الثلاثاء 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

محكمة «جفعاتي» : دعوا الجنود يقاتلون

الثلاثاء 26 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

تنعقد اليوم المحكمة العسكرية لقيادة المنطقة الجنوبية لتقرر حكم جنديين من «جفعاتي» بعد أن ادانتهما بمخالفة «الخروج عن الصلاحيات لدرجة تعريض الحياة للخطر» وبمخالفة «السلوك غير المناسب». ويدور الحديث عن حدث استخدم فيه مواطن لغرض فتح حقائب مشبوهة في اثناء القتال في حملة «رصاص مصبوب» فقد يصل عقابهما الى سجن لمدة ثلاث سنوات. في هذه الاثناء يتواصل التحقيق مع قائد لوائهما، ومعروف أن أكثر من ستمئة (!) جندي شاركوا في حملة «رصاص مصبوب» وصلوا الى التحقيق أو الى الادلاء بشهاداتهم أمام الشرطة العسكرية. لقد بات هذا وباء من فرض المحاكم الفتاك الذي ينبغي لنا ان نوقفه فورا. وليس هكذا يبنى جيش مظفر واخلاقي ـ هكذا يحطم.

نزعة التقديم الى المحاكمة تبدأ من انعدام وجود القيادة العسكرية. القيادة العسكرية القتالية تقوم على اساس «اتبعوني» وعلى أساس منح اسناد للمقاتلين. ومن هم الشبان الذين سيواصلون على مدى الزمن التطوع للوحدات القتالية والانطلاق الى المهمات القتالية وهم يعرفون انه عند عودتهم الى قاعدتهم ينتظرهم محقق الشرطة العسكرية؟ في مثل هذا الوضع تتردى الدافعية بسرعة قصوى ويحل محلها عدم الاكتراث، عدم أخذ المسؤولية وعدم الفعل. إذ من لا يفعل لا يخطىء. ولا يوجد سلاح أطهر من السلاح الذي لا تطلق منه أي رصاصة.

ليس المقصود هو تكنيس الاخطاء تحت البساط والقول ان المقاتلين فوق القانون. بالعكس، من الحيوي ان يكون الجيش «الاسرائيلي» (جهازاً يتعلم) ويعمل فقط في اطار القانون والنظام. لهذا الغرض يوجد قائد ويوجد تحقيق.

القائد مسؤول عن المهمة وعن الاشخاص، ولا يمكن الفصل بين الامرين. المهمة يجب تنفيذها بالمقاتلين الذين يعرضون حياتهم للخطر لاجل تحقيقها، ويتوقعون من قائدهم ان يحرص على حياتهم. واذا ما اخطأوا ببراءة ـ فسيمنحهم الاسناد ولا يتركهم لمصيرهم امام القضاء ويقدمون الى المحاكمة كأي مجرم جنائي. قادة الجيش الكبار يجب أن يستخدموا الشرطة العسكرية فقط في الاوقات العادية وفي التدريبات لحالات التسبب بالموت بالاهمال، السرقة، الشهادة الكاذبة، التحرش الجنسي. فما هي المعرفة والصلاحية الاخلاقية التي لمحققي الشرطة العسكرية ليحققوا في الاحداث القتالية؟

لـ 36 سنة خدمت في الجيش «الاسرائيلي»، كلها في مناصب القتال والقيادة، ولا أتذكر حالة واحدة سمحت فيها لمحققي الشرطة العسكرية بالدخول الى وحدتي والتحقيق مع الجنود على حملة انا قدتها وأنا مسؤول عنها. لو كنت سمحت بذلك، لما كان بوسعي ان انظر في عيون المقاتلين وان اواصل قيادة تلك الوحدة. لهذا الغرض يوجد التحقيق ـ مؤسسة يجب تقديسها والحفاظ عليها وحمايتها من كل زيف ومن كل شر قضائي. وعلى الفور عندما اتيح الامر، بعد كل عملية تنفيذية، يجتمع كل من شارك في الحملة ويحللون التنفيذ بالقياس الى التخطيط وطبيعة التنفيذ. والجميع يتحدثون بحضور الجميع وكل واحد يبدأ بالاشارة الى اخطائه. والقادة أولا. لا يوجد في التحقيق «قوانين الادلة» بل الحقائق المؤكدة (او لا). والنظرة (المختلفة) لكل واحد الى صورة المعركة التي شارك فيها الجميع (حتى عندما لا يعود الجميع منها).

لا يقسم أحد على قول «الحقيقة كل الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة»، إذ يعرف الجميع بان تحقيق الحقيقة ضروري لاجل مواجهة التحدي العملياتي القادم والحفاظ قدر الامكان على حياة زملائك المقاتلين. كما يعرف الجميع انهم ليس لديهم «حق الصمت» وبالمقابل يعتمدون على ألا يستخدم أحد مادة التحقيق كي يقدمك الى محكمة خارجية. «القضاة» في التحقيق هم جنودك وقادتك الذين حكمهم لا يقل حدة عن حكم المحاكم. لا بديل عن هذا التحقيق ولم يسبق أن رأيت لجنة تحقيق دفعت الى الامام القدرة العملياتية مثل التحقيق الجذري، الكاشف والاستنتاجي.

نحن نتصدى اليوم لعدو يخرق عن عمد القواعد التي يقوم عليها القانون الدولي ويستغل اساسا التمييز القائم بين الجيش الذي يتشكل من جنود مسلحين يلبسون البزات وبين سكان مدنيين أبرياء.

امام مقاتلينا وقادتنا يقف «ارهابيون» كلهم «مدنيون» مزعومون. احيانا سلاحهم مكشوف وفي الغالب مخفي، وهم يعملون دوما من داخل ومن خلف السكان المدنيين. هذا الوضع تستغله ليس فقط منظمات «الارهاب» بل وايضا الاعداء الاذكياء في الساحة الدولية القانونية الذين يعملون على نزع شرعية حقنا في الدفاع عن انفسنا ومن هنا ـ حقنا في الوجود.

في مثل هذه المعركة لا ينبغي ان نحقق مع أنفسنا حتى الجنون. هنا مطلوب رد الحرب بالحرب وقيادة توقف على الفور نزعة التقديم الى المحاكمة في الجيش «الاسرائيلي».

- [**عوزي ديان│«اسرائيل اليوم»│26 تشرين الأول (اكتوبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2181089

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2181089 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 15


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40