الجمعة 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

انهم يكرهون العرب

الجمعة 15 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

يختفي وراء كل هذه الكراهية ـ كراهية العرب واحتقارهم. فقد ماتت عقيدة اليمين منذ زمن. لم يبق منها شيء، وقوتها الباعثة الحقيقية هي تلك المشاعر الغامضة البدائية. فهي التي تقف من وراء اقتراح قانون الجنسية ووراء سياسة «سلام» اليمين. لا تختفي تحت جميع الكلمات غير الجميلة اعتبارات سياسية فقط ولا أفكار مرتبة بيقين، ولا تصور ولا إدراك ولا خطة عظمى ولا حذاء بل غرائز منحطة خطرة.

هكذا تُعرَّف جريمة كراهية : «جريمة يختار فيها المجرمون ضحاياهم على أساس كراهية الجماعة العرقية التي ينتمي اليها الضحايا. يقوم اختيار الضحايا على أساس الآراء المسبقة عند الجُناة في الوضع الاجتماعي، الحقيقي أو المتصور، للضحايا» (ويكيبيديا). توجه أكثر جرائم الكراهية الى الأقليات، ومثلها ايضا مقترحات القانون الجديدة. لا تدعوا الأفكار الزائفة تضللكم : لانه يوجد فيها في الحقيقة غير قليل من الترفع والعنصرية والقومانية، لكنه يجثم في أساسها كراهية العرب. فمن بنيامين نتنياهو الى داني دانون، ومن افيغدور ليبرمان الى انستاسيا ميخائيلي، ومن ميخائيل بن أري الى يعقوب كاتس. جميعهم يكرهون العرب إما في صراحة وإما في تنكر.

لم يلق أكثرهم عربيا قط، لكنهم يعلمون عنه كل شيء، بل انه لا أحد منهم بدأ يفكر فيه على أنه مساوٍ لليهودي. فنتنياهو يغطي على كراهيته وتكبرّه بحب الشعب القوي، وكاتس بحب البلاد الأجوف، لكن الحديث ليس عن الحب. فهو يرمي فقط الى الطمس على ضده. فمن وراء مبادراتهم، الملفوفة بأعلام «الشعب اليهودي»، تبدو كراهيتهم وتكبّرهم. فهم يعلمون، وهذا ما يثير امتعاضهم، أن العرب سيبقون هنا الى الأبد، برغم جميع الخطوات المضادة لهم، ولهذا فالسبيل الوحيدة لتفسير أفعالهم هي تفريغ مشاعر قلوبهم.

هل يعتقدون أن قوانين كراهيتهم ستغير الوعي العربي؟ وأن العرب سيوقعون على «الولاء» ويصبحون مخلصين؟ هل يُمنعون من تذكّر النكبة ويصبحون صهاينة؟ هل تُهدم بيوتهم ويرضون؟ هل يعترفون بـ «دولة يهودية» ويتخلون عن مطامحهم؟ إن حواجز حرس الحدود في اللد (لا في نتانيا مثلا) وهدم البيوت في العراقيب (لا في البؤر الاستيطانية) أمثلة فقط من هذه التعبيرات. لا يوجد علاج للمشكلات التي ولّدت ازمة سكن البدو والجريمة في اللد، بل استعمال للقوة فقط كما يستحق العرب. ما كان أحد لينظر بكراهية كهذه الى عضو «الكنيست» حنين زعبي لولا أنها عربية. كذلك إثارة قانون الولاء، وفي يوم ذكرى قتلى تشرين الاول (أكتوبر)، وجولة اعضاء «الكنيست» التحرشية في سلوان، لا ترمي سوى الى إدخال أصابع اخرى في عيون العرب. سنجعل حياتهم مرّة ونسيء أوضاعهم وكلما ساءت أمورهم كان ذلك أفضل لنا. هل يبدو هذا تبسيطيا؟ صحيح لكن كل ما بقي أغلفة سيلوفان مخشخشة.

الوسيلة الرئيسية التي تستعملها الحكومة مع العرب في «اسرائيل» والفلسطينيين في المناطق هي استعمال قوة القمع. فالشرطة، والجيش، و«الشاباك» وحرس الحدود هي وكيلات الحكومة الرئيسية في هذه الاوساط. يؤمن اليمين بأن القوة ربما تحافظ على الاحتلال وتمنع عرب «اسرائيل» الثورة، لكن الأساس تسبيب الألم لهم. هذا تصور مريض. لم يولد من الكراهية فقط بل يؤججها ايضا عند ضحاياها. وسينتهي الى أن يحقق نفسه ويثور عرب «اسرائيل» حقا. لهذا لا يوجد ذكاء في هذه الكراهية العِرقية فضلا عن انها غير أخلاقية.

بقيت الكراهية فقط من نظرية زئيف جابوتنسكي ومناحيم بيغن، والتي كانت فيها أسس ليبرالية وديمقراطية بقيت من بيغن ميري ريغف. لا يوجد برنامج عمل ولا توجد رؤيا حاولوا أن تسألوا ما الذي يتوقعه اليمين بعد عشر سنين بقي بغض العرب فقط. هذه مشكلة اليمين. ومشكلة المعسكر الآخر اذا كان ما يزال موجودا، هي أنه لا يوجد فيه من يوقف اليمين. فإظهار الكراهية يلقى التشجيع أو عدم الاكتراث حتى من قبل من كان يفترض أن يقفوا أمام الطوفان المعارضة ووسائل الاعلام واجهزة التربية والقانون.

لن يكون من الممكن أن نمحو هذا الضرر الذي يمنحنا اليمين إياه حتى بعد زمن طويل من مغادرته الحكم. يصعب اقتلاع كراهية دُفنت عميقا جدا. إن اليمين لا يسوقنا في الحقيقة الى أي مكان لكن العفن الذي ينثره في هذه الاثناء أخذ يتكوّم ويتكوّم على نحو لا يمكن تخيله.

- [**«هآرتس»│15 اكتوبر (تشرين الأول) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2178444

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178444 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 22


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40