الأحد 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

من المفاوضات الى التدويل

الأحد 31 تشرين الأول (أكتوبر) 2010

يوم الاربعاء القريب القادم سيبدأ في امريكا عصر «ما بعد الانتخابات» والرئيس باراك اوباما سيتفرغ من جديد لـ «الشرق الاوسط» ومشاكله المضنية. رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو يترقب نتائج التصويت الى الكونغرس كي يقدر قوة اوباما ومدى رغبته وقدرته على التدخل بين «اسرائيل» والفلسطينيين. حتى ذلك الحين لن يحصل شيء.

لقد رد نتنياهو طلب اوباما التمديد بشهرين تجميد الاستيطان، لاعطاء الرئيس هدوءا سياسيا حول انتخابات منتصف الولاية. وشرح نتنياهو بأن عليه أن يظهر «المصداقية والصمود»، والاغراءات التي عرضها عليه اوباما مقابل التمديد لم تحركه عن موقفه. يمكن التخمين بان نتنياهو لم يرغب في أن يساعد اوباما عشية الانتخابات، فيغضب خصوم الجمهوريين للرئيس. نتنياهو يحتاج الى دعمهم كي يحبط الضغوط من البيت الابيض.

هذا التأييد سيكون حيويا من الآن فصاعدا بسبب «تغيير المنهاج» للمسيرة السياسية، من المفاوضات الى التدويل. نتنياهو لا يزال يصر في المحادثات المغلقة على أنه يمكن تحقيق تسوية دائمة مع الفلسطينيين في غضون سنة. وحسب نهجه، فانه الوزير الاكثر تفاؤلا بين اعضاء السباعية. ستة زملائه مفعمون بالشكوك باحتمالية التسوية. اما نتنياهو فسيطلب فرصة اخرى لاستئناف المحادثات مع «الرئيس» الفلسطيني محمود عباس، التي كانت انهارت فور بدئها.

ولكن الخطاب السياسي انتقل الى مكان آخر : الفلسطينيون يهددون بالتوجه الى مجلس الامن، كي يعترف بدولة فلسطينية في حدود 67. اذا ما اتخذ مثل هذا القرار، فانها ستجعل كل تواجد «اسرائيلي» خلف الخط الاخضر كتجاوز اجرامي للحدود. مستوطنو التلال من يتسهار، الجنود في الاستحكامات، المصلون في المبنى وسكان الحي اليهودي في البلدة القديمة، بل حتى الطلاب الذين يسكنون في غربي القدس ويقطعون الخط الاخضر في طريقهم الى الجامعة في جبل المشارف.

معنى القرار سيكون، ان الفلسطينيين يحق لهم طرد الغازي «الاسرائيلي» من اراضيهم والانطلاق الى حرب تحرر وطنية برعاية الامم المتحدة. وستحشر «اسرائيل» في الزاوية. اذا عارضت القرار وانطلقت الى الحرب كي تحبطه، فانها ستعلق في وضع القيادة الفلسطينية في العام 1947، التي رفضت مشروع التقسيم. واذا بدت «اسرائيل» كمن ترفض قرار التقسيم الجديد، فستنبذها الاسرة الدولية وتعزلها. وربما ايضا تبعث بالقوات لفرض اخلاء الجيش «الاسرائيلي» وتفكيك المستوطنات.

يتمتع الموقف الفلسطيني بدعم واسع في العالم. وفقط قوة واحدة يمكنها أن توقف هذا السيناريو المخيف : فيتو امريكي في مجلس الامن. وسيركز نتنياهو سياسته في الاشهر القادمة على وعد الفيتو وسيجند لهذا الغرض كل مؤيديه في امريكا. اوباما يعرف ان نتنياهو في حالة ضغط. وكان اقترح عليه «مظلة فيتو» على مدى سنة اذا ما مدد التجميد لشهرين. وماذا سيحصل في نهاية السنة؟ هل اوباما يريد فقط لنتنياهو أن يتصبب عرقا، أم أنه يلوح بالامتناع عن الفيتو كعصا ثقيلة فوق رأسه كي يفرض عليه تسوية؟

يوجد سبيل آخر. بدلا من الفزع يمكن قلب الطاولة على الفلسطينيين. تريدون الذهاب الى مجلس الامن؟ تفضلوا، اذهبوا. بدلا من ادارة معركة صد دبلوماسية لمنع القرار، يمكن لنتنياهو ان يدخل في مفاوضات مع اوباما على طبيعته ومضمونه، وان يصممه في الصيغة الاقل صعوبة لـ «اسرائيل». ان يدخل فيه مثلا مطلب الاعتراف بـ «دولة يهودية» ورفض حق العودة، انتشار الجيش «الاسرائيلي» في غور الاردن وادراج الكتل الاستيطانية في «اسرائيل». اذا وافق الفلسطينيون، سيحقق نتنياهو التسوية التاريخية التي وعد بها؛ واذا قالوا على طريقتهم (لا)، فسيخف الضغط الدولي على «اسرائيل».

الانتقال من المفاوضات الى التدويل سيسهل على رئيس الوزراء الوضع في الداخل ايضا. الموافقة على قرار الامم المتحدة لا يحتاج الى إذن «الكنيست»، استفتاء شعبي أو انتخابات ويعطل المشاكل الائتلافية لنتنياهو. وبالطبع ثمة لهذا ثمن : «اسرائيل» سيتعين عليها أن تنسحب من الضفة الغربية، ان تخلي وتعوض نحو مائة الف مستوطن، وان توافق على تقسيم القدس. ولكن هذه ستكون ايضا النتيجة المعقولة لكل تسوية تتحقق بالمفاوضات. وبالتالي، لعله من الافضل لـ «اسرائيل» أن تسير مع اوباما والاسرة الدولية وان تظهر كمحبة للسلام وليس كرافضة وطامعة بالاستيطان.

- [**الوف بن│«هآرتس»│31 تشرين الأول (اكتوبر) 2010*]



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 9 / 2182014

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع المرصد  متابعة نشاط الموقع صحف وإعلام   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

10 من الزوار الآن

2182014 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 60


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40