الاثنين 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

«دولة إسماعيل» والسيناريو «الإسرائيلي»

الاثنين 1 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 par د. فايز رشيد

كشفت صحيفة «هآرتس» في عددها الصادر (الجمعة 15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي) عن اقتراح كان رحبعام زئيفي قدمه لقيادته، بتأسيس دولة للفلسطينيين على شمالي الضفة الغربية، وتسمى «دولة إسماعيل». اقتراح زئيفي جاء مباشرة بعد أن وضعت الحرب أوزارها في عام 1967، وبتكليف من القيادة «الإسرائيلية»، وقد كان يومها يشغل نائب رئيس قسم العمليات في الأركان «الإسرائيلية»، التي تولى قيادتها في حينه عيزرا وايزمن. ووفقاً لطبيعة مهمات زئيفي آنذاك ومسؤوليته عن اتصالات وعلاقات الجيش بـ «الموساد» وأجهزة أمنية اخرى مسؤولة عن تجنيد الدعم العسكري، وعلاقات «إسرائيل» بالدول الأخرى في «الشرق الوسط» وإفريقيا، جعلته مسؤولاً عن إعداد الخطة المذكورة.

وجاء في تفصيل الاقتراح الذي ظهر في وثيقة زئيفي : «يجب إقامة دولة على جزء من الضفة الغربية تكون مرتبطة بـ «إسرائيل» باتفاقية تضمن حقوق الطرفين، على أن تحمل اسم «دولة إسماعيل» بدل دولة فلسطين، حتى لا نفتح شهيتها ونضخم من شأن تمثيلها». وبموجب الاقتراح أيضاً ستضم «دولة إسماعيل» حين الإعلان عنها غالبية سكان الضفة الغربية وقرى المثلث في منطقة 48، فيما سيتم ضم بقية سكان القدس إلى «إسرائيل».

للعلم، زئيفي المذكور اغتاله أبطال الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في 17 أكتوبر من عام 2001 رداً على اغتيال الأمين العام وقتها الشهيد أبو علي مصطفى في 27 أغسطس/آب من العام نفسه.

ليس الهدف من استعراض خطة زئيفي النبش في الماضي، بل من أجل التأكيد على أن كافة الاقتراحات «الإسرائيلية» للتسوية مع الفلسطينيين، منذ مشروع زئيفي هذا، ومشروع ييغال ألون نهاية عام 1967 مروراً بالتصور «الإسرائيلي» للحقوق الفلسطينية في اتفاقيات أوسلو، وصولاً إلى فك الارتباط مع غزة الذي نفذته حكومة شارون، وإلى الوضع الحالي، تدل على أن «الدولة الفلسطينية» المرتجاة ليست مثل باقي الدول ذات السيادة، وإنما مرتبطة باتفاقيات مع «إسرائيل» تسمح للأخيرة بالسيطرة على مظاهر سيادتها بلا استثناء، وتجعل من «إسرائيل» متحكماً في حركة الدخول إليها والخروج منها، بما يعني أن هذه الدولة فعلياً ليست أكثر من حكم ذاتي للفلسطينيين، وهو ما عبّر عنه صراحة مشروع آلون، واتفاقيات أوسلو في ما بعد. بالطبع القدس الشرقية وحق العودة في كافة هذه المشاريع محسومة، فالأولى جرى ضمها لـ «إسرائيل» عام 1967، والقضية الثانية قائمة على رفض هذا الحق رفضاً مطلقاً.

القاعدة الثانية للمشاريع «الإسرائيلية» كافة تنطلق من أن الضفة الغربية هي (يهودا والسامرة) والسماح للفلسطينيين بالإقامة فيها لا ينبع من حقهم، بل من خلال تنازل «إسرائيل»، باعتبار أن هذه الأراضي هي جزء من أرض «إسرائيل» الكبرى. من أوضح من قال ذلك صراحة من بين القادة «الإسرائيليين» هو رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو حيث أورده في مؤلفه (مكان تحت الشمس).

القاعدة الثالثة (وإن لم تتضح في معظم المشاريع) عبّر عنها رحبعام زئيفي في وثيقته، وهي تتمثل في الاسم، فـ «الإسرائيليون» لا يحتملون اسم فلسطين، بل هي في شرعهم «إسرائيل»، وأرضها : أرض «إسرائيل»، وكلمة فلسطين هي لفظ طارئ على هذه الأرض، ومطلوب «إسرائيلياً» إزالتها من الذاكرة الفلسطينية أولاً، ومن الاستعمال على الصعيد الدولي، بما يعنيه ذلك من محو للتاريخ العربي الإسلامي لفلسطين.

تطور الشأن «الإسرائيلي» إلى أهمية إنشاء الدولة اليهودية النقية والخالية من الشوائب، فهذه الدولة هي من حق اليهود في مختلف أنحاء العالم، ولأن ما يسمى بفلسطينيي 48 يشوهون الوجه اليهودي للدولة، فقد جرى بحث هذه المسألة في مؤتمرات «هرتزيليا» الاستراتيجية، التي رفعت توصيات متعددة للحكومة، وبينت طرقاً عديدة للتخلص من السكان العرب، ولذلك بدأ الطرح «الإسرائيلي» بأهمية مبادلة المناطق ذات الكثافة السكانية العربية في «إسرائيل» مع الأراضي المخصصة للسلطة الفلسطينية. فقد قامت مؤخراً قوات الجيش «الإسرائيلي» وكما كشفت الإذاعة «الإسرائيلية»، بتدريب عسكري في أحد أجزائه يستند إلى إجبار فلسطينيي 1948 على الرحيل الجماعي، وكان ذلك تحت الاسم الكودي للعملية : «ترانسفير»، فلا انسحاب مطلقاً من كل حدود عام 1967، لذلك فإن ليبرمان طرح هذا الأمر في الدورة الجديدة للجمعية العامة للأمم المتحدة والتي تم عقدها في نيويورك في سبتمبر/أيلول الماضي.

ثم من القواعد «الإسرائيلية» الجديدة والثابتة أيضاً، ضرورة الاعتراف الفلسطيني أولاً والعربي ثانياً بيهودية «إسرائيل» قبل إنجاز أية اتفاقيات مع الجانبين، فالأرض مقابل السلام هو شعار من الزمن الماضي، والمعادلة الجديدة هي تهجير عرب «إسرائيل» مقابل السلام، وبذلك فإن السلام والحالة هذه يكون مقابل سلام، فـ «إسرائيل» ليست بحاجة للدول العربية من أجل الاعتراف بها، بل على العرب أن يطلبوا اعترافاً «إسرائيلياً» بدولهم، لأنه حسب المعتقد الصهيوني بعض الدول العربية قامت على أرض «إسرائيل» التاريخية التي تمتد من النيل إلى الفرات.

هذا السيناريو «الإسرائيلي» لا نقوله نحن، لا نتخيله مطلقاً، بل «إسرائيل» هي التي كتبت كلماته، والأحداث والوقائع هي التي رسمت وما تزال مشاهده، وحواراته تأتي وتتردد على ألسنة القادة «الإسرائيليين». ومن ضمن السيناريو بالطبع : «دولة إسماعيل»! ألم يحن الآوان بعد لنستوعب حقيقة «إسرائيل»؟



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 66 / 2165476

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

15 من الزوار الآن

2165476 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 13


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010