الخميس 13 كانون الثاني (يناير) 2011

تركيا في الكماشة “الإسرائيلية” - اليونانية - القبرصية

الخميس 13 كانون الثاني (يناير) 2011 par د. محمد نور الدين

خلال أقل من أسبوع توالت ثلاثة تصريحات عكست أجواء سلبية وقاتمة على العلاقات التركية مع كل من اليونان وقبرص اليونانية .

والتصريحات الثلاثة جاءت من مسؤولين يونانيين وقبارصة يونانيين وعلى أعلى المستويات .

الموقف الأبرز جاء على لسان رئيس الوزراء اليوناني يورغو باباندريو الذي وصف القوات التركية المتواجدة في قبرص بأنها “قوات احتلال” . وزاد من ثقل الرسالة اليونانية أنها جاءت من تركيا بالذات، ومن أقصى شرقها، لدى مشاركة باباندريو بمؤتمر في ارضروم، دعاه إليه رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان .

وقد رد عليه أردوغان بالقول إن تركيا موقفها معروف، وهي تريد أن تصارحها أوروبا إذا كانت تريدها عضواً في الاتحاد الأوروبي أم لا .

أما وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو فلم يتفاجأ بتصريحات باباندريو، وقال إن هذه خلافات تحدث بين أي بلدين جارين، مؤكداً استمرار سياسة “تصفير” المشكلات بين تركيا وجيرانها .

الموقف الثاني جاء على لسان الرئيس القبرصي اليوناني ديميتريس هريستوفياس الذي قال إنه يريد حل المشكلة القبرصية، وإنه مستعد للقاء أردوغان أو الرئيس عبدالله غول في مضيق البوسفور “لنأكل السمك وأشرح لهم رؤيتي للحل” .

لكن هريستوفياس شن حملة عنيفة على أنقرة قائلاً إن وجود قواتها في قبرص غير شرعي ويتعارض مع قرارات الأمم المتحدة، داعياً الى انسحابها، قائلاً بلهجة ساخرة “على عائشة أن تعود الى منزلها” . وتجاوز الرئيس القبرصي دور القبارصة الأتراك قائلاً إن الحل هو بالحوار مع أردوغان وغول . وقال إنه ما لم تطبق أنقرة التزاماتها تجاه الاتحاد الأوروبي فستبقى العقبات ترتفع في وجه مسار تركيا الأوروبي . وقال إن اعتراف تركيا بقبرص الجنوبية ليس شرطاً للتوصل الى حل، لكن قبرص الجنوبية لن تعترف مطلقاً بقبرص الشمالية .

وقال إن على تركيا أن تتخلى عن دور شرطي المنطقة، وإن على تركيا التي تسعى الى سياسة تصفير المشكلات ألا تخلق مشكلات . وأعرب هريستوفياس عن رغبته بزيارة تركيا، ولا سيما اسطنبول وآيا صوفيا وأيفيس وازمير وبودروم كباحث تاريخي، وليس كهيليني يريد رؤية أراض مفقودة .

الموقف الثالث جاء على لسان وزير خارجية قبرص اليونانية ماركوس كيبريانو الذي قال إنه ما لم يتم التوصل الى حل للقضية القبرصية، فإنه ليس فقط لن تقبل عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، بل سيتم وقف المفاوضات المباشرة معها بهذا الشأن .

وقال كيبريانو إن على تركيا إذا كانت تريد استمرار مفاوضات العضوية، أن تسعى لحل القضية القبرصية، واتهم تركيا بازدواجية المعايير بحديثها عن القوانين الدولية في وقت لاتزال قواتها تحتل شمال الجزيرة . تأتي هذه التصريحات مع وصول المحادثات بين الجانبين القبرصي اليوناني والتركي والمستمرة منذ أشهر عديدة الى طريق مسدود . ورغم نداءات الأمين العام للأمم المتحدة فإنه لا يبدو أن المشكلة ستنتظر حلاً قريباً .

المواقف اليونانية والقبرصية اليونانية كانت مفاجئة . فتركيا تمضي في تطبيع قوي للعلاقات مع اليونان، واللقاءات بين أنقرة وأثينا تنتظم بصورة دورية .

ولكن في المقابل نرى مواقف تركية متجددة وقوية ضد سياسات الاتحاد الأوروبي عندما تساءل أردوغان حول الموقف الحقيقي لأوروبا تجاه مسألة انضمام تركيا الى الاتحاد .

لكن من جانبنا قد لا يمكن فصل هذه المواقف اليوانية القبرصية اليونانية عن بعض التحولات في العلاقات القبرصية اليونانية واليونانية مع “إسرائيل”، خصوصاً اتفاق قبرص اليونانية مع “إسرائيل” لترسيم حدودهما البحرية لاستخراج النفط والغاز في شرق المتوسط . وهو الاتفاق الذي اعترضت أنقرة عليه بشدة كما اعترضت سابقاً على اتفاق مماثل قبرصي يوناني مع مصر .

أما اثينا فإن علاقاتها مع “إسرائيل” أيضاً تتطور، وهي قبلت بأن تدخل في تعاون أمني وعسكري مع “إسرائيل” يمكن أن يعوّض بعض الشيء ما قد تكون “إسرائيل” خسرته من اهتزاز علاقاتها مع تركيا، ولا سيما في مجال الغاء المناورات العسكرية المنتظمة مع “إسرائيل” .

بقدر ما يكبر الدور التركي المتناقض مع “إسرائيل” تزداد الحملة الغربية على تركيا ولا تخرج برأينا من هذا الإطار التصريحات المتعاقبة اليونانية والقبرصية اليونانية الأخيرة ضد تركيا، من خلال تهديدها بوقف مباحثاتها مع الاتحاد الأوروبي، بل إخراج “الحلم” الأوروبي نهائيا من رأسها .



الصفحة الأساسية | الاتصال | خريطة الموقع | | إحصاءات الموقع | الزوار : 23 / 2165638

متابعة نشاط الموقع ar  متابعة نشاط الموقع أقسام الأرشيف  متابعة نشاط الموقع أرشيف المقالات   ?    |    titre sites syndiques OPML   ?

موقع صمم بنظام SPIP 3.2.7 + AHUNTSIC

Creative Commons License

11 من الزوار الآن

2165638 مشتركو الموقف شكرا

Visiteurs connectés : 16


تصدر عن الاعلام المركزي _ مفوضية الشؤون الاعلامية - تيار المقاومة والتحرير

المواد في الموقع لا تعبّر بالضرورة عن رأي التحرير وجميع الحقوق محفوظة للموقف وشبكة الجرمق - تشرين ثاني -2010