الأربعاء 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

الفاشية على الابواب

الأربعاء 13 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

الفاشية تعبير متملص. كتب أمس في هذه الصفحات يرون لندن. مهما كان متملصا، فانه يعني مع ذلك دوما اليد الحديدية من الحكم الى جانب قمع حرية التعبير وكل معارضة. وكذا شرطة وأجهزة سرية وعصابات الزعران التي تطال ايديهم كل شيء، والى جانب كل هذا معسكرات تجميع، والاعتداءات من كل نوع. الفاشية هي، بالطبع، وباء خبيث لا توجد دولة ديمقراطية محصنة ضده بسبب كونها ديمقراطية. وذلك لان النظام الديمقراطي يوفر حرية عمل للديماغوجيا والتحريض ولا يمكنه دوما أن يمنعهما قبل ان يتجاوزا الخطوط الحمراء ويدمراه هو نفسه.

باختصار الفاشية يمكنها ان تسيطر ايضا على «دولة يهودية وديمقراطية». حتى وان كان الكثير من مواطنيها يمكنهم ان يصوتوا بأرجلهم وان ينصرفوا منها. حتى وان كان تعلقها بجهات اجنبية (من الادارة الامريكية وحتى يهود الشتات) من شأنه أن يدفعها الى الانهيار نتيجة ذلك. حتى وان كان في عصر الاعلام العالمي من الصعب جدا تصور كم الافواه الذي تنطوي عليه مثل هذه المسيرة، وحتى لو لم يكن يبدو في هذه اللحظة على الارض أي معبود قادر على ان يجترف وراءه كتلة حرجة من الناخبين او قوات عسكرية في الطريق الى الهوة.

وعليه، فينبغي الوقوف دوما بتحفز في حالة تأهب. وعليه تنبغي مقاومة كل ما تنم عنه رائحة الفاشية. وعليه، نوصي بالحذر في استخدام هذا التعبير والا نعزوه لظواهر مستنكرة اخرى، تنبغي مكافحتها لو كانت ذات صلة هزيلة بالفاشية.

انظروا، مثلا، مشروع تعديل المادة 5 (ج) من قانون المواطنة، الذي أقر أول امس في الحكومة قبل وضعه على طاولة «الكنيست». مطلوب مجهر شديد القوة كي نجد الفاشية في مجرد مطالبة المتوطنين غير اليهود بإعلان الولاء لدولة «اسرائيل» كـ «دولة يهودية وديمقراطية». هناك حاجة لجبال من التفسيرات لمد استعارات بين مثل هذا التصريح وبين كل واحدة من المزايا المرفوضة الصرفة للنظام الطاغي والقامع. مع قليل من التملص يمكن حتى القول ان اعلان الولاء للدولة الديمقراطية هو ميزة من مزاياها الرسمية، مثله كمثل الالتزام بمكافحة الفاشية.

ولكن كل هذه لا تنزع عن تصريح القانون المذكور السمة المميزة جدا له : كونه زائداً وتعبيراً عن الغباء. وكما سبق أن زعم بتوسع، ففي اعلان الولاء الذي سيطلب على ما يبدو من الان فصاعدا من المتوطنين غير اليهود وحتى من اليهود لن تكون أي مساهمة في أمن الدولة أو تقييد دخول المهاجرين المعادين اليها. لن يكون في وسع أحد أن يقف على مدى مصداقيته. وخرقه بخيانة للدولة لن يكون مختلفا عن أي خيانة اخرى محظورة في سجل القوانين. منفعته في تعزيز شرعية «اسرائيل» بفضل كونها «الدولة القومية للشعب اليهودي» صفرية تماما. وكما سبق أن زعم، فان النتائج الوحيدة لمشروع القانون هذا هي مناكفة مواطني «اسرائيل» العرب ووصمة اخرى عديمة الغاية على صورة المجتمع «الاسرائيلي».

يدور الحديث إذن، ليس عن الفاشية بل عن السخافة، التي توقعها علينا القيادة السلطوية الاعلى. يوجد أبٌ واضح لهذه السخافة واسمه افيغدور ليبرمان. للوهلة الاولى، شخص يرقـّص حزبا كاملا حسب نغماته واخطائه، ومن نجح في اقناع نحو 400 الف «اسرائيلي» للتصويت له في «الكنيست» الـ 18، لا يمكنه أن يعتبر سخيفا. ومع ذلك، فانه ينكشف هكذا المرة تلو الاخرى، في خطابه المحرج في الجمعية العمومية للامم المتحدة، في مزايداته الصبيانية على وزيري خارجية فرنسا واسبانيا، وكذا في مبادرة التعديل الزائدة على قانون المواطنة (وفي عدة مشاريع قوانين مشابهة يقترحها جنوده في «الكنيست» بإلهامه ومباركته).

في الوضع الحالي، من دونه ليس لنتنياهو أي ائتلاف. ولا تزال، فان سخافة اعلان الولاء لم تكن ثمرة اضطرار سياسي. فهي تدلنا على نقص الفهم لدى 22 وزيرا، وعلى أي حال على خطر حقيقي أكثر من الفاشية.

- [**عاموس كرميل│«يديعوت»│13 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2165564

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

31 من الزوار الآن

2165564 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 34


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010