الأحد 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

صديقاتي من الاردن يستجدين ألا أورطهن

الأحد 24 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

ثلاث صديقات لي من الاردن وصلن في زيارة قصيرة من الدلال الى «تل أبيب». الاولى اجتازت معبر الحدود في جسر اللنبي وعلقت في جدال ممزق للاعصاب مع فاحصة أمنية : لماذا جئت، اين ولدتِ ومن ستلتقين؟ واذهبي لتروي لمجندة ابنة 19 بان هناك تنزيلات جيدة في المجمع التجاري، وانزال الاقدام في بحر «تل ابيب». الثانية هبطت في مطار بن غوريون، ساعة ونصف ساعة فقط من الفحص والمكالمات الهاتفية العصبية. الثالثة وصلت مع سفينة السياح الى ميناء اسدود وتابعت بعينين تعبتين حركة الوافدين، بعد نحو ساعتين سمحوا لها هي ايضا بالدخول.

اجتمعن حول طاولة مليئة بصحون المقبلات في ميناء يافا. اليوم قالت مبشرة : هو يوم الذكرى الـ 16 للتوقيع على اتفاقات السلام. فشحبت وجوه الحاضرين. لا أحد، هدأتهم، يحلم بذكر الحدث عندنا، لا يوجد ما يدعو الى الاحتفال.

الحقيقة؟ غريب ونادر ان نجد عندنا سياحا من الطرف الآخر. صديقاتي من الاردن يستجدين ألا أورطهن. بدون أسماء، بدون تفاصيل تشخيصية، حتى لا يمسكوهن، لا سمح الله وهن يقضين اوقاتهن لدى «العدو الصهيوني».

قبل ثلاثين سنة، عندما وقع الاتفاق التاريخي مع مصر اخترع معارضوه تعبير «التطبيع»، للعلاقات التي فرضت عليهم. وبدلا من التظاهر في الشوارع والتورط مع السلطة، حددوا عقابا متشددا لمن يعتزم «المبالغة» او «المسارعة». الاتحادات المهنية أملت قواعد اللعب : من يمسك في «التطبيع» مع «اسرائيل»، من يزورنا دون سبب ملح ومن يدخل الى بيته «اسرائيليين»، سيقدم الى المحاكمة الانضباطية في الاتحاد الذي ينتمي اليه. اذا كنت رجل قانون فستتلقى دعوة الى رابطة المحامين؛ اذا كنت صحافيا، فالى رابطة الصحافيين. اذا لم تنجح في اقناعهم واذا اصريت على عدم نشر كتاب اعتذار على «التطبيع» فسيطيرونك من الاتحاد المهني وعالمك سينهار.

وها هي المتاهة : من يعاقب بالابعاد عن الاتحاد، محظور تشغيله في نطاق اختصاصه. العقاب يشطب الراتب. محظور دعوة «اسرائيليين» الى مؤتمرات مهنية في الدولتين اللتين وقعتا معنا على اتفاق سلام. موصى به جدا الحفاظ على مسافة حتى في الاحداث الدولية، كي لا يوشى بالمرء في الوطن.

ودوما ستوجد الذريعة الحديثة لماذا محظور الاقتراب منا مهنيا. عندما تعلموا كيف يكتفون بالاتصال المباشر مع القيادة: يهاتفون القصر في القاهرة، يهاتفون (في احيان بعيدة) قصر الملك في الاردن. هنا وهناك مبعوثون مخفيون عن العين. السلام على مسافة لمسة، ولكن التطبيع تحطم الى فتات. فهل أحد ما انتبه، مثلا، الى أنهم اعادوا السفير الاردني قبل نصف سنة ولم يعينوا له بديلا بعد؟ أأحد ما فحص مع السلطات المصرية لماذا اعادوا «البطاقة الصفراء»، الاذن الامني الخاص لكل من يحلم بقفزة الى «اسرائيل»؟

فركت أمس عيني لرؤية اعلان في صحيفة «القدس العربي» حيث توجد قائمة طويلة من عشرات المدعوين «الاسرائيليين» الذين سينزلون في الايام القريبة القادمة في المدن الكبرى للمغرب. كبار رجالات الاعمال سيصلون الى المؤتمر الاقتصادي في المغرب، ودعي باحثون الى مؤتمر اكاديمي في اغادير. وشاعرة «اسرائيلية» ستلقي شعرا في احتفال للشعراء وغيرها.

حادو الرؤية سيلاحظون بان خلف هذا النشر توجد فقط نية مبيتة لعرقلة الاحداث. فماذا حصل كي يكون التطبيع فجأة؟ على الفور ستثور الاتحادات المهنية وستفرض الفيتو على كل القائمة. مؤخرا فقط، مغنّ ٍ محلي ظهر في مناسبات عقدتها الطائفة اليهودية في كازابلانكا لم يتلقّ ضربة على رأسه فقط، بل ارسل الى النبذ. ومقاومو «التطبيع» نجحوا في أن يجرفوا وراءهم حتى الملك محمد السادس، الذي بعث باعتذار متلعثم لرئيس الدولة شمعون بيريس : من جهة اردت جدا أن التقيك (في المؤتمر الدولي في نهاية الاسبوع)، من جهة اخرى لا اتمكن من ذلك. والرئيس بقي في الوطن.

حتى متى؟ حتى توقع «اسرائيل» على اتفاق مع الفلسطينيين، تتبنى خطة السلام العربية، تعود الى خطوط 67، تقسم القدس وتعيد اللاجئين وحتى يعثرون على ذريعة جديدة. لا تطبيع ولن يكون حتى في المستقبل المنظور. القاطرة قد تكون تصفر، ولكن مقطورات القطار العربي فرت الى مطارح بعيدة.

- [**«يديعوت»│24 تشرين الأول (اكتوبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 10 / 2177921

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

18 من الزوار الآن

2177921 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40