الجمعة 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

قانوني أم لا؟

الجمعة 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

في خطابه الشهير في القاهرة في السنة الماضية، وضع الرئيس الامريكي اوباما تجميد المستوطنات في مكان عال في سلم اولويات ادارته. وشرح لمستمعيه بأن المستوطنات «تقوض محاولات الوصول الى السلام». وقال اوباما ان البناء يخرق اتفاقات سابقة (يحتمل أن يكون يقصد خريطة الطريق من العام 2003 التي لم تكن اتفاقا ثنائيا). وبعد ذلك يضيف : «الولايات المتحدة لا تقبل شرعية استمرار المستوطنات «الاسرائيلية»». جديرة بالاشارة حقيقة أنه لم يقل ان المستوطنات هي «غير قانونية».

خلافا لذلك، في الشهر الماضي اوضحت كاترين اشتون، ممثلة الاتحاد الاوروبي المسؤولة عن السياسة الخارجية موقف الاتحاد الاوروبي في هذا الموضوع : المستوطنات غير قانونية حسب القانون الدولي. في وقت سابق من ذات الشهر قال وزير الخارجية البريطاني، ويليام هيغ، لمجلس النواب البريطاني : «النشاط الاستيطاني في اراضي فلسطين المحتلة غير قانوني ويشكل عائقا في وجه السلام».

رغم أن اوباما يتصرف تقريبا بهوس في موضوع المستوطنات الا انه لا يزال يمتنع عن اتخاذ هذه الخطوة الاضافية، التي يتخذها الاوروبيون دون انقطاع، أي تحدي قانونية المستوطنات «الاسرائيلية» في المناطق.

عمليا، يوجد خلاف داخلي بعيد السنين في الولايات المتحدة في هذه المسألة. في احد جانبي المتراس يوجد يوجين روستو، العميد السابق لكلية الحقوق في جامعة ييل ونائب وزير الخارجية في زمن ادارة جونسون.

في اثناء 1990، عندما كانت مسألة المستوطنات في مركز المباحثات بين الرئيس بوش ورئيس الوزراء شمير، كتب روستو عدة مقالات تناولت ميثاق جنيف الرابع، الذي على أساسه يعتمد منتقدو المستوطنات «الاسرائيلية».

وتناول روستو نص الميثاق الذي قال انه «محظور على قوة الاحتلال ان تنفي أو ان تنقل جزءا من سكانها المدنيين الى الارض التي احتلتها» (المادة 49). وعلى أي حال، شرح بان معنى كلمة «نقل» (في الاصل بالانجليزية : Transfer)، هو النقل بالقوة للسكان وليس الانتقال بالارادة الحرة من المواطنين الى ارض محتلة.

واضاف روستو بان صيغة ميثاق جنيف الرابع وضعت في 1949، عندما كانت لا تزال حديثة في الذاكرة السياسة النازية في شرقي اوروبا والتي اتخذت من الترحيل الجماعي لـ «اهداف الابادة، العمل السخرة أو الاستعمار».

سفير بوش الى الامم المتحدة في جنيف، موريس ابرهام، استخدم حجة مشابهة لحجة روستو. وشرح في الامم المتحدة في العام 1990 بانه كان ضمن الفريق الامريكي في محاكمات نيرينبرغ بعد الحرب العالمية الثانية، وانه يفهم النية من وراء ميثاق جنيف الرابع.

فهو لم يصمم لاوضاع مثل المستوطنات «الاسرائيلية»، بل بقدر اكبر لوضع الترحيل بالقوة لعدد كبير من الاشخاص. رغم أنهم لم يقولوا ذلك صراحة، الا ان الانطباع الذي ينشأ من بين سطور تحليلاتهم هو انهم رأوا في تطبيق القانون، الذي وضع في اعقاب سياسة الاحتلال الالماني، على الواضع في «اسرائيل» شيئا فظا.

