الأربعاء 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

ثورة فاشية دينية في «إسرائيل»

الأربعاء 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2010 par سعد محيو

إقرار الحكومة «الإسرائيلية» تعديل قانون المواطنة، دشّن الانتقال الرسمي للحركة الصهيونية من شعار الاعتراف بالدولة «الإسرائيلية» إلى الاعتراف بها «دولة يهودية»، كشرط للسلام.

وهذا، كما أشرنا بالأمس، بمرتبة انقلاب استراتيجي ثقافي تنبع مبرراته من دوافع موضوعية قوية، كما من حوافز ذاتية لاتقل قوة.

الدوافع الموضوعية واضحة وهي تتضمن، داخلياً، التحضير لتهجير فلسطينيي 48 والقدس ونصف فلسطينيي الضفة الغربية، وخارجياً إعادة ربط «إسرائيل» بالمحرقة (الهولوكوست) الأوروبية عبر التذكير بأنها «دولة يهودية»، وبالتالي يجب تمييزها ككيان خاص له وضع خاص، وكضحية تُغفر لها كل خطاياها العدوانية.

أما الحوافز الذاتية فهي تبدو أكثر عمقاً، إذ هي تنطلق من اعتقاد اليمين العلماني «الإسرائيلي»، وعلى رأسه بنيامين نتنياهو، أن الإيديولوجيا القومية الصهيونية فقدت بريقها ولم تعد كافية وحدها لخلق اللُحمة بين يهود هم أشتات من بقاع الأرض كافة. وبالتالي، لابد من الاستعانة مجدداً باللاهوت اليهودي لإنقاذ الإيديولوجيا القومية.

نتنياهو عبّر مؤخراً عن هذا التوجّه حين قال : «إن وجودنا يعتمد ليس فقط على أنظمة الأسلحة، وقوة اقتصادنا، وقدرتنا على الإبداع، بل أولاً وأساساً على الثقافة، والأبطال الثقافيين، وعلى ارتباطنا الروحي بأرضنا، وإذا ما وهنت منابع قوتنا الروحية هذه، فإن مستقبلنا سيكون قاتماً».

نتنياهو العلماني بات الآن يعدّ «الثقافة والروح» أهم من السلاح، ويقرر إطلاق أضخم برنامج منذ عهد ديفيد بن غوريون لإعادة بناء وترميم مئات المواقع الأثرية والتاريخية، وكل هذا في إطار التركيز الشديد على فكرة الهوية اليهودية.

هذا التوجّه يتطابق مع التحوّلات الديموغرافية العميقة التي طرأت خلال السنوات العشرين الماضية على تركيبة المجتمع «الإسرائيلي»، فقد تحوّلت «إسرائيل» على نحو متزايد من بلد للعمال الصهاينة الاشتراكيين، إلى بلد للمتعصبين الدينيين والشوفينيين القوميين المتطرفين والداعين إلى التطهير العرقي المباشر. ومع الموجة المليونية الإضافية من المهاجرين الروس الذين أتوا في وقت لاحق، استكملت «إسرائيل» تحوّلها الديمغرافي : ففي حين بدأت كبلد أوروبي غربي في العام 1948 تدّعي الانتماء إلى عصور الأنوار والنهضة الأوروبية، أصبحت بحلول العام 1990 دولة دينية أصولية واضحة المعالم والقسمات.

وزير الشؤون الاجتماعية إسحق هرتزوغ، أشار إلى بعض هذه الوقائع حين حذّر بعد إقرار تعديل قانون المواطنة من ظهور «بوادر فاشية» في «إسرائيل»، بدأت خلال السنة أو السنتين الأخيرتين. وأضاف : «حصل تسونامي من الإجراءات التي تفرض قيوداً على الحقوق، إننا لا ننتبه إلى ذلك، لكنه يحصل أمام أعيننا، إنني أراه في كواليس «الكنيست» واللجان الوزارية المكلفة التشريع. سندفع ثمناً باهظاً لكل ذلك».

وقبل تحذير هرتزوغ بسنوات، كان الباحثان البارزان إسرائيل شاحاك ونورتون مزفينسكي يلاحظان أن «إسرائيل» بدأت تخلع عنها رداء العلمانية وقبعة الديمقراطية لتستبدل القلنسوة العنصرية الدينية بها، وأضافا : «والآن، إذا ما استبدلنا بكلمة «يهودي»، «ألماني» أو «آري»، سندرك أن المتطرفين «الإسرائيليين» يتبنون العقيدة نفسها التي جعلت أوشوفيتز (المعسكر النازي لإبادة اليهود) ممكناً في الماضي، فالعرب بالنسبة إلى «اليهود الرسوليين»هم ما كان اليهود بالنسبة إلى النازيين».

ماذا تعني كل هذه التطورات الانقلابية والدرامية في «إسرائيل» بالنسبة إلى الفلسطينيين وباقي العرب؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 14 / 2166101

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

16 من الزوار الآن

2166101 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010