه من غير الممكن التنبؤ بالنتائج الفعلية للهجوم عسكري على ايران.

وقال شالوم ايضا ان عملية امريكية اذا ما نفذت سواء بشكل مستقل او عبر التعاون مع «اسرائيل»، فانها من المؤكد ستجلب معها ردا ايرانيا ضد «اسرائيل»، وهو رد سيكون من الصعب في حينه توقعه او معرفة نتائجه مسبقا وتقديرها بشكل جيد وصحيح، لكن اذا ما اقدمت طهران على تنفيذ عمليات انتقامية ضد «اسرائيل» فانها من المؤكد ستتسم بالانتقام الشديد وستتسبب في وقوع العديد من الاصابات داخل «اسرائيل»، الامر الذي ستتبعه حاجة ملحة في تدخل امريكي سريع وطويل المدى في حرب تطال سائر بلدان «الشرق الاوسط»، ولهذا فانه من المشكوك فيه ان الرئيس الامريكي اوباما في مثل هذا الموقف من الممكن ان يقوم باتخاذ قرار حاسم من شأنه ان يورط امريكا مرة اخرى خاصة في ظل تورطها التام في العراق.

وبحسبه فانّه على الولايات المتحدة ان تضع في اعتبارها ان عملية عسكرية امريكية ضد ايران من شانها ان تكون بداية لعملية سفك دماء لا حد لها طويلة المدى مع سائر دول العالم الاسلامي وستخلق حالة من العداء لا مثيل لها، حتى هؤلاء الذين لا يحصون انفسهم في صف المؤيدين لايران او المناصرين لها، لانهم سيعتبرون هذه الضربة عملا عدوانيا من قبل القوة الامريكية العظمى ضد دولة اسلامية والهدف منه اراقة دماء المسلمين وهو ما يجب معه ان تزيد توقعات امريكا بزيادة وطأة الهجمات ضد اهداف امريكية، بما فيها على الاراضي الامريكية. كما تطرق شالوم الى مسألة ان توجيه ضربة ضد ايران من قبل امريكا من شأنها ان يصاحبها ارتفاع جنوني في اسعار النفط في جميع انحاء العالم، وتوقع ان تصل اسعار النفط الى اعلى مستوياتها مما سيؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي على نطاق واسع، ومؤكدا على انه لو حدث هذا الامر فانه ستتبعه ازمات اقتصادية عالمية ذات تداعيات خطيرة للغاية.

وتابع الباحث قائلا انّه على الرغم من وجود حالة من التوافق في الاراء على نطاق واسع في دول الغرب، بشأن حتمية منع ايران من الوصول الى القدرات العسكرية النووية، لكن كذلك فانه يجب على الادارة الامريكية ان تتوقع ان العديد من الدول سيعتبرون العمل العسكري ضد ايران تعبيرا واضحا على رغبة ادارة اوباما في اخفاء كافة الاخفاقات السياسية والاستراتيجية التي رافقت فترة ولاية بوش، وكذلك وسط جدال صخب يدور داخل الادارة الامريكية بشأن الحاجة لشن هجوم عسكري على ايران في هذا التوقيت. وخلص الى القول انّ قرارات الامم المتحدة بشأن العقوبات الاقتصادية ضد ايران، ومن خلال معلومات جرى تسريبها لوسائل الاعلام فان تلك العقوبات سيكون لديها بالفعل بالغ الاثر على تدهور الاقتصاد الايراني واستقرار النظام في طهران، والمؤكد برأيه انّ الرئيس الامريكي لن يتخذ قراره بشن هجوم الا بعد ان يتأكد تماما ان كافة الطرق الدبلوماسية والاقتصادية قد اغلقت امامه وفشلت ولم تنجح، وان الحسم العسكري هو الحل الوحيد لمنع ايران من الوصول الى قدرات عسكرية نووية.

وبرأيه فانّه وفي حالة التأكد من ان امريكا لا تميل لمسألة شن عمل عسكري ضد ايران فان «اسرائيل» ستجد نفسها في حينه مضطرة للقيام باتخاذ قرار هو الاخطر من نوعه واكثرها صعوبة في تاريخ الدولة وهو اعطاء اوامر للجيش «الاسرائيلي» بشأن هجوم عسكري فوري ضد ايران، وبحسبه : في التصريحات الخاصة من قبل المسؤولين «الاسرائيليين» عن الازمة الايرانية خلال السنوات الماضية كان التأكيد على عالمية الازمة، لكن تصريحات المسؤولين الاخيرة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان الاوضاع الراهنة وضعت «اسرائيل» في مأزق وهو الامر الذي يلزمها بالعمل بمفردها ضد ايران، حتى دون مشاركة واشنطن، وفي نهاية البحث الذي اعدّه اشار الى انّ هذا التغيير في مواقف اركان «تل ابيب» بشأن الازمة الايرانية وعالميتها، وتلك التداعيات والظروف المحيطة من شأنها ان تدفع «اسرائيل» نحو مواجهة معضلة صعبة للغاية، وانها تسير في الطريق بمفردها نحو ايران وان امكانيات التعاون الدولي من اجل القضاء على تلك الازمة وانهائها قد ولت، وهو ما سيدفع القيادة «الاسرائيلية» لاتخاذ قرار خلال الاشهر القادمة لحل تلك المعضلة، مضافا الى ذلك، كتب شالوم، انّه يجب على «اسرائيل» ان تواجه مسألة الحفاظ على مصداقيتها، لان عدم اتخاذ اجراءات ضد ايران سيكون امرا من شأنه ان يعرض مصداقيتها للخطر وسيظهرها على انها ليست سوى نمر من ورق وانها غير قادرة على انتهاج خطوات جادة في تطبيقها لنظرية الردع التي تتبناها منذ قيامها.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165278

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165278 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 12


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010