الأربعاء 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010

الطرود والتهديدات في خدمة «إسرائيل»

الأربعاء 3 تشرين الثاني (نوفمبر) 2010 par د. حياة الحويك عطية

أية مصادفة أن تعقب الطرود المشبوهة المرسلة إلى الولايات المتحدة، رسالة ابن لادن إلى فرنسا؟ وأن يتزامن كل ذلك مع الانتخابات الأمريكية والظروف الخاصة التي تعيشها فرنسا؟

ما الذي أراده مرتبو الطرود، من تأثير في الساحة الأمريكية، حيث يجد الرئيس أوباما وفريقه الديمقراطي صعوبة كبيرة أمام الجمهوريين العائدين إلى الهيمنة على الكونغرس كما يبدو؟

وما الذي أراده ابن لادن من تصريحه الناري ضد فرنسا؟ ولماذا الآن؟ خصوصاً أن المطلعين في العاصمة الفرنسية يعرفون أن ما أعلنته الحكومة، بعد صدور تهديد زعيم القاعدة، من نيتها الانسحاب من أفغانستان، هو صادق وصحيح، وصحيح أيضاً أن القرار اتخذ قبل صدور التهديد.

فإما أن ابن لادن لم يكن يعرف بالقرار الفرنسي، وهذا مستبعد، بالنسبة لزعيم هو الأقرب إلى أفغانستان ومجريات أوضاعها، وإما أنه كان يعرف وأراد بالتالي استغلال الموضوع لإظهار الأمر كأنه استجابة لضغط تنظيمه.

هذا في أحسن الأحوال، أما في غيرها فإن تساؤلاً يطرح نفسه على منطق الأمور : لمصلحة من في فرنسا وخارجها يصب هذا التهديد؟ وبالتالي الطرود المفخخة؟

سؤال يحيلنا إلى سنوات مضت، عندما كان الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش بحاجة إلى التفاف الناخبين الأمريكيين عشية ولايته الثانية، يومها، خرج ابن لادن بتصريحه الناري المعروف، والذي جعل المعلقين السياسيين يقولون إنه كان أفضل دعم انتخابي لبوش الابن.

وها هي المتفجرات تؤدي الدور نفسه الآن.

كذلك في فرنسا، على مسافة غير بعيدة من الانتخابات، وحيث لا يصب تهديد ابن لادن إلا في مصلحة اليمين المتطرف، والاتجاهات المعادية للأجانب وللإسلام بشكل عام (سواء كانت في اليمين أو في اليسار)، والمعادية لجميع القضايا العربية والإسلامية العادلة. تهديد يجعل كل فرنسي وأمريكي وغربي بشكل عام، ينظر إلى كل عربي ومسلم مقيم على أرضه كأنه قاتل محتمل، وفي أحسن الأحوال يجب التعامل معه بحذر. أما انتخابياً، فان ذلك يجعل الرأي العام يتوجه إلى من يعرف كيف يظهر له أنه قادر على حمايته ولو بأكثر وسائل التشدد، ولا بأس بعدها بالنسبة للرأي العام بالاحتلالات، وبفضائح (ويكيليكس)، وبحصار غزة، وبتقسيم السودان وبتدمير اليمن وبالتشدد المستجد إزاء سوريا، وربما بحرب مقبلة في لبنان، بشكل أو بآخر.

وإذا كان المتابعون، يعرفون أن اللوبي «الإسرائيلي» يسعى منذ نهاية الثمانينات إلى دفع أوروبا كلها إلى مزيد من التضييق في مجال الحريات العامة وهذا موثق في كتب من أهمها كتاب نتنياهو «أمن وسلام»، وإذا كانت روح المجتمعات الأوروبية، والفرنسي بشكل خاص، لا تتقبل ذلك كثيراً، فإن تصعيد التهديد بهذا الشكل يجعلها تتقبله، ويكون العرب ومؤيدو قضاياهم أول من يدفع الثمن.

في بعد ثانٍ، يبدو التأثير الارتدادي واضحاً على مجريات الانتخابات الأمريكية، التي فسرت برأي الكثيرين في خطاب سوزان رايس ضد سوريا في مجلس الأمن، وفي تشدد إدارة أوباما في منع الحل اللبناني وفي فرض الحل السوداني، وعدم الضغط في المفاوضات الفلسطينية. كل ذلك محاولة لكسب بعض الأصوات المتشددة.

وفي سياق كهذا يصبح اللوبي اليهودي وناخبوه هم العروس المدللة التي يتسابق الكل على خطب ودها، وتكون القضايا العربية والإسلامية هي من يذهب ثمناً رخيصاً.

هي باختصار شديد، عبقرية صراع الحضارات، التي لم تصبّ يوماً إلا في صالح «إسرائيل» والسياسات الأمريكية المتشددة.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 41 / 2165894

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

19 من الزوار الآن

2165894 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010