الخميس 6 كانون الثاني (يناير) 2011

السلطة وخطأ المراهنة!

الخميس 6 كانون الثاني (يناير) 2011 par د. فايز رشيد

اعترفت الأرجنتين. والبرازيل. وبوليفيا. والإكوادور بالدولة الفلسطينية المستقلة على حدود1967.كما أن دولا أخرى: أمريكية جنوبية وأخرى ستحذو حذو هذه الخطوة.

هذا الاعتراف زاد من تشجع السلطة(وكما أعلن الرئيس عباس في خطابه بمناسبة الذكرى 46 لانطلاقة فتح). على طرح القضية في مجلس الأمن الدولي. وجعلها تراهن على دول ليس من المنتظر أن تحذو حذو الدول الأربع وتحديدا معظم الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن. ذلك أن المراهنة في غير محلها. هي خطأ إستراتيجي قاتل. فهي أن تلحق الأذى بأحد. إنما بالذين راهنوا مراهنة في غير محلها . نقول ذلك لأن المسؤولين في السلطة الفلسطينية اعترفوا أخيرا:بأن الجهود الأمريكية للتسوية قد فشلت تماما. (بعد مراهنة كبيرة على مواقفها) فقد جاءت تصريحات عديدة بهذا الاعتراف على ألسنة العديدين منهم.لا نناقش صحة ودقة التصريح الذي وصلوا إليه،ولا استنتاجهم الواقعي،ولكن نلمس من هذه التصريحات استغراباً كبيراً لدى أركان السلطة من الموقف الأمريكي. مع العلم:أن فن السياسة القائم على معرفة موضوعية بحقيقة الآخر،والحدود التي من الممكن له الوصول إليها بالنسبة لوضع سياسي معين(وهو في هذه الحالة:الصراع العربي-الصهيوني)،الفن يقتضي:عدم إضفاء الرغبات الذاتية على خطوات الآخر،لأنه والحالة هذه فإن التقييم لا يكون صحيحاً. بل من الضرورة إدراك ما يمكن لهذا الآخر أن يصل إليه. ويفعله. ورغم ذلك تراهن السلطة على اعتراف من مجلس الأمن بالدولة الفلسطينية. رغم معرفتها بالفيتو الأمريكي الجاهز للاستعمال إذا ما تعلق الأمر بالمصلحة الإسرائيلية.

صحيح أن الرئيس الأمريكي في فترة ترشحه. وفي خطاباته العديدة في بداية تسلمه للرئاسة. وفي خطابه الشهير في جامعة القاهرة. بدا وكأنه يمثل نهجاً جديداً في السياسة الأمريكية. وأنه سيصنع معادلات جديدة في الشرق الأوسط، وأنه إلى حد ما سيُنصف الفلسطينيين. ويمارس ضغطاً على إسرائيل. وبخاصة عندما ردد في خطاباته:ضرورة وقف الاستيطان بما في ذلك القدس الشرقية،كشرط ضروري لاستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. كذلك وعوده بإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة.

بالطبع تفاءل كثير من المسلمين والعرب بمن فيهم الفلسطينيون من وعود أوباما،غير أن نظرة معرفية للتجارب السابقة للإدارات الأمريكية المختلفة فيما يتعلق بالشرق الأوسط،تبين بما لا يقبل مجالاً للشك. الحدود المرسومة للتحرك الأمريكي تجاه الصراع الأساسي في المنطقة،المحكوم بخطوط حمراء لا يمكن تجاوزها. هذا ما أثبتته بشكل عام مختلف الإدارات الأمريكية. وبخاصة إدارة الرئيس بيل كلينتون في ولايتيه،وإدارة الرئيس بوش الابن أيضاً في ولايتيه.أما الخطوط الحمراء فتتلخص في:

التحالف الإستراتيجي العضوي بين الولايات المتحدة وإسرائيل وتداعياته:تسليح عسكري لإسرائيل بالشكل الذي تتفوق فيه عسكرياً على كافة الدول العربية،والدول الأخرى المعادية لإسرائيل.اعتبار الأمن الإسرائيلي جزءاً من الأمن القومي الأمريكي،مساعدة إسرائيل مالياً. اقتصادياً. سياسياً. ودبلوماسياً بكافة السبل والوسائل المتاحة في كافة الهيئات والمؤسسات الدولية،وحتى في الاجتماعات العالمية للمنظمات غير الحكومية.
ثاني هذه الخطوط الحمراء:عدم إجبار إسرائيل على اتخاذ مواقف من التسوية لا تريد قبولها،وهناك رسالة ضمانات إستراتيجية أمريكية قُدّمت لإسرائيل في عام 2004.

ثالث هذه الخطوط الحمراء يتمثل في: عدم ممارسة الضغوط على إسرائيل بل تُمارس على الطرف الآخر في أية مفاوضات إسرائيلية مع الفلسطينيين أو العرب أو أية دولة أخرى، ولذلك فإن وجهة النظر الأمريكية تتقاطع مع الجانب الإسرائيلي إن في التسوية مع الفلسطينيين أو بالنسبة لما يسمى بمبادرة السلام العربية. إضافة إلى الكثير أيضاً من نقاط التقاطع الأخرى.

رابع هذه الخطوط الحمراء:التقاطع الأمريكي-الإسرائيلي في العمل المشترك لتلافي أية أخطار مستقبلية قد تهدد إسرائيل،لأنه ومثلما قلنا:فإن الأمن الإسرائيلي هو جزء من الأمن القومي الأمريكي.
وبالعودة إلى رهانات السلطة الفلسطينية على المواقف الأمريكية.والتي وصلت إلى الحد الذي وضع فيه الرئيس عباس مسؤولية إقامة الدولة الفلسطينية. ديناً في عنق أوباما بعد خطاب الأخير في دورة الاجتماعات السنوية للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي،والذي تمنى فيه أن يرى مندوباً للدولة الفلسطينية بين الحضور. في الاجتماع السنوي القادم للمنظمة الدولية.

السلطة الفلسطينية تكرر ذات الخطأ بالنسبة لحدود الحركة السياسية للاتحاد الأوروبي،فيما يتعلق بالنظرة إلى الصراع الفلسطيني العربي-الصهيوني وإمكانية الاعتراف بالدولة الفلسطينية. فقد طالبت السلطة الدول الأوروبية. بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 أسوة بالخطوة اللاتينية. كما طالبت اللجنة الرباعية باتخاذ مواقف حاسمة بالنسبة للتسوية.

بداية من الضروري التأكيد على أنه لا اللجنة الرباعية ولا دول الاتحاد الأوروبي(الممثلة في اللجنة المشكلة من الولايات المتحدة. وروسيا. والأمم المتحدة.وبالطبع الاتحاد الأوروبي) قادرة على تجاوز السقف الأمريكي.وبالفعل جاء رد الاتحاد الأوروبي في أن أوروبا ستعترف بالدولة الفلسطينية في الوقت المناسب،هذا يتواءم تماماً مع ما قاله الناطق الرسمي الأمريكي منذ أسابيع حول ذات الموضوع،إذ صرّح بالحرف الواحد:إن الاعتراف بالدولة الفلسطينية سابق لأوانه.

وبعد:هل ستفاجأ السلطة بعد مدة. بسلبية الموقف الأوروبي؟ وبانطباقه التام مع ما تقرره الولايات المتحدة؟سؤال برسم الإجابة عليه من قبل السلطة الفلسطينية.



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 41 / 2178420

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

14 من الزوار الآن

2178420 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 20


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010

https://www.traditionrolex.com/40 https://www.traditionrolex.com/40