الثلاثاء 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

دولة يهودية إثنوقراطية

الثلاثاء 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

قسم الولاء لـ «الدولة اليهودية» الذي تستعد «إسرائيل» لإقراره كقانون سيضع الكاتب والصحافي البريطاني جونثان كوك الذي يتخذ من مدينة الناصرة في الجليل مركزاً له، في موقف صعب، لأنه سبق أن تقدم بطلب للحصول على الجنسية «الإسرائيلية». وهو يشرح موقفه في المقال الثاني، الذي يرى فيه أن مشروع القانون «الإسرائيلي» هو مشروع تمييزي سيجعل «إسرائيل» دولة «إثنوقراطية» قائمة على التمييز العرقي. والمقال نشر في عدة مواقع على الإنترنت، من بينها موقع «انتي وور» (ضد الحرب)، وقد جاء فيه :

من المرجح جداً أنني سأكون واحداً من بين أوائل غير اليهود الذين سيؤدون قسم الولاء لـ «إسرائيل» كإيديولوجية وليس كدولة.

وحتى الآن، كان المقيمون المتجنسون، مثل الجنود «الإسرائيليين»، يتعهدون في القسم لـ «إسرائيل» وقوانينها . وهذه هي الحال في معظم دول العالم. ولكن قريباً إذا تبنى البرلمان «الإسرائيلي» مشروع قانون عرضته الحكومة سيكون مطلوباً من الذين يطلبون التجنس أن يقروا بما تسلم به الأغلبية الصهيونية من السكان، وهو أن «إسرائيل» «دولة يهودية وديمقراطية».

وأنا أنتظر أن يتم النظر في طلبي للحصول على الجنسية في الأشهر القليلة المقبلة، بعد سبع سنوات من زواجي بمواطنة فلسطينية في «إسرائيل». والفلسطينيون في «إسرائيل» الذين يصفهم المسؤولون بأنهم «العرب الإسرائيليون» يعدون 1.3 مليون نسمة، ويشكلون خمس السكان. وبالنسبة إلي، كما بالنسبة إلى عدد قليل من آخرين في مثل وضعي، فإنني سأؤدي القسم على الأرجح وأنا أصرّ على أسناني وأشبك يدي خلف ظهري، ومهما يكن ما سأعلنه علانية لمسؤولي وزارة الداخلية، فإنه سيكون كذبة. وفي ما يلي أسباب ذلك :

أحد الأسباب هو أن هذا القانون عنصري بصورة مكشوفة، فهو ينطبق فقط على طالبي الجنسية من غير اليهود، ليس لأن جميع اليهود في «إسرائيل» سيكونون مستعدين، كما يفترض معظم المراقبين، لتأدية هذا القسم، وإنما لأن عدداً لا بأس به منهم سيرفضون، ما سيبطل حقهم في أن يصبحوا «إسرائيليين». وهؤلاء يشكلون مجموعة اليهود المتشددين، وهم متدينون أصوليون، يتميزون بلباسهم الأسود ويشكلون الشريحة الأسرع نمواً بين السكان اليهود في «إسرائيل» ويزدرون المؤسسات العلمانية للدولة «الإسرائيلية»، ويرفضون تأدية يمين ولاء إلا لدولة خاضعة لقوانين دينية.

وهذا يعني أن «إسرائيل» ستفرض على غير اليهود ما لن تفرضه على اليهود.

وهناك سبب آخر، هو أنني لا أعتقد أن دولة يهودية يمكن أن تكون ديمقراطية، تماماً كما أنني لا أعتقد أن دولة ديمقراطية يمكن أن تكون يهودية. أنا أعتقد أن هذين المبدأين متضاربان، تماماً مثل القول بـ «دولة مسيحية وديمقراطية» أو «دولة بيضاء وديمقراطية»، وأنا لست وحيداً في اعتقادي هذا. فهذا ما يعتقده أيضاً أكاديميون بارزون في الجامعات «الإسرائيلية»، يقولون إن دولة تعلن نفسها يهودية لن تكون مؤهلة لوصفها بديمقراطية ليبرالية، وإنما ستكون كياناً سياسياً نادر الوجود : «إثنوقراطية». ويشير أحد الأنصار البارزين لهذا الرأي، وهو البروفيسور أورين يفتاحيل في جامعة بن غوريون في النقب، إلى أن الجوانب الديمقراطية في نظام اثنوقراطي تبقى مجرد مظهر خارجي فقط، ذلك أن الهدف الأساسي لمثل هذا النظام الاحتفاظ بسيطرة جماعة عرقية على جماعة أخرى.