[**كارتر مقابل ريغان*]

ولكن يوجد جانب آخر للبحث. تحت الرئيس جيمي كارتر كانت السياسة الامريكية في موضوع المستوطنات «الاسرائيلية» اكثر تصلبا والمستشار القانوني لوزارة الخارجية، هيربرد هنسل، عبر على الملأ عن رأيه في ان المستوطنات تخرق القانون الدولي. وبرأي ادارة كارتر فان المادة 49 من ميثاق جنيف الرابع تنطبق على المستوطنات «الاسرائيلية».

كنتيجة لذلك، صوتت الولايات المتحدة في الجمعية العمومية وفي مجلس الامن في صالح قرارات وصفت المستوطنات بانها غير قانونية. هذه التعليمات للسفير الامريكي في الامم المتحدة خلقت مشاكل في 1980، عندما صوتت الولايات المتحدة لاول مرة في مجلس الامن في صالح قرار 465 لـ «حل» المستوطنات خلف خطوط 1967، «بما في ذلك القدس».

الرئيس كارتر شجب سفيره نفسه على تصويته هذا. في 1981 صرح الرئيس ريغان بان المستوطنات «ليست غير قانونية»، بل «استفزازاً زائداً». معارضته للمستوطنات كانت على خلفية سياسية ولكن ليست قانونية وهذا المفهوم كان مقبولا ايضا على الادارات التي جاءت بعده.

[**تصميم المذهب الفكري*]

لماذا يعد هذا التاريخ القانوني أمرا ذا صلة؟ يوجد اليوم اجماع «اسرائيلي» واسع حول الابقاء على الكتل الاستيطانية، اضافة الى المناطق الامنية التي تحتاجها «اسرائيل» للدفاع عن نفسها.

ادعاء «اسرائيل» بالكتل الاستيطانية لاقى في الماضي اسنادا سياسيا في كتاب اعطاه الرئيس بوش لرئيس الوزراء ارئيل شارون في 2004.

في العقد الاخير، تحدى الفلسطينيون هذا التأييد الامريكي لـ «اسرائيل» من خلال التوجه الى ساحة القانون الدولي والمحافل الدولية : استخدموا الامم المتحدة لحمل السويسريين لعقد اجتماع للدول الموقعة على ميثاق جنيف الرابع في أواخر التسعينيات ومهاجمة البناء «الاسرائيلي» في القدس. وفي 2004 أدخلوا المحكمة الدولية في لاهاي وطلبوا منها فتوى عن قانونية الجدار الامني لـ «اسرائيل».

كل هذه القرارات كانت غير ملزمة، ولكنها صممت الشكل الذي يرى فيه صحافيون ودبلوماسيون النزاع «الاسرائيلي» الفلسطيني. الان، عندما يكف الفلسطينيون عن الاعتماد على المحادثات مع «اسرائيل» ويهددون بالتوجه الى حلول احادية الجانب، سنرى أنهم سيحاولون تصعيد الاستخدام للقانون الدولي ولمؤسسات الامم المتحدة.

ومع ذلك، منذ التسعينيات «اسرائيل» لم تدافع دوما عن حقوقها حينما كانت تهاجم قانونيا. لـ «اسرائيل» يوجد خبراء قانونيون استثنائيون في الوزارات الحكومية، ورغم ذلك، لشدة الاسف قدمت حكومات سابقة احيانا تنازلات من طرف واحد بل ولم تحاول حتى استخدام القانون الدولي في صالح «اسرائيل».

ليس دوما من اللطف الدفاع عن رأي الاقلية في اللقاءات الدولية. واضح أن من الاسهل تخفيض مستوى الاهتمام والتسليم بالتعريفات القانونية غير المريحة. ولكن سيكون من قبيل الخطأ الجسيم الخضوع مرة اخرى للضغوط الدولية وقبول فكرة أن المستوطنات غير قانونية. ما سيكون على الكفة ليس فقط بضع بؤر استيطانية منعزلة بل مستقبل «معاليه ادوميم»، «ارئيل» بل وحتى أحياء القدس.

- [**دوري غولد│«اسرائيل اليوم»│15 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 3 / 2181430

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

17 من الزوار الآن

2181430 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 4


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40