ويشير أنصار هذا الرأي أيضاً إلى أن «إسرائيل» لديها العديد من القوانين، ولكن أياً منها لا يضمن المساواة. ويلاحظ البروفيسور يفتاحيل أن هذه التشريعات تجعل التمييز جزءاً لا يتجزأ من بنية المواطنية، بحيث تتمتع جماعة عرقية واحدة بحقوق امتيازات على حساب جماعة أخرى في جميع الجوانب الأساسية للحياة : في الأرض والمياه، والاقتصاد، والتعليم، والسيطرة السياسية، وما إلى ذلك.

وحتى وضع الأكثرية مضمون للجماعة العرقية من خلال تقسيم معقد للدوائر الانتخابية، إذ إن «إسرائيل» تمنح جنسيتها للمستوطنين اليهود الذين يقيمون خارج حدودها المعترف بها، بينما هي تحرم الفلسطينيين الذين طردتهم عام 1948 من التمتع بحقوق الهجرة التي يتمتع بها اليهود عبر العالم كله.

والسبب الثالث هو أن القسم الجديد بحد ذاته يقوي بنية محكمة لتمييز مؤسساتي يرتكز على القوانين «الإسرائيلية» الخاصة بالمواطنية، والقلائل فقط من الأجانب يعرفون أن «إسرائيل» تمنح الجنسية بموجب قانونين مختلفين، تبعاً لما إذا كان الشخص المعني يهودياً أو غير يهودي، فجميع المهاجرين اليهود، وكذلك زوجاتهم/ أزواجهن، لهم الحق في الحصول تلقائياً على الجنسية بموجب قانون «حق العودة». أما مواطنية فلسطينيي 1948، وكذلك مواطنية زوجاتهم/ أزواجهن كما في مثل حالتي، فهي تخضع لـ «قانون المواطنية». وهذه المواطنية المتشعبة هي بالذات ما جعل من الممكن انتهاك قانون سابق، وحرمان مواطني «إسرائيل» الفلسطينيين من حق الحصول على الجنسية، أو حتى حق الإقامة، لزوجة أو زوج من خلال التجنيس.

كما أن قانون المواطنية بالنسبة إلى الفلسطينيين، وليس قانون العودة بالنسبة إلى اليهود، هو الذي تستعد «إسرائيل» لتعديله من أجل إرغام أزواج أو زوجات المواطنين الفلسطينيين، بمن فيهم أنا، على التعهد في القسم بالولاء للدولة ذاتها التي تضعهم وشركاء حياتهم في وضع مواطنين من الدرجة الثانية.

والسبب الرابع هو أن يمين الولاء هذا هو مثال كلاسيكي على «التشريع الزلق» (أي غير القابل للتنفيذ). فمشروع القانون بصيغته الحالية لن ينطبق على الأرجح إلا على بضع مئات فقط من مقدمي طلبات التجنيس كل سنة.

وفي حال إقرار مشروع القانون، فإن مبدأ ربط حقوق المواطنية بإعلان الولاء سيرسخ في «إسرائيل» لأول مرة.

والهدف التالي لهذا النوع من التشريعات سيكون الأحزاب السياسية غير الصهيونية، أي أحزاب الأقلية الفلسطينية في «إسرائيل»، وقد بدأت الأحزاب اليهودية بالفعل صياغة مشروعات قوانين ستفرض على أعضاء البرلمان تأدية يمين الولاء لـ «دولة يهودية وديمقراطية»، وهذا يهدف إلى تحييد الأحزاب الفلسطينية في «إسرائيل»، وجميعها تتبنى برنامجاً أساسياً يطالب بإصلاح «إسرائيل» بحيث تتحول من دولة يهودية إلى «دولة لكل مواطنيها»، أي إلى ديمقراطية ليبرالية.

وبعد الأحزاب الفلسطينية، سيأتي بالطبع دور الـ 1.3 مليون فلسطيني في «إسرائيل»، الذين سيتعين عليهم إما أن يصبحوا صهاينة، وإما أن يواجهوا سحب الجنسية منهم، وربما طردهم.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 101 / 2165972

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع تفاعلية  متابعة نشاط الموقع ريبورتاج   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165972 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 14


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010